أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-8-2016
1919
التاريخ: 29-8-2016
5148
التاريخ: 29-8-2016
5030
التاريخ: 9-8-2016
1750
|
العام والخاص قد يكونان متعاقبين بتقديم الأوّل على الثاني أو العكس، وقد يكونان متقارنين، فإن كان العام مقدّما على الخاص فإمّا أن يكون الخاص واردا بعد حضور العمل بالعام، وإمّا أن يكون واردا قبله، فالخاص المتأخّر سواء ورد عقيب وقت الحاجة إلى العمل بالعام أم قبله يكون تخصيصا أو ما هو كالتخصيص.
بيان ذلك: إنّا نشاهد كثيرا من الأحكام جرت بلسان النبيّ صلّى اللّه عليه وآله في القرآن أو السنّة أو واحد من الأوصياء عليهم السلام على وجه العموم، ثمّ ورد بعد أزمنة متمادية ما يدل على خلاف الحكم في بعض أفراد العام على لسان الإمام المتأخّر عليه السلام، ومثل هذا كثير في الأحكام جدّا.
فإن قلنا بأنّ ذلك من قبيل النسخ وأنّ الخصوصيّات المتأخّرة الجارية على لسان المتأخّر نواسخ للعمومات الجارية على لسان النبي أو الوصيّ المتقدّم بالنسبة إلى الفرد الخاص، فهذا وإن كان سليما ممّا توهّم كونه إشكالا على النسخ من استحالته، من جهة استلزامه إمّا الإيقاع في المفسدة أو تفويت المصلحة- لإمكان أن تكون المصلحة مقيّدة ببرهة من الزمان ففي الحقيقة واللب يكون النسخ إظهارا لانقضاء أمد المصلحة الموجبة للحكم السابق وانقلابه بالقيد، لا أنّه رفع لما كان ثابتا وإن كان هو كذلك بحسب مقام الظاهر والإثبات؛ إذ الرفع لا يتحقّق إلّا بالنسبة إلى غير العالم بالعواقب الجائز في حقّه البداء بأن يلتفت في اللاحق بمصلحة لم يكن ملتفتا لها في السابق فرجع عن حكمه السابق ورفعه في اللاحق وبدّله بالضدّ لا بالنسبة إلى الحكيم تعالى. وكذا لا يرد على هذا الوجه مخالفته لقوله عليه السلام: «حلال محمّد صلى اللّه عليه وآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة»؛ إذ مفاد القضيّة أنّ الأحكام التي جاء بها النبي من قبل اللّه باقية إلى يوم القيامة من دون أن يبدّلها شريعة جديدة كما في الشرائع السابقة. والفرق بين هذا النسخ وبين نسخ الشرائع أنّ الأوّل يكون ناسخه ومنسوخه ممّا جاء به النبي، غاية الأمر أنّه أوكل بيان الناسخ إلى وصيّه ومن هو قائم مقامه، فكأنّه جرى بيان الناسخ والمنسوخ على لسان نفس النبي صلّى اللّه على وآله؛ إذ الوصي وجود تنزيلي للنبي، وهذا بخلاف نسخ الشرائع؛ فإنّ الناسخ فيه جاء به نبيّ آخر من قبل اللّه سبحانه، لا أنّه كان نائبا من النبي السابق في بيانه؛ إذ النبي السابق لم يكن مأمورا من اللّه بأزيد من المنسوخ، والمأمور بالناسخ هو النبي اللاحق، والقضيّة نافية للثاني دون الأوّل كما لا تنفى ما إذا كان الناسخ أيضا جاريا على لسان النبي صلّى اللّه عليه وآله- إلّا أنّه مع ذلك لا يمكن الالتزام بهذا الوجه للقطع بندرة النسخ وعدم تكثّره إلى هذه الغاية.
وإن قلنا بأنّ ذلك من قبيل التخصيص فهذا وإن كان سالما عن إشكال لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة- إذ لا نسلّم أن يكون تأخير البيان إلى ما بعد وقت الحاجة من العناوين الغير المنفكّة عن القبح التي هي علّة تامّة له كعنوان الظلم، بل هو من قبيل بعض العناوين التي قبحها اقتضائي معلّق على عدم طروّ جهة حسن عليها كضرب اليتيم، فمن الممكن أن يكون مصلحة في البين اقتضت التأخير وبذلك صار التأخير راجحا حسنا، غاية ما في البين أن يقال: إنّ التأخير وعدم البيان كان فيه المصلحة، فما وجه بيان الخلاف، وهذا أيضا مردود بأنّا نقطع بأنّ كثيرا من الأحكام لم يكن المصلحة في بيانها، بل بعض الموضوعات لم يبيّن حكمها إلى زمان ظهور القائم عجّل اللّه تعالى فرجه كحكم شرب التتن ولا بدّ أن نلتزم في أمثال ذلك بأنّ المصلحة اقتضت عدم البيان، فكما نلتزم في هذه الأحكام بكون المصلحة في عدم البيان نلتزم في ما نحن فيه بكون المصلحة متعلّقة ببيان الخلاف- إلّا أنّه مع ذلك لا يخلو عن ركاكة وحزازة؛ إذ يلزم على هذا سلب الوثوق عن عامّة العمومات؛ لاحتمال أن لا يكون بصدد بيان الحكم الواقعي وأنّ المصلحة اقتضت بيان الخلاف.
فما يكون هو الوجه في هذا لمقام هو أن يقال: إنّا تصوّرنا في أحكام الشارع قسمين من الحكم- وإن لم نجدهما في أحكام غيره- كلاهما صحيح تام سالم من الإشكال، الأوّل: جعل الحكم في موضوع الواقع وهو المسمّى بالواقعي، والثاني: جعله في موضوع المشكوك وهو المسمّى بالظاهري ودفعنا ما أورده ابن قبة على هذا الحكم من تفويت المصلحة أو الإيقاع في المفسدة أو اجتماع الضدّين بأنّهما حكمان طوليّان، فليس بينهما التنافي وكلّ منهما في موضوع نفسه حكم واقعي.
وحينئذ نقول: من الممكن أن يكون الحكم الذي تكفّله تلك العمومات بالنسبة إلى بعض الأفراد حكما واقعيّا وبالنسبة إلى بعضها ظاهريّا، غاية الأمر أنّه لم يصرّح في هذا البعض باسم الشكّ لأجل كونه حاصلا؛ إذ المكلّف كان شاكّا في حكم هذا الفرد ولم يرتفع شكّه بمجرّد ورود العام لاحتمال التخصيص، بل هو باق إلى أن يظهر الخاص، فبظهوره يرتفع ويكون الخاص بيانا للحكم الواقعي لهذا الفرد.
وحينئذ يرتفع الإشكال بحذافيره، أمّا عدم البيان للحكم الواقعي لهذا الفرد وتأخيره إلى زمان ورود الخاص فهو نظير عدم بيان حكم سائر الموضوعات الغير المبيّنة حكمها كشرب التتن، وأمّا بيان الخلاف فلأنّه حكم واقعي متعلّق بموضوع الشاك وهو موضوع آخر غير مرتبط بنفس الواقع، فليس فيه إغراء بالجهل وإيقاع في المفسدة، وهذا الوجه يكون كالتخصيص في النتيجة والثمرة، وأمّا إذا كان الخاص واردا قبل الحضور فهو تخصيص حقيقي بلا كلام كالخاص المقارن.
وملخّص الكلام في المقام أنّ المخصّص المنفصل قد يكون متقدّما على العامّ وقد يكون متأخّرا، وعلى التقديرين قد يكون المتأخّر واردا قبل حضور وقت العمل بالمتقدّم وقد يكون واردا بعده، فهذه أربع صور، وقد يكون التاريخان مشكوكين، فصورة العلم بتأخّر الخاص سواء كان قبل حضور وقت العمل بالعام أم بعده حيث أن لا ثمر بحسب العمل للخلاف في كونه نسخا أو تخصيصا بالنسبة إلينا لكوننا واقعين في هذه الأزمنة التي هي زمان العمل بالخاص وظهور الثمر بالنسبة إلى المكلّفين الواقعين بعد زمان ورود العام وقبل ورود الخاص لا يوجب الجدوى في البحث بالنسبة إلينا.
وإذن فعدّ هذه الصورة في باب تعارض الأحوال والكلام في أنّ مقتضى الاصول العقلائيّة تعيين أيّ الحالتين لعلّه في غير محلّه؛ إذ الاصول العقلائيّة كالشرعيّة إنّما يجري في ما إذا ترتّب عليها أثر عملي.
نعم اللائق بالبحث هو الأمر الحكمي العقلي وهو تصوير عدم لزوم القبح على الحكيم تعالى على تقدير النسخ وعدم مخالفته للقضيّة المشهورة «حلال محمّد صلى اللّه عليه وآله الخ» وتصوير ذلك على تقدير التخصيص من جهة قبح تأخير البيان، وقد عرفت تصويره على كلا التقديرين، وأمّا الخاص المتقدّم ففيه يظهر الثمر العملي بين التخصيص والنسخ؛ إذ الأمر فيه دائر بين أن يكون الخاص تخصيصا فرديّا للعام وبين أن يكون العام تخصيصا زمانيّا للخاص، فعلى الأوّل يكون الفرد الخاص بعد ورد العام محكوما بحكم الخاص، وعلى الثاني يكون محكوما بحكم العام.
وملخّص الكلام فيه أنّ العام لو كان واردا قبل حضور العمل به فالظاهر عدم الإشكال في كونه مخصّصا للعام، ولو كان واردا بعد ذلك فإن حصل لنا من كثرة وقوع التخصيص وشيوعه وندرة وقوع النسخ الظنّ الاطميناني بالتخصيص الذي هو عند العقلاء بمنزلة العلم، ويكون احتمال خلافه في حكم العدم فنعم المطلوب، وإن لم يحصل من ذلك إلّا الظن الغير البالغ حدّ الاطمئنان فحيث لا دليل على اعتبار هذا الظنّ وحجيّته لعدم كونه لفظيّا فنرجع إلى دلالة اللفظين، وقد عرفت معارضة أصالة العموم الأزماني في الخاص لأصالة العموم الأفرادي في العام.
وتوهّم أنّ الأوّل إطلاقي حاصل بمقدّمات الحكمة والظهور في الثاني وضعي فيكون له الورود على الأوّل مدفوع، مضافا إلى أنّ العموم الأفرادى أيضا قد يكون إطلاقيّا، ومحلّ الكلام عام للقسمين بأنّ ما يمنع من انعقاد مقدّمات الحكمة هو البيان المتّصل، فعند عدم البيان المتّصل ينعقد الظهور الإطلاقي للكلام، فلو وجد بعد ذلك ظهور مخالف كان معارضا له وإن كان وضعيّا.
وكيف كان فإن كان أحد هذين الظهورين أقوى من الآخر كان هو المقدّم وإلّا فالمرجع هو الأصل العملي، وهو دائما يكون استصحاب حكم الخاص.
فتحصّل أنّ الخاص المتأخّر بكلا قسميه لا يليق بالبحث إلّا من الجهة العقليّة، والخاص المتقدّم لو كان العام واردا قبل حضور العمل به كان تخصيصا، ولو كان العام واردا بعد حضور العمل به فمع حصول الاطمئنان المذكور يكون تخصيصا أيضا، ومع عدم حصوله وعدم الأظهر يكون تخصيصا بحكم الأصل، هذا ملخّص الكلام في الصور الأربعة للعلم بالتاريخين.
وقد اتّضح منه الحال في صور الشكّ؛ فإنّ الحكم هو التخصيص؛ إذ قد علم أنّ الخاص على تقدير تأخّره يكون تخصيصا، وعلى تقدير تقدّمه أيضا يكون كذلك إمّا بالاطمينان، وعلى تقدير عدمه فإمّا أن يكون أصالة العموم الأزماني في الخاص أظهر أو يكون هو مساويا لأصالة العموم الأفرادي في العام فيرجع إلى الأصل ومقتضاه أيضا هو التخصيص، وأمّا أظهريّة أصالة العموم الأفرادي فلعلّه لم يكن له مورد إلّا فيما لو فرض مساعدة القرائن المقاميّة، وهذا الفرض أيضا في غاية الندرة وفي حكم العدم.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
نقابة تمريض كربلاء تشيد بمستشفى الكفيل وتؤكّد أنّها بيئة تدريبية تمتلك معايير النجاح
|
|
|