المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



دور الحظر والتقييد في الحماية الخاصة بفئات معينة من الأعيان  
  
1511   11:28 صباحاً   التاريخ: 9/10/2022
المؤلف : رشاد محمد جون الليثي
الكتاب أو المصدر : حظر وتقييد استخدام الاسلحة في القانون الدولي العام
الجزء والصفحة : ص76-85
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

إلى جانب الحماية العامة التي توفرها قواعد القانون الدولي الإنساني هناك حماية خاصة لبعض الأعيان المدنية دون غيرها، في ما يتعلق بحظر استخدام الاسلحة او تقييدها أثناء النزاعات المسلحة , وقد وجد هذا النوع من التنظيم لاستخدام الأسلحة نظراً للأهمية الخطيرة لهذه الأعيان ودورها الحيوي للسكان المدنيين أو لحمايتهم من الآثار الضارة والخطيرة التي تترتب على تدميرها، أو نظراً لمكانتها المعنوية في نفوس المدنيين، ولمعرفة حظر استخدام الأسلحة و تقييده و علاقته بالحماية الخاصة للأعيان المدنية, سنقسم الموضوع على فرعين نوضح في الفرع الأول الحماية الخاصة بموجب اتفاقيتي لاهاي وأما الفرع الثاني نبحث فيه الحماية الخاصة بموجب اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 .

الفرع الأول

الحماية الخاصة بموجب اتفاقيتي لاهاي لعامي 1907و 1954

تضمنت اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907, واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح لعام 1954, على مجموعة من القواعد القانونية التي يجب مراعاتها في ما يتعلق باستخدام الاسلحة والتي توفر حماية خاصة لأعيان معينة، فقد أوجبت لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 في حالات الحصار أو القصف، اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتفادي الهجوم قدر المستطاع على المباني المخصصة للعبادة والفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية والمستشفيات، والمواقع التي يتم فيها جمع المرضى والجرحى، ولكن هذه الحماية التي توفرت لهذه الأعيان المذكورة مشروطة بعدم استخدامها لأغراض عسكرية(1) . من ثم زوال هذه الحماية في حالة استخدام هذه الأعيان المدنية لأغراض عسكرية، مثال ذلك أن يستعمل أحد دور العبادة ثكنة عسكرية يتحصن فيها المقاتلين.  

 وهناك من يرى أن لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 قد وفرت حماية خاصة للمواد والأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان، إذ أن الفقرة (أ) من المادة (23) نصت على حظر استعمال السم أو الأسلحة المسمومة وأن كانت هذه الفقرة لا تشير صراحة إلى تسميم المواد والأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، فيما يتعلق بتنظيم استخدام الأسلحة من حيث الحظر و التقييد إلا أنها تتضمن قاعدة عامة يمكن تطبيقها في كل الظروف بشأن حظر تسميم المواد والأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان(2)

ولكن القيود التي ترد على استخدام الأسلحة غير المحظورة  تتجلى في أوضح صورها في حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح(3). إذ تاريخ كل الحروب إجمالاً هو تاريخ القضاء على الممتلكات الثقافية تلك الممتلكات التي تعتبر رابطاً بين ماضي الإنسانية وحاضرها ومستقبلها من دور العبادة والمكتبات , والمناطق والمباني ذات القيمة التاريخية والثقافية العالية(4) . كما هو الحال في تدمير دير (مونتي كاسينو)( monty casino) الشهير في إيطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية وكذلك تدمير جامع (فرهاد باشا) في البوسنة في عام 1992 من قبل القوات الصربية(5) . وبالتالي تعكس الحماية الدولية للممتلكات الثقافية في مواجهة استخدام الأسلحة أثناء فترات النزاع المسلح التوسع الذي لحق بنطاق القانون الدولي الإنساني، إذ لم يعد منحصراً كما كان عليه الحال حتى منتصف القرن الماضي على حماية ضحايا الحروب من الأفراد وتخفيف معاناتهم، بل أمتد نطاقه ليكفل الحماية الدولية للممتلكات الثقافية في فترات الحروب (6).

تعد الاتفاقية  المعنية بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة وهي اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية اثناء النزاعات المسلحة لعام 1954، أول اتفاقية هدفها حماية الممتلكات الثقافية بشكل عام , وحمايتها في فترات النزاع المسلح بشكل خاص(7) . حيث نصت على ثلاثة أنواع من الحماية من جهة استخدام الأسلحة ضد الممتلكات الثقافية , هي الحماية العامة والخاصة والمعززة، والتي يتم بحثها بصورة تفصيلية لبيان القيود التي ترد على استخدام الاسلحة أثناء النزاعات المسلحة، ولكن ابتداءاً لابد من القول أن المبدأ الأساسي الذي تتركز عليه اتفاقية لاهاي لعام 1954 هو ضرورة تجنب الهجوم قدر الإمكان على الأعيان الثقافية، شريطة إلا تستخدم هذه الأعيان لأغراض عسكرية(8).

فبالنسبة للنوع الأول من الحماية والتي تسمى بالحماية العامة والتي بموجبها يجب الامتناع عن استخدام الأسلحة ضد الممتلكات الثقافية أي عدم اتخاذها محلاً للهجوم ولكن الاتفاقية قد أوردت استثناء على ما سبق وهي الضرورات الحربية القهرية(9) . ولكن عدم احتواء الاتفاقية أو أية معاهدة أخرى على تعريف لمفهوم "الضرورات الحربية القهرية" نرى انه يمثل ضعفاً خطيراً في هذه المادة بل وفي الاتفاقية بشكل عام، حيث أن غموض هذا المفهوم يضعف اعتباره قيداً على استخدام الأسلحة أثناء المنازعات المسلحة .

و من القيود الأخرى على استخدام الاسلحة  أثناء المنازعات المسلحة التي نصت عليها اتفاقية لاهاي لعام 1954 ما يسمى (الحماية الخاصة) الذي يشمل على عدد محدود من المخابئ المخصصة لحماية الممتلكات الثقافية ذات الأهمية الكبرى ومراكز الأبنية التذكارية، من استخدام الأسلحة ضدها,  وهناك شرطيين موضوعيين لتمتع الممتلك الثقافي بهذه الحماية وهما أن يكون الممتلك الثقافي واقعاً على مسافة كافية من أي مركز صناعي كبير أو هدف حربي هام يعتبر نقطة حيوية , أما الشرط الثاني فيتمثل في عدم استعمال هذا الممتلك لأغراض عسكرية(10).

وهذا القيد المفروض على استخدام الأسلحة أي الحماية الخاصة ليس تلقائيا,  بمجرد توافر الشروط سالفة الذكر بل لابد من قيد الممتلك الثقافي في السجل الدولي للممتلكات الثقافية الموضوعة تحت نظام الحماية الخاصة الذي تشرف عليه منظمة اليونسكو، ولكن هذه الحماية الخاصة والتي بموجبها يحظر توجيه الأعمال العدائية ضد الممتلكات الثقافية بواسطة أسلحة غير محظور استخدامها أساسا,  يتم فقدانها في حالتين الأولى، إذا ما تم استعمالها لأهداف أو لأغراض عسكرية كاستعماله في تنقلات القوات، وكمخزن أسلحة أو حتى مجرد المرور وإذا تمت به أعمال لها صلة مباشرة بالعمليات الحربية(11) . أما الحالة الثانية فهي المقتضيات العسكرية القهرية بشرط أن يكون تقرير وجود هذه الظروف من جانب رئيس هيأة حربية، يعادل في الأهمية أو يفوق فرقة عسكرية وأن تبلغ رفع الحصانة كلما أمكن الطرف الآخر قبل تنفيذه بوقت كاف . ولا يمكن الاستناد الى مبدأ الضرورة الاستخدام الأسلحة المحظورة حيث أن هذا المبدأ لا يبرر انتهاك قواعد الحرب المستندة الى الأعراف و المعاهدات الدولية(12).

  وهناك من يرى أن نظام الحماية الخاصة لم يحقق سوى نجاح محدود ذلك لأن الأعيان التي يشملها هذا النظام قليلة من الناحية العددية , وأن تعبير الحماية الخاصة هو مُضلل حيث أن القيد المفروض على استخدام الأسلحة هو ليس قيدا مطلقا و بالتالي فهي ليست أقوى من الحماية العامة(13). لذلك تم إقرار نظام أخر للحماية من أخطار استخدام الأسلحة هو الحماية المعززة وهو قيد خاص استحدثه البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي الصادر عام 1999 تختص به الممتلكات الثقافية التي تبلغ من الأهمية جانباً كبيراً بالنسبة للبشرية(14) . وبموجب هذا النظام يلتزم أطراف النزاع المسلح بكفالة حصانة الممتلكات الثقافية المشمولة بالحماية وذلك بالامتناع عن استهداف تلك الممتلكات التي استوفت شروط معينة(15)

ولكن هذه القيود على حرية الأطراف المتنازعة في استخدام الأسلحة هي ليست قيود مطلقة أيضاً، ويتم التحلل منها في حالة كون الممتلكات الثقافية بحكم استخدامها هدفاً عسكرياً ففي هذه الحالة يجوز أن تتخذ تلك الممتلكات هدفاً للهجوم, إذا كان الهجوم هو الوسيلة المستطاعة الوحيدة لإنهاء استخدام الممتلكات الثقافية على النحو السابق, وكذلك اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة في اختيار وسائل الهجوم وأساليبه, بهدف إنهاء ذلك الاستخدام وتجنب الإضرار بالممتلكات الثقافية, أو على أي الأحوال حصره في أضيق نطاق ممكن, وما لم تحل الظروف دون ذلك بسبب مقتضيات الدفاع الفوري عن النفس, يجب أن يصدر الأمر بالهجوم على أعلى المستويات التنفيذية للقيادة, وكذلك إصدار إنذار مسبق فعلي الى القوات المجابهة بطلب إنهاء الاستخدام, وكذلك تتاح لقوة المجابهة فترة معقولة من الوقت تمكنها من تصحيح الوضع(16)

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الالتزامات التي فرضتها قواعد لاهاي لبعض الأعيان قد تم خرقها من قبل القوات الأمريكية في الحرب على العراق عام 2003 فمثلاً أصيب متحف الموصل والذي يعد من الأعيان الثقافية بالقصف في شهر آذار عام 2003(17) . كما تم إصابة متحف تكريت وقصر في بغداد الذي يضم قطعاً أثرية تعود إلى النظام الملكي (18).

الفرع الثاني

الحماية الخاصة بموجب اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهما لعام 1977

تضمنت اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين تنظيماً لاستخدام الاسلحة اثناء النزاعات المسلحة وفرت حماية خاصة لبعض الأعيان المدنية، نظراً لأهميتها المتميزة في حياة المدنيين ولأن حياتهم لا تستقيم إذا تم الاعتداء على هذه الأعيان.

 ابتداءً وقبل التطرق الى القيود التي وردت على استخدام الاسلحة غير المحظورة على فئات هذه الاعيان لابد من القول بوجود حظر مطلق على استخدام اسلحة معينة ضدها، وفي جميع الحالات والظروف حتى لو استخدمت استخداماً عسكرياً او في حالة توفر الضرورة العسكرية الملحة التي قد يبدو إنها تبرر مهاجمة هذه الاعيان بهذه الاسلحة التي لا يمكن استخدامها مطلقاً، وفي مقدمتها اسلحة الدمار الشامل التي تمتاز بقدرتها على إحداث خسائر كبيرة في الكائنات الحية، علاوةً على تدمير أعداد ضخمة من المنشآت والأسلحة والمعدات والأهداف المختلفة في مساحات شاسعة(19). حيث أن آثارها المدمرة لا يمكن حصرها مكانياً او زمانياً , على خلاف الاسلحة التقليدية التي صممت من اجل تدمير عدد محدود من الأهداف العسكرية(20).

 وفي مقدمة اسلحة الدمار الشامل , الاسلحة النووية ذات القوة التدميرية العالية التي لا تميز بين الاعيان المدنية والأهداف العسكرية، وكما اشرنا سابقاً انه باستقراء اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولين الملحقين بهما، يمكن القول بان روح ومضمون هذه الاتفاقيات يحرم استخدام الاسلحة النووية، فقد نصت على المخالفات الجسيمة لها ومن ضمنها الأضرار في الاعيان المدنية، ومما لاشك فيه ان استخدام السلاح النووي يسبب تدميراً شديداً في الممتلكات لا تبرره أية ضرورة عسكرية(21).

ومن الاعيان التي وفرت لها حماية خاصة هي المنشآت الطبية والتي تعرف بأنها المنشآت وغيرها من الوحدات عسكرية كانت أم مدنية، التي تم تنظيمها للأغراض الطبية, اذ تلزم اتفاقية جنيف الأولى لعام 1949 المتعلقة بتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان أطراف النزاع، بعدم الاعتداء على المنشآت الثابتة والوحدات المتحركة التابعة للخدمات الطبية (22).

 وأوردت اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 قيداً على استخدام الاسلحة لحماية المستشفيات المدنية أثناء النزاعات المسلحة، إذ لم تجز بأي حال من الأحوال الهجوم على المستشفيات المدنية، المعدة لتقديم الرعاية للجرحى أو المرضى أو العجزة والنساء وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات بعد تحقق عدد من الشروط(23) . وأكد البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والملحق باتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 على حماية الوحدات الطبية في مواجهة استخدام الاسلحة ضدها حيث حظر انتهاك حرمة الوحدات الطبية وعدم جواز كونها محلاً للهجوم بعد تحقق عدد من الشروط(24).

وتأكيداً في الحماية الواجب توافرها للمنشآت الطبية لأسباب إنسانية، نجد أن قواعد القانون الدولي الإنساني قد وسعت من نطاق الحماية للمنشآت الطبية، في ما يخص استخدام الاسلحة وشمل أيضاً وسائل النقل الطبية التي تستعمل لنقل الجرحى والمرضى والمهمات الطبية الأخرى مؤكدة على حظر التعرض لها وان لا تكون محلاً للهجوم (25).

ومن القيود الأخرى التي نصت عليها اتفاقيات جنيف لتوفير حماية خاصة لبعض الاعيان, هي حماية الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين, ومن الملاحظ أن البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 لم يأتِ بتعريف للمواد وللأعيان اللازمة لبقاء السكان المدنيين بل اكتفى بذكر أمثلة عنها فقط ويتضح ذلك من استعماله كلمة (ومثالها)(26) . وهو مسلك محمود إذ أن ترك النص عاماً يصبح بالإمكان تطبيقه في الحالات المماثلة(27) . وقد سعى البروتوكول إلى منح حماية موسعة لهذه الأعيان في مواجهة استخدام الاسلحة ضدها وذلك بتحييدها عن وسائل الأعمال الحربية، التي يمكن أن تكون هذه الأعيان عرضة لها وأستعمل مفردات عدة للدلالة على الحظر مثل حظر، مهاجمة، تدمير، نقل، تعطيل، كما حظر هجمات الردع وذلك لتغطية كل الاحتمالات الممكنة للاعتداء على هذه الأعيان(28).

ولا تطبق قواعد الحظر على ما يستخدمه الخصم من الأعيان والمواد زاداً لأفراد قواته المسلحة وحدهم أو دعماً مباشراً لعمل عسكري(29) . ولكن هذا القيد المفروض على استخدام الاسلحة هو قيد غير مطلق حيث أجازت مواد البروتوكول الأول لطرفي النزاع أو لأحدهما التحلل من هذا الحظر، استناداً إلى قاعدة الضرورة العسكرية الملحة، وفي ظل وجود المتطلبات الحيوية لأي طرف في النزاع من أجل الدفاع عن إقليمه الوطني ضد الغزو(30).

ونحن نرى أن النص على هذا الاستثناء هو ثغرة خطيرة في الحماية الواجب توافرها لمثل هذه الأعيان، ذات الأهمية الكبرى لما تقوم به من دور حيوي في الحياة اليومية , وبالتالي الأجدر توفير حماية مطلقة لهذه الأعيان الحيوية من أخطار استخدام الاسلحة ضدها .

ومن القيود الأخرى التي أوردها البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 على استخدام الاسلحة غير المحظورة هي حماية المنشآت المحتوية على قوى خطرة إذ نصت الفقرة (1) من المادة (56) منه على أن (لا تكون الأشغال الهندسية أو المنشآت التي تحوي قوى خطرة، ألا وهي السدود والجسور والمحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربية، محلاً للهجوم حتى ولو كانت أهدافاً عسكرية إذا كان من شأن مثل هذا الهجوم، أن يتسبب في انطلاق قوى خطرة ترتب خسائر فادحة بين السكان المدنيين كما لا يجوز تعريض الأهداف العسكرية الأخرى الواقعة عند هذه الأشغال الهندسية أو المنشآت أو على مقربة منها للهجوم, إذا كان من شأن هذا الهجوم ان يتسبب في انطلاق قوى خطرة من الأشغال الهندسية أو المنشآت ترتب خسائر فادحة بين السكان المدنيين).

ويلاحظ أن البروتوكول لم يقدم تعريفاً لهذه الأعيان وإنما وضع قائمة تضم ثلاثة أصناف، وهي السدود والجسور والمحطات النووية المولدة للطاقة الكهربائية، واعتبرها هي الأشغال الهندسية المحتوية على قوى خطرة معتمد في ذلك على معيار التعداد . وهذا التعداد جاء على سبيل الحصر وهو معيب من الناحية القانونية، حيث أن ذلك لن يواكب المستجدات خاصة في ظل التقدم التكنولوجي المستمر، فمثلاً ألا يؤدي استهداف آبار النفط ومحطات تنقية النفط ومستودعاته إلى خسائر واسعة في صفوف المدنيين، من خلال تسربه إلى الماء والتربة، وإلى الهواء من خلال حرقه وألا يؤدي استهداف المعامل ذات المنتجات السامة إلى انطلاق غازات تعرض البيئة المحيطة بالمدنيين للخطر(31).

        وأيضاً من مراجعة هذا النص نجد أنه وسع القيد على استخدام الاسلحة ليشمل  الأهداف العسكرية الواقعة عند أو على مقربة من المنشآت المدنية ذات القوى الخطرة فلا يجوز أن تكون بوصفها هذا محلاً للهجوم(32) . وأن الحماية الخاصة المكفولة لهذه الأعيان تتوقف إذا ما توفر شرطين، وهما : أن تكون هذه الأعيان مستخدمة على نحو منتظم وهام ومباشر لدعم(33)  العمليات العسكرية، وأن يكون الهجوم عليها هو السبيل الوحيد المستطاع لوقف مثل هذا الدعم وهناك شرط أخر يسري بصفة خاصة على السدود والجسور وهو استخدامها في غير وظيفتها العادية (34).

وتجدر الإشارة إلى أن قوات التحالف خلال حربها على العراق قد انتهكت هذه الالتزامات الدولية في عدة مواضع منها أنها قامت عام 1991 بقصف محطات توليد الطاقة الكهربائية منها قصف محطة بيجي الحرارية في 17 و18 كانون الثاني وكذلك قصف محطة المسيب في 26 كانون الثاني من نفس العام (35).

______________

1- المادة (27) من اللائحة .

2-  د. احمد سي علي ، دراسات في القانون الدولي الإنساني ، ط1 ، دار الأكاديمية ،  الجزائر ، 2011 ، ص77 .

3- هناك سؤال يطرح بقوة لماذا حماية الممتلكات الثقافية جزء من القانون الدولي الإنساني والإجابة عليه تكون كالآتي : يتم إدراج حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح تحت مظلة القانون الدولي الإنساني، على أساس أن الممتلكات الثقافية تحتل موقع القلب بالنسبة لقضايا أخرى في القانون الإنساني تجري مناقشتها، وبصفة خاصة القضايا المتعلقة بحظر بعض وسائل وأساليب الحرب أو فرض قيود عليها مثل تعريف الأهداف العسكرية والأضرار العرضية ومبدأ التناسب بين الأضرار الجانبية غير المباشرة والفائدة العسكرية للهدف، وتظهر هذه القضايا عندما تستخدم الممتلكات الثقافية لأغراض عسكرية أو تقع بالقرب من أهداف عسكرية . انظر : د. ناريمان عبد القادر، القانون الدولي الإنساني واتفاقية لاهاي لعام 1954 وبروتوكوليها لحماية الممتلكات الثقافية في زمن النزاع المسلح، القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات ، ج2، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010، ص68 .

4- Paul Collier and AnkeHoeffer , Civil war , university of oxford , 2006 , p . 22.           

5- بيتر ماس، الملكية الثقافية والنصب التاريخية، ترجمة غازي مسعود، دار الأزمنة للنشر، بلا، ص34 .

6- د. محمد سامح عمرو، أحكام حماية الممتلكات الثقافية في فترات النزاع المسلح والاحتلال، القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات، ط1، ج1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010، ص221 .

7- Mariso vasilion , The use of the Gultural competence assessment tool ( catool ) in community nurses The pilot study and test retest reliability , international jourual of caring sciences , vol (6) , 2013 , p . 46 .                                                                       

8- د. عبد علي محمد سوادي، مبادئ القانون الدولي الإنساني، مركز حمورابي، بغداد، 2005، ص27 .

9- الفقرة (2) من المادة (4) من الاتفاقية .

10- الفقرة (1) من المادة (8) من الاتفاقية .

11-   الفقرة (3) من المادة (8) من الاتفاقية .

12- محمد المجذوب ، القانون الدولي العام ،ط5 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2005 ، ص38.

13- د. ناريمان عبد القادر، القانون الدولي الإنساني واتفاقية لاهاي لعام 1954 وبروتوكوليها لحماية الممتلكات الثقافية في زمن النزاع المسلح، القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات ، ج2، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010، ص89 .

14- د. إبراهيم محمد العناني، الحماية القانونية للتراث الإنساني والبيئة وقت النزاعات المسلحة، القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات، ج2، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2010، ص4 .

15- حددت المادة العاشرة من البروتوكول هذه الشروط : (1) أن تكون تراثاً ثقافياً على أكبر جانب من الأهمية بالنسبة للبشرية (2) أن تكون محمية بتدابير قانونية وإدارية مناسبة على الصعيد الوطني تعترف لها بقيمتها الثقافية والتاريخية الاستثنائية وتكفل لها أعلى مستوى من لحماية (3) أن لا تستخدم لأغراض عسكرية أو كدرع لوقاية مواقع عسكرية, ان يصدر الطرف الذي يتولى أمر مراقبتها إعلاناً يؤكد على إنها لن تستخدم على هذا النحو .

16- المادة (13) من البروتوكول الثاني لعام 1999 .

17- فيليب فلاندران، كيف نهب العراق حضارةً وتاريخاً، ترجمة انطوان الهاشم، ط1، عويدات للنشر والطباعة، بيروت، 2005، ص 186 .

18- سلامة صالح الرهايفه، حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة، ط1، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، 2012، ص255 .

19- د. ممدوح حامد عطية، أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط بين الشك واليقين، ط1، الدار الثقافية للنشر، القاهرة، 2004، ص 3 .

20- د. اسماعيل عبد الرحمن ، الأسس الأولية للقانون الدولي الإنساني ، القانون الدولي الإنساني  دليل للتطبيق على الصعيد الوطني ،  ط3 , منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر , القاهرة , 2006  , ص583

21- اسماعيل عبد الرحمن ، الأسس الأولية للقانون الدولي الإنساني ، القانون الدولي الإنساني  دليل للتطبيق على الصعيد الوطني ،  ط3 , منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر , القاهرة , 2006 ، ص 590 .

22- المادة (19) من الاتفاقية .

23- المادة (18) من الاتفاقية .

24- المادة (12) من البروتوكول .

25- المادة (19) من اتفاقية جنيف الأولى لعام 1949 والمادة (22) من اتفاقية جنيف الثانية لعام 1949 والمواد (22) و(23) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 .

26- الفقرة (2) من المادة (54) من البروتوكول .

27- د. بدريه عبد الله العوضي، الحماية الدولية للأعيان المدنية وحرب الخليج، مجلة الحقوق، ع (4), كلية الحقوق، جامعة الكويت، 1984، ص61 .

28- تجدر الإشارة إلى أن الحماية نفسها أقرت في المادة (14) من البروتوكول الإضافي الثاني حيث نصت على ( يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من اساليب القتال, ومن ثم يحظر توصلاً لذلك مهاجمة او تدمير او نقل او تعطيل الاعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة, ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها واشغال الري).

29- الفقرة (3) من المادة (54) من البروتوكول الإضافي الاول .

30- الفقرة (5) من المادة (54) من البروتوكول .

31- د. فراس زهير الحسيني، الحماية الدولية لموارد المياه والمنشآت المائية أثناء النزاعات المسلحة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009، ص181 .

32- الفقرة (1) من المادة (56) من البروتوكول، .

33- الفقرة (2) من المادة (56)

34- الفقرة (2/أ) من المادة (56)

35-   وزارة الخارجية العراقية, شهادات دولية في الآثار السلبية للحصار الجائر المفروض على العراق ، 2000، ص121 .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .