المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



الأب الخائن  
  
2891   01:59 صباحاً   التاريخ: 15-12-2020
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة : ج2 ص7ـ9
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-6-2016 2043
التاريخ: 9-5-2021 2327
التاريخ: 9-1-2016 1947
التاريخ: 13-9-2019 1825

قبل حوالي خمسة عشر عاماً ، وفي وقت متأخر من الليل كنت واقفاً في موقف الباص منتظراً مجيء السيارة ، وكان هناك عدة من الأشخاص واقفين في الموقف أيضاً. كان من بين الواقفين رجل أمسك بيده يد طفل لا يتجاوز السادسة من عمره. كان الطفل في حالة غير اعتيادية ، وأخيراً جلس على جانب الشارع واستفرغ ، فسأل أحد الواقفين أباه ما هو المرض الذي أصيب به ابنك؟ فأجاب : إنه ليس مريضاً لقد اصطحبته الليلة الى جلسة عند بعض الأصدقاء وهناك ناولته خمراً! أي خيانة أعظم من أن يأخذ أب ابنه الذي لا يتجاوز السادسة من عمره الى مجلس للشراب ، ويناوله خمراً فيجر عليه وسائل الشقاء؟! ألا يجب أن يعاقب هذا الأب؟! ألا يحق لهذا الطفل أن يلعن أباه المجرم؟!

قال رسول الله ( صلى الله عليه واله ) : « يا علي ، لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما »(1).

إن الآباء والأمهات المؤمنين والملتزمين بالتعاليم السماوية قادرون أن يربّوا أطفالهم تربية لائقة وصحيحة ، وأن يبذروا فيهم بذور الإيمان والإطمئنان إلى رحمة الله الواسعة.

« ليس عمل الأم كالرسم حيث يظهر مظاهر الجمال واللطافة على اللوحة ، ولا يشبه النحت الذي يخرج من قطعة من الرخام تمثالا. إنها ليست كالكاتب الذي يصب أفكاره المنزهة في قالب من الألفاظ ، بل إنها موظفة على أن تظهر ـ بمعونة من الله ـ صورة من القدرة الإلهية في الروح الإنسانية ».

« إن عبارة ( بمعونة من الله ) في النص المتقدم مهمة جدا ً ، فإن الأم حين تحس بالعجز تشعر في الغالب بأنها في حاجة إلى الاستناد إلى قوة أعلى وأقدر من طاقتها الفردية ».

« لقد جعل ـ كوموله سو ـ بحثه في كتابه يدور حول أمٍ تحمل بين جوانحها كثيراً من الواقعية. هذا الأستاذ القدير في التربية عندما كان يعد تقريراً لإلقاءه في المؤتمر الرابع لشؤون الزواج إلتقى بإمرأة استطاعة بعد موت زوجها أن تربي أطفالها العشرة بموفقية تامة ».

تدور بين الأستاذ والمرأة عدة أسئلة وأجوبة. والمرأة تتحدث في اجوبتها عن الله والدعاء والإيمان ، وتجد ان نجاحها في تربية أطفالها بصورة صحيحة يستند إلى ثرواتها الإيمانية والمعنوية وفي الختام يسأل الأستاذ :

« فماذا فعلت لأطفالك »؟

« لم أفعل شيئاً آخر ... لقد عملت على اعتقاداتي النفسية ، وعمل الله عليها ... ».

« بهذه الصورة سلكت هذه المرأة طريق تكاملها في ظل قوة الإيمان والعقيدة ، في حين أنه كان يساير هذا الموجود السالك نحو التعالي والتقدم ، شخصية مربٍ فقير ، مزوّد بالقوى والقابليات اللازمة للقيام بعبء مهمة خطيرة ».

« لقد استطاعت هذه المرأة بسلوكها الممتاز أن ترقى إلى درجة الأشخاص الذين يعملون لإظهار صورة من القدرة الإلهية في الروح الإنسانية بمعونة الله »

في العصر الحديث ... العصر الذي يوجه اكثر الناس اهتمامهم فيه الى الشؤون المادية ، تعتبر تنمية المواهب الروحية التي هي أساس الفضيلة ورصيد السعادة الحقيقية ذات أهمية بالغة في نظر العلماء والمحققين ، انهم ينظرون الى مثل هذه الأمور نظرة التكريم والتقدير.

_____________________

1ـ وسائل الشيعة للحر العاملي ج5 ص115. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.