أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-5-2020
11106
التاريخ: 1-5-2020
2391
التاريخ: 1-5-2020
2950
التاريخ: 1-5-2020
12952
|
قال تعالى : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَو أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَو كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر : 38 - 45]
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1)
قال الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) {ولئن سألتهم} يا محمد {من خلق السماوات والأرض} وأوجدها وأنشأها بعد أن كانت معدومة {ليقولن الله} الفاعل لذلك لأنهم مع عبادتهم الأوثان يقرون بذلك ثم احتج عليهم بأن ما يعبدونه من دون الله لا يملك كشف الضر والسوء عنهم فقال {قل} لهم {أ فرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر} أي بمرض أو فقر أو بلاء أو شدة {هل هن كاشفات ضره} أي هل يكشفن ضره {أو أرادني برحمة} أي بخير أو صحة {هل هن ممسكات رحمته} أي هل يمسكن ويحبسن عني رحمته والمعنى أن من عجز عن النفع والضر وكشف السوء والشر عمن يتقرب إليه كيف يحسن منه عبادته وإنما يحسن العبادة لمن قدر على جميع ذلك ولا يلحقه العجز والمنع وهو الله تعالى .
{قل} يا محمد {حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون} وبه يثق الواثقون ومن توكل على غيره توكل على غير كاف {قل} لهم يا محمد {يا قوم اعملوا على مكانتكم} أي على قدر جهدكم وطاقتكم في إهلاكي وتضعيف أمري {إني عامل} قدر جهدي وطاقتي {فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم} قد مضى مفسرا وفي هذا غاية الوعيد والتهديد .
ثم بين سبحانه تحقيق وعيده بالعذاب المقيم بأن قال {إنا أنزلنا عليك الكتاب} يعني القرآن {للناس} أي لجميع الخلق عن ابن عباس {بالحق} أي ليس فيه شيء من الباطل وقيل بالحق معناه بأنه الحق أو على أنه الحق الذي يجب النظر في موجبه ومقتضاه فما صححه وجب تصحيحه وما أفسده وجب إفساده وما رغب فيه وجب العمل به وما حذر منه وجب اجتنابه وما دعا إليه فهو الرشد وما صرف عنه فهو الغي {فمن اهتدى} بما فيه من الأدلة {فلنفسه} لأن النفع في عاقبته يعود إليه {ومن ضل} عنه وحاد {فإنما يضل عليها} أي على نفسه لأن مضرة عاقبته من العقاب تعود عليه {وما أنت} يا محمد {عليهم بوكيل} أي برقيب في إيصال الحق إلى قلوبهم وحفظه عليهم حتى لا يتركوه ولا ينصرفوا عنه إذ لا تقدر على إكراههم على الإسلام وقيل بكفيل يلزمك إيمانهم فإنما عليك البلاغ {الله يتوفى الأنفس حين موتها} أي يقبضها إليه وقت موتها وانقضاء آجالها والمعنى حين مرت أبدانها وأجسادها على حذف المضاف .
{والتي لم تمت في منامها} أي ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها والتي تتوفى عند النوم هي النفس التي يكون بها العقل والتمييز وهي التي تفارق النائم فلا يعقل والتي تتوفى عند الموت هي نفس الحياة التي إذا زالت زال معها النفس والنائم يتنفس فالفرق بين قبض النوم وقبض الموت أن قبض النوم يضاد اليقظة وقبض الموت يضاد الحياة وقبض النوم يكون الروح معه في البدن وقبض الموت يخرج الروح معه من البدن .
{فيمسك التي قضى عليها الموت} إلى يوم القيامة لا تعود إلى الدنيا {ويرسل الأخرى} يعني الأنفس الأخرى التي لم يقض على موتها يريد نفس النائم {إلى أجل مسمى} قد سمي لموته {إن في ذلك لآيات} أي دلالات واضحات على توحيد الله وكمال قدرته {لقوم يتفكرون} في الأدلة إذ لا يقدر على قبض النفوس تارة بالنوم وتارة بالموت غير الله تعالى قال ابن عباس في بني آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس فالنفس التي بها العقل والتمييز والروح التي بها النفس والتحرك فإذا نام قبض الله نفسه ولم يقبض روحه وإذا مات قبض الله نفسه وروحه .
ويؤيده ما رواه العياشي بالإسناد عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن ثابت أبي المقدام عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ما من أحد ينام إلا عرجت نفسه إلى السماء وبقيت روحه في بدنه وصار بينهما سبب كشعاع الشمس فإن أذن الله في قبض الأرواح أجابت الروح النفس وإذا أذن الله في رد الروح أجابت النفس الروح وهو قوله سبحانه {الله يتوفى الأنفس حين موتها} الآية فمهما رأت في ملكوت السماوات فهو مما له تأويل وما رأت فيما بين السماء والأرض فهو مما يخيله الشيطان ولا تأويل له .
{أم اتخذوا} أي بل اتخذوا {من دون الله} آلهة {شفعاء قل} يا محمد {أ ولو كانوا} يعني الآلهة {لا يملكون شيئا} من الشفاعة {ولا يعقلون} وجواب هذا الاستفهام محذوف تقديره أ ولو كانوا بهذه الصفة يتخذونهم شفعاء ويعبدونهم راجين شفاعتهم ثم قال {قل} لهم {لله الشفاعة جميعا} أي لا يشفع أحد إلا بإذنه عن مجاهد والمعنى لا يملك أحد الشفاعة إلا بتمليكه كما قال من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه وفي هذا إبطال الشفاعة لمن ادعيت له الشفاعة من الآلهة {له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون} مضى معناه .
ثم أخبر سبحانه عن سوء اعتقادهم وشدة عنادهم فقال {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت} أي نفرت عن السدي والضحاك والجبائي وقيل انقبضت عن ابن عباس ومجاهد ومقاتل وقيل كفرت واستكبرت عن قتادة {قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} كان المشركون إذا سمعوا قول ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له)) نفروا من هذا لأنهم كانوا يقولون الأصنام آلهة {وإذا ذكر الذين من دونه} يعني الأصنام التي عبدوها من دونه {إذا هم يستبشرون} يفرحون ويسرون حتى يظهر السرور في وجوههم .
________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص401-405 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1)
{ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} . جوابهم هذا من وحي الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها ، لأنها لا تجد تفسيرا للكون إلا بوجود اللَّه ، ولكن الجاحدين يقولون : نحن لا نؤمن إلا بالتجربة ، أما الفطرة فكلام فارغ ، ونحن بدورنا نقول لهم : إذا كنتم لا تؤمنون إلا بالتجربة فأرونا التجربة التي دلتكم على أن اللَّه غير موجود . . ونحن لا نشك في أن من أنكر هذه الفطرة أو أنكر منطقها فقد أنكر إنسانية الإنسان وأغلى ما فيه من طاقات وغرائز . وتقدم مثله في الآية 61 من سورة العنكبوت والآية 25 من سورة لقمان .
{قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ} - أي الأصنام - {كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَو أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ} ؟ هدد المشركون الرسول الأعظم ( ص ) بالأصنام ، فأمره الجليل الأعلى أن يقول لهم : أي سلطان للأصنام علي أو على غيري ؟ فهل تدفع عني ما أراده اللَّه بي من الضر ، أو تمنع ما أراده لي من الخير ؟ بل هل تستطيع الأصنام أن تدفع عن نفسها إذا أراد إنسان أن يحطمها بفأسه ، أو يدوسها بنعله ؟ وتقدم مثله في الآية 17 من سورة الأنعام ج 3 ص 169 والآية 107 من سورة يونس ج 4 ص 199 .
{قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} . قل يا محمد لمن كذّب برسالتك :
أستعين باللَّه واسترشده ، وهو يكفيني ما أهمني ، ومن ضاقت عليه الأمور فليلجأ إليه وحده ، وكفى به وليا ونصيرا .
{قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ ويَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ} . على مكانتكم أي على حالتكم ، ومقيم دائم مدى الأبد ، والمعنى ليبق كل منا على ما هو عليه ، ثم ينتظر المصير ، وهو عليكم خسران وجحيم ، وعلينا بركة ونعيم . وتقدم مثله في الآية 135 من سورة الأنعام ج 3 ص 267 والآية 93 من سورة هود ج 4 ص 264 {إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ} . فبلغه عن ربك مبشرا ومنذرا بآياته ، ولا تدع لأحد عذرا يتعلل به {فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ ومَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} فكل إنسان مسؤول عن عمله ، وحسابه على خالقه ، ولا سلطان لك عليه بعد ان بلغت ونصحت . وتقدم مثله في الآية 104 من سورة الأنعام ج 3 ص 138 والآية 107 من سورة يونس ج 4 ص 199 .
{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} . قال الماديون : الإنسان هو هذا الجسم ولا شيء وراءه . انظر {الماديون والحياة بعد الموت} ج 4 ص 379 ومع الماديين ص 536 من المجلد المذكور . وقال المؤمنون : ان الإنسان روح وبدن ، وان الروح هي التي تسيّر البدن وتدبره بأمر اللَّه تعالى ، والموت عبارة عن قطع العلاقة بين الروح والبدن ، وانها بعد ذلك تذهب إلى خالقها : يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ - 27 الفجر . وعلى هذا يكون معنى قوله تعالى : {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها} انه تعالى يقبضها إليه حين موت الأبدان .
{والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها} . النوم نوع من الموت والوفاة أو هو وفاة مجازا ، قال تعالى : {هُو الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} - 60 الأنعام . وقال صاحب مجمع البيان : (التي تتوفى عند النوم هي النفس التي يكون بها العقل والتمييز ، وهي التي تفارق النائم فلا يعقل ، أما التي تتوفى عند الموت فهي نفس الحياة التي إذا زالت زال معها النفس ، والنائم يتنفس ، فالفرق بين قبض النوم وقبض الموت ان قبض النوم يضاد اليقظة ، وقبض الموت يضاد الحياة ، وقبض النوم تكون الروح معه - أي مع القبض - في البدن ، وقبض الموت تخرج الروح من البدن) .
{فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ ويُرْسِلُ الأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} . يقبض سبحانه النفس عند موت الجسد ، وعند منامه ، وتبقى التي قضى عليها الموت عند خالقها ولا يردها إلى الجسد ، أما الثانية فيردها إليه إلى أمدها المعين . قال عمر بن الخطاب : (العجب ان الرجل يرى رؤيا فتكون كالأخذ باليد ، ويرى رؤيا فلا تكون شيئا . . فقال له الإمام علي بن أبي طالب : ان اللَّه يتوفى الأنفس كلها ، فما رأته وهي عنده فهي صادقة ، وما تراه بعد إرسالها فهي كاذبة ، فعجب عمر من قول الإمام) . نقل هذا الشيخ المراغي في تفسيره عن أبي حاتم وابن مردويه .
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَولَو كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً ولا يَعْقِلُونَ} .
الأصنام لا تعقل شيئا ، ولا تدفع عن نفسها ضرا ، ومع ذلك يرجو المشركون أن تشفع لهم وتنفعهم عند اللَّه . . وهكذا يفعل الجهل بنفسه . . ان خير شفيع عند اللَّه تعالى للمذنبين التوبة والإنابة {قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً} أي لا أحد يملك من الشفاعة شيئا إلا ما ملكه اللَّه منها : إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ - 154 آل عمران .
{لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} . ومثله : {ولِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأَرْضِ وما بَيْنَهُما وإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} - 18 المائدة ج 3 ص 40 .
{وإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} - أي من دون اللَّه وهي الأصنام - {إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} . كان المشركون إذا سمعوا قول لا إله إلا اللَّه نفروا ، وإذا سمعوا مدح الأصنام فرحوا .
وهذا شأن المبطلين قديما وحديثا ، لا يؤنسهم إلا الباطل ، ولا يوحشهم إلا الحق . .
وفي نهج البلاغة : من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه .
__________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص418-420 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1)
في الآيات كرة أخرى على المشركين بالاحتجاج على توحده تعالى في الربوبية وأنه لا يصلح لها شركاؤهم وأن الشفاعة التي يدعونها لشركائهم لا يملكها إلا الله سبحانه وفيها أمور أخر متعلقة بالدعوة من موعظة وإنذار وتبشير .
قوله تعالى : {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله} إلى آخر الآية شروع في إقامة الحجة وقد قدم لها مقدمة تبتني الحجة عليها وهي مسلمة عند الخصم وهي أن خالق العالم هو الله سبحانه فإن الخصم لا نزاع له في أن الخالق هو الله وحده لا شريك له وإنما يدعي لشركائه التدبير دون الخلق .
وإذا كان الخلق إليه تعالى فما في السماوات والأرض من عين ولا أثر إلا وينتهي وجوده إليه تعالى فما يصيب كل شيء من خير أوشر كان وجوده منه تعالى وليس لأحد أن يمسك خيرا يريده تعالى له أو يكشف شرا يريده تعالى له لأنه من الخلق والإيجاد ولا شريك له تعالى في الخلق والإيجاد حتى يزاحمه في خلق شيء أو يمنعه من خلق شيء أو يسبقه إلى خلق شيء والتدبير نظم الأمور وترتيب بعضها على بعض خلق وإيجاد فالله الخالق لكل شيء كاف في تدبير أمر العالم لأنه الخالق لكل شيء وليس وراء الخلق شيء حتى يتوهم استناده إلى غيره فهو الله رب كل شيء وإلهه لا رب سواه ولا إله غيره .
فقوله : {قل أ فرأيتم ما تدعون من دون الله} أي أقم الحجة عليهم بانيا لها على هذه المقدمة المسلمة عندهم أن الله خالق كل شيء وقل مفرعا عليه أخبروني عما تدعون من دون الله ، والتعبير عن آلهتهم بلفظة {ما} دون {من} ونحوه يفيد تعميم البيان للأصنام وأربابها جميعا فإن الخواص منهم وإن قصروا العبادة على الأرباب من الملائكة وغيرهم واتخذوا الأصنام قبلة وذريعة إلى التوجه إلى أربابها لكن عامتهم ربما أخذوا الأصنام نفسها أربابا وآلهة يعبدونها ونتيجة الحجة عامة تشمل الجميع .
وقوله : {إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته} الضر كالمرض والشدة ونحوهما وظاهر مقابلته الرحمة عمومه لكل مصيبة ، وإضافة الضر والرحمة إلى ضميره تعالى في {كاشفات ضره} و{ممسكات رحمته} لحفظ النسبة لأن المانع من كشف الضر وإمساك الرحمة هو نسبتهما إليه تعالى .
وتخصيص الضر والرحمة به (صلى الله عليه وآله وسلم) من عموم الحجة له ولغيره لكونه المخاصم الأصيل لهم وقد خوفوه بآلهتهم من دون الله .
وإرجاع ضمير الجمع المؤنث إلى ما يدعونه من دون الله لتغليب جانب غير أولي العقل من الأصنام وهو يؤيد ما قدمناه في قوله : {أ فرأيتم ما تدعون من دون الله} أن التعبير بما لتعميم الحجة للأصنام وأربابها .
وقوله : {قل حسبي الله} أمر بالتوكل عليه تعالى كما يدل عليه قوله بعده : {عليه يتوكل المتوكلون} وهو موضوع موضع نتيجة الحجة كأنه قيل : قل لهم : إني اتخذت الله وكيلا لأن أمر تدبيري إليه كما أن أمر خلقي إليه فهو في معنى قولنا : فقد دلت الحجة على ربوبيته وصدقت ذلك عملا باتخاذه وكيلا في أموري .
وقوله : {عليه يتوكل المتوكلون} تقديم الظرف على متعلقه للدلالة على الحصر أي عليه يتوكلون لا على غيره ، وإسناد الفعل إلى الوصف من مادته للدلالة على كون المراد المتوكلين بحقيقة معنى التوكل ففي الجملة ثناء عليه تعالى بأنه الأهل للتوكل عليه يتوكل أهل البصيرة في التوكل فلا لوم علي أن توكلت عليه وقلت : حسبي الله .
قوله تعالى : {قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل - إلى قوله - عذاب مقيم} المكانة هي المنزلة والقدر وهي في المعقولات كالمكان في المحسوسات فأمرهم بأن يعملوا على مكانتهم معناه أمرهم أن يستمروا على الحالة التي هم عليها من الكفر والعناد والصد عن سبيل الله .
وقوله : {فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه} الظاهر أن {من} استفهامية لا موصولة لظهور العلم فيما يتعلق بالجملة لا بالمفرد .
وقوله : {ويحل عليه عذاب مقيم} أي دائم وهو المناسب للحلول ، وتفكيك أمر العذابين يشهد أن المراد بالأول عذاب الدنيا وبالثاني عذاب الآخرة ، وفي الكلام أشد التهديد .
والمعنى قل مخاطبا للمشركين من قومك : يا قوم اعملوا - مستمرين - على حالتكم التي أنتم عليها من الكفر والعناد إني عامل - كما أومر غير منصرف عنه - فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويذله؟ وهو عذاب الدنيا كما في يوم بدر ويحل عليه ولا يفارقه عذاب دائم وهو عذاب الآخرة .
قوله تعالى : {إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق} إلى آخر الآية .
في مقام التعليل للأمر الذي في الآية السابقة ، واللام في قوله : {للناس} للتعليل أي لأجل الناس أن تتلوه عليهم وتبلغهم ما فيه ، والباء في قوله : {بالحق} للملابسة أي ملابسا للحق لا يشوبه باطل .
وقوله : {فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها} أي يتفرع على هذا الإنزال أن من اهتدى فإنما يعود نفعه من سعادة الحياة وثواب الدار الآخرة إلى نفسه ، ومن ضل ولم يهتد به فإنما يعود شقاؤه ووباله من عقاب الدار الآخرة إلى نفسه فالله سبحانه أجل من أن ينتفع بهداهم أو يتضرر بضلالهم .
وقوله : {وما أنت عليهم بوكيل} أي مفوضا إليه أمرهم قائما بتدبير شئونهم حتى توصل ما فيه من الهدى إلى قلوبهم .
والمعنى إنما أمرناك أن تهددهم بما قلنا لأنا نزلنا عليك الكتاب بالحق لأجل أن تقرأه على الناس لا غير فمن اهتدى منهم فإنما يعود نفعه إلى نفسه ومن ضل ولم يهتد به فإنما يعود ضرره إلى نفسه وما أنت وكيلا من قبلنا عليهم تدبر شئونهم فتوصل الهدى إلى قلوبهم فليس لك من الأمر شيء .
قوله تعالى : {الله يتوفى الأنفس حين موتها} إلى آخر الآية ، قال في المجمع ، : التوفي قبض الشيء على الإيفاء والإتمام يقال : توفيت حقي من فلان واستوفيته بمعنى .
انتهى .
تقديم المسند إليه في الآية يفيد الحصر أي هو تعالى المتوفي لها لا غير وإذا انضمت الآية إلى مثل قوله تعالى : {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة : 11] ، وقوله : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام : 61] أفادت معنى الأصالة والتبعية أي إنه تعالى هو المتوفي بالحقيقة وملك الموت والملائكة الذين هم أعوانه أسباب متوسطة يعملون بأمره .
وقوله : {الله يتوفى الأنفس حين موتها} المراد بالأنفس الأرواح المتعلقة بالأبدان لا مجموع الأرواح والأبدان لأن المجموع غير مقبوض عند الموت وإنما المقبوض هو الروح يقبض من البدن بمعنى قطع تعلقه بالبدن تعلق التصرف والتدبير والمراد بموتها موت أبدانها إما بتقدير المضاف أو بنحو المجاز العقلي ، وكذا المراد بمنامها .
وقوله : {والتي لم تمت في منامها} معطوف على الأنفس في الجملة السابقة ، والظاهر أن المنام اسم زمان وفي منامها متعلق بيتوفى والتقدير ويتوفى الأنفس التي لم تمت في وقت نومها .
ثم فصل تعالى في القول في الأنفس المتوفاة في وقت النوم فقال : {فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} أي فيحفظ النفس التي قضى عليها الموت كما يحفظ النفس التي توفاها حين موتها ولا يردها إلى بدنها ، ويرسل النفس الأخرى التي لم يقض عليها الموت إلى بدنها إلى أجل مسمى تنتهي إليه الحياة .
وجعل الأجل المسمى غاية للإرسال دليل على أن المراد بالإرسال جنسه بمعنى أنه يرسل بعض الأنفس إرسالا واحدا وبعضها إرسالا بعد إرسال حتى ينتهي إلى الأجل المسمى .
ويستفاد من الآية أولا : أن النفس موجود مغاير للبدن بحيث تفارقه وتستقل عنه وتبقى بحيالها .
وثانيا : أن الموت والنوم كلاهما توف وإن افترقا في أن الموت توف لا إرسال بعده والنوم توف ربما كان بعده إرسال .
ثم تمم الآية بقوله : {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} فيتذكرون أن الله سبحانه هو المدبر لأمرهم وأنهم إليه راجعون سيحاسبهم على ما عملوا .
قوله تعالى : {أم اتخذوا من دون الله شفعاء} إلخ {أم} منقطعة أي بل اتخذ المشركون من دون الله شفعاء وهم آلهتهم الذين يعبدونهم ليشفعوا لهم عند الله سبحانه كما قال في أول السورة : {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} وقال : {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس : 18] .
وقوله : {قل أ ولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون} أمر بأن يرده عليهم بالمناقشة في إطلاق كلامهم فإن من البديهي أن الشفاعة تتوقف على علم في الشفيع يعلم به ما يريد؟ وممن يريد؟ ولمن يريد؟ فلا معنى لشفاعة الجهاد الذي لا شعور له وكذا تتوقف على أن يملك الشفيع الشفاعة ويكون له حق أن يشفع ولا ملك لغير الله إلا أن يملكه الله شيئا ويأذن له في التصرف فيه فقولهم بشفاعة أوليائهم مطلقا الشامل لما لا يملكونه ولا علم لهم بإذنه تعالى لهم فيها تخرص .
فالاستفهام في {أ ولو كانوا} إلخ للإنكار والمعنى قل لهم هل تتخذونهم شفعاء لكم ولو كانوا لا يملكون من عند أنفسهم شيئا كالملائكة ولا يعقلون شيئا كالأصنام؟ فإنه سفه .
قوله تعالى : {قل لله الشفاعة جميعا له ملك السموات والأرض} إلخ توضيح وتأكيد لما مر من قوله : {قل أ ولو كانوا لا يملكون شيئا} واللام في {لله} للملك ، وقوله : {له ملك السموات والأرض} في مقام التعليل للجملة السابقة ، والمعنى كل شفاعة فإنها مملوكة لله فإنه المالك لكل شيء إلا أن يأذن لأحد في شيء منها فيملكه إياها ، وأما استغلال بعض عباده كالملائكة يملك الشفاعة مطلقا كما يقولون فمما لا يكون قال تعالى : {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} [يونس : 3] .
وللآية معنى آخر أدق إذا انضمت إلى مثل قوله تعالى : {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ} [الأنعام : 51] وهو أن الشفيع بالحقيقة هو الله سبحانه وغيره من الشفعاء لهم الشفاعة بإذن منه فقد تقدم في بحث الشفاعة في الجزء الأول من الكتاب أن الشفاعة ينتهي إلى توسط بعض صفاته تعالى بينه وبين المشفوع له لإصلاح حاله كتوسط الرحمة والمغفرة بينه وبين عبده المذنب لإنجائه من وبال الذنب وتخليصه من العذاب .
والفرق بين هذا الملك وما في الوجه السابق أن المالك لا يتصف بمملوكه في الوجه السابق كما في ملك زيد للدار بخلاف الملك في هذا الوجه فإن المالك فيه يتصف بمملوكه كملك زيد الشجاع لشجاعته .
وقوله : {ثم إليه ترجعون} تعليل آخر لكونه يملك الشفاعة جميعا الدال على الحصر وذلك أن الشفاعة إنما يملكها الذي ينتهي إليه أمر المشفوع له إن شاء قبلها وأصلح حال المشفوع له وأما غيره فإنما يملكها إذا رضي بها وأذن فيها والله سبحانه هو الذي يرجع إليه العباد دون الذين يدعون من دون الله فالله هو المالك للشفاعة جميعا فقولهم بكون أوليائهم شفعاء لهم مطلقا ثم عبادتهم لهم كذلك بناء بلا مبنى يعتمد عليه .
وقيل : قوله : {ثم إليه ترجعون} تهديد لهم كأنه قيل : ثم إليه ترجعون فتعلمون أنهم لا يشفعون لكم ويخيب سعيكم في عبادتهم .
وقيل : يحتمل أن يكون تنصيصا على مالكية الآخرة التي فيها معظم نفع الشفاعة وإيماء إلى انقطاع الملك الصوري عما سواه تعالى ، والوجه ما قدمناه .
قوله تعالى : {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} إلخ المراد من ذكره تعالى وحده جعله مفردا بالذكر من غير ذكر آلهتهم ومن مصاديقه قول لا إله إلا الله ، والاشمئزاز الانقباض والنفور عن الشيء .
وإنما ذكر من وصفهم عدم إيمانهم بالآخرة لأن ذلك هو الأصل في اشمئزازهم ولو كانوا مؤمنين بالآخرة وأنهم يرجعون إلى الله فيجازيهم بأعمالهم عبدوه دون أوليائهم ولم يرغبوا عن ذكره وحده .
وقوله : {وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} المراد بالذين من دونه آلهتهم ، والاستبشار سرور القلب بحيث يظهر أثره في الوجه .
__________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص216-221 .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1)
هل إن آلهتكم قادرة على حل مشاكلكم ؟
الآيات السابقة تحدثت عن العقائد المنحرفة للمشركين والعواقب الوخيمة التي حلّت بهم ، أمّا آيات بحثنا هذا فإنّها تستعرض دلائل التوحيد كي تكمل البحث السابق بالأدلة ، كما تحدثت الآيات السابقة عن دعم الباريء عزّوجلّ لعباده وكفاية هذا الدعم ، والآيات أعلاه تتابع هذه المسألة مع ذكر الدليل .
في البداية تقول الآية : {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} .
العقل والوجدان لا يقبلان أن يكون هذا العالم الكبير الواسع بكل هذه العظمة مخلوق من قبل بعض الكائنات الأرضية ، فكيف يمكن للعقل أن يقبل أنّ الأصنام التي لا روح فيها ولا عقل ولا شعور هي التي خلقت هذا العالم ، وبهذا الشكل فإنّ القران يحاكم أُولئك إلى عقولهم وشعورهم وفطرتهم ، كي يثبّت أول أسس التوحيد في قلوبهم ، وهي مسألة خلق السماوات والأرض .
وفي المرحلة التالية تتحدث الآيات عن مسألة الربح والخسارة ، وعن مدى تأثيرها على نفع أو ضرر الإنسان ، كي تثبت لهم انّ الأصنام لا دور لها في هذا المجال ، وتضيف {قل أفرأتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته} (2) .
والآن بعد أن اتّضح أنّ الأصنام ليس بإمكانها أن تخلق شيئاً ولا باستطاعتها أن تتدخل في ربح الإنسان وخسارته ، إذن فلم نعبدها ونترك الخالق الأصلي لهذا الكون ، والذي له اليد الطولى في كلّ ربح وخسارة ، ونمد أيدينا إلى هذه الموجودات الجامدة التي لا قيمة لها ولا شعور؟ وحتى إذا كانت الآلهة ممن يمتلك الشعور كالجن أو الملائكة التي تعبد من قبل بعض المشركين ، فإنّ مثل هذا الإله ليس بخالق ولا يمكنه أن يتدخل في ربح الإنسان وخسارته ، وكنتيجة نهائية وشاملة يقول الباريء عزّوجلّ {قل حسبي الله وعليه يتوكل المتوكلون} .
آيات القرآن المجيد أكّدت ـ ولعدّة مرات ـ على أنّ المشركين يعتقدون بأنّ الله سبحانه وتعالى هو خالق السموات والأرض (3) . وهذا الأمر يبيّن أن الموضوع كان بالنسبة للمشركين من المسلّمات ، وهذا أفضل دليل على بطلان الشرك ، لأن توحيد خالق الكون والاعتراف بمالكيته وربوبيته أفضل دليل على (توحيد المعبود) ومن كلّ هذا نخلص إلى أن التوكل لا يكون إلاّ على الله مع صرف النظر عن عبادة غيره .
وإذا أمعنا النظر في المواجهة التي حدثت بين إبراهيم محطم الأصنام والطاغية نمرود الذي ادعى الربوبية والقدرة على إحياء الناس وإماتتهم ، والذي انبهت وتحير في كيفية تنفيذ طلب إبراهيم(عليه السلام) عندما طلب منه أن يجعل الشمس تشرق من المغرب إن كان صادقاً في ادعاءاته ، مثل هذه الإدعاءات التي يندر وجودها حتى في أوساط عبدة الأصنام ، لا يمكن أن تصدر إلا من أفراد ذوي عقول ضعيفة ومغرورة وبلهاء كعقل نمرود .
والملفت للنظر أنّ الضمير العائد على تلك الآلهة الكاذبة في هذه الآيات ، إنّما جاء بصيغة جمع المؤنث (هن ـ كاشفات ـ ممسكات ـ) وذلك يعود لأسباب :
أوّلا : إنّ الأصنام المعروفة عند العرب كانت تسمى بأسماء مؤنثة اللات ومناة والعزى) .
ثانياً : يريد الباريء عزّوجلّ بهذا الكلام تجسيد ضعف هذه الآلهة أمامهم ، وطبقاً لمعتقداتهم ، لأنّهم كانوا يعتقدون بضعف وعجز الإناث .
ثالثاً : لأنّ هناك الكثير من الآلهة لا روح فيها ، وصيغة جمع المؤنث تستخدم عادة بالنسبة إلى تلك الموجودات الجامدة ، لذا فقد استفيد منها في آيات بحثنا هذا .
كما يجب الإلتفات إلى أنّ عبارة (عليه يتوكل المتوكلون) تعطي معنى الحصر بسبب تقدم كلمة (عليه) وتعني أن المتوكلين يتوكلون عليه فقط .
الآية التالية تخاطب اُولئك الذين لم يستسلموا لمنطق العقل والوجدان بتهديد إلهي مؤثر ، إذ تقول : {قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عامل فسوف تعلمون} (4) .
ستعلمون بمن سيحل عذاب الدنيا المخزي والعذاب الخالد في الآخرة {من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم} .
وبهذا الشكل فإنّ آخر كلام يقال لأُولئك هو : إمّا أن تستسلموا لمنطق العقل والشعور وتستجيبوا لنداء الوجدان ، أو أن تنتظروا عذابين سيحلان بكم ، أحدهما في الدنيا وهو الذي سيخزيكم ويفضحكم ، والثّاني في الآخرة وهو عذاب دائمي خالد ، وهذا العذاب أنتم اعددتموه لأنفسكم ، وأشعلتم النيران في الحطب الذي جمعتموه بأيديكم .
قوله تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزمر : 41 - 44]
الله سبحانه يتوفى الأنفس :
بعد ذكر دلائل التوحيد ، وبيان مصير المشركين والموحدين ، تبيّن الآية الأُولى ـ في هذا البحث ـ حقيقة مفادها أن قبول ما جاء في كتاب الله أو عدم قبوله إنّما يعود بالفائدة أو الضرر عليكم ، وإن كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يصرّ عليكم في هذا المجال ، فإنّه لم يكن يبتغي جني الأرباح من وراء ذلك ، وإنّما كان يؤدي واجباً إلهياً ، {إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحقّ} (5) .
وتضيف الآية {فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنّما يضل عليها} .
على أية حال ، فإنك لست مكلفاً بإدخال الحق إلى قلوبهم بالإجبار ، وإنّما عليك إبلاغهم وإنذارهم فقط {وما أنت عليهم بوكيل} .
هذه القاعدة بأنّ كلّ من اتبع طريق الحق عاد بالربح على نفسه ، ومن اتبع سبيل الضلال عاد بالخسارة على نفسه ، تكررت عدّة مرات في آيات القرآن الكريم ، كما أنّها تأكيد على حقيقة أنّ الله غير محتاج لإيمان عباده ولا يخاف من كفرهم ، وكذلك رسوله ، وإنّه لم يدع عباده إلى عبادته كي يجني من وراء ذلك الأرباح ، وإنّما ليجود على عباده .
قوله تعالى : {وما أنت عليهم بوكيل} ـ التي وردت فيها كلمة (وكيل) بمعنى الشخص المكلف بهداية الضالين وجعلهم يؤمنون بالله ـ وردت عدّة مرات في آيات القرآن ، وبنفس التعبير أو ما يشابهه ، والغرض من تكرارها هو بيان أنّ الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس مسؤولا عن إيمان الناس ، لأنّ أساس الإيمان لا يأتي عن طريق الإجبار ، وإنّه مكلّف بإبلاغ الأمر الإلهي إلى الناس من دون أن يظهر أدنى تقصير أو عجز ، فإمّا أن يستجيبوا لدعوته وإمّا أن يرفضوها .
ثمّ لتوضح أنّ الحياة والموت وكلّ شؤون الإنسان هي بيد الله سبحانه وتعالى ، قالت الآية : {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} (6) .
وبهذا الشكل فإن (النوم) يعد شقيق (الموت) لكن بأحد أشكاله الضعيفة ، أي (أشكال الموت) ، لأن العلاقة بين الروح والجسد تصل إلى أدنى درجاتها أثناء النوم ، وتقطع الكثير من العلاقات والوشائج بينهما .
وتضيف الآية {فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأُخرى إلى أجل مسمى} نعم {إنّ ذلك لآيات لقوم يتفكرون} .
من هذه الآية يمكن استنتاج عدة أُمور :
1 ـ إنّ الإنسان عبارة عن روح وجسد ، والروح هي جوهر غير مادي ، يرتبط بالجسد فيبعث فيه النور والحياة .
2 ـ عند الموت يقطع الله العلاقة بين الروح والجسد ، ويذهب بالروح إلى عالم الأرواح ، وعند النوم يخرج الباريء عزّوجلّ الروح والجسد ، ولكن ليس بتلك الحالة التي تقطع فيها العلاقات بصورة كاملة . ووفقاً لهذا فإنّ الروح لها ثلاث حالات بالنسبة للجسد ، وهي : إرتباط كامل (حالة الحياة واليقظة) وإرتباط ناقص (حالة النوم) وقطع الإرتباط بصورة كاملة (حالة الموت) .
3 ـ النوم هو أحد الصور الضعيفة (للموت) ، و(الموت) هو نموذج كامل (للنوم) .
4 ـ النوم هو أحد دلائل استقلال وأصالة الروح ، خاصة عندما يرافق بالرؤيا الصادقة التي توضح المعنى أكثر .
5 ـ إنّ العلاقة التي تربط بين الروح والجسد تضعف أثناء النوم ، وأحياناً تقطع تماماً ممّا يؤدي إلى عدم يقظة النائم إلى الأبد ، أي موته .
6 ـ إنّ الإنسان عندما ينام في كلّ ليلة يشعر وكأنّه وصل إلى أعتاب الموت ، وهذا الشعور بحد ذاته درساً يمكن الاعتبار منه ، وهو كاف لإيقاظ الإنسان من غفلته .
7 ـ كلّ هذه الأُمور تجري بقدرة الباريء عزّوجلّ ، وإن كان قد ورد في بعض الآيات ما يشير إلى أنّ ملك الموت هو الذي يقبض الأرواح ، فهذا لا يعني سوى أنّه ينفّذ أوامر الباريء عزّوجلّ .
وعلى أية حال ، فإنّ المراد من قوله تعالى : {إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} هو إثبات دلائل قدرة الباريء عزّوجلّ ، ومسألة الخلق ، والمعاد ، وضعف وعجز الإنسان مقابل إرادة الله عزّوجلّ .
وبعد ما أصبحت ـ حاكمية ـ (الله) على وجود الإنسان وتدبير أمره عن طريق نظام الحياة والموت والنوم واليقظة ، أمراً مسلماً من خلال الآيات السابقة ، تناولت الآية اللاحقة خطأ اعتقاد المشركين فيما يخص مسألة الشفاعة ، كي تثبت لهم أنّ مالك الشفاعة هو مالك حياة وموت الإنسان ، وليس الأصنام الجامدة التي لا شعور لها{أم اتخذوا من دون الله شفعاء}(7) .
وكما هو معروف فإنّ إحدى الأعذار الواهية لعبدة الأوثان بشأن عبادتهم للأوثان ، هي ما ورد في مطلع هذه السورة {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر : 3] ، إذ أنّهم كانوا يعدونها تماثيل وهياكل للملائكة للأرواح المقدسة ، ويزعمون أنّ هذه الأحجار والأخشاب الميتة لها قدرة هائلة .
ولكون الشفاعة تحصل من الشفيع الذي هو ، أوّلا : يشعر ويدرك ويفهم ، وثانياً : قدير ومالك وحكيم ، فإن تتمة الآية تجيبهم {قل أولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون} (8) .
إذا كنتم تتخذون من الملائكة والأرواح المقدسة شفعاء لكم ، فإنّهم لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ، لأن كلّ ما عندهم هومن الله ، وإذا كنتم تتخذون من الأصنام المصنوعة من الخشب والحجارة شفعاء لكم ، فإنّهم علاوة على عدم امتلاكهم شيئاً لأنفسهم ، فهم لا يمتلكون أدنى عقل أو شعور ، فاتركوا هذه الأعذار ، وعودوا إلى الذي يملك ويحكم كلّ هذا العالم ، وإلى من إليه تنتهي كلّ الأمور .
لذا فإنّ الله جلّ وعلا يضيف في الآية التالية {قل لله الشفاعة جميعاً} لأنّه {له ملك السماوات والأرض ثمّ إليه ترجعون} .
وبهذا الشكل لم يبق لديهم شيء ، لأنّ النظام المسيطر والحاكم على كلّ العالم يقول : لا شفاعة هناك ما لم يأذن الباريء عزّوجلّ بذلك {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ } [البقرة : 255] .
أو كما يقول بعض المفسّرين : إنّ حقيقة الشفاعة ، هي التوسل بأسماء الله الحسنى ، التوسل برحمته وغفرانه وستره ، طبقاً لهذا فإنّ كافة أشكال الشفاعة تعود في النهاية إلى ذاته المقدسة ، إذن كيف يمكن طلب الشفاعة من غيره وبدون إذنه(9) .
وبشأن إرتباط عبارة (ثم إليه ترجعون) بما قبلها ، أظهر المفسّرون عدّة آراء مختلفة منها :
1 ـ هذه العبارة إشارة إلى أنّ شفاعة الباريء عزّوجلّ لا تقتصر على هذه الدنيا ، وإنّما تتعداها إلى الشفاعة في الآخرة ، ولذا يجب عدم اللجوء إلى غير الله لحل المشاكل ورفع المصائب كما كان يفعل المشركون .
2 ـ هذه العبارة هي دليل ثان على اختصاص الشفاعة بالله ، لأنّ الدليل الأوّل اعتمد على (مالكية) الله ، وهنا تمّ الاعتماد على (عودة جميع الأشياء إليه) .
3ـ هذه الجملة هي بمثابة تهديد للمشركين ، إذ تقول لهم : إنّكم سترجعون إلى الله ، وستشاهدون نتيجة أفكاركم وأعمالكم السيئة والقبيحة .
كلّ هذه التفاسير مناسبة إلاّ أنّ التّفسيرين الأوّل والثّاني أنسب .
وقوله تعالى : {وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَ بالأخرة وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} :
الذين يخافون من اسم الله !
مرّة اُخرى يدور الحديث عن التوحيد والشرك ، إذ عكست الآية الأولى إحدى الصور القبيحة والمشوهة للمشركين ولمنكري المعاد من خلال تعاملهم مع التوحيد ، قال تعالى : {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} (10) .
فأحياناً يستحسن الإنسان القبائح ويستقبح الحسنات بحيث ينزعج إذا سمع اسم الحق ويستبشر إذا سمع اسم الباطل لا يسجد ولا يركع أمام عظمة الله جلّ وعلا خالق الكون ، إلاّ أنّه يسجد ويركع تعظيماً لأصنام صنعها من الحجارة والخشب أو لإنسان أو كائنات مثله .
ونظير هذا المعنى ورد في الآية (46) من سورة الإسراء ، قال تعالى : {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء : 46] .
وفي سورة نوح الآية (7) عندما شكى نبيّ الله نوح(عليه السلام) ممن يفكر بمثل هذا التفكير المنحرف إلى الله سبحانه وتعالى { وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} [نوح : 7] .
نعم ، هذا هو حال المتعصبين اللجوجين والجهلة المغرورين .
من هذه الآية يتضح بصورة جيدة أنّ مصدر شقاء هذه المجموعة أمران : الأوّل : إنكارهم لأساس التوحيد ، والثّاني : عدم إيمانهم بالآخرة .
وفي المقابل نرى المؤمنين لدى سماعهم اسم الله ينجذبون إليه بدرجة أنّهم على استعداد لبذل كلّ ما لديهم في سبيله ، فاسم حبيبهم يحلّي أفواههم ويعطّر أنفاسهم ويضيء قلوبهم ، كما أن سماع أي شيء يرتبط ويتعلق بالله يبعث السرور والبهجة في قلوبهم .
نعود إلى المشركين مرّة اُخرى لنقول : إن الصفة القبيحة التي ذكرناها في بداية البحث بشأن المشركين ، لا تخصّ مشركي عصر الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وإنّما في عصر وزمان هناك منحرفون ذوو قلوب مظلمة يفرحون ويستبشرون فور سماعهم أسماء أعداء الله وأصحاب المذاهب الإلحادية ، وسماعهم نبأ انتصار الظلم والطغيان ، أمّا سماع أسماء الطيبين والطاهرين ومناهجهم وانتصاراتهم فإنّه يسبب لهم آلاماً مبرحة ، بعض الرّوايات فسّرت الآية على أنّها تعني أُولئك الذين ينزعجون من سماع فضائل أهل بيت النبوّة الأطهار(عليهم السلام) أومن يتبع نهجهم (11) .
____________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج11 ، ص522-532 .
2 ـ المفسّرون واللغويون يفسّرون (أفرأيتم) بأنّها تعطي معنى (أخبروني) في الوقت الذي لا يوجد فيه أي مانع من تفسيرها بمعناها الأصلي وهو رؤية العين أو القلب .
3 ـ العنكبوت (61) و (63) ، لقمان (31) ، الزخرف (9) و(87) .
4 ـ ما هو أصل كلمة (مكانة) ؟ وماذا تعني؟ أغلب المفسّرين واللغويين قالوا : إنّها تعني المكان والمنزلة ، وهي من مادة (كون) ولأنّها تستخدم كثيراً بمعنى المكان لهذا يتصور أنّ الميم فيها أصلية ، ولذا أصبح جمع تكسيرها (أمكنة) أما صاحب (لسان العرب) ، فقد ذكر أنّ أصلها (مكنة) و(تمكن) والتي تعني القدرة والإستطاعة . وعلى أية حال فإنّ مفهوم الآية يكون في الحالة الأولى : ابقوا على مواقفكم ، وفي الحالة الثانية : ابذلوا كلّ ما لديكم من جهد وطاقة .
5 ـ «بالحق» : من الممكن أن تكون حالا لـ (كتاب) أو للفاعل في (أنزلناه) ، مع أنّ المعنى الأوّل أنسب ، ولذا فإنّ مفهوم الآية يكون : (إنا أنزلنا عليك القرآن مترافقاً بالحق) .
6 ـ كلمة (توفى) تعني قبض الشيء بالتمام ، كلمة (أنفس) تعني الأرواح . وكلمة (منام) لها معنى مصدري وتعني النوم .
7 ـ «أم» : هنا منقطعة وتعني (بل) ولو كانت متصلة ، لكان يجب تقدير القسم الثّاني لها ، وهذا خلاف الظاهر .
8 ـ عبارة (أولو كانوا لا يملكون شيئاً) فيها محذوف ، والتقدير : (أيشفعون لكم ولو كانوا لا يملكون شيئاً) .
9 ـ الميزان ، المجلد 17 ، الصفحة 286 .
10 ـ «اشمأزت» : من مادة (اشمئزاز) وتعني الإنقياض والنفور عن الشيء ، (وحده) منصوب حال أو مفعول مطلق .
11 ـ صول الكافي ، وروضة الكافي ، نقلا عن تفسير نور الثقلين ، المجلد 4 ، الصفحة 490 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|