أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2016
2263
التاريخ: 22/9/2022
1758
التاريخ: 15-5-2022
1747
التاريخ: 2024-04-20
847
|
يطرح أحياناً ان المرأة حرمت من بعض المزايا الدينية لأنها لا تستطيع ان تؤدي الفرائض الدينية في بعض أيام السنة. وهذا الأمر يحسب عامل نقص فيها. كما أشير لذلك في الروايات أيضاً ، وفي البلاغة ذكر أمير المؤمنين عليه السلام النساء بسوء:
(معاشر الناس ، ان النساء نواقص الايمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ، فأما نقصان أيمانهن ، فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن ، وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد ، وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجال....) (1).
ومثل هذا المضمون روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً (2).
للإجابة عن هذه الشبهة من اللازم ذكر مقدمة في مجال المدح والذم الذي ورد في بعض الآيات والروايات.
مدح وذم:
أحياناً يتعرض الاشخاص في حادثة ما ، وتتعرض ظروف وعلل وأسباب تلك الحادثة ، كمكانها وزمانها ، إلى ذم أو مدح بسبب مجموعة وقائع تاريخية ، ان معنى ذم أو مدح بعض الحوادث أو الأمور الجانبية لتلك الحادثة ليس لأن أساس طبيعة ذلك الشيء قابل للذم أو المدح ، بل إن تلك الأرضية الخاصة سبب هذا المدح أو الذم ، أحياناً تمدح قبيلة من القبائل وذلك بسبب ظهور صالحين من هذه القبيلة في ذلك العصر ، ثم لا تمر فترة طويلة حتى يتغير الوضع ، حيث يظهر أشخاص آخرون من هذه القبيلة يتعرضون للذم ، وأحياناً بالعكس .
في إيران كانت هناك بعض المدن التي تعرضت لذم كثير ، ولكن عندما تغير ذلك التفكير ببركة أهل البيت ، أصبحت تلك المدن وتلك المناطق من المناطق النموذجية والبارزة في هذا البلد ، وظهر في تلك المناطق أشخاص كانوا ممتازين من ناحية الفضائل الأخلاقية والعلمية والنبوغ . هذا الذم كانوا ممتازين من ناحية الفضائل الأخلاقية والعلمية والنبوغ . هذا الذم والتوبيخ ليس ملازماً لتلك المنطقة إلى الأبد ، بل هو مرحلي. ودليله هو أن الرأي السابق يمكن ان يتراجع بتحول فكري ومسألة عقائدية. كما حصل ذلك وإذا كان هناك ذم للمرأة في نهج البلاغة ، فيظهر ان بعض ذلك الذم يعود إلى قضية حرب الجمل ، كما ذمت البصرة والكوفة وغيرهما مع أن البصرة خرجت رجال علم كثيرين ، وقدمت الكوفة رجالاً ثوارا كثيرين للإسلام ، وكثير من الذين قاموا بالمطالبة بدم سيد الشهداء عليه السلام كانوا في الكوفة. والكوفة الآن هي مكان يصلّى فيها بانتظار ظهور الإمام ، فيها مسجد تقع فيه مقامات كثير من الصالحين والصديقين ، ولا يمكن القول : إن البصرة والكوفة سيئتان إلى الأبد وتستحقان الذم لأنهما ذمتا سابقاً. إن قضايا تاريخية في مرحلة حساسة تؤدي إلى الذم أو المدح ثم مع مرور تلك المرحلة ينتفي المدح أو الذم أيضاً .
رؤية الوحي :
وشأن المرأة هكذا أيضاً ، فتأكيد القرآن الكريم بشأن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم دليل على رؤية مسبقة للوحي لحادثة تاريخية مرة . ان القرآن يقول بإصرار لنساء النبي :
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]
وأمثال ذلك دليل على ان الله تعالى كان لديه رؤية مسبقة لحادثة ، الله تعالى عالم الغيب والشهادة مطلع على المستقبل ، وكان يحذرهن من النتائج المرة لذلك الخروج الذي في غير محله.
لذا قال تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) ، وبعد ذلك وقعت قضية الجمل وحاربوا ولي الله الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام . افرزت تلك المرحلة مجموعة من الكلام في الذم ورافقها مجموعة من الكلام في المدح ، فقد مدحت منطقة مرحوم لأنهم عملوا جيداً في تلك الحادثة ، ووبخت مجموعة ومنطقة لأنهم عملوا سيئاً في هذه الحادثة. هذا الذم والمدح يجب أن لا يحسب على جوهر الشيء ، ولهذا السبب ظهر في البصرة رجال ونساء خيرون وصالحون ، ومدحت الكوفة كثيراً وستكون في زمان ظهور الإمام عليه السلام مركز بركة ، فكما أن ذم البصرة والكوفة لا يعود إلى جوهر هاتين المنطقتين ، فإذا ذمت المرأة بعد قضية الحرب فهو لأن، تلك المرأة وقفت في مقابل علي بن أبي طالب ، كما أن هناك رجالاً كثيرين وقفوا في مقابل الإمام. فإذا ورد ذم لطلحة والزبير وغيرهم من الذين أداروا تلك الحرب في مقابل ولي الله فطبيعي ان تتعرض عائشة التي وقفت في مقابل الإمام وغيرها من الأشخاص الذين ساهموا في هذه الحادثة الصعبة ، إلى الذم . بناء على هذا يجب ألا نرجع هذا النوع من الذم أو المدح إلى جوهر الذات بل يبقى تأثيرها المرحلي محفوظاً .
حرب الجمل والذم :
الرواية التي وردت في نهج البلاغة لم تطرح بوصفها قضية حقيقية ، فهي تقريباً تشبه قضية شخصية أو قضية خارجية ، أساس القضية هي أن عائشة شنت هذه الحرب ، كما أن أهل السنة يعتقدون أنها قامت بحرب الجمل ولكنهم يقولون : (تابت وماتت تائبة) والآخرون يقولون : (لم تمت تائبة) ، ولكن الجميع يؤيد انها كانت السبب والمحرك . حيث ان ابن أبي الحديد أيّد أن عائشة عملت هنا عملاً سيئاً مع أنه من كبار أهل السنة فانه قال: (قد أخطأت) ولكن توهم وأمثاله أنها (تابت وماتت تائبة) على أي حال بعد أن ركبت عائشة جملاً في قضية معركة الجمل وحركت طلحة والزبير أيضاً وسقطت دماء كثيرة وأخيراً انكسروا ، كتب أمير المؤمنين عليه السلام رسالة إلى معاوية في الشام ، نذكر الآن بعض من جمل الرسالة الموجودة في نهج البلاغة حتى يتضح أن هذه المسألة تتعلق بقضية حرب الجمل ، في خطبة نهج البلاغة قال في ذم أهل البصرة بعد وقعة الجمل :
(كنتم جند المرأة واتباع البهيمة) (3).
ثم يذكر انهم قاموا بعمل غير مدروس ، وفي الخطبة 14 ذم أيضاً هذه الفئة وذم البصرة .
ان مسألة اتباع البهيمة أي أتباع الجمل ، وذم اتباع الجمل ليس لأن الجمل سيئ ، بل لأن راكبه عمل عملاً سيئاً في هذه الحادثة ، وإلا فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ركب ناقة وفي قضية الهجرة ، جاء من مكة إلى المدينة ولما دخل المدينة قال :
(خلّوا سبيلها فإنها مأمورة) (4) .
كل شخص اقترح على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان ينزل في داره ، النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال حسب هذه الرواية ان يخلوا سبيلها فان لديها مأمورية إلهية ، وانه سينزل في المكان الذي تقف وتبرك وتنام فيه تلك الناقة ، ووقفت الناقة في منزل أبي أيوب الأنصاري الذي كان من أفقر أهل المدينة .
هنا توجد نكتتان : أحداهما ان الناقة كانت تحمل النبي وكانت مأمورة والنبي قال : خلوا سبيلها وانه سينزل في المكان الذي تنام فيه تلك الناقة . والنكتة الأخرى هي ان تلك الناقة نزلت عند باب أفقر أهل المدينة وبركت هناك ونزل النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
فالذهاب وراء الجمل أو ركوب الجمل أو العمل على أساس حركة الجمل ، ليس فيه مذمة ، فلو أن أمير المؤمنين عليه السلام ركب جملاً أو فرساً أو بغلة وتحرك عدد من الأشخاص على أثره، فهل يمكن القول إن اتباع الجمل مذمومون أو أن اتباع الفرس والبغلة مذمومون ؟ .
امتلاك المال ليس كمالاً :
المسألة الثانية هي ان قول الإمام عليه السلام في هذا الصدد في نهج البلاغة :
(معاشر الناس ، ان النساء نواقص الإيمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ) (5) .
الأدلة التي يذكرها الإمام هي ان حظ النساء قليل لأن القرآن الكريم جعل إرث الرجل ضعف المرأة ، فالمرأة تتمتع بمال أقل ولذلك ليست محترمة ، في حين اننا لاحظنا في قضية الهجرة إلى المدينة ان الناقة وقفت عند باب دار شخص كان من أفقر أهل المدينة . فعدم امتلاك المال ليس نقصاً كما ان امتلاكه ليس كمالاً .
في إحدى الخطب في نهج البلاغة بين الإمام علي عليه السلام أن الدليل على أن عدم امتلاك المال ليس كمالاً ، هو ان جميع الأنبياء ، لم تكن لديهم استفادة من مال الدنيا ـ أما أن نقول ان امتلاك المال ليس كمالاً أو نقول ان الله لم يعط هذا الكمال للأنبياء معاذ الله . ثم يذكر قضية موسى وعيسى وداود ومحمد عليه الصلاة والسلام ويذكر أن وضع حياتهم كان بسيطاً فبهذه الشواهد الكثيرة يتضح ان الكمال ، ليس في المال الكثير .
كسب المال وانفاقه :
بالإضافة إلى أن المرأة والرجل بالتساوي في بعض الحالات من قبيل ان والديّ الميت كل منهما يرث 1/6 الشركة وفي حالات أخرى لا يتساوى الأخ والأخت ، فقول الإمام بانه ليس لديهن رشداً لأن حظهن قليل لا يريد القول بانه ليس لديهن رشد ، لأن مالهن قليل بسبب أنهن يكسبن عن طريق المهر . وجميع نفقات المرأة هي بعهدة الرجل ، فإذا لم تكن استفادة المرأة من المال أكثر من الرجل فهي ليست أقل .
المرأة تستمتع باللذائذ والملابس وأدوات الزينة وانتاجها هي وظيفة الرجل أي ان الربح المهم هو للمرأة ، والانتاج المهم يتعلق بالرجل ، ان قوله بان لا تذهبوا وراء قيادة المرأة هو ليس لأنها فقيرة ، بل لأن الدين اعطى المسائل التنفيذية في قسم الاقتصاد بيد الرجل وقال : ان المرأة تستفيد ولكن من انتاج الرجل. والإمام علي عليه السلام يريد الاستدلال على انه لو كانت القيادة بعهدة المرأة لكان الله تعالى قد ساوى إرث المرأة والرجل.
هنا توجد مسألتان دقيقتان ومنفصلتان عن بعضهما بشكل كامل ، الإمام علي عليه السلام لم يرد القول إن المرأة قليلة القيمة لأن سهم ارثها قليل ، بل أراد القول ان الدين يعطي للمرأة هذا المال ولكن بمسؤولية الرجل ، يعطيها بصفة مهر ، بصفة نفقة ، لا يعطيها مالها مباشرة ، حتى لا تكون متولية الدخل والصرف ومشقة الانتاج ، وهذه تعود إلى الأمور التنفيذية ، ولا تعود إلى المسائل المعنوية ، وإلى طريق القلب وقبول الموعظة وأمثالها .
توهم تفكير المعتزلي :
هناك عدة نكات في الخطبة 80 : أحداها انه قال :
( معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان ، نواقص الحظوظ ، نواقص العقول ) .
فاستنبط ابن أبي الحديد من هذه الجملة تفكيراً اعتزالياً لأن المعتزلة يقولون : ان الإيمان ليس الاعتقاد فقط بل العمل أيضاً سهيم في متن الايمان ، لذا قال : إذا أقرّ الشخص بالله والنبي ، ولم يعمل فهو ليس مؤمناً ؛ لأن الإمام قال : إن المرأة محرومة من الايمان لأنها محرومة من الصلاة والصوم في حال ترك الصوم والصلاة في أيام العادة ، فيتضح ان العمل جزء من الايمان ، ولم ينتبه إلى أن هذا الدليل هو عكس تصور المعتزلة ، المعتزلي يقول : إن الشخص إذا لم يعمل فليس مؤمناً ، والإمام يقول بأنهن مؤمنات في الوقت الذي ليس لديهن عمل ، ولكن إيمانهن قليل ، وهذه القلة قابلة للجبران كما ذكرنا .
__________________________
(1) نهج البلاغة ، تحقيق صبحي الصالح ، الخطبة 80 .
(2) بحار الأنوار ، ج 103 ، ص 259 .
(3) نهج البلاغة ، الخطبة 13 ، 14 .
(4) بحار الأنوار ، ج 19 ، ص 108 .
(5) نهج البلاغة ، الخطبة 80 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|