أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-04-2015
![]()
التاريخ: 2024-01-22
![]()
التاريخ: 23-04-2015
![]()
التاريخ: 23-04-2015
![]() |
أصوات الصفير في وضوحها ، وأصداؤها في أزيزها ، جعل لها وقعا متميزا ما بين الأصوات الصوامت ، وكان ذلك- فيما يبدو لي- نتيجة التصاقها في مخرج الصوت ، واصطكاكها في جهاز السمع ، ووقعها الحاصل ما بين هذا الالتصاق وذلك الاصطكاك ، هذه الأصوات ذات الجرس الصارخ هي : الزاي ، السين ، الصاد ، يلحظ لدى استعراضها أنها تؤدي مهمة الإعلان الصريح عن المراد في تأكيد الحقيقة ، وهي بذلك تعبر عن الشدة حينا ، وعن العناية بالأمر حينا آخر ، مما يشكل نغما صارما في الصوت ، وأزيزا مشددا لدى السمع ، يخلصان إلى دلالة اللفظ في إرادته الاستعمالية ، ومؤداه عند إطلاقه في مظان المعنى.
وسأقف عند ثلاث صيغ قرآنية ختمت بحروف الصفير ، لرصد أبعادها الصوتية ، هي : «رجز» و«رجس» و«حصحص».
1- الرجز ، في مثل قوله تعالى : { أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ } [سبأ : 5].
وقوله تعالى : { لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} [الأعراف : 134].
وقوله تعالى : { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ} [الأعراف : 135].
ويظهر في أصل الرجز الاضطراب لغة ، فتلمس فيه الزلزلة في ارتجاجها ، والهدة عند حدوثها ، والنازلة في وقوعها ، ولما كان القرآن العظيم يفسر بعضه بعضا ، فإننا نأنس على هذه المعاني في كل من قوله تعالى :
{ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة : 59].
وقوله تعالى : {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ} [الأعراف : 162].
وقوله تعالى : { إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } [العنكبوت : 34]. ونستظهر في الرجز الإرسال والإنزال من السماء بضرس قاطع وأمر كائن باعتبار آخر العلاج بعد التحذير والإنذار.
2- وحينما نقارن لفظ «الرجز» بمثيله معنى ومبنى «رجس» وهي مكونة كتكوينها في الراء والجيم ، والسين كالزاي من حروف الصفير شديدة الاحتكاك في مخرج الصوت ، ولها ذات الإيقاع على الأذن ، حينما نقارن صوتيا ودلاليا بين الصوتين نجد المقاطع واحدة عند الانطلاق من أجهزة الصوت ، ونجد المعاني متقاربة في الإفادة ، فقد قيل للصوت الشديد : رجس ورجز ، وبعير رجاس شديد الهدير ، وغمام راجس ورجاس شديد الرعد.
قال تعالى : { قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ } [الأعراف : 71].
وقال تعالى : { وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [يونس : 100].
كل هذه الاستعمالات متواكبة دلاليا في ترصد العذاب وصبّه وإنزاله ، وهذا لا يمانع من أن تضاف للرجس جملة من المعاني الأخرى لإرادة الدنس والقذارة ومرض القلوب ، وحالات النفس المتقلبة ، نرصد ذلك في كل من قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة : 90].
وقال تعالى : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج : 30].
وقال تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب : 33].
وقال تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ } [التوبة : 125].
فالصوت في المعاني كلها الصوت نفسه ، والصدى ذات الصدى ، ومن هنا أورد الراغب (ت : 502 هـ) : أن الرجس يقع على أربعة أوجه :
إما من حيث الطبع ، وإما من جهة العقل ، وإما من جهة الشرع ، وإما من كل ذلك. والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر ، وقيل : إن ذلك رجس من جهة العقل ، وجعل اللّه تعالى الكافرين رجسا من حيث أن الشرك بالعقل أقبح الأشياء (1).
3- وحينما نقف عند الصاد في مثل قوله تعالى :
{ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ } [يوسف : 51] .فإننا نستمع إلى الصوت المدوّي ، إذ كانت الصاد واضحة الصدور من المخرج الصوتي. فكانت «حصحص» واضحة الظهور بانكشاف الأمر فيما يقهره على الإذعان ، وهنا قد يمتلكك العجب لدى اختيار هذا اللفظ في أزيزه ، ووضوح أمره مع القهر ، فلا تردّ دلائله ، ولا تخبو براهينه.
فإذا شددت الصاد كانت دلالتها الصوتية ، وإرادتها المعنوية ، أوضح لزوما ، وأشد استظهارا ، وأكثر إمعانا كما في قوله تعالى : { أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ } [العاديات : 9-10].
فالتحصيل إخراج اللب من القشور ، كإخراج الذهب من حجر المعدن ، والبر من السنابل ، فهو إظهار لما فيها كإظهار اللب من القشر ، أو كإظهار الحاصل من الحساب (2).
والصوت في صيغة الإرعاب ، وفي سياق الوعيد ، قد تلمس فيه نزع ما في القلوب من أسرار ، واستخراج ما فيها من خفايا ، دون طواعية من أصحابها ؟؟ وقد يعطي دوي العبارة ، وهيكل البيان ، صيغة الإنذار ، وأنت تصطدم بالوقوف عند السين من حروف الصفير في قوله تعالى : { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير : 15 - 18].
(4) ظ : الراغب ، المفردات : 121.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
بالصور: ممثل المرجعية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي يؤم جموع المؤمنين في صلاة عيد الفطر المبارك داخل الصحن الحسيني الشريف
|
|
|