أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
2886
التاريخ: 10-8-2016
3007
التاريخ: 10-8-2016
3122
التاريخ: 10-8-2016
3096
|
انّ المأمون و إن كان يداري الامام (عليه السلام) و يعظّمه و يوقّره ويحترمه ظاهرا لكنّه كان ينافق في الباطن و يحمل العداوة و الشيطنة في قلبه على الامام (عليه السلام) ، كقوله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: 4] كان المأمون عدوّه (عليه السلام) بل يعدّ من ألدّ أعدائه، و هو بحسب الظاهر صديق حميم للامام، و في الباطن كالأفعى يؤذي الامام (عليه السلام) بلدغاته السامّة، فكانت ولاية عهد الامام بداية مصائبه و بلاياه من قبل المأمون .
قال أحد اصحاب الامام الرضا (عليه السلام) و خواصّه: كنت بين يديه في ذلك اليوم أي اليوم الذي جلس فيه الامام الرضا (عليه السلام) بعد ولاية العهد فنظر إليّ و أنا مستبشر بما جرى، فأومأ إليّ ان أدن، فدنوت منه، فقال لي من حيث لا يسمعه غيري: لا تشغل قلبك بهذا الأمر، و لا تستبشر له، فإنه شيء لا يتم ؛ و في حديث عليّ بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوما و عنده عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) و قد اجتمع الفقهاء و اهل الكلام و ذكر اسئلة القوم و المأمون منه (عليه السلام) و جواباته و ساق الحديث إلى ان قال: فلمّا قام الرضا (عليه السلام) تبعته فانصرف إلى منزله فدخلت عليه و قلت له: يا ابن رسول اللّه الحمد للّه الذي وهب لك من جميل رأي أمير المؤمنين ما حمله على ما أرى من إكرامه لك و قبوله لقولك، فقال (عليه السلام) : يا ابن الجهم لا يغرّنك ما ألفيته عليه من إكرامي و الاستماع منّي فانّه سيقتلني بالسمّ و هو ظالم لي، أعرف بعهد معهود إليّ من آبائي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فاكتم هذا ما دمت حيّا .
الخلاصة انّ الامام (عليه السلام) كان متوجّعا متألّما من أفعال المأمون و سوء خلقه و لكنه لم يكن بإمكانه إظهار ذلك لأحد، فضاق صدره حتى كان يرجو من اللّه تعجيل وفاته، كما قال ياسر الخادم: كان الرضا (عليه السلام) إذا رجع يوم الجمعة من الجامع و قد أصابه العرق و الغبار رفع يديه و قال: اللّهم إن كان فرجي ممّا أنا فيه بالموت فعجّل لي الساعة ؛ و لم يزل مغموما مكروبا إلى أن قبض (عليه السلام) و لو تأمل متأمل في سلوك المأمون و معاشرته مع الامام (عليه السلام) لأذعن بما قلناه و لصدّقه، أ يتصوّر عاقل انّ المأمون المحب لدنياه الذي أمر بقتل أخيه محمد الأمين أشد قتلة و إرسال رأسه إليه، فنصبه في صحن داره على خشبة و أمر الجنود و العساكر أن يلعنوه ليأخذوا جوائزهم، فهل يعقل أنّ هذا الشخص الطالب للخلافة والرئاسة و المنغمر في حبّ الدنيا و الجاه يدعو الامام الرضا (عليه السلام) من المدينة إلى مرو و يخلع نفسه من الخلافة و يفوّضها الى الامام، و يصرّ على ذلك شهرين؟ إن هذا الّا مكر و شيطنة! كيف و الخلافة قرة عين المأمون، و كما قيل الملك عقيم ، و قد عرف محمد الأمين شخصية أخيه جيدا حينما سأل أحمد بن سلام عند ما ألقي القبض عليه أ يقتلني المأمون؟ فقال أحمد: انّه لا يقتلك و انّ الرحم ستعطفه عليك، فقال الأمين: هيهات الملك عقيم لا رحم له .
فالمأمون لم يرض و لم يحب أن تنشر أيّ فضيلة لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) كما يظهر هذا و ينجلي تماما من ملاحظة الروايات في ذهابه (عليه السلام) إلى صلاة العيد و منع المأمون له من اقامتها و غيرها، و مضى في ذيل حديث رجاء بن أبي الضحاك انّه لما أخبر المأمون بفضائل و مناقب و عبادة الامام الرضا (عليه السلام) ، قال المأمون: لا تخبر الناس بهذا، ثم قال من أجل مصلحته و شيطنة منه : فإنّي أريد أن لا تنشر فضائله و مناقبه الّا على لساني ؛ لكنّه لمّا رأى ظهور علم الامام و فضله و كماله على الناس و انّهم يميلون إليه و يحبّونه، اضطرمت نار الحسد في صدره، و بدأ بتدبير حيلة للتخلص منه، فاستقر رأيه على أن يسمّه، فسمّه و قتله .
و كما روى الشيخ الصدوق عن أحمد بن عليّ انّه قال: سألت أبا الصلت الهروي، فقلت: كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا (عليه السلام) مع إكرامه و محبّته له و ما جعل له من ولاية العهد بعده؟
فقال: إنّ المأمون إنمّا كان يكرمه و يحبّه لمعرفته بفضله، و جعل له ولاية العهد من بعده ليري الناس انّه راغب في الدنيا، فيسقط محلّه من نفوسهم، فلمّا لم يظهر منه في ذلك للناس الّا ما ازداد به فضلا عندهم و محلا في نفوسهم جلب عليه المتكلّمين من البلدان طمعا في أن يقطعه واحد منهم فيسقط محلّه عند العلماء، و بسببهم يشتهر نقصه عند العامة .
فكان لا يكلّمه خصم من اليهود و النصارى و المجوس و الصابئين و البراهمة و الملحدين والدهرية و لا خصم من فرق المسلمين المخالفين له الّا قطعه و ألزمه الحجّة .
وكان الناس يقولون: و اللّه انّه أولى بالخلافة من المأمون، فكان أصحاب الاخبار يرفعون ذلك إليه، فيغتاظ من ذلك و يشتدّ حسده له .
وكان الرضا (عليه السلام) لا يحابي المأمون من حقّ و كان يجيبه بم يكره في أكثر أحواله فيغيظه ذلك و يحقده عليه و لا يظهره له، فلمّا أعيته الحيلة في أمره اغتاله، فقتله بالسمّ .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|