المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الشعراء والقراءة  
  
2162   05:39 مساءاً   التاريخ: 22-03-2015
المؤلف : جرجي زيدان
الكتاب أو المصدر : تاريخ آداب اللغة العربية
الجزء والصفحة : ج1، ص304-305
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 2641
التاريخ: 25-12-2015 6529
التاريخ: 19-7-2021 8284
التاريخ: 2-9-2021 3335

كانت القراءة في صدر الإسلام خاصة بطبقة من الناس اهمهم حفظة القرآن ومن توخى المدينة فسكن المدن وغلبت عليه الحضارة. اما هل البادية فيظهر انهم ظلوا يعولون على الذاكرة وخصوصا الشعراء، فقد كانت طائفة من فحولهم لا يقرأون وخصوصا في الجاهلية فأكثرهم كانوا اميين. اما في الإسلام بعد انتشار القراءة والكتاب فظل كثيرون من الشعراء لا يقرأون وخصوصا أهل البادية، فلعلهم كانوا يعولون على الرواية او على الحفظ. ومن شعراء العصر الأموي الذين كانوا لا يقرأون الفرزدق، وقد وقفنا حينا عندما تبين لنا انه لا يقرأ لعلمنا بمنزلته من الشاعرية وتقدمه بين رجال الدولة. وقد تبين لنا ذلك عرضا في سياق واقعة جرت له مع مروان بن الحكم.. وذلك انه قال شعرا اساء مروان بن الحكم وهو والي المدينة، فدعاه إليه وتوعده واجله ثلاثا وقال: (اخرج عني) فانشد الفرزدق:

دعانا ثم اجلسنا ثلاثا      كما وعدت لمهلكها ثمود

قال مروان: قولوا له عني إني اجبته، فقلت:

قل للفرزدق والسفاهة كاسمها      ان كنت تارك ما امرتك فاجلس

ودع المدينة إنها محظورة     والحق بمكة او ببيت المقدس

فعزم على الشخوص الى مكة فكتب له مروان الى بعض عماله ما بين مكة والمدينة بمائتي دينار. فارتاب (الفرزدق) في كتاب مروان فجاء به إليه وقال:

مروان ان مطيتي معقولة    ترجو الحباء وربها لم ييأس

آتيتني بصحيفة مختومة      يخشى علي بها حباء النقرس

الق الصحيفة يا فرزدق لا تكن      نكدا كمثل صحيفة المتلمس

ورمى بها الى مروان فضحك، وقال: (ويحك إنك امي لا تقرأ فاذهب بها الى من يقرأها، ثم ردها حتى اختمها) فذهب بها فلما قرئت إذا بها جائرة فردها الى مروان فختمها. وامر له الحسين بن علي بمائتي دينار (1).

فتبين لنا من ذلك انه لا يقرأ، فاذا صح ذلك عن الفرزدق فكيف بسواه. ويقال ان ذا الرمة أيضاً كان لا يقرأ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأغاني ج19

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.