المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



من مظاهر شخصية النبي الخاتم: أوّل المسلمين العابدين  
  
1637   05:57 مساءً   التاريخ: 23-3-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 1، ص 40-42
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

إن الخضوع المطلق للّه خالق الكون ومبدع الوجود ، والتسليم التام لعظيم قدرته ونفاذ حكمته ، والعبودية الاختيارية الكاملة تجاه الإله الأحد الفرد الصمد هي القمة الأولى التي لا بد لكل إنسان أن يجتازها كي يتهيّأ للاجتباء والاصطفاء الإلهي . وقد شهد القرآن الكريم بذلك لهذا النبيّ العظيم حين قال عنه : {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ... وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } [الأنعام: 161 - 163] إنّه وسام الكمال الذي حازه هذا العبد المسلم وفاق في عبوديته من سواه على الإطلاق وتجلّت هذه العبودية المثلى في قوله وسلوكه حتى قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « قرّة عيني في الصلاة »[1] فهو ينتظر وقت الصلاة ويشتد شوقه للوقوف بين يدي اللّه ويقول لمؤذّنه بلال : أرحنا يا بلال[2] وقد كان يحدّث أهله ويحدّثونه فإذا دخل وقت الصلاة فكأنه لم يعرفهم ولم يعرفوه[3]. وكان إذا صلّى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل[4]. ويبكي حتى يبل مصلّاه خشية من اللّه عزّ وجلّ[5]، وكان يصلّي حتى تنتفخ قدماه ، فيقال له : أتفعل هذا وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر ؟ ! فيقول : أفلا أكون عبدا شكورا[6]؟

وكان يصوم شعبان ورمضان وثلاثة أيام من كل شهر[7] وكان إذا دخل شهر رمضان يتغيّر لونه وتكثر صلاته ويبتهل في الدعاء[8]. وإذا دخل العشر الأواخر منه شدّ المئزر واجتنب النساء وأحيى الليل وتفرّغ للعبادة[9]. وكان يقول عن الدعاء : « الدعاء مخّ العبادة »[10] و « سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض »[11]  . وقد كان دائم الاتصال باللّه ، دائم الانشداد إليه بالضراعة والدعاء في كل عمل كبير أو صغير ، حتى كان يستغفر اللّه كل يوم سبعين مرّة ويتوب إليه سبعين مرة من غير ذنب[12] ، ولم يستيقظ من نوم قطّ إلّا خرّ للّه ساجدا[13] وكان يحمد اللّه في كل يوم ثلاثمائة وستين مرّة ويقول : « الحمد للّه ربّ العالمين كثيرا على كل حال »[14] ولقد كان دؤوبا على قراءة القرآن وشغوفا به .

ونزل عليه جبرئيل مخففا لمّا أجهد نفسه بالعبادة بقوله تعالى {طه  مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2]

 

[1] أمالي الطوسي : 2 / 141 .

[2] بحار الأنوار : 83 / 16 .

[3] اخلاق النبي وآدابه : 251 .

[4] المصدر السابق : 201 .

[5] سنن النبي : 32

[6] اخلاق النبي : 199 ، وصحيح البخاري : 1 / 381 / الحديث 1078 .

[7] وسائل الشيعة : 4 / 309 .

[8] سنن النبي : 300 .

[9] الكافي : 4 / 155

[10] المحجة البيضاء : 2 / 282 .

[11] المصدر السابق : 2 / 284

[12]  بحار الأنوار : 16 / 217

[13] المصدر السابق : 16 / 253 .

[14] الكافي : 2 / 503 .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.