أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-12-2020
2433
التاريخ: 5-9-2021
2242
التاريخ: 11-4-2017
2041
التاريخ: 2024-04-28
850
|
قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: 1 - 6]. فما معنى الوسوسة؟ ومن الذين يوسوسون؟ وهل الوسوسة سلبٌ للإرادة؟ وما تأثير الاستعانة والاستعاذة بالله تعالى؟
الوسوسة خاطرة وفكرة، يطرحها شخصٌ ويزينها ويبين محاسنها، كأن يزين الصديق العلاقة المحرمة أو السرقة أو الاعتداء... وقد تأتي الخاطرة أو الفكرة بطريقة ذاتية أثناء استعراض المرء في ذهنه للأفكار التي يريد الاختيار بينها، والتي تتولد عادة من المحيط الاجتماعي والتربية والثقافة. فالفكرة من الناس تكون بطريقة مباشرة، ومن الخاطرة الذهنية التي تُنسب إلى الجن غير المرئي أو لعوامل أخرى يكون طريقها غير مباشر، لكنها لا تتحول في أي حال من الأحوال إلى دافع إلزامي، بل هي فكرةٌ تلح على الإنسان من مجموعة أفكار ليختار بينها.
هنا تأتي الاستعانة والاستعاذة بالله تعالى لتقوية الإرادة وتصحيح المسار، فعندما يختار الإنسان منهج الله تعالى ودعائه ليعينه على حسن الاختيار، فهو يُغلّب الفكرة المستقيمة على الأفكار غير المستقيمة، ويحسن موقعها في نفسه فيتجه على اختيارها، وإلى ما أمر الله به، وهو صلاحه ومصلحته، وبذلك ينجح في دفع الوساوس والزينة والإغراء لمصلحة الصلاح والاستقامة. فلا تشكل الوسوسة سوى مفردة من سلة من الخيارات قبل أن يحسم الإنسان موقفه.
ـ النفس الأمارة بالسوء
إذا كانت الوسوسة ايحاءً يمكن تجنبه، فهل يمكن تجاوز النفس الأمارة بالسوء التي تتحرك من داخل الإنسان؟ ألا تؤكد الآية الكريمة: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53] ، بأن لا خلاص من الأمر بالسوء إلا بتدخل إلهي، ما يعني رفع المسؤولية عن الإنسان الذي تدفعه فطرته إلى فعل الحرام واتباع الشهوات؟!
يبدو أننا بحاجة لاستعادة معرفتنا بحقيقة النفس الإنسانية، فهي نفسٌ مخيرة غير مجبرة على شيء، وبإمكانها أن تسمو بالطاعة لله تعالى، أو أن تهوي بالمعاصي والملذات، قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 7 - 10] ، فالخلق واحدٌ لجميع البشر، ومقومات النفس الإنسانية كما فطرها الله تعالى مبنية على الاختيار، فلقد سواها جل وعلا لتحمل قابلية التقوى والفجور، ثم يتحمل كل فرد بشكل مستقل عن غيره مسؤولية السلوك نحو التقوى أو الفجور.
ذكر لنا القرآن الكريم قصة صمود النبي يوسف عليه السلام أمام إغراء امرأة العزيز، وفصّل في إظهار الموقف الصعب ليوسف عليه السلام، بين الاستجابة للهوى ونعيم القصور، أو مخالفة الهوى وجحيم السجون، فآثر مخالفة الهوى، بانتصاره على قابلية الفجور واستجابته لقابلية التقوى. وقد عبر يوسف عليه السلام عن طبيعة الإنسانية بقوله: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53] ، فأنا لا أختلف عن البشر في قابلية نفسي وفطرتي التي تدعوني إلى السوء واتباع الهوى، ولكني لست متروكا لصراعي مع نفسي الأمارة بالسوء من دون حماية، بسبب قابلية هذه النفس للأمر بالخير والدعوة إليه، وهو ما يُفهم من قوله تعالى: {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53] ، فمن غلّب الخير على الشر بملء إرادته من دون إجبار أو إكراه، فأطاع مولاه وخالف هواه، استفاد من رحمة الله تعالى بما أودعه من خيرٍ في نفسه الإنسانية، منتصراً بذلك على الاتجاه الآخر الذي يحمل عنوان الأمر بالسوء. وما ينطبق على النبي يوسف عليه السلام في عملية الاختيار ينطبق على جميع البشر، فمن اتبع هواه لم يستفد من الرحمة التي اودعها الله تعالى في فطرته، أما من خالف هواه فقد استفاد من رحمة الله تعالى بعدم اتباع الأمر بالسوء.
لا تقتصر الرحمة الإلهية على ما أودعه الله تعالى في الفطرة الإنسانية من بذور الخير، بل تتعداها إلى كل حياة الإنسان، بما أحاطه الله فيها من هداية الرسل والأنبياء، وأنعم عليه، ودفع عنه بلاءات كثيرة، وأمهله وقَبِلَ توبته، وغير ذلك. فالرحمة محيطة بالإنسان من مصدرين كبيرين: داخلي وهو الفطرة، وخارجي وهو الهداية وكل عطاءات الله تعالى التي ينطبق عليها عنوان الرحمة في حياة الإنسان. ومع ذلك فإن الله جل وعلا لا يترك عبده عندما يتعثر ويخطئ، فيعطيه الفرصة للتوبة، ويمنحه المغفرة، التي تغسل ما علق من أدران المعاصي في صحيفته، كي يبدأ من جديد غير مثقلٍ بالمعاصي والذنوب، {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53] .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|