المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6779 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

جبل مكاور
2-2-2016
كيف يمكن معالجة التربة التي بها نسبة ملوحة عالية؟
11-2-2018
وليد بن عيسى الطبيخي
2-3-2018
Parathyroid glands
1-8-2021
دودة أوراق العنب (عثة الصقر المخططة) Celerio lineata Lirornica
25-1-2016
معنى كلمة عسعس
17-12-2015


اختلاف الصحابة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)  
  
8605   03:06 مساءً   التاريخ: 14-4-2020
المؤلف : عبد الهادي مسعود
الكتاب أو المصدر : عَليٌّ وَمُناوِئُوه
الجزء والصفحة : ص 49- 59
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / السيرة النبوية / سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام /

هناك امر يتعلق اشد التعلق بموضوع تحويل الخلافة من علي اشار اليه الجاحظ فيما يتصل بموقف زعماء قريش من علي بعد وفاة الرسول لابد من ذكره في هذه المناسبة .

 فالامام في حروبه مع النبي ضد قريش كان قد وترها كما يقول الجاحظ : « وسفك دماءها وكشف عن منابذها .. وليس الاسلام بمانع من بقاء الاحقاد في النفوس .. هب انك كنت من سنتين او ثلاث جاهلياً ..

 وقد قتل واحد من المسلمين ابنك او اخاك ثم اسلمت ، اكان اسلامك يذهب عنك ما تجده من بغض ذلك القاتل وشنآنه ؟ ..

 هذا اذا كان الاسلام صحيحا .. لا كإسلام كثير من العرب ـ فبعضهم تقليدا ، وبعضهم للطمع والكسب ، وبعضهم خوفا من السيف ، وبعضهم عن طريق الحمية والانتصار لعداوة قوم آخرين من اضداد الاسلام واعدائه .

 واعلم ان كل دم اراقه رسول الله بسيف علي وبسيف غيره فان العرب بعد وفاته عصبت تلك الدماء بعلي وحده لانه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعتهم وعادتهم ان يعصب به تلك الدماء الا علي وحده » (1) .

 يتضح مما ذكرنا ان الذي حال بين علي والخلافة بعد وفاة الرسول مباشرة ، اذا استثنينا النص على وصيته الذي يقول به فريق من المسلمين ، ليس هو شيئا متعلقا بأهليته لتحمل مسئولية هذا المنصب الخطير ولكنه كان ، كما رأينا ، نتاج ظروف اجتماعية خاصة نتجت عن انشغال الامام بجثمان الرسول وعن تنازع بعض كبار المهاجرين والانصار للاستئثار بتراث الراحل العظيم .

 ولو انصف الناس حق الانصاف لأرجأوا البيعة حتى يتم لهم مواراة جثمان الرسول .. كان ذلك ادنى الى الصواب ـ ان لم يكن هو الصواب ـ ان يترك القوم من المهاجرين والانصار لا يتنازعون سلطان محمد بينهم ، ومحمد ما زال مسجى على فراشه لم يغيبه عن عيونهم مثواه »(2) . ومهما يكن من الامر فقد نحى الامام علي عن الخلافة ، ولكنه مع ذلك ، تعاون مع ابي بكر بقلبه ولسانه ويده في جميع الامور التي تتصل بجوهر الاسلام والمحافظة عليه ، استمع اليه يقول :

 « اما بعد ، فان الله بعث محمداً نذيراً للعالمين .. فلما مضى تنازع المسلمون الامر بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي ان العرب تزعج هذا الامر من بعده عن اهل بيته، ولا انهم منحوه عني من بعده ، فما راعني الا انثيال الناس على فلان (3) . يبايعونه. فأمسكت بيدي حين رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام ...

 فخشيت ان لم انصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلما او هدما تكون المصيبة به عليّ اعظم من فوت ولايتكم التي هي متاع ايام قلائل » (4) .

ولم يختلف الامام مع ابي بكر او مع الذين جاءوا من بعده الا في الامور التي ساقه اجتهاده الشخصي اليها حرصا على الاسلام كذلك .

 ويتجلى كبر نفس الامام في هذا الباب اذا تذكرنا بعض المواقف الغليظة التي وقفها منه ابو بكر في صدر خلافته ، ربما بتأثير من عمر ، وبخاصة في قضية ميراث فدك :

 « فقد سبقت الشائعات خطوات ابن الخطاب وهو يسير الى دار فاطمة ... لطلب البيعة لابي بكر . وهل على ألسنة الناس عقال يمنعها ان تروى قصة حطب امر به ابن الخطاب فأحاط بدار فاطمة وفيها علي وصحبه !! (5) .

 وخلاصة قصة فدك : قرية حجازية قريبة من المدينة ، سكنها اليهود منذ زمن بعيد وعمروها وزرعوها .

 وفي السنة السابعة للهجرة اعلن سكانها خضوعهم للرسول ـ دون حرب ـ فأصبحت فدك خالصة للنبي من دون المسلمين وفق منطوق الاية الكريمة : « وما افاء الله على رسوله منهم فما اوجفتم عليه من خيل ولا ركاب » (6) .

 وقد وهب الرسول فدك في حياته لابنته فاطمة ـ بعد ان غرس فيها بيده الكريمة احدى عشرة نخلة . فكانت السيدة فاطمة هي التي تتصرف بفدك منذ ان وهبها لها ابوها حتى وفاته حيث انتزعها منها ابو بكر بعد توليته الخلافة مباشرة .

 وقد اشار الى ذلك الامام في احدى رسائله الى عثمان بن حنيف حين قال :

 « بلى كانت في ايدينا فدك من كل ما اظلته السماء فشحت بها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين ... » (7) .

فالسيدة فاطمة اذن تستحق ميراث فدك من ناحيتين . هما الميراث والنحلة .

وكان علي الخليفة ـ وقد ارتأي انتزاعها منها ـ ان يبقيها تحت تصرفها مجاملة للرسول ولها ، ويقترح ـ في حالة اختلافه معها ـ انفاق بعض غلتها في وجوه الخير التي يتفق عليها الطرفان .

 هذا اذا سلمنا جدلا بأنها لا ترث ابيها ، وان النبي لم يهبها اياها في حياته .

 كما كان على الخليفة كذلك، من الناحية القانونية العرفية، وقد قرر ان ينتزعها من السيدة، ان يستبقيها في يدها الى ان يثبت له عدم احقيتها بها .

 ومن الطريف ان نذكر قبل التصدي للبحث في طبيعة النزاع بين الزهراء وابي بكر في قضية فدك ، ان فدك بقيت بيد الخلفاء الراشدين .

 فلما استولى معاوية على الملك قسمها مثالثة بين مروان بن الحكم ، وعمرو ابن عثمان بن عفان ، ويزيد ابنه ـ وهو امر على جانب كبير من الغرابة ـ غير انها قد اصبحت خالصة لمروان في خلافته فوهبها لابنه عبد العزيز الذي وهبها بدوره لابنه عمر الذي ردها عند توليته الخلافة ، لأولاد فاطمة . وكان رده اياها ، على ما يقول المؤرخون :

 اول ظلامة ردها ، فلما ولى يزيد قبضها منهم فصارت في ايدي بني مروان ، وبقيت كذلك الى سقوط دولتهم .

 فما جاء العباسيون ردها السفاح الى اهلها . ثم قبضها المنصور.

 وردها ابنه المهدي، وقبضها الهادي والرشيد.

 وردها المأمون بعد ان ناظره في امرها شيخ طاعن في السن. ثم قبضها المعتصم.

 وبعد ذلك ضاعت معالمها على المؤرخين .

 ويلوح مما ذكرنا ان فدك كانت وسيلة بيد الخليفة ان شاء ردها لاهلها، وان شاء قبضها عنهم وفق مزاجه الخاص وحالته النفسية من جهة، وموقف الطالبيين في زمانه من الاحداث السياسية العامة في الدولة من جهة اخرى .

ولما كان ارجاع فدك الى ورثة السيدة فاطمة قد حصل في عهد المأمون بشكل يدعو الى التأمل ويشير بصراحة، لا لبس فيها ولا غموض، الى حق السيدة في فدك لذلك نرى هنا اثباته هنا بالشكل الذي ذكره البلاذري (8) :

 « ولما كانت سنة عشرة ومئتين امر المأمون .. برد فدك الى ولد فاطمة وكتب بذلك الى قثم بن جعفر عامله على المدينة:

 اما بعد، فان المؤمنين بمكانة من دين الله وخلافة رسوله والقرابة به، اولى من استن سنته ونفذ امره وسلم لمن منحه منحة وتصدق عليه بصدقة منحته وصدقته.

 وقد كان رسول الله اعطى فاطمة بنت رسول الله فدك وتصدق بها عليها. وكان ذلك امراً ظاهرا معروفا لا اختلاف فيه ..

 فرأى امير المؤمنين ان يردها الى ورثتها ويسلمها اليهم تقربا الى الله بأقامة حقه وعدله والى رسول الله بتنفيذ امره وصدقته .

 فأمر بأثبات ذلك في دواوينه والكتابة به الى عماله :

 فلئن كان ينادي في كل موسم بعد ان قبض الله رسوله أن يذكر كل من كانت له صدقة او عدة ذلك فيقبل قوله وينفذ عدته، ان فاطمة لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله لها . وقد كتب امير المؤمنين الى المبارك الطبري مولى امير المؤمنين يأمره برد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة اليها وما فيها من الرقيق والغلات وغير ذلك الى: محمد بن يحيى بن الحسين ابن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب لتولية امير المؤمنين اياهمها القيام بها لاهلها .

 فأعلم ذلك من رأى امير المؤمنين وما الهمه الله من طاعته ووفقه له من التقرب اليه والى رسوله . واعلمه من قبلك .

وعامل محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله بما كنت تعامل به المبارك الطبري واعنهما على ما فيه عمارتها ومصلحتها ووفور غلاتها ان شاء الله والسلام » .

 وقد كتب ذلك في يوم الاربعاء لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة 210 هـ وتصدي ابو بكر للرد على السيدة فاطمة (9) في موضوع فدك من ناحية الميراث الى حديث انفرد بذكره على ما يبدو، هو:

 «نحن معاشر الانبياء لا نورث. ما تركناه صدقة» .

 وقد انفرد ابو بكر كذلك بذكر حديث آخر عندما اختلف المسلمون في محل دفن النبي فقال: سمعت رسول الله يقول: «ما قبض نبي الا ودفن حيث قبض» في حين ان التاريخ ـ على ما يذكر الطبري ـ يخبرنا ان الكثيرين من انبياء بني اسرائيل قد دفنوا في غير الاماكن التي قبضوا فيها.

 وقد استغربت السيدة من ذلك اشد الاستغراب، وكانت هي دون شك اولى من غيرها بسماعه، لانه يخصها اكثر مما يخص ابي بكر.

 كما ان عليا لم يسمعه كذلك بدليل ان فاطمة لم تخرج الى ابي بكر مطالبة بميراثها من فدك الا بعلم منه واذن منه كذلك .

 ولا ندري لماذا همس الرسول بهذا الحديث الى ابي بكر دون سائر المسلمين .

 وقبل ان يصبح ابو بكر طرفا في النزاع على هذا الميراث الذي يتصل بفاطمة وبنيها اشد الاتصال؟ .

 ومما يضعف هذا الحديث ـ بنظر فاطمة ـ انه يتنافى هو وكثير من الآيات القرآنية الصريحة في هذا الباب .

فقد جاء في ذكر الميراث بشكل مطلق ـ دون ان يستثنى الانبياء من ذلك قوله تعالى في سورة النساء : « يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين » (10) .

 وجاء في ذكر الميراث الذي وقع بالفعل للأنبياء الذين سبقوا محمدا قوله تعالى في سورة النمل : « وورث سليمان دواد وقال يا ايها الناس علمنا منطق الطير واوتينا من كل شيء ان هذا لهو الفضل المبين » (11) .

 وخاطب زكريا ربه في سورة مريم « قال رب اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم اكن بدعائك رب شقيا ، واني خفت الموالي من ورائي وكانت امرائتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا ، يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا (12) » .

 لقد اشارت السيدة فاطمة الى ذلك كله في مناقشتها لابي بكر بمحضر جماعة من الصحابة، ثم ختمت محاورتها مع الخليفة قائلة:

 «فدونكها مخطومة مرحولة ، تلقاك يوم حشرك ... فنعم الحكم الله ... والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ...

 ياابن ابي قحافة افي كتاب الله ان ترث اباك ولا ارث ابي ؟ لقد جئت شيئا فريا ، افعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء اظهركم ؟

 الم تسمع قوله تعالى : « واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ؟

 اخصكم الله بآية اخرج ابي منها ؟ ام تقولون : اهلي ملتين لا يتوارثان ؟ اولست انا وابي من اهلي ملة واحدة ؟ ام انتم اعلم بخصوص القرآن وعمومه من ابي وابن عمي ؟ » .

 ولما رأت السيدة فاطمة ان الخليفة مصر على رأيه تركت الامر واعرضت عنه . ويلوح للباحث ان السيدة فاطمة كانت عارفة منذ البداية ان الخليفة سوف لا يعيد لها فدك ، وانها ذهبت اليه لألقاء الحجة عليه ، ولعل ذلك راجع الى انها لم تعرف من حيث الاساس بشرعية خلافته ، فالشخص الذي له القدرة والجرأة على سلب الخلافة من صاحبها الشرعي بنظرها لهو اقدر على سلب فدك وامثالها ! ؟

 واذا امعن الباحث في الحديث الذي ذكره ابو بكر في ضوء سيرة الرسول بصورة عامة امكنه ان يقول:

 ان الرسول لم يستثن نفسه من الخضوع للقواعد العامة التي جاء بها الاسلام .

 فما عرف عنه انه قال: «نحن معاشر الانبياء لا نصلى او لا نصوم.. الخ » فكيف يعزل عن ميراث فدك وحده !

 فهل لقضية فدك جانب سياسي ؟

 هل قصد بذلك اخضاع السيدة فاطمة وزوجها لأوامر الخليفة لإرغامها على الاعتراف بخلافته التي قابلاها بالصدود والامتعاض ؟

 وهل لهذا الموضوع جانب اقتصادي ؟ هل قصد بذلك حرمان علي من التمتع بواردات فدك وهي مورده الوحيد ، لكيلا يصبح مكتفيا من الناحية الاقتصادية وليصرفه ذلك عن المطالبة بالخلافة ؟

 هل لموضوع فدك جانب مالي يتصل بوضع الدولة الاسلامية آنذاك وحاجتها الى المال لمواجهة الذين اتهموا بالارتداد عن دفع الزكاة ؟

 هل لقضية فدك جانب معنوي يتعلق بمحاولة تضعيف موقف آل النبي عند عامة المسلمين ؟ فيقال : ان النبي قد حرمهم كل شيء حتى ميراثه من فدك ؟ فتضعف حجتهم بالمطالبة بالخلافة ؟ هل لموضوع فدك اكثر من عامل واحد ؟ ثم لماذا وضع الرسول ـ ان صح الحديث الذي استشهد به الخليفة ـ صيغته بهذا الشكل من الاطلاق بحيث جعله يشمل معاشر الانبياء كافة ؟ ما الهدف الذي كان يرمي اليه الرسول من هذا الحديث !

 هل كان يخشى ان تتصرف السيدة فاطمة بعوائد فدك في غير اوجهها السليمة ! واذا كان الامر كذلك فلماذا وضعها تحت تصرفها في حياته !!

ويجمل بنا قبل ان نتصدى لبحث فدك من ناحية النحلة ان ننبه القارىء الى اننا عثرنا على نقاش رائع من حيث الفكرة والاسلوب حصل بين قاضي القضاة والشريف المرتضى ذكره ابن ابي الحديد (13) الاول : ينفي ان يورث الانبياء ، والثاني : يثبته .

 يدلل الاول ـ على رأيه بأن ما ورد في القرآن لا يتضمن الا وراثة العلم والفضل .

 ويبرهن الثاني ـ على ان الارث يتضمن المال والعقار او لا ، ومن ثم العلم والفضل من باب التجوز ؛ وان كلمة ميراث في اللغة ، وما يتصل بها من المشتقات تعني بميراث الامور المعنوية من باب التجوز والاتساع ، وان الدلالة اذا دلت في بعض الالفاظ على معنى المجاز فلا يجب ان يقتصر عليه ، بل يجب ان نحمل معناها على الحقيقة التي هي الاصل اذا لم يمنع من ذلك مانع . واذا فرضنا جدلا ان الميراث يقتصر على العلم والفضل ، الا يكون آل النبي ، بحكم ذلك الميراث ، اولى من غيرهم بالخلافة !

 ذلك ما يتصل بموضوع فدك من ناحية الميراث .

 اما ما يتصل به من ناحية النحلة فقد ذكرت السيدة فاطمة لابي بكر .

 ان رسول الله قد وهبها فدك . فطلب الخليفة منها البينة على ذلك ، فقدمت له عليا ، وام ايمن ـ مربية الرسول ـ فلم يلتفت الى ذلك وبدا كالمتشكك في شهادة سيدة ، قمين بأبي بكر ان يسمو بها عن التشكك (14) .

 فليس من المتوقع ان تكذب السيدة فاطمة على ابيها بعد موته بعشرة ايام فقط ، وفي مسألة تافهة كفدك ، او ان تكذب ام ايمن العجوز الجليلة التي رافقت الرسول من المهد الى اللحد ـ ام ايمن التي خرجت مهاجرة الى رسول الله من مكة الى المدينة ، وهي ماشية وليس معها زاد ـ ام ايمن زوج زيد بن حارثة مولى النبي وام اسامة بن زيد !! او ان يكذب ابن ابي طالب !!

ولا ندري كيف فات ابا بكر ان يتذكر ان الله قد انزل قرآنا في علي وفاطمة واذهب عنهما الرجس (15) .

 وقد كان المتوقع ان يكتفي الخليفة برواية فاطمة وحدها كما اكتفى ابوها قبل ذلك حين نازعه اعرابي في ناقة ادعى كل منهما انها ناقته .

 فشهد خزيمة بن ثابت للرسول فأجاز شهادته وجعلها شهادتين فسمى ذا الشهادتين، ولكن موضوع السيدة فاطمة ـ مع هذا لا يحتاج الى شهود ـ ذلك لانها روت رواية عن ابيها، كما روى ابو بكر رواية اخرى .

 وان السيدة فاطمة لم تطلب منه البينة على ما ادعاه على الرغم من شكها في صحته ـ اما الشهود فموقعهم في الدعوى .

 استمع الى قوله تعالى في سورة البقرة :« يا ايها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه ... واستشهدوا شهيدين من رجالكم ، فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان » (16) .

 والحجة التي نستند اليها في اهمية شهادة فاطمة ان موقفها عند الرسول ـ من حيث صدقها ـ لا يقل ، على اسوأ الفروض ، عن موقع خزيمة بن ثابت .

 ويصدق الشيء نفسه على ام ايمن، وابن ابي طالب الذي لم يعرف عنه قط الا اتباع الحق وقول الصدق .

 فموقف ابي بكر غريب في بابه : واغرب منه انه ترك سيف رسول الله ، ونعله ، وعمامته ، في يد علي على سبيل النحلة بغير بينة ظهرت ولا شهادة قامت .

 كما انه لم ينتزع من علي الخاتم والسيف اللذين وهبهما له النبي اثناء مرضه .

 ولم يطالب كذلك بثياب الرسول التي مات فيها فأخذتها فاطمة بعد موته . ولا بحجر رسول الله التي بقيت بيد نسائه .

ولم يطلب ابوبكر من جابر على رواية البخاري (17) البينة على دعواه حين زعم ان رسول الله وعده بإعطائه مقدارا معينا من المال ، بل سلمه اياه عندما ورده مال من قبل العلاء بن الحضرمي .

 كما ان ابا بكر ايضا ام يطلب البينة ـ عندما قدم عليه مال من البحرين ـ من ابي بشير المازني حين ادعى ان النبي قال له اذا جاءنا شيء فائتنا ، وانما دفع له حفنتين او ثلاثا من ذلك المال .

 واذا كان النبي لا يورث ، وما تركه صدقة ، فكيف يجوز ان يواري جثمانه في الحجرة التي كانت تسكنها زوجته عائشة بنت الخليفة ؟

 لان تلك الحجرة قد اصبحت صدقة بعد وفاة الرسول مباشرة بحكم ذلك الحديث » .

 ثم كيف نوفق بين ذلك الحديث وبين الحديث الآخر الذي انفرد بذكره ابو بكر القائل بأن الانبياء يدفنون حيث يقبضون ؟ افي الحديث ناسخ ومنسوخ ؟

 ثم كيف نفذ الخليفة محتويات « الحديثين » على تناقضهما ؟

 وبقدر ما يتعلق الامر بالحديث الثاني يمكننا ان نقول : ان النبي يموت في احد موضعين : ما كان يملكه قبل وفاته ! وما كان يملكه غيره من الناس .

 ولا يجوز ان يدفن جثمانه في المحل الاول لانه اصبح صدقة على رواية ابي بكر عن النبي ، كما لا يجوز دفنه في المحل الثاني لان ملكيته عائدة لغيره .

 كيف السبيل الى الخروج من هذا المأزق الحرج ؟

 ثم كيف جاز لابي بكر نفسه ان يطلب بدفن جثمانه قرب النبي ؟ في ارض لاحق له بها من الناحية الشرعية ؟ .

 واذا كان دفن جثمان النبي على الشكل الذي ذكرناه مستندا الى الحديث الذي ذكره ابو بكر ، فالى اي حديث يستند ابو بكر في طلب دفنه بجوار النبي ؟

 هل قال النبي : يدفن الخليفة الاول قريبا مني ؟

كل ذلك غريب في بابه ، واغرب منه ان كثيرا من المفسرين قد تكلفوا فيما بعد تفسير آيات الميراث ، فزعموا للرد على من طعن بصحة الحديث بأن الوراثة المذكور في القرآن مقصورة على العلم والفضل ، دون سائر الامور .

 ولسنا نعلم كيف يورث العلم والفضل، وهو امر يخالف ما الفه الناس من قديم الزمان، ويتعارض مه ابسط مبادئ علم النفس وعلم الاجتماع؟

 واغرب من ذلك كله ان الخليفة يحرم السيدة فاطمة ميراث فدك ليطبق الحديث الذي انفرد بذكره في الوقت الذي يخالف فيه حديثا آخر اجمع الرواة على صحته باعتراف ابي بكر نفسه:

 « فاطمة بضعة مني ، من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله » (18) .

 ولا ندري، بالاضافة الى كل ما ذكرنا. كيف فات ابا بكر ان يتذكر موقف الرسول من ابي العاص بن الربيع زوج زينب بنت خديجة زوج النبي حين اسر في بدر مع المشركين .

 والى القارىء تلك القصة على ما رواها ابن الاثير (19) .

 « وكان في الاسارى ابو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس زوج زينب بنت خديجة (20) .

فما بعثت قريش في فداء الاسارى بعثت زينب بفداء ابي العاص زوجها بقلادة لها كانت خديجة ادخلتها معها ، فلما رآها رسول الله رق لها رقة شديدة ، وقال :

 ان رأيتم ان تطلقوا اسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا، فأطلقوا لها اسيرها وردوا القلادة فلما كان قبل الفتح خرج ابو العاص تاجرا الى الشام بأمواله واموال رجال قريش .

 فلما عاد لقيته سرية لرسول الله فأخذوا ما معه وهرب منهم، فما كان الليل اتى الى المدينة فدخل على زينب .

 فلما كان الصبح خرج رسول الله الى الصلاة فنادت زينب من صفة النساء :

 « ايها الناس اني قد اجرت ابا العاص .. فقال رسول الله : ان رأيتم ان تردوا عليه الذي له فانا نحب ذلك ، واذا ابيتم فهو في الله الذي افاء عليكم وانتم احق به .

 قالوا : يا رسول الله نرده عليه ، فردوا ماله كله حتى الشظاظ » (21) .

 نقول : الم يكن باستطاعة ابي بكر ـ في حالة التسليم معه بأن السيدة فاطمة لا ترث ابيها ، وان النبي لم يهب فدكا لها ـ ان يتخذ موقفا كهذا الذي اشرنا اليه ؟ مع وجود الفارق الكبير بين الحالتين ، فقد وهب المسلمون حقهم لابي العاص المشرك ، وكانوا ـ دون شك ـ على استعداد تام لوهب حقوقهم ـ في حالة التسليم بصحة الاجراءات التي اتخذها الخليفة ـ الى ابنة الرسول . الم يكن تصرف الرسول مع ابي العاص ـ في الحالتين سنة ! فهل يعتبر ترك ابي بكر لها ـ في هذه الحالة ـ منسجما مع السنة !!

____________

(1) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 3 / 283 طبعة اولى .

(2) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 1 / 184 .

(3) كناية عن ابي بكر بن ابي قحافة .

(4) ابن ابي الحديد « شرح نهج البلاغة » 4 / 164 : 165 الطبعة الاولى بمصر .

(5) عبد الفتاح عبد المقصود : الامام علي بن ابي طالب 1 / 216 .

(6) الحشر : 6 .

(7) ابن ابي الحديد : « شرح نهج البلاغة » 4 / 78 الطبعة الاولى بمصر .

(8) فتوح البلدان ص 46 ، 47 .

(9) وقد امتعضت السيدة فاطمة من موقفه ، ولم تكلمه الى ان توفيت ـ بعد وفاة ابيها باثنتين وسبعين ليلة ـ وذكر البخاري في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها . « الناشر »

(10) النساء 11 .

(11) النمل 16 .

(12) مريم 5 ، 6 .

(13) شرح نهج البلاغة 4 / 78 ـ 103 .

(14) عبد الفتاح عبد المقصود « الامام علي بن ابي طالب » 1 / 216 .

(15) انظر : الاحزاب 33 .

(16) البقرة 282 .

(17) صحيح البخاري 3 / 180 .

(18) اخرجه البخاري في صحيحه . « الناشر »

(19) الكامل في التاريخ 2 / 93 ـ 95 .

(20) وامه هالة بنت خويلد اخت خديجة زوج رسول الله ، فسألته ان يزوجه زينب ففعل قبل ان يوحى اليه ، فلما اوحى اليه آمنت به زينب وبقى ابو العاص مشركا ، ولم يستطع الرسول في بادىء الامر ان يفعل شيئا تجاه زينب المسلمة او زوجها المشرك ، فلما هاجر الى المدينة ووقعت بدر واسر ابو العاص واطلق سراحه كما ذكرنا اخبر النبي بأنه سوف يرسل اليه زينب الى المدينة ، فأرسل الرسول زيد بن حارثة مولاه ورجلا آخر من الانصار ليصحبا زينب من مكة . فلما قدم ابو العاص امرها باللحاق بالنبي ففعلت ذلك . ـ المؤلف ـ

(21) شظاظ ، على وزن كتاب ، وهو خشبة عقفاء تجعل في عروتي الجولقين .

 

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).