مناظرة السيد علي البطحائي مع الشيخ عبد الله بن جحش في مسألة إيمان أبي طالب (عليه السلام) |
656
09:25 صباحاً
التاريخ: 26-11-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2019
657
التاريخ: 26-11-2019
587
التاريخ: 26-11-2019
654
التاريخ: 26-11-2019
476
|
المناظرة التي وقعت بيني وبين الشيخ عبد الله بن جحش رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة فقال:
لأي جهة تروحون لزيارة عبد المطلب (1)، مع أنه مات في زمن الفترة قبل بعثة الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولأي علة تذهبون لزيارة أبي طالب مع أنه كان مشركا، ولا تجوز زيارة المشرك؟ قلت له: هل ترضى لنفسك أن تنسب عبد المطلب الذي دعا على قوم أبرهة حينما جاؤوا مع الفيل لهدم الكعبة فدعا عبد المطلب عليهم حتى أرسل الله بسبب دعائه طيرا أبابيل فأهلكهم في وادي محسر (2) قريبا من منى، فإذا كان عبد المطلب على رأيكم مشركا كيف يدعو على قوم أبرهة وكيف يستجيب دعائه في هلاكهم، مع أن سورة الفيل في القرآن الكريم وشأن نزولها في قوم أبرهة ودعاء عبد المطلب يعرفه كل واحد، وكذلك فهناك أحاديث كثيرة وردت في إسلام عبد المطلب وأبي طالب (عليهما السلام).
فمنها: عن مولانا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال: والله ما عبد أبي وجدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنما قط، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم متمسكين به (3). (4)
وأما إسلام أبي طالب (عليه السلام) مجمع عليه بين الإمامية، وقد قال الشيخ المفيد (رحمه الله) في أوائل المقالات: اتفقت الإمامية على أن آباء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عز وجل وأجمعوا على أن أبا طالب مات مؤمنا، وأن آمنة بنت وهب كانت على التوحيد. (5)
وقال شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في التبيان عن أبي عبد الله وأبي جعفر (عليهما السلام) إن أبا طالب كان مسلما، وعليه إجماع الإمامية (6)، وادعى الإجماع على إسلامه جمع كثير من علماء الشيعة.
وروى المفيد (قدس سره) بإسناد يرفعه لما مات أبو طالب أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فآذنه بموته فتوجع توجعا عظيما وحزن حزنا شديدا، ثم قال لأمير المؤمنين: إمض يا علي، فتول غسله وتحنيطه وتكفينه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني، ففعل ذلك أمير المؤمنين، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي (صلى الله عليه وآله) فرق وحزن فقال: وصلت رحما وجزيت خيرا يا عم، فلقد ربيت وكفلت صغيرا، ونصرت وآزرت كبيرا، ثم أقبل على الناس وقال: أما والله لاشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين. (7)
وعن الإمام السجاد زين العابدين (عليه السلام) أنه سئل عن أبي طالب أكان مؤمنا؟ فقال: نعم، فقيل له: إن هاهنا قوما يزعمون أنه كان كافرا؟ فقال (عليه السلام): واعجبا كل العجب أيطعنون على أبي طالب أو على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد نهاه الله تعالى أن يقر مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن، ولا يشك أحد أن فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها من المؤمنات السابقات، فإنها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبو طالب (رضي الله عنه). (8) .
وقال عبد الرحمن بن كثير: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يزعمون أن أبا طالب في ضحضاح من نار! فقال: كذبوا، ما بهذا نزل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله)، قلت: وبما نزل؟ قال: أتى جبرئيل في بعض ما كان عليه فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن أصحاب الكهف أسروا الإيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين، وإن أبا طالب أسر الإيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين، وما خرج من الدنيا حتى أتته البشارة من الله تعالى بالجنة، ثم قال: كيف يصفونه بهذا وقد نزل جبرئيل ليلة مات أبو طالب، فقال: يا محمد أخرج من مكة فما لك بها ناصر بعد أبي طالب (9).
والأشعار الدالة على إسلام أبي طالب - التي قالها في مدح الرسول (صلى الله عليه وآله) - كثيرة منها:
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب ومنها :
ولقد علمت بأن دين محمد * من خير أديان البرية دينا (10)
وأخرج ابن سعد في طبقاته (11) عن عبد الله بن أبي رافع عن علي (عليه السلام) قال: أخبرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموت أبي طالب فبكى، ثم قال: إذهب فغسله وكفنه وواره، غفر الله له ورحمه.
وقال اليعقوبي في تاريخه (12) قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) إن أبا طالب قد مات! عظم ذلك في قلبه واشتد له جزعه، ثم دخل فمسح جبينه الأيمن أربع مرات وجبينه الأيسر ثلاث مرات، ثم قال: يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما ونصرت كبيرا، فجزاك الله عني خيرا، ومشى بين يدي سريره وجعل يعرضه ويقول: وصلت رحما وجزيت خيرا. فبعد ما ورد من الأخبار والآثار الكثيرة التي يعجز الإنسان عن إحصائها، هل يرضى المسلم نسبة الكفر والشرك إلى أبي طالب الذي حامى عن الرسول في جميع الأحوال، ولولاه لقتله المشركون، وكان هو الحامي للرسول (صلى الله عليه وآله)، وحين مات أبو طالب بكى عليه الرسول (صلى الله عليه وآله) (13)، وصلى عليه ودفنه عند قبر جده عبد المطلب، وجاء إلى زيارة قبره مكررا حينما كان في مكة، وهل يجوز على رأيكم أن يفعل النبي (صلى الله عليه وآله) كل هذا لإنسان مشرك؟ حاشاه وظني أن نسبة الشرك إلى أبي طالب (عليه السلام) جاءت من جهة المعاندة لابنه علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث أنهم ما وجدوا منقصة لعلي (عليه السلام) إلا نسبة الشرك إلى أبيه أبي طالب (عليه السلام). (14)
_______________
(1) هو: عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، جد النبي (صلى الله عليه وآله) ويسمى بشيبة الحمد لشيبة كانت في رأسه حين ولد كان عبد المطلب ذا جلالة ظاهرة ومناقب وافرة وآيات باهرة ويظهر ذلك من انحناء سرير أبرهة له، ومن انفجار الماء تحت خف راحلته في مفازة لا ماء فيها، وتظهر جلالته وكثرة إيقانه من قصة أصحاب الفيل واحترام الفيلة له وقوله لبعض ولده: أعل أبا قبيس فانظر ماذا يأتي من قبل البحر، فيظهر أنه كان عالما بأنه يأتي الطير لاستئصال أصحاب أبرهة، وتظهر أيضا جلالته من حفرة زمزم ومن دخوله على سيف بن ذي يزن، وعن ابن عباس قال: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد إلا هو، إجلالا له، وكان بنوه يجلسون حوله حتى يخرج عبد المطلب فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج وهو غلام صبي فيجئ حتى يجلس على الفراش فيعظم ذلك أعمامه ويأخذونه ليؤخروه، فيقول لهم عبد المطلب: دعوا ابني فوالله إن له لشأنا عظيما، إني أرى أنه سيأتي عليكم يوم وهو سيدكم، ثم يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقبله ويوصيه إلى أبي طالب. وجاء في الروايات أنه كان على دين إبراهيم الخليل (عليه السلام)، وعن أبي طالب (عليه السلام): ولقد كان أبي يقرأ الكتاب جميعا، ولقد قال: إن من صلبي لنبيا لوددت أني أدركت ذلك الزمان فآمنت به، فمن أدركه من ولدي فليؤمن به، وجاء عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمة واحدة عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك، وقال: إن عبد المطلب حجة وأبو طالب وصيه، وقيل إن عبد المطلب عاش مائة وأربعين سنة، وتوفي عبد المطلب وللنبي (صلى الله عليه وآله) ثمان سنين، وكان خلف جنازة عبد المط لب يبكي حتى دفن بالحجون، ويعرف أيضا بالمعلاة. راجع ترجمته في: سفينة البحار للقمي: ج 2 ص 139 - 140.
(2) محسر: هو واد بين منى ومزدلفة، ليس من منى ولا من مزدلفة، هذا هو المشهور، وقيل: موضع بين مكة وعرفة، وقيل بين منى وعرفة، راجع: مراصد الاطلاع: ج 2 ص 1224.
(3) كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: ج 1 ص 175 ح 32، الغدير للأميني: ج 7 ص 387، بحار الأنوار: ج 15 ص 144 ح 76 وج 35 ص 81 ح 22.
(4) والجدير بالذكر هنا هو ما روي في هذا المقام عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقد جاء عن الكراجكي بسنده عن جعفر بن محمد (الصادق) (عليه السلام) عن أبيه، عن علي بن الحسين (عليه السلام)، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه كان جالسا في الرحبة والناس حوله، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إنك بالمكان الذي انظر لك الله وأبوك معذب في النار، فقال: مه، فض الله فاك؟ والذي بعث محمدا بالحق لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار؟ والذي بعث محمدا بالحق إن نور أبي طالب ليطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار: نور محمد ونور فاطمة ونور الحسن ونور الحسين ونور ولده من الأئمة إلا إن نوره من نورنا، خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام. كنز الفوائد للكراجكي: ج 1 ص 183، وعنه بحار الأنوار: ج 35 ص 110 ح 39 وص 69 ح 3 عن الإحتجاج للطبرسي: ج 1 ص 229 - 230.
(5) أوائل المقالات، للشيخ المفيد: ص 45 - 46 (مقالة رقم 9) (المجلد الرابع من مصنفات الشيخ المفيد).
(6) التبيان في تفسير القرآن للطوسي: ج 8 ص 164، ذكر ذلك (قدس سره الشريف) عند تفسيره الآية 56 من سورة القصص {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } [القصص: 56]
(7) إيمان أبي طالب للمفيد: ص 25 - 26 (المجلد العاشر من مصنفات الشيخ المفيد)، السيرة الحلبية: ج 2 ص 47.
(8) بحار الأنوار: ج 35 ص 115 ح 35، الغدير للأميني: ج 7 ص 389، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 14 ص 69.
(9) بحار الأنوار: ج 35 ص 111 - 112، الغدير للأميني: ج 7 ص 390.
(10) تقدمت تخريجاته.
(11) الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 1 ص 123، السيرة الحلبية: ج 2 ص 47.
(12) تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 35.
(13) كما رثاه ابنه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلى عليك ولي النعم ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خير عم وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجبه أن يروي شعر أبي طالب (عليه السلام) وأن يدون وقال: تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه علم كثير، وروي عن أبي بصير عن الباقر (عليه السلام) قال: مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلما مؤمنا، وشعره في ديوانه يدل على إيمانه ثم محبته وتربيته ونصرته ومعاداة أعداء رسول الله وموالاة أوليائه وتصديقه إياه بما جاء من ربه وأمره لولديه علي وجعفر بأن يسلما ويؤمنا بما يدعو إليه الخ (راجع بحار الأنوار: ج 35 ص 114 - 117، سفينة البحار: ج 2 ص 88، وقد روى الأبيات ابن الجوزي في تذكرة الخواص: ص 9.
(14) مناظرات في الحرمين الشريفين للبطحائي: 41 - 45.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|