أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2017
43520
التاريخ: 17-3-2016
7256
التاريخ: 1-5-2017
8645
التاريخ: 13-12-2017
2816
|
أن التاجر قد يملك العقار الذي يرغب إقامة متجره فيه وقد لا يملكه وفي هذه الحالة الأخيرة يجد نفسه مضطرة إلى استئجار العقار الذي سينشي فيه متجره. لذلك يمكن القول إن هناك فئتين من التجار، هما: فئة التجار الذين يملكون العقار والمتجر معا، وفئة التجار الذين يملكون المتجر دون العقار لأنهم مستأجرون للعقار الذي يمارسون فيه نشاطهم التجاري، ويبدو أن هذه الفئة الأخيرة من التجار هي الأكثر عددا في الواقع، ولهذا السبب تدخل المشرع سابقا لحماية هؤلاء المستأجرين من خلال فرضه على مالك العقار المؤجر إبقاء المستأجر في العقار بعد أن أنشأ فيه متجره ولو انتهت المدة المتفق عليها بين المالك والمستأجر، فهذا التمديد الحكمي لعقد الإيجار هو ما يطلق عليه حق الاستئجار الذي اعتبر من العناصر غير المادية للمتجر، وعلى اعتبار أن مبدأ التمديد الحكمي الذي فرضه المشرع راعى مصلحة المستأجر بشكل مفرط، لذلك حاول مالك العقار جاهدة التهرب من تطبيق هذا المبدأ باللجوء إلى شتى الوسائل القانونية وغير القانونية، الأمر الذي حدا بالمشرع التدخل مرارا لوضع حد للمنازعات القضائية التي نشأت بين الأفراد حول هذا الإيجار
كل ذلك يستدعي منا تحديد مفهوم حق الاستئجار ( المطلب الأول)، ومن ثم متابعة التطورات التي طرأت على هذا الحق (المطلب الثاني) لنوضح بعد ذلك مدى إمكانية التنازل عن حق الاستئجار (المطلب الثالث).
المطلب الاول
مفهوم حق الاستئجار
حق الاستئجار هو الحي المترتب للتاجر المستأجر في ذمة مالك العقار المأجور، وبموجب هذا الحق يستطيع المستأجر البقاء في هذا العقار مادام راغبا في الاستمرار مزاولة نشاطه التجاري فيه (1). ونحن نعلم أن قيمة المتجر ترتبط ارتباطا وثيقا بحجم زبائنه، ولا يمكن تنمية حجم هؤلاء الزبائن إلا إذا استمر التاجر باستقباله زبائنه في المكان نفسه الذي اعتادوا ارتياده، واستمر هذا المكان بتقديم ذات الخدمات. ولا يخفى على أحد ما الاعتياد من أثر في نفسية الأفراد و تصرفاتهم .
ويبدو أن المشرع السوري - شأنه في ذلك شأن معظم المشرعين - قد سبق أن لاحظ مدى تأثير استمرارية المتجر في ذات العقار المؤجر على تنمية قيمته المالية، فطرح مع صدور المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1۹5۲ مبدأ يقضي بتمديد عقد الإيجار الوارد على العقار المخصص لمزاولة التجارة أو الصناعة مادام المستأجر، الذي أقام في هذا العقار متجره، مستمرة في مزاولة نشاطه فيه. ولابد من الملاحظة هنا بأن النص تجاهل إرادة المؤجر وخاصة فيما يتعلق بتحديد مدة العقد، الأمر الذي شكل خرقا كبيرا لمبدا حرية التعاقد الذي طرحه القانون المدني، والذي كان يحكم عقد الإيجار بشكل عام كما سنرى في الفقرة اللاحقة.
وقد كان الهدف من وراء ذلك حماية الطرف الأضعف في عقد الإيجار وهو التاجر المستأجر، إلا أن هناك مبررات أخرى لطرح مبدأ التمديد الحكمي لعقد الإيجار، وأهمها تأمين الاستقرار والثبات للمستأجر مالك المتجر ولزبائنه، وبذلك يكون المشرع قد وفر على التاجر شراء عقار لإقامة متجره فيه، مما يتيح له فرصة استثمار أمواله في تطوير وتوسيع نشاطه التجاري بدلا من تخصيصها لشراء العقار، وفي ذلك تشجيع للاستثمارات التجارية وتنمية الاقتصاد الوطني
المطلب الثاني
تطور حق الاستئجار
يعتبر القانون رقم ۲6 الصادر بتاريخ 29/11/1943 أول قانون نظم مسألة الإيجار بشكل مفصل في القطر العربي السوري، ولقد بقيت مسألة الإيجار منذ ذلك التاريخ موضوع اهتمام المشرع السوري، لدرجة أنه أصدر أكثر من خمسة وعشرين قانونا يتعلق بالإيجار، منها ما كان يأتي بأحكام جديدة ومنها ما كان معدلا لأحكام سابلة. وكان آخر تلك القوانين القانون رقم 10الصادر بتاريخ 26/2/ 2006 والذي جاء متماشيا مع أحكام القانون رقم 6 لعام 2001 في التبني المطلق لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين على الإيجارات السكنية والتجارية لهذا يمكن التمييز، فيما يتعلق بتطور حق الاستئجار، بين مرحلتين، هما المرحلة السابقة لنفاذ القانون رقم 10 لعام 2001، والمرحلة اللاحقة لنفاذه.
أولا - حق الاستئجار قبل نفاذ القانون ۲۰۰6
كانت الأحكام الأساسية للإيجار قبل صدور القانون رقم 6 لعام ۲۰11 مدرجة في القانون المدني وفي المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1۹5۲. وقد تضمنت مواد القانون المدني (من المادة 526 حتی 6011) نظاما قانونيا عاما لعقد الإيجار، سواء أكان موضوعه عقارة أم منقولا. وتعتبر المادة 5۲۹ أول وأهم هذه النصوص لأنها عرفت عقد الإيجار على أنه: " عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن ممكن المستأجر من الانتفاع بشي، معين مدة .
معينة لقاء أجر معلوم". ويلاحظ أن هذا النص أخضع شروط عقد الإيجار، خاصة مدة العقد وبدل الانتفاع، لإرادة المتعاقدين .
ولأسباب كانت سائدة في سورية في بداية الخمسينيات تبين للمشرع أن الحرية التي منحها النص المذكور آنفا لطرفي عقد الإيجار لا تتناسب مع المصلحة العامة. ولذلك أصدر المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1۹5۲ لنزع هذه الحرية من الأطراف عندما يتعلق الإيجار بعقار من العقارات السكنية أو العقارات المخصصة للأعمال التجارية أو الصناعية. وتجلى ذلك بطرح هذا المرسوم لثلاثة أحكام اعتبرها من النظام العام هي: التمديد الحكمي لعقد الإيجار رغم إرادة مالك العقار، وربط أجور العقارات بقيمتها المالية لتكون الأجرة بنسبة مئوية من هذه القيمة، وأخيرا حصر الحالات التي يحق فيها المالك العقار إخلاء المستأجر من العقار المأجور ولم يصعب على أحد آنذاك تقرير أن هذه الأحكام كانت مجحفة كثيرة بحق المالك الذي أجر عقاره بهدف تحسين موارده فخسره تماما بمرور الزمن. ولذلك صدر القانون رقم 6 بتاريخ 15/2/2001 وألغى المرسوم التشريعي رقم 111 وأتي بأحكام جديدة، منها ما يتعلق بالإيجارات السكينة ومنها ما يتعلق بالعقارات المؤجرة لأعمال تجارية أو صناعية. فبالنسبة لهذه الأخيرة أبقى القانون إيجارها خاضعة لقاعدتي التمديد الحكمي وتحديد بيل الإيجار، ولكن الجديد فيه هو أنه وسع نطاق هاتين القاعدتين ليشمل العقارات المأجورة المزاولة أعمال حرفية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانونا (2). وبذلك يكون هذا القانون قد عامل كلا من الحرفي وصاحب المهنة الحرة أو العلمية المنظمة قانونا نفس معاملة التاجر بهذا الشأن ومنح أمكنة عملهم الحماية القانونية نفسها المقررة للمتاجر، الأمر الذي لم يكن معروفة قبل صدور هذا القانون أو على الأقل مختلفا حوله(3 ) .
فبحسب أحكام القانون رقم 6 لعام ۲۰۰1 لا يستطيع مالك العقار الذي يؤجره إلى شخص آخر لمزاولة أعمال تجارية أو صناعية إخلاء المستأجر منه إلا للأسباب المحددة في المادة 8 من القانون نفسه. بل أكثر من ذلك حيث منح هذا القانون - وكما كان عليه الحال في المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1۹5۲ - للمستأجر ولورثته من بعده حق التنازل عن نشاطه التجاري أو الصناعي القائم في هذا العقار، كلا أو بعضا إلى الغير رغم إرادة مالك العقار. وكان من نتائج هذا الوضع عزوف الكثير من مالكي العقارات عن تأجيرها، أو السعي للتهرب من تطبيق هذه الأحكام إذا ما رغبوا بتأجيرها وذلك بإخفاء عقود إيجارهم بعقود أخرى، كعقد الاستثمار وعقد الشركة وعقد العارية.
ثانيا - حق الاستئجار بعد نفاذ القانون ۲۰۰6 .
بموجب أحكام القانون ۲۰۰6 قرر المشرع السوري إخضاع عقود الإيجار الواردة على العقارات المخصصة للتجارة أو الصناعة الإرادة المتعاقدين الحرة في كافة تفصيلاتها تحديد مدة عقد الإيجار وبدله. وهذا ما لم يفعله المشرع الفرنسي أو المصري أو اللبناني، حيث ظل عقد الإيجار التجاري في هذه التشريعات - حتى أيامنا هذه - خاضعا لمبدأ التمديد الحكمي مادام التاجر المستأجر مستمرة في مزاولة نشاطه التجاري في متجره.
مع ذلك نجد أن القانون ۲۰۰۹ ميز بين مجموعتين من العقود: الأولى عقود الإيجار التجاري المبرمة قبل نفاده وهذه أبقاها خاضعة لمبدأي التمديد الحكمي وتحديد بدل الإيجار المنصوص عنهما في المرسوم رقم 111 لعام 1۹5۲، والثانية عقود الإيجار المبرمة بعد نفاده وهذه أخضعها لمبدأ حرية الإرادة في التعاقد. فالتاجر الذي استأجر عقارا قبل نفاذ القانون الجديد وأنشأ فيه متجرة، يستطيع هو فقط أن يتمتع بمزايا حق الاستئجار التجاري رغم إرادة مالك العقار، كبقائه في المكان هو وورثته من بعده (4)، أو تأجير المتجر أو بيعه. أما بالنسبة للتاجر الذي يستأجر عقارة بعد نفاذ هذا القانون وينشئ فيه متجرا فلم يعد يستفيد من مزايا الإيجار التجاري إلا في حدود مدة عقد الإيجار المبرم بينه وبين مالك العقار ؛ فهو يستطيع مثلا البقاء في العقار خلال مدة العقد أو أن يؤجر المتجر إلى شخص آخر بشرط ألا تتجاوز مدة تأجيره للمتجر المدة المتبقية من عقد إيجاره الأصلي، وألا يكون هناك شرط يمنعه من ذلك. وبالمقابل لم يعد للتاجر المستأجر الحق في بيع المتجر لأن القانون الجديد تجاهل مؤسسة المتجر وأضعف من أهميتها.
إن هذا النص الجديد يقتضي من التاجر الذي يرغب باستئجار عقار لينشي فيه متجرأ أن يكون حريصا على مصالحة أكثر من ذي قبل، إذ ينبغي عليه تحديد مدة عقد الإيجار بما يتناسب مع طبيعة نشاطه التجاري أو الصناعي، وبشكل يكفل له الاستغلال التام لنشاطه بعد تأسيس متجره، كما يجب على المستأجر أن يأخذ في الحسبان مدة تأسيس المتجر ومدة أخرى مناسبة لاستغلال هذا المتجر على أكمل وجه، وعليه أيضا أن يتصور حلا مناسبا لمعالجة مسألة خروجه من العقار المأجور، وخاصة فيما إذا تكون له حجم كبير من الزبائن. بمعنى آخر، يمكن القول أن المشرع السوري ساعد التاجر المستأجر منذ عام 1۹5۲ وحتى عام ۲۰۰6، في تنمية عنصر الاتصال بالزبائن واستمرارية هذا الاتصال في المكان نفسه، ثم تخلى عن حمايته بموجب القانون رقم 10 لعام ۲۰۰6 ليعتمد على نفسه في تدبير أموره والحصول على عقد إيجار يحميه جيداً.
وإذا كان المبدأ الذي يحكم عقد الإيجار التجاري بعد نفاذ هذا القانون هو إخضاع العقد لإرادة المتعاقدين الحرة، وخاصة فيما يتعلق بتحديد مدة العقد أو بدل الإيجار، فهل يعني ذلك أن حق الاستئجار التجاري فقد قيمته القانونية والاقتصادية كعنصر تقليدي وجوهري في المتجر ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الفقرة التالية من خلال البحث في إمكانية التنازل عن هذا العنصر للغير
المطلب الثالث
التنازل عن حق الاستئجار
إن معالجة مسألة تنازل التاجر المستأجر عن حقه في الإيجار لشخص آخر تقتضي ما - بالتأكيد - التمييز بين عقود الإيجار المبرمة قبل نفاذ القانون رقم 10 لعام ۲۰۰6، وتلك المبرمة بعد نفاده.
أولا – بالنسبة لعقود الإيجار المبرمة قبل نفاذ القانون 2006 .
لابد من التذكير هنا بأن من استأجر عقارة وأقام فيه متجرأ أو مصنعا، أصبح من حقه البقاء في هذا العقار مدام راغبا بمزاولة نشاطه فيه، رغم انقضاء المدة المتفق عليها في العقد. هذا الحق هو ما يطلق عليه بحق الاستئجار التجاري الذي يمنح التاجر المستأجر حق البقاء في موقع نشاطه منا بذله من جهد متصل في تشكيل رصيده من الزبائن. وحفاظا من المشرع على هذا الجهد المبذول وهذا الرصيد من الزبائن، قام بوضع أحكام خاصة بالتنازل عن الإيجار التجاري في المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1۹5۲، والذي بقي مطبقة على العقود المبرمة قبل نفاذ القانون ۲۰۰6. فالفقرة (ج) من المادة 5 من ذلك المرسوم، أجازت المستأجر عقار أقام فيه متجر أو مصنعة أن يبيعه بكامله للغير (5) ، ولا فرق في ذلك سواء أباعه لشخص واحد أو لعدة أشخاص (6) أم باع حصة شائعة منه (7) بمقابل فروغ يتقاضاه (8) . ففي حالة بيع المتجر أو إدخال شريك فيه يدخل العقار المستأجر في العقد، وينتقل للمشتري أو للشريك الحق في المأجور بجميع شروط الإيجار السابقة، كعنصر من عناصر المتجر غير المادية، ولا يحق للمالك في هاتين الحالتين إلا طلب التخمين فورا (9)
نستنتج مما سبق أنه لا يجوز للمستأجر الذي أنشأ متجرة أو مصنعة في العقار المأجور أن يتنازل عن حق الاستئجار دون موافقة المالك، إلا إذا تنازل عنه كجزء من عملية بيع المتجر أو المصنع ككل (10) ، فالتفرغ عن حق الاستئجار بمفرده يعطي الحق للمالك بأن يطلب التخلية، وكذلك الحكم لو أنه تفرغ عن بعض العناصر من دون الباقي (11) .
ثانيا - بالنسبة لعقود الإيجار المبرمة بعد نفاذ القانون 2006 .
إن تنظيم مسألة التصرف بحق الاستئجار في هذه العقود يكون خاضعا لإرادة المتعاقدين، وإذا لم يتم تنظيمها من قبلهما، فلا شك أننا سنكون أمام ثلاث فرضيات ينبغي علينا تصورها.
الفرضية الأولى: إذا كان عقد الإيجار المبرم بين المالك والمستأجر غير محدد المدة، فهل معنى ذلك أنه من حق المستأجر أن يدعي بملكيته لحق الاستئجار كعنصر من عناصر المتجر غير المادية بعد إنشائه للمتجر، وأن يتنازل عن هذا الحق كجزء من عسلية بيع المتجر ككل دون موافقة المالك، كما هو الأمر بالنسبة للعقارات المؤجرة قبل نفاذ القانون ۲۰۰۹؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى الأحكام العامة للإيجار والتي نص عليها القانون المدني، وخصوصا المادة 5۳1 منه والتي تقضي بأنه: " إذا عقد الإيجار دون اتفاق على ملة أبو عقده أمانة شمير معينة أو نحر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الايجار منعقد المادة التي دفعت أو حددت عنها الأجرة. وينتهي بانقضاء هذه المادة بناء على طلب أحاد المتعاقدين إذا هو تبه المتعاقد الآخر بالإخلاء قبل نصفها الأخير ". وتشير الفقرة (ب) من المادة نفسها بأنه إذا تعلق الأمر بإيجار منازل أو دكاكين أو مكاتب أو مصانع أو مخازن تعتبر مدة الإيجار سنة واحدة على الأقل، ويكون التنبيه قبل انتهائها بثلاثة أشهر،
لذلك، نحن نرى بأنه لا يجوز للتاجر المستأجر لعقار بموجب عقد إيجار غير محدد المدة أن يتصرف بحق الاستئجار دون موافقة المالك إلا من خلال التصرف بالمتجر ككل وهذا التصرف لا يمكن أن يأخذ إلا شكل الإتجار للمتجر ولمدة لا تتجاوز الفترة المتبقية من مدة السنة المذكورة آنفا
الفرضية الثانية: إذا كان عقد الإيجار المبرم بين المالك وبين المستأجر محدد المدة وهذه هي حالة معظم عقود الإيجار التجارية إن لم تكن جميعها، ولابد هنا من التأكيد على أنه يجب ألا يؤدي تحديد مدة عقد الإيجار الوارد على عقار مخصص للاستثمار التجاري أو الصناعي إلى جعل حق الاستئجار التجاري عنصر خالية من القيمة المالية، وبالتالي استبعاده من عناصر المتجر، فإذا أدي تحديد مدة العقد إلى هذه النتيجة، فنكون قد أفرغنا المتجر من مفهوميه القانوني والاقتصادي معا، ولا نعتقد بأن المشرع قد قصد هذه النتيجة حينما أخضع عقد الإيجار التجاري في القانون رقم 10 لعام ۲۰۰6 إلى إرادة المتعاقدين .
فالمتجر الذي تم تأسيسه في عقار مستأجر يحتفظ بكامل قيمته القانونية والاقتصادية - على الأقل - خلال مدة عقد الإيجار، وهذا يعني أنه إذا لم يكن باستطاعة التاجر المستأجر أن يبيع متجره من الغير، فباستطاعته تأجيره بكامل عناصره ما لم يتفق على غير ذلك، و ببدل إيجار أكبر من البدل المتفق عليه مع مالك العقار تعويضا له عن جهده المبذول في تأسيس المتجر. ولكن لا يجوز في أي حال من الأحوال أن تتجاوز مدة عقد تأجير المتجر مدة عقد الإيجار الأصلي المبرم مع مالك العقار. ولا بد من التنبيه هنا إلى أنه في كلا الفرضيتين السابقتين، أي سواء أكان العقد محدد المدة أم غير محدد المدة يعتبر حق الاستئجار عنصر من عناصر الذمة المالية والذي يمكن تقييمه مالية في حدود المدة المتبقية من عقد الإيجار المبرم مع المالك
الفرضية الثالثة : ونقصد بها حالة المتاجر الخالية من أي عقد إيجار، وهذه الحالة تتحقق عندما يكون التاجر مالكة للعقار الذي يزاول فيه نشاطه التجاري أو الصناعي فمن المعروف أنه في هذه الحالة لا يعتبر العقار جزءا من المتجر لأنه ليس عنصرا من عناصره، والتاجر هنا يكون مالكا لمالين مختلفين: العقار والمتجر، وبإمكانه التصرف بهما معا أو يكل منهما على حدة. فإذا باع التاجر العقار والمتجر اللذين يملكهما معا الشخص آخر سواء كان ذلك بعقد واحد أو بعقدین متفردین، فلن يطرح هذا التصرف أية مشاكل قانونية.
ولكن إذا تصرف التاجر بالعقار على انفراد، أو بالمتجر على انفراد، فإن مثل هذا الوضع يطرح بعض التساؤلات، وخاصة بعد نفاذ القانون رقم 10 لعام ۲۰06, ففي حالة بيعه للعقار والاحتفاظ بالمتجر، فعليه أن يستأجر العقار من المالك الجديد لمدة متفق عليها بينهما. أما إذا احتفظ بملكية العقار وتصرف بالمتجر، فلابد له من إبرام عقد إيجار مع مشتري المتجر. مع العلم أن التصرف بالمتجر دون العقار المقام عليه لشخص آخر .
يمكن أن يأخذ شكل التأجير للمتجر، وهذا يستلزم أيضا إجراء عقد إيجار للعقار المنشأ فيه المتجر بين مالك العقار و مستأجر المتجر ولمدة محددة متفق عليها، وبالطبع لن يكون هذا العقد قابلا للتمديد الحكمي كما كان عليه الأمر قبل نفاذ القانون رقم 10 لعام 2006 .
______________
1- M. PEDAMON, Droit commercial, op. cit, p. 190.
2- الفقرة (ب) من المادة 1 والفقرة (ج) من المادة 8 من هذا القانون.
3- لا مجال هنا طبعا لمناقشة هذا الموقف، إلا أنه يمكن القول بأن المشرع السوري تبني بذلك النزعة المساندة حاليا بتوسيع نطاق القانون التجاري وتطبيق بعض من أحكامه على غير التجار لما فيها من حماية لهم .
4- إن أحكام المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1۹5۲ تتيح لكل من استأجر عقارا أن يبقى فيه مادام راغبا بالاستئجار ويدفع الأجرة ولا يسيء استعمال الماجور. وقد جعل هذا المفهوم لحق الإيجار من الإيجار عنصرا من عناصر الأمة المالية للمستأجر، سواء بسواء كأي حق آخر، فإذا توفي المتاجر انتقل حقه في الإيجار إلى ورئته في المتجر. فوفاة المستأجر لا تنتهي عقد الإيجار ( نقض سوري: قرار رقم 993/ في 19/5/1964 ) فقد قرر القضاء في هذا الصدد أنه يخلف المستأجر في المتجر من يقوم مقامه من ورثته، إذا استمروا على عمل مورثهم، على أن يكونوا من أصوله أو فروغه أو أن يكون الوارث زوج المستأجر أو زوجته ( نقض سوري: قرار رقم /۲464 / في 26 /12/1977 المحامون لعام 1۹۷۸ ص 15۰. وأما في حال متابعة العمل في المتجر من قبل أحد الورثة فقط، فرات محكمة النقض السورية في قرارها رقم 6۲۳ في 30/10/1972 أنه بموجب أحكام المرسوم 414 تنتقل حقوق المستأجر لدكان إلى ورثته كلهم، وليس لأحدهم أن ينفرد بعقد جديد مع المؤجر، ورأت في قرار آخر لاحق لها برقم ۲۳6 في 18/3/1975 ، بأن هذا الوارث هو المستأجر للعقار بعد وفاة المورث من دون سائر الورثة.
5- نقض سوري: قرار رقم 84 في 20/1/1975 ، المحامون عدد 2 لعام 1975
6- صلح حلب؛ قرار رقم / ۲۷4/ 26/5/1969 .
7- إدخال شيء بالمتجر، أو المصنع، أو تنازل أحد أفراد الشركة عن حقه الشخصي إلى شخص آخر ضمن نطاق الشركة، مع بقاء المتجر أو المصنع وحدة كاملة، ليست فيه مخالفة للنص التشريعي تستدعي الإخلاء، تقض سوري: قرار رقم /۲۰/ في 26/3/1977 القانون عدد /3/ لعام 1۹۷۷ ص. 104 . لا شيء يمنع من بيع المتجر على دفعتين، وإذا لم يستلم المشتري نصف المتجر في الدفعة الأولى، بل استلمه بعد تمام الملكية له ولا يعتبر هذا تنازلا جزئيا موجبا التخلية. نقض سوري: قرار رقم /635 في ۲۲/6/1974 المحامون العددان 5 - 6 لعام 1۹۷4 ص 11۳ .
8- نقض سوري: قرار رقم 6۹ / في 22 / 1/ 1۹۷۸. المحامون الأعداد ۲- 4 لعام 1۹۷۸ ص. 15۰.
9- نقض سوري: قرار رقم 69 في 22/1/1978 المحامون الأعداد ٢-٤ لعام 1۹۷۸ ص 15۰ .
10- هشام فرعون، القانون التجاري البري، ج1، منشورات ،جامعة حلب ص 16۰
11- إذا ثبت للقاضي أن المتجر الذي باعه المستأجر كان خالية من البضائع، فإنه لا يعتبر من قبل بيع المتجر، ولكن يعتبر إيجارا للغير، ويوجب التخلية: نقض سوري، قرار رقم ۸۸۹ في 14/6/1969 المحامون عدد 9 لعام 1۹6۹، ص ۲۷۳ .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|