المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الإمام علي (عليه السلام) خير الأوصياء وخاتمهم
2023-12-05
عبء اثبات عقد الزواج
7-5-2017
الاعجاز القرآني في سن القوانين
3-12-2015
المولى زين العابدين بن نجم الدين الأنصاري
22-9-2017
مصدرالميثان Source
7-11-2016
من ترجمة الراضي
10-5-2022


شبهة التناقض والاختلاف‏  
  
8338   05:22 مساءاً   التاريخ: 23-04-2015
المؤلف : الشيخ محمد فاضل اللنكراني
الكتاب أو المصدر : مدخل التفسير
الجزء والصفحة : ص91-99.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / شبهات وردود /

إنّ القرآن مع أنّه قد وصف نفسه بعدم وجود الاختلاف فيه‏ (1) ، وعدم اشتماله على المناقضة بوجه - ولابدّ من أن يكون كذلك - فإنّ الاختلاف لا يتناسب مع كونه من عند اللَّه الذي لا يغيب عنه شي‏ء، والمناقضة لا تتلاءم مع كونه من عند من هو عالم بكلّ شي‏ء، قد وقعت فيه المناقضة في موردين : أحدهما : قوله - تعالى - : { قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران : 41] فإنّه يتناقض مع قوله - تعالى - : {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا } [مريم : 10]

والجواب عن هذه الشبهة واضح؛ فإنّ لفظ «اليوم» قد يستعمل ويراد منه النهار، وهو ما يقابل الليل، وقد يطلق ويراد به المجموع منهما، وكذلك لفظ «الليل»؛ فإنّه أيضاً قد يطلق ويراد به ما يقابل النهار، وقد يستعمل ويراد منه المجموع من النهار والليل، ولا يختصّ هذا الإطلاق والاستعمال بالكتاب العزيز، بل هو استعمال شائع في لغة العرب‏ (2) ، بل لا ينحصر بتلك اللغة؛ فإنّ ما يرادف اليوم في الفارسيّة مثلًا قد يطلق ويراد به بياض النهار، وقد يطلق ويراد به المجموع منه ومن مدّة مغيب الشمس وإشراقها على القارّة الاخرى، وكذلك ما يرادف الليل.

ومن الموارد التي استعمل فيها لفظ «اليوم».

وكذا «الليل» واريد بكلّ واحد ما يقابل الآخر ما جمع فيه بين اللّفظين، كما في قوله - تعالى - : {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة : 7]

وممّا استعمل فيه لفظ اليوم واريد به المجموع قوله - تعالى - : { تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ} [هود : 65] وكذا الآية المبحوث عنها في المقام، المشتملة على لفظ «اليوم».

وممّا استعمل فيه لفظ الليل واريد به المجموع قوله - تعالى - : { وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة : 51]، وكذا الآية المبحوث عنها في المقام المشتملة على كلمة «الليل».

فانقدح أنّه لا منافاة بين الآيتين، ولا مناقضة بين الكريمتين، فلا موقع للشبهة في البين.

ثانيهما : أنّ الكتاب كثيراً ما يسند الفعل إلى العبد واختياره، فيدلّ ذلك على عدم كونه مجبوراً في أفعاله، وقد يسنده إلى اللَّه تبارك وتعالى، وهذا ظاهر في أنّ العبد مجبور في أفعاله، وأنّه ليس له اختيار إلّا اختياره تعالى.

فمن الأوّل : قوله - تعالى - : {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف : 29]

وقوله - تعالى - : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان : 3]

ومن الثاني : قوله - تعالى - : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان : 30] قالوا : وهذا تناقض صريح وتهافت محض.

والجواب : أمّا كون الإنسان مختاراً في أفعاله الاختياريّة، غير مجبور بالإضافة إليها، قادراً على الفعل والترك، فممّا يدركه الإنسان بالفطرة السليمة، ولا يشكّ فيه عند استقامتها، وعدم الانحراف عنها، وهذا الأمر - أي كون العبد مختاراً غير مجبور - ممّا أطبق عليه العقلاء كافّة، وبنوا عليه اموراً كثيرة؛ فإنّ القوانين الوضعيّة عندهم لغرض التنفيذ والموافقة لا يكاد يمكن فرض صحّتها، وواجديّتها للشرائط المعتبرة في التقنين إلّا مع مفروغيّة اختيار الإنسان في أفعاله وأعماله؛ ضرورة أنّه لا معنى لسنّ القانون بالإضافة إلى غير المختار؛ فإنّ القانون إنّما يكون الغرض منه الانبعاث والموافقة، وهو لا يعقل تحقّقه بدون الإرادة والاختيار.

وكذا الأوامر والنواهي الصادرة من الموالي العرفيّة بالنسبة إلى عبيدهم، إنّما تتفرّع على كون اتّصاف العبيد بالقدرة والاختيار أمراً ضروريّاً عند العقلاء، ولا ارتياب فيه عندهم أصلًا.

وكذا التحسين والتقبيح العقلائيّان اللّذان هما من الموضوعات المسلّمة عند العقلاء، والأحكام الضروريّة لديهم، إنّما يتفرّعان على هذا الأمر الذي ذكرناه، بداهة أنّه لا وجه لاتّصاف العمل غير الاختياري بالحسن أو القبح، ومن عدم الاتّصاف لا يبقى موقع للمدح أو الذمّ.

وبالجملة : لا ينبغي الارتياب في أنّ اتّصاف الإنسان بالاختيار في أفعاله الإراديّة وصحّة إسنادها إليه - لأنّه فاعل مختار - من الامور البديهيّة عند العقلاء الذين هم الحكّام في باب التقنين، وجعل الأحكام، وما يتفرّع عليه من الإطاعة والعصيان، واستحقاق المدح أو الذمّ، والجنان أو النيران، وما هو بمنزلتهما من المثوبات والعقوبات الدنيويّة.

ومع قطع النظر عن جميع ما ذكرنا أنّ العاقل يرى الفرق الواضح بين حركة يد المرتعش، والحركة الاختياريّة الصادرة من غيره، ولا يرتاب في المغايرة البيّنة بين سقوط الإنسان من شاهق إلى الأرض قهراً، وبين إسقاطه نفسه منه إليها اختياراً، فيرى أنّه مختار في الثانية دون الاولى، ويستحقّ الذمّ فيها دونها.

فانقدح أنّ اتّصاف الإنسان بالاختيار - الذي هو المصحّح لإسناد الأفعال الاختياريّة الصادرة منه إليه - ممّا لا ريب فيه عند العقل والعقلاء، ولا شكّ فيه عند الوجدان أصلًا.

وأمّا صحّة إسناد هذه الأفعال - التي تسند إلى الإنسان حقيقة - إلى اللَّه - تبارك وتعالى - بالإسناد الخالي عن العناية والمسامحة، فلأنّ واجب الوجود لم ينعزل عن خلقه بعد الإيجاد، لما ثبت في محلّه - من العلم الأعلى - من أنّ الممكن كما يفتقر في حدوث وجوده وتلبّسه بلباس الوجود إلى العلّة، كذلك يحتاج في البقاء والاستمرار إليها؛ لأنّ الافتقار والحاجة من لوازم ذات الممكن وماهيّته، قال اللَّه تبارك وتعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [فاطر : 15] وقال الشاعر الفارسي :

 

سيه روئى ز ممكن در دو عالم‏

 

جدا هرگز نشد و اللَّه أعلم ‏(3)

     

فمثل الموجودات الممكنة إلى خالقها وبارئها ليس كمثل البناء والكتاب إلى البنّاء والكاتب، حيث لا حاجة في بقائهما إلى بقاء صانعهما، أو مثل الولد إلى والده، حيث يستغني الولد في بقائه عن بقاء والده، بل مثلها إليه - تبارك وتعالى - مثل شعاع الشمس ونورها إليها؛ فإنّه يحتاج إليها حدوثاً وبقاءً، كما أنّ نور الوجود لا يعقل بقاؤه بدون علّته الواجبة، وكذا مثل الضوء بالإضافة إلى القوّة الكهربائيّة المؤثِّرة في إيجاده؛ فإنّه لا يزال يفتقر في بقائه إلى الاستمداد من تلك القوّة، كما أنّه كان في حدوثه محتاجاً إلى اتّصال سلكه بمصدر تلك القوّة.

وبالجملة : من البديهيّات الواضحة الثابتة في العلم الأعلى، أنّ الممكن كما أنّه يحتاج حدوثاً إلى إفاضة الوجود عليه من المبدع الأوّل، كذلك يفتقر في بقائه إلى الاستمداد منه واتّصاله بالمبدأ الأعلى، بل قد ثبت في ذلك العلم أنّ الممكن ليس شيئاً له الارتباط الذي مرجعه إلى وصف زائد على حقيقته، بل ذاته عين الربط، وحقيقته محض الاتّصال، فكيف يعقل حينئذٍ غناؤه وخلوّه عن الربط الذي هو ذاته وحقيقته؟!.

إذا عرفت ذلك؛ يظهر لك صحّة إسناد الأفعال الاختياريّة الصادرة من الممكنات إلى خالقها أيضاً؛ ضرورة أنّه من جملة مبادئ الفعل الاختياري الذي هو الركن العظيم في صدوره وتحقّقه، هو نفس وجود الفاعل، بداهة أنّه مع عدمه لا يعقل صدور فعل اختياريّ منه، فوجوده أوّل المبادئ ‏وأساس المقدّمات.

ومن المعلوم أنّ هذه المقدّمة خارجة عن دائرة قدرة الفاعل واختيار الإنسان؛ ضرورة أنّه يكون باختيار العلّة المؤثِّرة التي يحتاج إليها الإنسان حدوثاً وبقاءً،

فالفعل الاختياري الصادر من الإنسان بما أنّ بعض مبادئه خارج عن تحت قدرته واختياره، بل يكون باختيار العلّة الموجدة يصحّ إسناده إليها.

وبما أنّ بعض مبادئه - كالإرادة الحاصلة بخلّاقيّة النفس وإفاضتها التي هي أيضاً عناية من العلّة صاحبة المشيئة والإرادة، وإفاضة حاصلة من ناحيتها، وعطيّة واصلة من جانبها، ومظهر للخلّاقيّة الموجودة فيها - باختياره وإرادته يصحّ إسناده إلى نفسه؛ ضرورة أنّ صحّة الإسناد لا تلازم الاستقلال؛ فإنّ مرجع وصف الاستقلال - بمعناه الحقيقي - إلى أن يكون سدّ جميع الأعدام الممكنة، حتّى العدم الجائي من قبل عدم الفاعل باختياره وإرادته، مع أنّا فرضنا عدم ثبوت الاستقلال بهذا المعنى؛ لأنّ وجود الفاعل - الذي قد عرفت أنّه الركن العظيم في صدور الفعل الاختياري - خارج عن حريم اختياره، لكن هذا الأمر ينافي الاستقلال، لا صحّة الإسناد إلى الفاعل المختار.

والظاهر وقوع الخلط بين هذين العنوانين بحيث توهّم أنّ صحّة الإسناد إلى الفاعل ملازمة لاختصاص الإسناد به، الذي مرجعه إلى استقلاله في صدور الفعل، مع أنّ الغرض مجرّد صحّة الإسناد بنحو الحقيقة.

وبعبارة اخرى : المقصود إثبات الإسناد إليه فقط، لا نفي إسناده إلى غيره أيضاً.

فانقدح ممّا ذكرنا أنّ الفعل الاختياري الصادر عن الإنسان، كما أنّه منسوب إلى فاعله ومريده، كذلك منسوب إلى الواجب الذي هو العلّة الموجدة للفاعل، وهو يحتاج إليها حدوثاً وبقاءً، وهذا هو الأمر بين الأمرين (4) ، والطريقة الوسطى‏ المأخوذة من إرشادات أهل البيت صلوات اللَّه عليهم أجمعين، والأمران هما :

التفويض الذي مرجعه إلى استقلال الممكن في أفعاله، والقائل به أخرج الممكن عن حدّه إلى حدّ الواجب بالذات فهو مشرك، والجبر الذي مرجعه إلى سلب التأثير عن الممكن، ومزاولته - تعالى - للأفعال والآثار مباشرة من دون واسطة، والقائل به حطّ الواجب عن علوّ مقامه إلى حدود الممكن، فهو كافر، ولقد سمّى مولانا الرضا - عليه آلاف التحيّة والثناء - على رواية الصدوق في العيون - القائل بالجبر كافراً، والقائل بالتفويض مشركاً (5) .

إذن فلا محيص عن القول بالأمر بين الأمرين، الذي هو الطريقة الوسطى لمن كان على دين الإسلام الحنيف، وإليه يرشد قول اللَّه - تبارك وتعالى - في بعض المواضع من كتابه العزيز : {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال : 17]

فأثبت الرمي من حيث نفاه، ومرجعه إلى صدور الرمي اختياراً من النبيّ صلى الله عليه و آله وعدم استقلاله في ذلك.

وكقوله - تعالى - في الآية التي هي محلّ البحث : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان : 30] فإنّ مفادها ثبوت المشيئة للَّه ‏من حيث كونها لهم، فمشيئة الممكن ظهور مشيئة اللَّه، وعين الارتباط والتعلّق بها، وبذلك ظهر الجواب عن إشكال المناقضة المتقدّم، ولكن لتوضيح ما ذكرنا ينبغي إيراد أمثلة.

فنقول : منها : أ نّ الأفعال الصادرة من الإنسان بسبب اليد والرجل والسمع والبصر وغيرها من الأعضاء تصحّ نسبتها إلى نفس تلك الأعضاء، فيقال : رأت العين وسمعت الاذن، وضربت اليد، وتحرّكت الرجل مثلًا، وأيضاً تصحّ نسبتها إلى النفس الإنسانيّة التي هي المنشأ لصدور كلّ فعل، وهي التي يعبَّر عنها ب «أنا» فيقال : رأيت وسمعت، وضربت، وتحرّكت ونحوها، ومثل الموجودات الممكنة إلى بارئها وخالقها - والمثال يقرب من وجه - مثل تلك الأعضاء إلى النفس.

ومنها : النور الحاصل في الجدار، المنعكس من المرآة الواقعة في محاذاة الشمس وإشراقها؛ فإنّ هذا النور كما أنّه يرتبط بالشمس؛ لأنّ المرآة ليس لها بذاتها نور؛ لعدم نور لها، كذلك ليس من الشمس المطلق؛ أي من دون وسط وقيد، بل هو نور شمس المرآة، فيصحّ انتسابه إلى كلّ واحد منهما؛ لدخالته في تحقّقه، وارتباطه بكلّ واحد.

ومنها : ما فرضه بعض الأعلام من أنّه لو كان إنسان يده شلّاء لا يستطيع تحريكها بنفسه ، وقد استطاع الطبيب أن يوجد فيها حركة إراديّة وقتيّة بواسطة قوّة الكهرباء، فإذا وصل الطبيب هذه اليد المريضة بالسلك المشتمل على تلك القوّة، وابتدأ ذلك الرجل المريض بتحريك يده ومباشرة الأعمال بها ، فلا شبهة في أنّ هذا التحريك من الأمر بين الأمرين؛ لأنّه لا يكون مستنداً إلى الرجل مستقلّاً ؛ لعدم القدرة عليه بدون إيصال القوّة إلى يده ، ولا يكون مستنداً إلى الطبيب مستقلّاً؛ لأنّ صدوره كان من الرجل بإرادته واختياره ، فالفاعل لم يجبر على فعله؛ لأنّه مريد له، ولم يفوّض إليه الفعل بجميع مبادئه؛ لأنّ المدد من غيره، والأفعال الصادرة من الفاعلين المختارين كلّها من هذا القبيل‏ (6) .

وقد انقدح - بحمد اللَّه - ممّا ذكرنا مع إجماله واختصاره بطلان مسلكي الجبر والتفويض، وأنّ غاية ما يقتضيه التحقيق الفلسفي هو ما أرشدنا إليه الأئمّة المعصومون - صلوات اللَّه عليهم أجمعين - من ثبوت الأمر بين الأمرين، وصحّة إسناد الأفعال الاختياريّة إلى الإنسان وإلى موجده، والملاك في صحّة توجّه التكليف، وترتّب المثوبة والعقوبة على الإطاعة والمعصية هو هذا المقدار، وهو صحّة الإسناد حقيقة من دون أن يكون الاستقلال أيضاً معتبراً فيه؛ ضرورة أنّ المناط هو صدور الفعل اختياراً، ووجوده مسبوقاً بالإرادة بمبادئها، وهو موجود.

ويرشد إلى ما ذكرنا الجملة المعروفة : «لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه»؛ فإنّها تفيد أنّ الحول والقوّة على إيجاد الأفعال إنّما ينتهي إلى اللَّه، ويستمدّ منه، ولا يمكن أن يتحقّق مع قطع النظر عن اللَّه والارتباط إليه، فالحول والقوّة المصحّح لإيجاد الفعل والاقتداء عليه موجود، ولكنّ الأساس هو الاتّصال به تعالى.

وهذا كما إذا كان إنسان عاجزاً عن إيجاد فعل وأقدره الآخر عليه، فأوجده بإرادته واختياره، كما إذا كان الفعل متوقّفاً على صرف مال، وهو لا يكون متمكِّناً منه بوجه، فبذل الآخر إيّاه ذلك المال، فقدر على إيجاده فأوجده؛ فإنّه مع كون الفعل صادراً بإرادة الفاعل واختياره، لا مجال لإنكار كون القدرة على إيجاده ناشئة من صاحب المال الباذل له إيّاه، ومع ذلك لا يكون التحسين والتقبيح متوجّهاً إليه أصلًا؛ لأنّ الملاك فيها هو صدور العمل الحسن أو القبيح بالمباشرة، ولا يتعدّى عن الفاعل بالإرادة إلى غيره ممّن كان دخيلًا في صدور الفعل وتحقّق القدرة عليه، إلّا إذا انطبق عليه عنوان مباشريّ، كالإعانة على الإثم، أو على البرّ والتقوى، فيصير ذلك العنوان لأجل كونه مباشريّاً موجباً لتوجّه التحسين أو التقبيح إليه، فتأمّل جيّداً.

________________

1. سورة النساء 4 : 82.

2. لسان العرب : 6/ 525.

3. الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة، الجزء الأوّل من السفر الأوّل : 69.

4. الكافي : 1/ 155 - 160، كتاب التوحيد، باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين، بحار الأنوار : 4/ 197 عن الصادق عليه السلام.

5. عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 124 ب 11 ح 17، وعنه بحار الأنوار : 25/ 328 ح3.

6. البيان في تفسير القرآن : 89، أوهام حول إعجاز القرآن.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .