المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

التعقيب‌
30-9-2016
جوزيفسون ، بريان دافيد
4-11-2015
توسيع نطاق الراحة
25-11-2020
المد والجزر في كتاب المدخل الكبير في علم أحكام النجوم لأبي معشر الفلكي
2023-07-18
التأشب Recombination
12-1-2016
تأثير سلوك الأب
10-1-2016


دور التطرّف الديني في تكوين بعض المذاهب والفرق  
  
944   09:05 صباحاً   التاريخ: 26-05-2015
المؤلف : صائب عبد الحميد
الكتاب أو المصدر : المذاهب والفرق في الاسلام (النشأة والمعالم)
الجزء والصفحة : ص109-112
القسم : العقائد الاسلامية / فرق و أديان / الغلو /

 من أخطر المشكلات التي تعرض لها الفكر الديني هي مشكلة تطرّف أتباعه في تفسير معانيه وفي تطبيق أحكامه ، فيتجاوزون الضوابط الثابتة في تفسير نصوصه ومفرداته ، والحدود المعلومة في تطبيق أحكامه.

هذا التطرّف هو الذي سماّه الدين « غلواً » وهو يقابل التقصير في معرفة الدين وتطبيق أحكامه.

والغلوّ إنّما تصاب به النفوس الوالهة المتعلّقة بشيء من الدين غير أنّها لم تكن تفقه روح الدين ، ولم تتذوق معانيه ، ولا أدركت مقاصده وأهدافه الكبرى ، ولا قرأت القرآن الكريم كلّه قراءةً واعيةً وعلى مستوىً واحد من الاهتمام ، ولا تذوقت جمال القرآن ولا وقفت عند خطابه اللاذع للمغالين ، ولا لفت انتباهها اُسلوب القرآن الحكيم في سدّ جميع منافذ الغلوّ .. فبعد أن فقدت كلّ هذا جنحت مع أهوائها فجاوزت الحدّ في معشوقها ، وكثيراً ما وقعت في تأليهه بشكل سافر ، أو على درجة أقلّ من ذلك.

ومنذ أقدم مراحل التاريخ البشري ، وقبل نوح عليه السلام ، بلغ الغلو بالناس أن عبدوا سَلَفهم الصالح واتّخذوهم آلهةً من دون الله ، فلمّا دعاهم نوح عليه السلام إلى التوحيد قالوا : {لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] ! وهذه الأسماء ( ودٌّ ) و ( يغوث ) و ( سواع ) و ( يعوق ) و ( نَسْر ) إنّما هي أسماء عباد صالحين كانوا قبلهم بأجيال فكانوا يعظّمونهم ، ويزداد التعظيم جيلاً بعد جيل حتى بلغ الأمر أن أتخذوا لهم تماثيل بأسمائهم ليعبدوا ! (1).

وظهر الغلوّ عند أتباع الديانتين اليهودية والمسيحية ، وبلغ بالنصاري أن ألَّهوا عيسي بن مريم عليها السلام ، قالوا : ابن الله ! وقالوا : ثالث ثلاثة ! كلّ ذلك من فرط حبّ معه جهالة ، ونزعة وثنية في اتّخاذ الوسائط إلى الله تعالى والتوجّه إليها بالعبادة ولو عن طريق مجاوزة الحدّ في تعظيمها وإضفاء الصفات الإلهية عليها ، من قبيل الخالقية والرازقية والإحاطة علماً وقدرةً ، فقالت النصارى إنّ المسيح يصنع المعجزات بقدرته الذاتيه وليس بإذن الله !

وجاء الإسلام فكان أكثر دقّةً في تشخيص الغلو وسدّ الأبواب دونه ، فكان القرآن يخاطب الأنبياء مخاطبة العبيد الفقراء الذين لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً ، ويعاتبهم وينذرهم إنذار من لم يكن له مع الله عهد ، كلّ ذلك ليصرف أفئدة المؤمنين وأرواحهم من مسالك الغلو .. فيتلو علينا نبأ آدم عليه السلام ، فيقول : {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115] ! .

ويخاطب داود عليه السلام فيقول : {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ... } [ص: 26] وبعد هذا ، بعد أن يخبر عن خلافته لله تعالى في الأرض ، لا بالغَلَبة ، ولا بالشورى ، ولكن بجعل من الله تعالى ، يقول على الفور : {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } [ص: 26] ! .

ويخاطب سيد البشر وخاتم النبييّن بما يغلق أمام الناس بعده كلّ منافذ الغلو لو أنّهم يعقلون ، فيقول : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] .. وهو قادر أن يقول : « قل أنا بشر » ويتمّ المعنى ، ولكن هذا التأكيد ثمّ الحصر ب‍ « إنّما » ثمّ التمثيل ب‍ « مثلكم » أبلغ تعبير في تثبيت المعنى وقطع كل الطرق أمام الشبهات والجهالات.

وإلى أكثر من هذا ذهب النبي صلى الله عليه واله ، فأكّد أنّ الغلو لا ينحصر بعبادة البشر ، بل هو حاصل حتّى في التشدّد والتطرّف بالعبادات ، فما جاوز فيها السنّة فهو غلوّ ... حدّث الفضل بن العباس ، فقال : قال لي رسول الله صلى الله عليه واله غداة يوم النحر : « هات فالتقط لي حصىً » فلقطت له حُصيّات مثل حصى الخذف ، فوضعهنّ في يده فقال : « بأمثال هؤلاء ، بأمثال هؤلاء ، وإيّاكم والغلوّ ، فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدين » ! (2)

 

 

__________________

 

(1) اُنظر : تفسير القمّي 2 : 387 ، وتفسير الطبري م 14 ج 29 : 98 ـ 99 ، وتفسير الزمخشري 4 : 619 ، ومجمع البيان 10 : 547 ، تفسير البغوي 4 : 399 ـ دار الفكر ـ بيروت ـ 1405 ه‍ ، وتفسير البرهان / البحراني 4 : 388 ـ مؤسسة البعثة ـ قم ـ 1416 ه‍ ، وغيرها.

(2) الطبقات الكبرى / ابن سعد 2 : 180 ـ 181 ، السنن الكبري / البيهقي 5 : 127 ، السيرة النبوية / ابن كثير 4 : 371.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.