أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-09
358
التاريخ: 23-3-2017
15936
التاريخ: 6-4-2016
2990
التاريخ: 9/10/2022
1516
|
لقد نصت معظم الاتفاقيات الدولية التي تنظم استخدام سلاح معين على مجموعة من الأحكام التي تهدف من ورائها إلى تحقيق الغرض من إبرام المعاهدة، وهذه الأحكام على نوعين النوع الأول منها وقائي أي الغاية منها الحيلولة دون خرق أو انتهاك الالتزامات الواردة في المعاهدة، أما النوع الثاني فهو علاجي أي يهدف الى معالجة ما سبق أن ترتبت من آثار ضارة على استخدام السلاح المحرم وهو ما سنتناوله في :-
الفرع الأول
الآليات الوقائية
القانون الدولي يفرض أن تحترم الحكومات التزاماتها المنصوص عليها في المعاهدات لأنها ترغب أن تكون أطرافاً محترمة في المجتمع الدولي، وهذا ما يجعل التزامات المعاهدة قيوداً قانونية، وإن كلفة ظهور حكومة ما في مظهر الشريك الذي لا يمكن الاعتماد عليه في معاهدة يمكن أن تكون مكلفة جداً(1).
ولكن الأمر ليس دائماً على هذه الصورة المثالية إذ أن الدول عادة ما تلجأ إلى خرق ما التزمت به من المعاهدات سواء كان ذلك بصورة سرية أو عن طريق التحايل على أحكام الاتفاقيات، لذلك نجد وفي معظم الاتفاقيات الدولية المنظمة لشؤون التسلح، هناك مجموعة من الأحكام التي تحرص الدول على النص عليها، من أجل الحيلولة دون انتهاك أحكام هذه الاتفاقيات والتي يمكن تسميتها بالآليات الوقائية وهي تشمل:-
أولاً - حظر مساعدة أو تشجيع أو حث أي كان بأية طريقة على القيام بأنشطة محظورة على دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية, وهو ما نصت عليه اتفاقية أوتاوا لعام 1997 (2) . وهذا الحكم يعتبر أجراء احترازي لما قد يتوقع أن يحدث من نشاطات تحث على انتهاك التزامات هذه الاتفاقية، مثال ذلك لا يجوز منح تراخيص نقل الألغام أو المواد التي تستخدم في إنتاجها، ولا يجوز تقديم إعفاءات أو تسهيلات كمركية لمرورها أو منح ترخيص لصنع الألغام .
ثانياً - تشريعات يجب على الدول إصدارها لمواجهة أي خرق محتمل للاتفاقيات المعقودة، ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجي والتكسينية وتدمير تلك الأسلحة لعام 1972، من وجوب أن ( تتخذ كل دولة من الدول الأطراف في المعاهدة وفقاً لإجراءاتها الدستورية، كل التدابير اللازمة لحظر ومنع استحداث أو إنتاج أو تخزين أو اقتناء أو حفظ العوامل والتكسينات والأسلحة والمعدات، ووسائل الإيصال المعينة في المادة الأولى من هذه الاتفاقية ضمن إقليمها أو في أي مكان خاضع لولايتها أو لرقابتها أينما كان)(3)
ثالثاً – التحقق: وهو عملية التثبت مما إذا كانت الدول الأطراف تتمثل لأحكام الاتفاق المعقود بينها، وتاريخيا كانت التوقعات بشأن الامتثال لاتفاقات تنظيم التسلح تقوم على الثقة أساساً، وكان يتوقع من الأطراف عقب إبرامها اتفاقاً أن تتصرف بحسن نية وتحترم التزاماتها، غير أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية صار هذا النهج يعتبر غير ملائم وأصبح الامتثال يخضع بصفة متزايدة للمراقبة(4) . وللتحقق صور متعددة منها المراقبة الفوقية عبر التحليق على ارتفاعات شاهقة بواسطة طائرات التجسس (U2) وعن طريق الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية من الفضاء الدولي، وعمليات التنصت الإلكتروني والطرق القديمة المتبعة في التجسس(5)
ولكن أهم وسيلة أو صورة من صور التحقق هو التفتيش، وتعتبر عمليات التفتيش الموقعي إلى حد كبير من أكثر الأدوات فعالية في التدابير الوقائية ذلك أنها تسمح للأطراف بالتحقق من دقة إعلانات البيانات المقدمة سابقاً، وفي الوقت نفسه جمع مزيد من المعلومات القيمة بشأن تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاق والتي لا تتوفر بخلاف ذلك، وبصفة عامة فإن عمليات التفتيش الموقعي يمكن أن تصنف إلى ثلاث فئات عامة : التفتيش غير ألارتيابي والتفتيش ألارتيابي والتفتيش المخصص، وعادة ما يوضح المعنى الدقيق لكل نوع من أنواع عمليات التفتيش في صياغة المعاهدة ذاتها (6).
وبالرجوع إلى المعاهدات الدولية المنظمة لحظر أو تقييد التسلح نجد أن منها من أخذ بالتحقق كآلية وقائية تحول دون خرق أحكام هذه المعاهدات، ومنها اتفاقية حظر استحداث وضع وتخزين واستخدام الأسلحة الكيمياوية وتدمير هذه الأسلحة لعام 1993، حيث أنشئت بموجب هذه الاتفاقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أجل تحقيق موضوع هذه الاتفاقية وتأمين تنفيذ أحكامها بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالتحقق الدولي من الامتثال لها(7) . عن طريق القيام بتفتيش موقعي والرصد بالأجهزة الموقعية لعملية إنتاج الأسلحة الكيميائية التي تمتلكها دولة طرف، أو توجد في حيازتها وأي مرافق أخرى لإنتاج الأسلحة الكيميائية تكون قائمة في أي مكان يخضع لولايتها أو سيطرتها، وتكون جميع الدول الأطراف في الاتفاقية أعضاء في المنظمة(8).
رابعاً – عقد مؤتمرات مراجعة دورية, ومثال ذلك أن اتفاقية حظر استحداث وإنتاج الأسلحة البكتريولوجية والتكسينية وتدمير هذه الأسلحة لعام 1972 فإنها لم تنص على إجراءات خاصة بالتحقق، ولكنها نصت على التزام الدول الأطراف بالاشتراك في عقد مؤتمرات دورية للمراجعة تعقد كل خمس سنوات للبحث في التطورات العلمية والتكنولوجية التي تطرأ أو تستجد وذات صلة بمعاهدة الأسلحة البيولوجية(9) . ونظراً لأهمية التحقق في ضمان تنفيذ الاتفاقية، وخلو الاتفاقية من هذا الإجراء، وعند عقد مؤتمر المراجعة الثالث تمت الاستعانة فيه بلجنة (Vertex) التي اجتمعت أربع مرات خلال عامي 1992 و1993 لدراسة إجراءات التحقق المحتملة من وجهة النظر العلمية والفنية إذ تم اعتماد واحد وعشرين إجراء تتعلق جميعها برصد الأسلحة البيولوجية بالموقع وخارج الموقع وقد خلص التقرير إلى أنه ليس هناك منهج موحد لرصد أنشطة معاهدة الأسلحة البيولوجية وأن المزج بين الإجراءات يمكن أن يجعل الاتفاقية أكثر فاعلية (10).
ورغم ما للتحقق من أهمية عملية في الوفاء بالتزامات المعاهدات المنظمة لاستخدام الأسلحة والحيلولة دون خرق أحكامها نجد أن هناك من الاتفاقات الدولية المعنية بذلك ما لم تنص على هذا الإجراء كآلية من الآليات الوقائية منها البروتوكول الأول بشأن الشظايا التي لا يمكن الكشف عنها لعام 1980 وأيضاً البروتوكول الرابع بشأن أسلحة الليزر المعمية لعام 1995، والملحقين باتفاقية حظر او تقييد استعمال اسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر او عشوائية الأثر لعام 1980 الأمر الذي يتطلب من الدول الأطراف المعنية بإعادة النظر بأحكام هذه الاتفاقات والحرص على تضمين نصوصها على إجراءات تفصيلية خاصة ينظم طرق ووسائل التحقيق باعتباره ضمانة مهمة من ضمانات تنفيذ الاتفاقيات الدولية وتحقيق الغرض الذي عقدت من أجلها .
الفرع الثاني
آليات علاجيـــــــــــــة
الاتفاقيات الدولية التي تنص على حظر استخدام سلاح معين تهدف أساساً إلى الحيلولة دون استخدام ذلك السلاح مستقبلاً وإخراجه من نطاق الترسانات العسكرية للدول الأعضاء، ولكن ذلك قد لا يؤدي إلى المعالجة الكاملة للآثار السلبية التي حدثت نتيجة الاستخدام المسبق له، لذلك نجد الاتفاقيات تنص على العديد من الأحكام التي تهدف إلى المعالجة الكاملة للآثار المدمرة للسلاح المحظور بهدف ضمان تخليص البشرية من ويلات ذلك السلاح، وما خلفه من براثن سامة في جسد الإنسانية وهذا ما يسمى بالآليات العلاجية . ومن أهم هذه الآليات هي:-
أولاً - تدمير الأسلحة التي استخدمت في نزاع مسلح وكان ينبغي لها الانفجار ولأكنها لم تنفجر والمقصود بالتدمير هنا "طريقة لخفض حيازة المواد الخاضعة لقيود بموجب معاهدة من خلال القطع أو الهدم الانفجاري أو التشويه أو التحطيم (11).
ومثال ذلك ما نصت علية اتفاقية أوتاوا هي أن تتعهد كل دولة طرف بتدمير أو ضمان تدمير كل الألغام المضادة للأفراد في المناطق الملغومة المشمولة بولايتها أو الخاضعة لسيطرتها في أقرب وقت ممكن، على إلا يتعدى ذلك عشر سنوات من بدء نفاذ الاتفاقية بالنسبة إلى تلك الدولة الطرف(12) . وبالرغم مما تسببه الألغام المزروعة من أضرار ومآسي إنسانية لضحاياها بين قتلى ومعاقين، نجد هناك تلكؤ واضح على المستوى الدولي في التخلص منها، وأكثر الأسباب شيوعاً التي ذكرتها الحكومات في تعليل تأخرها في الالتزام ببرامجها الخاصة بالتخلص من الألغام، هو النقص في الموارد المالية، والنقص في المستخدمين المدربين والمعدات المناسبة، فضلاً عن مشاكل بيئية ولوجستية، وألقى البعض الأخر باللائمة على العلاقات السيئة بدول الجوار أو على وجود جماعات متمردة معادية داخل أراضيها(13).
ثانياً - التعهد بتأهيل ضحايا الأسلحة, وهي أحكام ذات طابع أنساني سامي تهدف إلى مساعدة ضحايا هذه الأسلحة الفتاكة، وهو موضوع نادراً ما تتطرق إليه اتفاقية دولية معنية بتنظيم استخدام سلاح معين ومثال ذلك ما نصت عليه اتفاقية اوتاوا لعام 1997، على أن (تقوم كل دولة طرف تكون في وضع يتيح لها تقديم المساعدة بتوفيرها من أجل رعاية تأهيل ضحايا الألغام وإعادة إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي ومن أجل برامج للتوعية بمخاطر الألغام)(14).
وعلى هذا الاتجاه أيضاً سارت اتفاقية بشأن الذخائر العنقودية للعام 2008، حيث نصت على أن (توفر كل دولة طرف لضحايا الذخائر العنقودية في المناطق المشمولة بولايتها أو الخاضعة لسيطرتها، وفقاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان الواجبي التطبيق, ما يكفي من المساعدة المراعية للسن والجنس بما فيها الرعاية الطبية والتأهيل والدعم النفساني، وتكفل كذلك إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي)(15).
نرى أن حرص بعض المعاهدات والاتفاقيات التي تحظر استخدام أنواع معينة من الأسلحة على تضمين نصوصها أحكاماً، تهدف إلى معالجة ما سبق وأن تركته هذه الأسلحة من آثار سلبية مدمرة للإنسانية سواء أكان ذلك عن طريق تدمير ما تم إنتاجه منها وبكميات كبيرة أو عن طريق التخلص، من الإعاقات والتشوهات، والأضرار النفسانية لضحايا أسلحة الرعب والدمار، ذلك يدل على حرص المجتمع الدولي على وضع منظومة متكاملة لمواجهة أخطار هذه الأسلحة.
ولكن في المقابل نجد أن هناك بعض الاتفاقيات الدولية التي حظرت استخدام سلاح معين، ولكن في الوقت نفسه لم تنص على أي آليات علاجية وإنما اكتفت فقط بالنص على تحريم استخدام ذلك السلاح، ومثال ذلك البروتوكول الأول بشأن الشظايا التي لا يمكن الكشف عنها وكذلك البروتوكول الرابع بشأن أسلحة الليزر المعمية لعام 1995، ونحن نرى أن ذلك يشكل نقصاً في الضمانات والمعالجات القانونية لاستخدام هذه الأسلحة والتخلص من شرورها .
_____________
1- اللجنة المعنية بأسلحة الدمار الشامل، أسلحة الرعب، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007، ص 195 .
2- الفقرة (ج) من المادة (1) من الاتفاقية .
3- المادة (4) من الاتفاقية .
4- معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح, نحو الاتفاق على مفاهيم الأمن، منشورات الأمم المتحدة ،2003 ، ص 205 .
5- اللجنة المعنية بأسلحة الدمار الشامل، أسلحة الرعب، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007 ، ص 197 .
6- معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، المصدر السابق، ص208 .
7- الفقرتين (1و2) من المادة (8) من الاتفاقية .
8- الفقرتين (1و3) من المادة (5) من الاتفاقية .
9- المادة 12 من الاتفاقية .
10- د. اسماعيل عبد الرحمن ، الأسس الأولية للقانون الدولي الإنساني ، القانون الدولي الإنساني دليل للتطبيق على الصعيد الوطني ، ط3 , منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر , القاهرة , 2006 ص 634 .
11- معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، مصدر سابق، ص31 .
12- الفقرة (1) من المادة (5) من الاتفاقية .
13- زدزسلاف لاتشوفسكي وسفينيا بوست، الحد من الأسلحة التقليدية، التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي، معهد ستوكهولم لأبحاث السلاح الدولي، الكتاب السنوي، 2009، ص 646 .
14- الفقرة (3) من المادة (6) من الاتفاقية .
15- الفقرة (1) من المادة (5) من الاتفاقية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|