أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-10-2015
15021
التاريخ: 21-1-2023
1486
التاريخ: 29-3-2022
1659
التاريخ: 16-4-2022
2596
|
بعد البحث في موضوع الرقابة الإدارية على حملة الدعاية الانتخابية , لابد من تقييم هذه الرقابة وبيان مدى فعاليتها في هذه المرحلة من العملية الانتخابية ، لذا سنُقيم هذه الرقابة في كل من فرنسا ومصر والعراق باعتبار ان الدراسة هي دراسة مقارنة بين هذه الدول، وذلك في الفقرات الاتية :-
اولاً :- تقويم الرقابة الادارية في مرحلة الدعاية الانتخابية في فرنسا.
اهتم المشرع الفرنسي بالتنظيم القانوني لأعمال الدعاية الانتخابية , حيث أصدر العديد من القوانين الخاصة بالوقاية من الرشوة , وشفافية الحياة السياسية , وتحديد النفقات الفردية للمرشحين , وكذلك نفقات مرشحي الاحزاب السياسية وحدد جهات الدعم لهم سواء من الحكومة او غيرها من الاشخاص الطبيعية او الاعتبارية , وحددت تلك القوانين الضوابط والتدابير التي يجب ان يلتزم بها كل مرشح , فقد وضع المشرع ثلاثة تدابير لتجنب مخاطر التعسف والضغوط التي تلوث الديمقراطية , وهذه التدابير هي علانية النفقات الانتخابية , و وضع سقف انفاقي لها , وتمويلها عن طريق الدولة (1).
فيأتي دور الرقابة في متابعة تنفيذ هذه القوانين , ومدى التزام المرشحين بالضوابط الواردة بها , ودقة التنظيم القانوني لأعمال الدعاية الانتخابية ادى الى فاعلية الرقابة الإدارية على هذه الاعمال فالضوابط والتدابير الواردة بالقوانين واضحة ومحددة وهو ما تحقق معه مبدأ المساواة في الحصول على المساعدات المالية الحكومية اللازمة لتمويل الحملات الانتخابية , و تحقق الى حد كبير مبدأ حياد الادارة تجاه الحملات الانتخابية والوسائل المادية اللازمة للحملات الانتخابية مثل الوسائل السمعية والبصرية بعرض الدعاية الانتخابية وقد ساعد في ذلك ما تضمنه القانون الانتخابي من عقوبات على الجرائم الانتخابية المتعلقة بتنظيم الدعاية , والجرائم المتعلقة بموضوع الدعاية الانتخابية , ففي مجال تنظيم الدعاية ولضمان حياد موظفي السلطة العامة وتحقيق المساواة بين المرشحين تحظر المادة (50) من قانون الانتخاب الفرنسي (رقم 1468 لسنة 1974 المعدل) على رجال السلطة العامة توزيع بطاقات التصويت او المنشورات الخاصة بالمرشحين او المجاهرة بانتمائهم السياسي , و نصت المادة (97) من القانون ذاته على (عقاب كل من يؤثر في الاقتراع معتمداً في ذلك على اخبار كاذبة أو اشاعات أو اي طرق احتيالية اخرى على نحو يؤدي بواحد أو اكثر من الناخبين الى الامتناع عن التصويت) (2).
وعلى الرغم من حياد الجهة الإدارية في أغلب الاوقات , الا انها تجاوزت في أحياناً اخرى , ومن أبرز التجاوزات التي وقعت فيها جهة الادارة اثناء الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي أُجريت في عام 1981 حيث بدأ رئيس الدولة الحملة وانهاها مع حرمان المعارضة من حق الرد ، فقد أكد التقرير الذي قدمته مدام (Edmond Charles roux) في عام 1976 بأن رقابة الحكومة على نظام البث التلفزيوني تمارس في اثناء الانتخابات مما يحقق لــهــا الــتفـوق وقــد اعــترف الــكـثير مــن الــصحـفيين بـأن بـعض الـوزراء يـسـربـون لـهم معلومات عن المعارضة ويطالبونهم بنشر تقارير سرية معينة ويهددونهم بأنهم إن لم يفعلوا ذلك فسوف يكون ضحية للصواعق (3).
ومن هذه المخالفات ايضاً مساهمة بعض العاملين في الحكومة في الحملات الانتخابية لصالح مرشح بعينه ضد اخر , ومن تطبيقات ذلك ما حصل في الانتخابات التشريعية لعام 1968 ان قام المهندس العام للاتصالات بمهاجمة وانتقاد المرشح (Yves . Guena) الذي كان وزيراً سابقاً للاتصالات بل اكثر من ذلك سهل لمنافسه الحصول على معلومات تعتبر بمثابة نقد لإدارته في الوقت الذي كان فيه وزيراً , فقد شارك في الاجتماعات الانتخابية بغية نقد الوزير السابق عن طريق المستندات التي كانت بحوزته بوصفه موظفاً عاماً , و أُعتبر ان هذا السلوك الذي صدر عنه بمثابة خروج عن واجب الالتزام بالمحافظة والحياد الذي يجب ان يتسم به ويلتزم به كبار الموظفين , وبناءً على ذلك اصدر رئيس الجمهورية قراراً بعزله من وظيفته كجزاء تأديبي (4).
ثانياً :- تقويم الرقابة الادارية في مرحلة الدعاية الانتخابية في مصر .
هنا لابد من بحث الجانب الرقابي للإدارة قبل قيام ثورة (25 يناير 2011) وبعد قيام الثورة والمقارنة بينهما ، فقبل قيام ثورة (25 يناير 2011) كانت تنهج الادارة وهي بصدد قيامها بالرقابة مسلكاً غير عادل بين المرشحين وتعمل على مناصرة مرشحيها وتأييدهم وتسخير كافة إمكانات الدولة المادية وغير المادية لهم , وهو بدوره يؤدي في النهاية الى حسم نتيجة الانتخاب لصالح مرشحي الحكومة (5).
واستخدمت الادارة مجموعة من الاساليب لمناصرة وتأييد مرشحيهم , منها التضييق من جانب الادارة على مرشحي الاحزاب والمستقلين في عمل الدعاية الانتخابية , وعدم السماح لهم بعقد مؤتمرات جماهيرية وتلفيق بعض القضايا لهم بسبب قيامهم بالدعاية الانتخابية , ومن أمثلة ذلك رفض جهة الادارة لمرشحي التحالف الاسلامي في انتخابات(1987)من عقد مؤتمرات انتخابية ونتيجة هذه الممارسات كلفت الداخلية رجالها بنزع أية لافتات للتحالف الاسلامي وقد تكرر ذلك في انتخابات مجلس النواب التي جرت في (2010) , وعند اجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى عام (2007) قامت جهة الادارة بتحرير محاضر شرطة ضد بعض مؤيدي جماعة (الاخوان المسلمين) بدعوى قيامهم باستخدام الشعارات الدينية في الدعاية مما يعد مخالفاً للدستور والقانون , وقد قضي في هذه الدعاوى ببراءة المتهمين لعدم مخالفة الدستور والقانون وذلك تأسيساً على ان المادة الثانية من الدستور المصري لعام 1971 الملغي تقرر ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع , واضافت المحكمة انه لا يجوز التوسع في تفسير النصوص الخاصة بالدعاية الانتخابية لكون ذلك يصطدم مع مبادئ الدستور التي تكفل حرية العقيدة وحرية التعبير ويعد مساساً بالحقوق الشخصية (6).
ومما لا شك فيه انه نتيجة لهذا الدور المخالف للقانون وغير المحايد فقد أُقيم العديد من الطعون الانتخابية ضد التجاوزات , فبعد انتهاء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى عام (2010) بلغت الطعون على صحة العضوية (124 طعناً) وبعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب عام (2010) بلغت الطعون على صحة العضوية عدد (1527) طعناً.
أما بعد قيام ثورة (25 يناير 2011) فقد تميزت التعديلات التشريعية التي أُجريت على النصوص القانونية المنظمة لإجراءات الدعاية الانتخابية , بغل يد جهة الادارة الى حد كبير , واهم ما يميز هذه التعديلات هو ما تضمنته من اسناد الاختصاص بوضع قواعد توزيع البث التلفزيوني والاذاعي للجنة العليا للانتخابات , وهو ما يضعف دور جهة الادارة الى حد ما في توزيع الوقت المتاح في أوقات الذروة للبث والذي كان دائماً يتسم دور الرقابة الإدارية فيه بعدم الحياد وعدم المساواة بين المرشحين (7).
وعلى الرغم من ذلك فقد بقي دور الرقابة الإدارية في مرحلة الدعاية الانتخابية قائماً , حيث تختص جهة الادارة بإزالة الملصقات وجميع وسائل الدعاية الاخرى المخالفة , وعند اجراء المقارنة بين الوضع قبل وبعد قيام ثورة (25 يناير 2011) نجد ان التعديلات التشريعية قد عملت على التقليل من تدخل جهة الادارة في هذه المرحلة من العملية الانتخابية وتفعيل دور القضاء , ومع ذلك فقد بقي للإدارة دور في مرحلة الدعاية الانتخابية على عكس دورها في المراحل الاخرى للعملية الانتخابية (كمرحلة الجداول الانتخابية ومرحلة الترشيح).
ثالثاً :- تقويم الرقابة الادارية في مرحلة الدعاية الانتخابية في العراق.
اخذ الدستور العراقي لأول مرة بهذا الاسلوب من الرقابة في المادة (102) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 النافذ حالياً بالنص على (تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة , هيئات مستقلة , تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم اعمالها بقانون) . ومن خلال النص المتقدم نجد ان المشرع قد أخضع عمل المفوضية الى رقابة البرلمان , حيث تلتزم المفوضية عند ممارسة اختصاصها الرقابي بتقديم تقارير دورية الى مجلس النواب عن الخلل الذي يصيب عملها وكيفية معالجته مع بيان الجرائم الانتخابية التي حدثت والاجراءات التي تتخذ بحق مرتكبيها بموجب ما هو مقرر لها من صلاحيات وسلطات بموجب القانون , وفي حالة خروجها عن الحدود المقررة لها يمكن للسلطة التشريعية مساءلتها .
وعلى الرغم مما تتميز به هذه الرقابة الا انه يؤخذ عليها ان المفوضية غير ملزمة باتخاذ إجراء معين في الشكوى المقدم اليها هذا من جهة , ومن جهة اخرى لا تتمتع المفوضية بسلطة اصدار قرارات ملزمة للإدارة وهذا ما يوجهها الى اتباع اسلوب معين في تعاملها مع الافراد ومن خلال ذلك يطلب تعديل أو الغاء أو تبديل قراراتها (8).
وفي اعتقادنا ان اهم الانتقادات التي توجه الى الرقابة الإدارية على مرحلة الدعاية الانتخابية ان الادارة تكون هي الحكم والخصم في آن واحد , ذلك ان مجلس المفوضين يتصدى لعملية الطعون برمتها , في حين انه ليس بالجهة القضائية , وقد نصب نفسه قاضياً رغم ذلك.
___________
1- Le finance ment de la vie politiqie parties et compagnes electorales : http://www.assemplee – natinale . fr.
2- ينظر د. أمين مصطفى محمد , الجرائم الإنتخابية ومدى خصوصية دور القضاء في مواجهة الغش الانتخابي (دراسة مقارنة في القانون الفرنسي والمصري) , دار الجامعة الجديدة , 2000 , ص45-46.
3- ينظر د. عمر حلمي فهمي , الانتخاب وتأثيرهُ في الحياة السياسية والحزبية , ط2 , كلية الحقوق , جامعة عين شمس , 1991 , ص267.
4- ينظر د. صلاح الدين فوزي , الجوانب القانونية لاستطلاعات الرأي العام السياسي , (دراسة مقارنة) , دار النهضة العربية , 1992 , ص373.
5- ينظر د. عمر حلمي , مصدر سابق , ص64.
6- الحكم الصادر عن محكمة الجنح في الجنحة (رقم 26385 لسنة 2007) / دائرة إمبابة / شمال الجيزة.
7- فقد نصت المادة (3) و/سابعاً مكرراً والمعدلة بالمرسوم بقانون (رقم 46 لسنة 2011)في قانون (رقم 73 لسنة 1956)الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته (الباب الاول) على ان ( تختص اللجنة العليا للانتخابات فضلاً عما هو مقرر لها بهذا القانون بما يأتي: سابعاً: وضع قواعد توزيع الوقت المتاح خاصة في اوقات الذروة للبث التلفزيوني والاذاعي بغرض الدعاية الانتخابية في أجهزة الاعلام الرسمية والخاصة على اساس المساواة التامة).
كذلك نصت المادة (20) من القانون رقم (22) لسنة 2014 الخاص بتنظيم الانتخابات الرئاسية على ان (تلتزم وسائل الاعلام المملوكة للدولة المرئية والمسموعة والمؤسسات الصحفية بتحقيق المساواة بين المرشحين في استخدامها لأغراض الدعاية الانتخابية , وتختص لجنة الانتخابات الرئاسية بتقرير ما تراه من تدابير عند مخالفة حكم هذه المادة ولها على الاخص اصدار قرار بالوقف الفوري لهذه المخالفة وذلك دون إخلال بأحكام المسؤولية التأديبية للمخالف).
8- ينظر د. فلاح اسماعيل حاجم , المعالجة القانونية لتنظيم العملية الانتخابية (دراسة مقارنة) , مجلة الدراسات القانونية , العدد (4) , جامعة ليفربول , المملكة المتحدة , 2005 , ص23.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|