أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
1870
التاريخ: 25-04-2015
1903
التاريخ: 25-04-2015
4491
التاريخ: 24-04-2015
1523
|
في الصافي عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
أقول : وهذا المعنى رواه الفريقان، وفي معناه أحاديث أخر رووها عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأئمة أهل البيت عليهم السّلام.
وفي منية المريد عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.
أقول : ورواه أبو داود في سننه.
وفيه عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : من قال في القرآن بغير علم جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار.
و فيه عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.
أقول : ورواه أبو داود والترمذي والنسائي.
وفيه عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : أكثر ما أخاف على أمتي من بعدي رجل يتأول القرآن يضعه على غير مواضعه.
وفي تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : من فسر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر وإن أخطأ فهو أبعد من السماء.
وفيه عن يعقوب بن يزيد عن ياسر عن الرضا عليه السّلام قال : الرأي في كتاب اللّه كفر.
أقول : وفي معناها روايات أخر مروية في العيون والخصال وتفسير العياشي وغيرها. قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من فسر القرآن برأيه، الرأي هو الاعتقاد عن اجتهاد وربما أطلق على القول عن الهوى والاستحسان وكيف كان لما ورد قوله : برأيه مع الإضافة إلى الضمير علم منه أن ليس المراد به النهي عن الاجتهاد المطلق في تفسير القرآن حتى يكون بالملازمة أمرا بالاتباع والاقتصار بما ورد من الروايات في تفسير الآيات عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السّلام على ما يراه أهل الحديث، على أنه ينافي الآيات الكثيرة الدالة على كون القرآن عربيا مبينا، والآمرة بالتدبر فيه، وكذا ينافي الروايات الكثيرة الآمرة بالرجوع إلى القرآن وعرض الأخبار عليه.
بل الإضافة في قوله : برأيه تفيد معنى الاختصاص والانفراد والاستقلال بأن يستقل المفسر في تفسير القرآن بما عنده من الأسباب في فهم الكلام العربي، فيقيس كلامه تعالى بكلام الناس فإن قطعة من الكلام من أي متكلم إذا ورد علينا لم نلبث دون أن نعمل فيه القواعد المعمولة في كشف المراد الكلامي ونحكم بذلك : أنه أراد كذا كما نجري عليه في الأقارير والشهادات وغيرهما، كل ذلك لكون بياننا مبنيا على ما نعلمه من اللغة ونعهده من مصاديق الكلمات حقيقة ومجازا.
والبيان القرآني غير جار هذا المجرى على ما تقدم بيانه في الأبحاث السابقة بل هو كلام موصول بعضه ببعض في عين أنه مفصول ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض كما قاله علي عليه السّلام فلا يكفي ما يتحصل من آية واحدة بإعمال القواعد المقررة في العلوم المربوطة في انكشاف المعنى المراد منها دون أن يتعاهد جميع الآيات المناسبة لها ويجتهد في التدبر فيها كما يظهر من قوله تعالى : {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } [النساء : 82]
و قد مرّ بيانه في الكلام على الإعجاز وغيره.
فالتفسير بالرأي المنهي عنه أمر راجع إلى طريق الكشف دون المكشوف، إنما وبعبارة أخرى إنما نهى صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن تفهم كلامه على نحو ما يتفهم به كلام غيره وإن كان هذا النحو من التفهم ربما صادف الواقع، والدليل على ذلك قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الرواية الأخرى : من تكلم في القرآن برأيه فأصابه فقد أخطأ، فإن الحكم بالخطإ مع فرض الإصابة ليس إلّا لكون الخطأ في الطريق وكذا قوله عليه السّلام في حديث العياشي : إن أصاب لم يؤجر.
ويؤيده ما كان عليه الأمر في زمن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فإن القرآن لم يكن مؤلفا بعد ولم يكن منه إلّا سور أو آيات متفرقة في أيدي الناس فكان في تفسير كل قطعة منه خطر الوقوع في خلاف المراد.
والمحصل : أن المنهي عنه إنما هو الاستقلال في تفسير القرآن واعتماد المفسر على نفسه من غير رجوع إلى غيره، ولازمه وجوب الاستمداد من الغير بالرجوع إليه، وهذا الغير لا محالة إما هو الكتاب أو السنّة، وكونه هو السنّة ينافي القرآن ونفس السنّة الآمرة بالرجوع إليه وعرض الأخبار عليه، فلا يبقى للرجوع إليه والاستمداد منه في تفسير القرآن إلّا نفس القرآن.
ومن هنا يظهر حال ما فسروا به حديث التفسير بالرأي فقد تشتتوا في معناه على أقوال :
أحدها : أن المراد به التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير وهي خمسة عشر علما على ما أنهاه السيوطي في الإتقان : اللغة، والنحو، والتصريف والاشتقاق، والمعاني، والبيان، والبديع، والقراءة، وأصول الدين، وأصول الفقه، وأسباب النزول وكذا القصص، والناسخ والمنسوخ، والفقه، والأحاديث المبينة لتفسير المجملات والمبهمات، وعلم الموهبة، ويعني بالأخير ما أشار إليه الحديث النبوي : من عمل بما علم ورثه اللّه علم ما لم يعلم.
الثاني : أن المراد به تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلّا اللّه.
الثالث : التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تبعا فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا.
الرابع : التفسير بأن مراد اللّه تعالى كذا على القطع من غير دليل. الخامس : التفسير بالاستحسان والهوى : وهذه الوجوه الخمسة نقلها ابن النقيب على ما ذكره السيوطي في الإتقان، وهنا وجوه أخر نتبعها بها.
السادس : أن المراد به هو القول في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذاهب الأوائل من الصحابة والتابعين، ففيه تعرض لسخط اللّه تعالى.
السابع : القول في القرآن بما يعلم أن الحق غيره، نقلهما ابن الأنباري.
الثامن : أن المراد به القول في القرآن بغير علم وتثبت، سواء علم أن الحق خلافه أم لا.
التاسع : هو الأخذ بظاهر القرآن بناء على أنه لا ظهور له بل يتبع في مورد الآية النص الوارد عن المعصوم، وليس ذلك تفسيرا للآية بل اتباعا للنص، ويكون التفسير على هذا من الشئون الموقوفة على المعصوم.
العاشر : أنه الأخذ بظاهر القرآن بناء على أن له ظهورا لا نفهمه بل المتبع في تفسير الآية هو النص عن المعصوم.
فهذه وجوه عشرة، وربما أمكن إرجاع بعضها إلى بعض، وكيف كان فهي وجوه خالية عن الدليل، على أن بعضها ظاهر البطلان أو يظهر بطلانه بما تقدم في المباحث السابقة، فلا نطيل بالتكرار.
و بالجملة فالمتحصل من الروايات والآيات التي تؤيدها كقوله تعالى :
{أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} الآية، وقوله تعالى : {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر : 91]، وقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[فصلت : 40] الآية، وقوله تعالى :{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء : 46]، وقوله تعالى : { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء : 36]، إلى غير ذلك أن النهي في الروايات إنما هو متوجه إلى الطريق وهو أن يسلك في تفسير كلامه تعالى الطريق المسلوك في تفسير كلام غيره من المخلوقين.
و ليس اختلاف كلامه تعالى مع كلام غيره في نحو استعمال الألفاظ وسرد الجمل وإعمال الصناعات اللفظية فإنما هو كلام عربي روعي فيه جميع ما يراعى في كلام عربي وقد قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم : 4]، وقال تعالى : {وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } [النحل : 103]، وقال تعالى : {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف : 3].
و إنما الاختلاف من جهة المراد والمصداق الذي ينطبق عليه مفهوم الكلام.
توضيح ذلك : إنا من جهة تعلق وجودنا بالطبيعة الجسمانية وقطوننا المعجل في الدنيا المادية ألفنا من كل معنى مصداقه المادي، واعتدنا بالأجسام والجسمانيات فإذا سمعنا كلام واحد من الناس الذين هم أمثالنا يحكي عن حال أمر من الأمور وفهمنا منه معناه حملناه على ما هو المعهود عندنا من المصداق والنظام الحاكم فيه لعلمنا بأنه لا يعني إلّا ذلك لكونه مثلنا لا يشعر إلّا بذلك، وعند ذلك يعود النظام الحاكم في المصداق يحكم في المفهوم فربما خصص به العام أو عمم به الخاص أو تصرف في المفهوم بأي تصرف آخر وهو الذي نسميه بتصرف القرائن العقلية غير اللفظية.
مثال ذلك أنا إذا سمعنا عزيزا من أعزتنا ذا سؤدد وثروة يقول : وإن من شيء إلّا عندنا خزائنه، وتعقلنا مفهوم الكلام ومعاني مفرداته حكمنا في مرحلة التطبيق على المصداق : أن له أبنية محصورة حصينة تسع شيئا كثيرا من المظروفات فإن الخزانة هكذا تتخذ إذا اتخذت، وأن له فيها مقدارا وافرا من الذهب والفضة والورق والأثاث والزينة والسلاح، فإن هذه الأمور هي التي يمكن أن تخزن عندنا وتحفظ حفظا، وأما الأرض والسماء والبر والبحر والكواكب والإنسان فهي وإن كانت أشياء لكنها لا تخزن ولا تتراكم، ولذلك نحكم بأن المراد من الشيء بعض من أفراده غير المحصورة. وكذا من الخزائن قليل من كثير فقد عاد النظام الموجود في المصداق وهو أن كثيرا من الأشياء لا يخزن، وأن ما يختزن منها إنما يختزن في بناء حصين مأمون عن الغيلة والغارة أوجب تقييدا عجيبا في إطلاق مفهوم الشيء والخزائن.
ثم إذا سمعنا اللّه تعالى ينزل على رسوله قوله : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر : 21]، فإن لم ترق أذهاننا عن مستواها الساذج الأول فسرنا كلامه بعين ما فسرنا به كلام الواحد من الناس مع أنه لا دليل لنا على ذلك البتة فهو تفسير بما نراه من غير علم.
وإن رقت أذهاننا عن ذلك قليلا، وأذعنا بأنه تعالى لا يخزن المال وخاصة إذا سمعناه تعالى يقول في ذيل الآية : {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ } [الحجر : 21]، حكمنا بأن المراد بالشيء الرزق من الخبز والماء وأن المراد بنزوله نزول المطر لأنا لا نشعر بشيء ينزل من السماء غير المطر فاختزان كل شيء عند اللّه ثم نزوله بالقدر كناية عن اختزان المطر ونزوله لتهيئة الموارد الغذائية.
وهذا أيضا تفسير بما نراه من غير علم إذ لا مستند له إلّا أنّا لا نعلم شيئا ينزل من السماء غير المطر، والذي بأيدينا هاهنا عدم العلم دون العلم بالعدم.
وإن تعالينا عن هذ المستوى أيضا واجتنبنا ما فيه من القول في القرآن بغير علم وأبقينا الكلام على إطلاقه التام، وحكمنا أن قوله {وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ} يبين أمر الخلقة غير أنا لما كنا لا نشك في أن ما نجده من الأشياء المتجددة بالخلقة كالإنسان والحيوان والنبات وغيرها لا تنزل من السماء، وإنما تحدث حدوثا في الأرض حكمنا بأن قوله : {وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ}، كناية عن مطاوعة الأشياء في وجودها لإرادة اللّه تعالى، وأن الإرادة بمنزلة مخزن يختزن فيه جميع الأشياء المخلوقة وإنما يخرج منه وينزل من عنده تعالى ما يتعلق به مشيئته تعالى، وهذا أيضا كما ترى تفسير للآية بما نراه من غير علم، إذ لا مستند لنا فيه سوى أنا نجد الأشياء غير نازلة من عند اللّه بالمعنى الذي نعهده من النزول، ولا علم لنا بغيره.
وإذا تأملت ما وصفه اللّه تعالى في كتابه من أسماء ذاته وصفاته وأفعاله وملائكته وكتبه ورسله والقيامة وما يتعلق بها، وحكم أحكامه وملاكاتها، وتأملت ما نرومه في تفسيرها من إعمال القرائن العقلية وجدت أن ذلك كله من قبيل التفسير بالرأي من غير علم وتحريف لكلمة عن مواضعها.
وقد تقدّم في الفصل الخامس من البحث في المحكم والمتشابه أن البيانات القرآنية بالنسبة إلى المعارف الإلهية كالأمثال أو هي أمثال بالنسبة إلى ممثلاتها، وقد فرقت في الآيات المتفرقة، وبينت ببيانات مختلفة ليتبين ببعض الآيات ما يمكن أن يختفي معناه في بعض، ولذلك كان بعضها شاهدا على البعض، والآية مفسرة للآية، ولو لا ذلك لاختل أمر المعارف الإلهية في حقائقها، ولم يمكن التخلص في تفسير الآية من القول بغير علم على ما تقدم بيانه ومن هنا يظهر : أن التفسير بالرأي كما بيناه لا يخلو عن القول بغير علم كما يشير الحديث النبوي السابق : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار.
ومن هنا يظهر أيضا : أن ذلك يؤدي إلى ظهور التنافي بين الآيات القرآنية من حيث إبطاله الترتيب المعنوي الموجود في مضامينها فيؤدي إلى وقوع الآية في غير موقعها، ووضع الكلمة في غير موضعها، ويلزمها تأويل بعض القرآن أو أكثر آياته بصرفها عن ظاهرها كما يتأول المجبّرة آيات الاختيار، والمفوّضة آيات القدر، وغالب المذاهب في الإسلام لا يخلو عن التأول في الآيات القرآنية وهي الآيات التي لا يوافق ظاهرها مذهبهم فيتشبثون في ذلك بذيل التأويل استنادا إلى القرينة العقلية، وهو قولهم : إن الظاهر الفلاني قد ثبت خلافه عند العقل فيجب صرف الكلام عنه.
وبالجملة يؤدي ذلك إلى اختلاط الآيات بعضها ببعض ببطلان ترتيبها، ودفع مقاصد بعضها ببعض، ويبطل بذلك المرادان جميعا إذ لا اختلاف في القرآن، فظهور الاختلاف بين الآيات- بعضها مع بعض- ليس إلّا لاختلال الأمر واختلاط المراد فيهما معا. وهذا هو الذي ورد التعبير عنه في الروايات بضرب بعض القرآن ببعض كما في الروايات التالية :
في الكافي وتفسير العياشي عن الصادق عن أبيه عليه السّلام قال : ما ضرب رجل من القرآن بعضه ببعض إلّا كفر.
وفي المعاني والمحاسن مسندا وفي تفسير العياشي عن الصادق عليه السّلام ما ضرب رجل من القرآن بعضه ببعض إلّا كفر.
قال الصدوق سألت ابن الوليد عن معنى هذا الحديث فقال : هو أن تجيب الرجل في تفسير آية بتفسير آية أخرى.
أقول : ما أجاب به لا يخلو عن إبهام، فإن أراد به الخلط المذكور وما هو المعمول عند الباحثين في مناظراتهم من معارضة الآية بالآية وتأويل البعض بالتمسك بالبعض فحق، وإن أراد به تفسير الآية بالآية والاستشهاد بالبعض للبعض فخطأ، والروايتان التاليتان تدفعانه.
وفي تفسير النعماني بإسناده إلى إسماعيل بن جابر قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام يقول : إن اللّه تبارك وتعالى بعث محمدا فختم به الأنبياء فلا نبي بعده، وأنزل عليه كتابا فختم به الكتب فلا كتاب بعده، أحلّ فيه حلالا وحرم حراما فحلاله حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فيه شرعكم وخبر من قبلكم وبعدكم، وجعله النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم علما باقيا في أوصيائه، فتركهم الناس وهم الشهداء على أهل كل زمان، وعدلوا عنهم ثم قتلوهم، واتبعوا غيرهم ثم أخلصوا لهم الطاعة حتى عاندوا من أظهر ولاية ولاة الأمر وطلب علومهم، قال اللّه سبحانه : { وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} [المائدة : 13]و ذلك أنهم ضربوا بعض القرآن ببعض، واحتجوا بالمنسوخ وهم يظنون أنه الناسخ، واحتجوا بالمتشابه وهم يرون أنه المحكم، واحتجوا بالخاص وهم يقدرون أنه العام، واحتجوا بأول الآية وتركوا السبب في تأويلها، ولم ينظروا إلى ما يفتح الكلام وإلى ما يختمه، ولم يعرفوا موارده ومصادره إذ لم يأخذوه عن أهله فضلّوا وأضلّوا.
واعلموا رحمكم اللّه : أنه من لم يعرف من كتاب اللّه عزّ وجل الناسخ من المنسوخ والخاص من العام، والمحكم من المتشابه، والرخص من العزائم، والمكي والمدني وأسباب التنزيل، والمبهم من القرآن في ألفاظه المنقطعة والمؤلفة، وما فيه من علم القضاء والقدر، والتقديم والتأخير، المبين والعميق، والظاهر والباطن والابتداء والانتهاء، والسؤال والجواب، والقطع والوصل والمستثنى منه والجار فيه، الصفة لما قبل مما يدل على ما بعد، والمؤكد منه والمفصل وعزائمه ورخصه، ومواضع فرائضه وأحكامه، ومعنى حلاله وحرامه الذي هلك فيه الملحدون، والموصول من الألفاظ، والمحمول على ما قبله وعلى ما بعده فليس بعالم بالقرآن ولا هو من أهله.
ومتى ما ادعى معرفة هذه الأقسام مدع بغير دليل فهو كاذب مرتاب مفتر على اللّه الكذب ورسوله ومأواه جهنم وبئس المصير.
وفي نهج البلاغة والاحتجاج قال عليه السّلام : ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم تجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، فأمرهم اللّه سبحانه بالاختلاف فأطاعوه؟ أم نهاهم عنه فعصوه؟ أم أنزل اللّه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل اللّه دينا تاما فقصر الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن تبليغه وأدائه؟ واللّه سبحانه يقول : ما فرطنا في الكتاب من شيء وفيه تبيان كل شيء، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا، وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه : {وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}، وإن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق لا تحصى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلّا به.
أقول : والرواية كما ترى ناصة على أن كل نظر ديني يجب أن ينتهي إلى القرآن، وقوله : فيه تبيان، نقل للآية بالمعنى.
وفي الدر المنثور : أخرج ابن سعد وابن الضريس في فضائله وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خرج على قوم يتراجعون في القرآن وهو مغضب فقال : بهذا ضلّت الأمم قبلكم باختلافهم على أنبيائهم، وضرب الكتاب بعضه ببعض. قال : وإن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا ولكن نزل يصدق بعضه بعضا، فما عرفتم فاعملوا به، وما تشابه عليكم فآمنوا به.
وفيه أيضا : أخرج أحمد من وجه آخر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قوما يتدارءون فقال : إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض، وإنما نزل كتاب اللّه يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه.
أقول : والروايات كما ترى يعد ضرب القرآن بعضه ببعض مقابلا لتصديق بعض القرآن بعضا، وهو الخلط بين الآيات من حيث مقامات معانيها، والإخلال بترتيب مقاصدها كأخذ المحكم متشابها والمتشابه محكما ونحو ذلك.
فالتكلم في القرآن بالرأي، والقول في القرآن بغير علم كما هو موضوع الروايات المنقولة سابقا، وضرب القرآن بعضه ببعضه كما هو مضمون الروايات المنقولة آنفا يحوم الجميع حول معنى واحد وهو الاستمداد في تفسير القرآن بغيره.
فإن قلت : لا ريب أن القرآن إنما نزل ليعقله الناس ويفهموه كما قال تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ} [الزمر : 41]، وقال تعالى : {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ } [آل عمران : 138]، إلى غير ذلك من الآيات، ولا ريب أن مبينه هو الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كما قال تعالى : و{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44]، وقد بينه للصحابة، ثم أخذ عنهم التابعون فما نقلوه عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلينا فهو بيان نبوي لا يجوز التجافي والإغماض عنه بنص القرآن، وما تكلموا فيه من غير إسناده إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فهو وإن لم يجر مجرى النبويات في حجيتها لكن القلب إليه أسكن فإن ما ذكروه في تفسير الآيات إما مسموع من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو شيء هداهم إليه الذوق المكتسب من بيانه وتعليمه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وكذا ما ذكره تلامذتهم من التابعين ومن يتلوهم، وكيف يخفى عليهم معاني القرآن مع تعرقهم في العربية، وسعيهم في تلقيها من مصدر الرسالة واجتهادهم البالغ في فقه الدين على ما يقصه التاريخ من مساعي رجال الدين في صدر الإسلام.
ومن هنا يظهر : أن العدول عن طريقتهم وسنتهم، والخروج من جماعتهم، وتفسير آية من الآيات بما لا يوجد بين أقوالهم وآرائهم بدعة، والسكوت عما سكتوا عنه واجب.
وفي ما نقل عنهم كفاية لمن أراد فهم كتاب اللّه تعالى، فإنه يبلغ زهاء ألوف من الروايات، وقد ذكر السيوطي أنه أنهاه إلى سبعة عشر ألف رواية عن النبي وعن الصحابة التابعين.
قلت : قد مرّ فيما تقدم أن الآيات التي تدعو الناس عامة من كافر أو مؤمن ممن شاهد عصر النزول أو غاب عنه إلى تعقل القرآن وتأمله والتدبر فيه وخاصة قوله تعالى : {أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ولَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}، تدل دلالة واضحة على أن المعارف القرآنية يمكن أن ينالها الباحث بالتدبر والبحث، ويرتفع به ما يتراءى من الاختلاف بين الآيات، والآية في مقام التحدّي، ولا معنى لإرجاع فهم معاني الآيات- والمقام هذا المقام- إلى فهم الصحابة وتلامذتهم من التابعين حتى إلى بيان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فإن ما بيّنه إما أن يكون معنى يوافق ظاهر الكلام فهو مما يؤدي إليه اللفظ ولو بعد التدبر والتأمل والبحث، وإما أن يكون معنى لا يوافق الظاهر ولا أن الكلام يؤدي إليه فهو مما لا يلائم التحدّي ولا تتم به الحجة وهو ظاهر.
نعم تفاصيل الأحكام مما لا سبيل إلى تلقيه من غير بيان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كما أرجعها القرآن إليه في قوله تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر : 7]، وما في معناه من الآيات، وكذا تفاصيل القصص والمعاد مثلا.
ومن هنا يظهر أن شأن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في هذا المقام هو التعليم فحسب والتعليم إنما هو هداية المعلم الخبير ذهن المتعلم وإرشاده إلى ما يصعب عليه العلم به والحصول عليه لا ما يمتنع فهمه من غير تعليم، فإنما التعليم تسهيل للطريق وتقريب للمقصد، لا إيجاد للطريق وخلق لمقصده والمعلم في تعليمه إنما يروم ترتيب المطالب العلمية ونضدها على نحو يستسهله ذهن المتعلم ويأنس به فلا يقع في جهد الترتيب وكدّ التنظيم فيتلف العمر وموهبة القوة أو يشرف على الغلط في المعرفة.
وهذا هو الذي يدل عليه أمثال قوله تعالى : {وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} الآية ، وقوله تعالى : { وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة : 2] فالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إنما يعلم الناس ويبين لهم ما يدل عليه القرآن بنفسه ويبيّنه اللّه سبحانه بكلامه، ويمكن للناس الحصول عليه بالآخرة لأنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يبين لهم معاني لا طريق إلى فهمها من كلام اللّه تعالى فإن ذلك لا ينطبق البتة على مثل قوله تعالى : {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت : 3]، وقوله تعالى :{وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل : 103]. على أن الأخبار المتواترة عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم المتضمنة لوصيته بالتمسك بالقرآن والأخذ به وعرض الروايات المنقولة عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على كتاب اللّه لا يستقيم معناها إلّا مع كون جميع ما نقل عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مما يمكن استفادته من الكتاب، ولو توقف ذلك على بيان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان من الدور الباطل وهو ظاهر.
على أن ما ورد به النقل من كلام الصحابة مع قطع النظر عن طرقه لا يخلو عن الاختلاف فيما بين الصحابة أنفسهم بل عن الاختلاف فيما نقل عن الواحد منهم على ما لا يخفى على المتتبع المتأمل في أخبارهم، والقول بأن الواجب حينئذ أن يختاروا أحد الأقوال المختلفة المنقولة عنهم في الآية، ويجتنب عن خرق إجماعهم والخروج عن جماعتهم مردود بأنهم أنفسهم لم يسلكوا هذا الطريق، ولم يستلزموا هذا المنهج ولم يبالوا بالخلاف فيما بينهم فكيف يجب على غيرهم أن يقفوا على ما قالوا به ولم يختصوا بحجية قولهم على غيرهم، ولا بتحريم الخلاف على غيرهم دونهم.
على أن هذا الطريق وهو الاقتصار على ما نقل من مفسري صدر الإسلام من الصحابة والتابعين في معاني الآيات القرآنية يوجب توقف العلم في سيره وبطلان البحث في أثره كما هو مشهود في ما بأيدينا من كلمات الأوائل والكتب المؤلفة في التفسير في القرون الأولى من الإسلام، ولم ينقل منهم في التفسير إلّا معان ساذجة بسيطة خالية عن تعمق البحث وتدقيق النظر فأين ما يشير إليه قوله تعالى : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل : 89] من دقائق المعارف في القرآن؟
وأما استبعاد أن يختفي عليهم معاني القرآن مع ما هم عليه من الفهم والجد والاجتهاد فيبطله نفس الخلاف الواقع بينهم في معاني كثير من الآيات والتناقض الواقع في الكلمات المنقولة عنهم إذ لا يتصور اختلاف ولا تناقض إلّا مع فرض خفاء الحق واختلاط طريقه بغيره.
فالحق أن الطريق إلى فهم القرآن الكريم غير مسدود، وأن البيان الإلهي والذكر الحكيم بنفسه هو الطريق الهادي إلى نفسه، أي أنه لا يحتاج في تبيين مقاصده إلى طريق، فكيف يتصور أن يكون الكتاب الذي عرفه اللّه تعالى بأنه هدى وأنه نور وأنه تبيان لكل شيء مفتقرا إلى هاد غيره ومستنيرا بنور غيره ومبينا بأمر غيره؟
فإن قلت : قد صح عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه قال في آخر خطبة خطبها : إني تارك فيكم الثقلين : الثقل الأكبر والثقل الأصغر فأما الأكبر فكتاب ربي، وأما الأصغر فعترتي أهل بيتي فاحفظوني فيهما فلن تضلوا ما تمسكتم بهما رواه الفريقان بطرق متواترة عن جم غفير من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عنه، أنهى علماء الحديث عدتهم إلى خمس وثلاثين صحابيا، وفي بعض الطرق :
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، والحديث دال على حجية قول أهل البيت عليهم السّلام في القرآن ووجوب اتباع ما ورد عنهم في تفسيره والاقتصار على ذلك وإلّا لزم التفرقة بينهم وبينه.
قلت : ما ذكرناه في معنى اتباع بيان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم آنفا جار هاهنا بعينه والحديث غير مسوق لإبطال حجية ظاهر القرآن وقصر الحجية على ظاهر بيان أهل البيت عليهم السّلام. كيف وهو عليه السّلام يقول : لن يفترقا، فيجعل الحجية لهما معا فللقرآن الدلالة على معانيه والكشف عن المعارف الإلهية، ولأهل البيت الدلالة على الطريق وهداية الناس إلى أغراضه ومقاصده.
على أن نظير ما ورد عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في دعوة الناس إلى الأخذ بالقرآن والتدبر فيه وعرض ما نقل عنه عليه وارد عن أهل البيت عليهم السّلام.
على أن جما غفيرا من الروايات التفسيرية الواردة عنهم عليهم السّلام مشتملة على الاستدلال بآية على آية، والاستشهاد بمعنى على معنى، ولا يستقيم ذلك إلّا بكون المعنى مما يمكن أن يناله المخاطب ويستقل به ذهنه لوروده من طريقه المتعين له.
على أن هاهنا روايات عنهم عليهم السّلام تدل على ذلك بالمطابقة كما رواه في المحاسن بإسناده عن أبي لبيد البحراني عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث قال :
فمن زعم أن كتاب اللّه مبهم فقد هلك وأهلك، ويقرب منه ما فيه وفي الاحتجاج عنه عليه السّلام قال : إذا حدثتكم بشيء فاسألوني عنه من كتاب اللّه، الحديث.
وبما مرّ من البيان يجمع بين أمثال هذه الأحاديث الدالة على إمكان نيل المعارف القرآنية منه وعدم احتجابها من العقول وبين ما ظاهره خلافه كما في تفسير العياشي عن جابر قال : قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : إن للقرآن بطنا وللبطن ظهرا، ثم قال : يا جابر وليس شيء أبعد من عقول الرجال منه إن الآية لتنزل أولها في شيء وأوسطها في شيء وآخرها في شيء، وهو كلام متصل ينصرف على وجوه، وهذا المعنى وارد في عدة روايات، وقد رويت الجملة أعني قوله : وليس شيء أبعد ... إلخ، في بعضها عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، وقد روي عن علي عليه السّلام : أن القرآن حمال ذو وجوه، الحديث، فالذي ندب إليه تفسيره من طريقه، والذي نهى عنه تفسيره من غير طريقه، وقد تبيّن أن المتعين في التفسير الاستمداد بالقرآن على فهمه وتفسير الآية بالآية وذلك بالتدرب بالآثار المنقولة عن النبي وأهل بيته عليهم السّلام وتهيئة ذوق مكتسب منها ثم الورود واللّه الهادي «1» ...
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|