أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2014
2098
التاريخ: 2-02-2015
1928
التاريخ: 9-10-2014
1925
التاريخ: 24-11-2020
6097
|
قال تعالى : {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]
ان الكلمات التي القاها الله عز وجل على ادم عليه السلام فتاب عليه .هذه الكلمات البسيطة تطورت الى منظومة من القضايا العقيديّة والعمليّة والتكليفية مع إبراهيم عليه السلام، فقد انثالت على إبراهيم صيغ التكليف المسئولة عن توجيه الحياة وتصحيح مسار التاريخ، وذلك ان مساحة الزمن الصعب ترامت باطرافها وتعقدت باعطافها ومضامينها، فالكلمة دخلت مرحلة جدية في زمن هذا النبي العظيم، مسّت جوهر الانسان وظاهره، وارتوت من أفرازات الزمن، لتخرج الى حيّز الوجود، وهي منقّحة ومزدانة بإرشاد السماء، فالكلمة بنت الارض أساسا، ولكن السماء تؤطرها وتنعشها بروحها الالهيّة، فلا يوجد تكليف اذا لم تكن له جذور في الأرض، ومن الملاحظ أن مديات هذه الكلمة تتماشى في العمق والسعة مع عقل إبراهيم الذي سار أو قطع مرحلة معقدة من معادلات التفكير.
اذن كانت (الكلمة) تجربة قاسية جدا، وذات أبعاد مترامية، ومن هنا، تعامل معها إبراهيم من منطلق الابتلاء، او أن اللّه ابتلاه بها، والبلاء يرفع صاحبه ويأتي عقب معاناة بالغة الشدة والقسوة والارهاق. أن ذات إبراهيم عليه السلام كانت مستويات من القابلية العالية على التلقي الواعي، ولذا تنقّلت الكلمة في داخله من ضابط الى آخر، فمن العقيدة الى الاخلاق الى الشريعة، تتواصل بشدّة وسرعة في تحكم بمنطقها تجاه التاريخ. وكما مضى بنا أن اتمام الكلمة كان عملا ابراهيميّا ينم عن تفاعل مستويات وعيه مع البلاء على متن من الرصانة والتنقيذ، ولا يمكن بلوغ كل ذلك الا بعد التجربة المرّة.
لقد كانت تجربة آدم فرديّة صرفة، فجاءت كلمة (توبة) تتماشى مع المسئوليّة المحدودة، وكان حجم التعامل معها في حدود (التلقي)، أما تجربة إبراهيم فجاءت حامية، مع التاريخ المتراكم، مع أقطاب التوتر، الانساني، وقد مارست دورها الكبير على الارض وبعد تجربة ادريس وعاد وهود، كانت (كلمته) التي حمل ثقلها مشروعا مفتوحا الى مسافات قصيّة، واراني مضطرا الى دمج كل عناصر تجربته في اطار هذه الكلمة، أي امتحانه بذبح اسماعيل وتكليفه باعلان شعار التوحيد وهجرته الشاقة، والتعاليم التي بشر بها، ... كلها تجاذبات وتجليات للكلمة التي ناء بها عن وعي واستعداد ... وبهذا تكون هذه الكلمة قد شقت طريقها في صميم الزمن.
[التلقي- التلقين] أدّى الى التغيير قطعا، ولكن الابتلاء على صعيد اللغة هو التغيير بالذات، فابتلاء إبراهيم عليه السلام عبارة عن إيجاد التحوّل، او ذات التحوّل في برنامج حياته وفكره بواسطة تلكم الكلمات!! وعليه فان الكلمة قطعت اشواطا باهضة الثمن بالنسبة للانبياء عليهم السلام، الابتلاء يفيد الانقلاب والتقلب، الاضطراب الفذ، الزلزال في داخل الضمير والروح، والابتلاء يفترض ميلا واستعدادا من قناعة وايمان ووعي، ولهذا تفرّع عليه في الآية الكريمة (فأتمّهن ..)، وتاريخ إبراهيم هو هذه السيرة الملتهبة بين الابتلاء والاتمام. بين التحوّل الذاتي الساخن وخلق الموضوع المطابق له خارج الروح والعقل.
لقد كانت الكلمة الملقّنة دعاء، ومهما كان للدعاء من إيحاء بنّاء على الأرض، فانه لا يرتقي الى الكلمة التي هي ذات التحول النفسي باتجاه تغيّر العالم، ولو عدنا الى مقررات التكليف الابراهيمي لوجدنا انها زاحفة صوب استحكام الحياة وفق طراز رفيع من المنطق والقانون والتشريع، من شأنه تفجير العالم.
لقد كانت الكلمة الملقّنة توبة، وهي بلا شك تؤول الى تحوّل روحي وتترك أثرها على الخارج، ولكن (الكلمة- الابتلاء) هي التغير كمفهوم، كمنطلق، وبالوقت ذاته تنطوي على المضمون الذي سيتم تغيير العالم بموجبه ... فالكلمة أصابها تحوّل هائل، استعمل سلطانها الروحي وتعاظمت أدوارها من نبيّ لآخر. لقد كانت (الكلمة) في بداية المشروع مادّة تجربة الا وهي التلقين. وذلك على صعيد إيصالها وايداعها، ومن ثمّ تحوّلت الى حركة خارجية، اما كلمة إبراهيم فهي تمثيل وعمل مباشر، اتّحد فيها زمن الوعي والعمل، لم تكن تلقينا وانما هي تمثيل. لم تكن تلقّيا آليا، وانما حضور حي، صارخ، متوهّج، مشتعل، حضور عمودي في صميم الوعي، أفرزت عملا على امتدادها بدون أي فاصل زمني، لأن ذات إبراهيم كانت قد استوعبت مسئوليتها من قبل وكانت قد تشبّعت بالتجربة منذ البداية {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } [الأنبياء : 51]
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل: شراكتنا مع المؤسّسات الرائدة تفتح آفاقًا جديدة للارتقاء بجودة التعليم الطبّي في العراق
|
|
|