أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-6-2019
4579
التاريخ: 22-5-2019
32446
التاريخ: 30-4-2019
2968
التاريخ: 8-5-2019
6056
|
قال تعالى : {وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأعراف : 167] .
خاطب سبحانه النبي فقال : {وإذ تأذن ربك} معناه : واذكر يا محمد إذ أذن وأعلم ربك ، فإن تأذن وأذن بمعنى. وقيل : معناه : تألى ربك أي : أقسم القسم الذي يسمع بالأذن. وقيل معناه : قال ربك ، عن ابن عباس (ليبعثن عليهم} أي : على اليهود {إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب} أي : من يذيقهم ويوليهم شدة العذاب بالقتل ، وأخذ الجزية منهم ، والمعني به أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند جميع المفسرين ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ، وهذا يدل على أن اليهود لا تكون لهم دولة إلى يوم القيامة ، ولا عز. وأما معنى البعث هاهنا : فهو الأمر والإطلاق والمعونة. وقيل معناه : التخلية ، وإن وقع على وجه المعصية ، كقوله سبحانه {إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} {ان ربك لسريع العقاب} لمن يستوجبه على الكفر والمعصية {وإنه لغفور رحيم} ظاهر المعنى .
وإنما قال سريع العقاب وإن كان العقاب مؤخرا إلى يوم القيامة ، لأن كل آت فهو قريب. وقيل معناه : سريع العقاب لمن شاء أن يعاقبه في الدنيا .
_____________________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 385 .
لقد تحدث القرآن طويلا عن بني إسرائيل ، تحدث عن كفرهم وافسادهم في الأرض ، وتمردهم على الحق ، وتكلمنا نحن كثيرا عنهم تبعا لآي الذكر الحكيم ، وذكرنا عشرات الأمثلة من سيرتهم كشرح وتطبيق للنص القرآني في شأنهم ، ولكن هنا سؤال قد يرتفع إلى مستوى الحيرة والشك حول هذه الآية :
{وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ} .
وحول الآية 112 من سورة آل عمران : {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا} .
وأجبنا عن هذا السؤال في المجلد الثاني صفحة 134 عند تفسير الآية 112 من سورة المائدة ، وأيضا أجبنا عنه بأسلوب آخر قريبا عند تفسير الآية 153 من السورة التي ما زلنا في تفسيرها ، ونشير هنا إلى الجواب بإيجاز . . لقد سلط اللَّه من قبل علي بني إسرائيل الفراعنة ، ثم البابليين ، ثم الفرس ، ثم خلفاء الإسكندر ، ثم النصارى .
ومن الطريف ما جاء في تفسير البحر المحيط ان طائفة من النصارى أملقت ، فباعت اليهود الذين في بلدهم لبلد مجاور . . وأخيرا فر اليهود من الذل والنكال لاجئين إلى بلاد العرب ، فعاشوا بها آمنين ، ولكنهم نكثوا العهد الذي أعطوه لرسول اللَّه (صلى الله عليه وآله) ، فقتل بعضا ، وأجلى عمر بن الخطاب البقية الباقية ، فتشتتوا في شرق الأرض وغربها موزعين مع الأقليات تابعين غير مستقلين يسمعون الأوامر فيطيعون صاغرين .
وأخيرا أدرك اليهود انه لن يكون لهم اسم يذكر إلا إذا أخلصوا للاستعمار ، ومن أجل هذا باعوا أنفسهم لكل مستعمر قوي ينفذون مؤامراته ودسائسه . .
وفي أيامنا هذه - نحن الآن في صيف سنة 1968 - اكتشفت بعض الدول ان المستعمرين أوعزوا إلى يهود أوروبا الشرقية أن يقوموا بمحاولات تهدف إلى سير هذه البلاد في ركاب المستعمرين ، وباشر اليهود بتنفيذ الخطة ، ولكنهم افتضحوا قبل إتمامها وكادوا يجرون العالم إلى حرب ثالثة . وعلى هذا المخطط ، مخطط سير الشعوب في ركاب الاستعمار أوجد المستعمرون عصابة مسلحة من اليهود على أرض فلسطين ، وأطلقوا عليها اسم دولة إسرائيل .
وكل عاقل يتساءل : هل يصح أن تسمى إسرائيل دولة بالمعنى الصحيح ، مع العلم بأنه لو تخلى الاستعمار عنها يوما واحدا لزالت من الوجود ؟ . وهل من دولة في العالم كله لا تعترف بها دولة واحدة من الدول المجاورة لها ؟ . وإذا كانت إسرائيل دولة بالمعنى الصحيح فلماذا تقيم علاقاتها مع الدول والشعوب المجاورة لها على أساس الغدر والاعتداء والتوسع ؟ .
ان الدولة حقا ليست غدرا وسلاحا ، وإنما هي قبل كل شيء كيان يقوم على أساس السلم ، ونظام يرتكز على أساس الحق ، وقيم تبتعد بها عن العنصرية والتعصب ، وكيان إسرائيل عسكري يقوم على أساس الحرب ، ونظامها عدم التوقف عن العدوان ، وقيمها الصهيونية العنصرية ، والحقد والمكر والغدر ، قال الكاتب الانكليزي كرستوفر مارلو في مسرحية اليهودي المالطي : ان تخيل إمكانية معايشة اليهود ضرب من الجنون ، ولا دواء لنفوسهم إلا السيف البتار .
أبعد هذا يقال للعرب عيشوا مع اليهود بسلام ، أو يقال : ان اليهود أعزاء لأن منهم عصابة مسلحة تسمى باسم دولة إسرائيل تقتل وتشرد مئات الألوف بمساندة الاستعمار ؟ . أجل ، إذا كانت القرصنة عزا ، والرذيلة مجدا فان اليهود في أوج المجد والعز .
وبالتالي ، فان اللَّه وحده هو الذي يعلم الخطوة التالية ، والعاقل لا يخدع بالظواهر ، ولا يستبق الأحداث .
{إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ} للذين حقت عليهم كلمة العذاب {وإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} لمن أقلع عن ذنبه وأناب .
___________________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 412-414 .
قوله تعالى : ﴿وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة﴾ إلى آخر الآية تأذن وأذن بمعنى أعلم ، واللام في قوله : ﴿ليبعثن﴾ للقسم ، والمعنى : واذكر إذ أعلم ربك أنه قد أقسم ليبعثن على هؤلاء الظالمين بعثا يدوم عليهم ما دامت الدنيا من يذيقهم ويوليهم سوء العذاب .
وقوله : ﴿إن ربك لسريع العقاب﴾ معناه أن من عقابه ما يسرع إلى الناس كعقاب الطاغي لطغيانه ، قال تعالى :﴿الذين طغوا في البلاد - إلى أن قال - إن ربك لبالمرصاد﴾ الفجر : 14 والدليل على ما فسرنا به قوله بعده :﴿و إنه لغفور رحيم﴾ فإن الظاهر أنه لم يؤت به إلا للدلالة على أنه تعالى ليس بسريع العقاب دائما وإلا فمضمون الآية ليس مما يناسب التذليل باسمي الغفور والرحيم لتمحضه في معنى المؤاخذة والانتقام فمعنى قوله : ﴿إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم﴾ إنه تعالى غفور للذنوب رحيم بعباده لكنه إذا قضى لبعض عباده بالعقاب لاستيجابهم ذلك بطغيان وعتو ونحو ذلك فسرعان ما يتبعهم إذ لا مانع يمنع عنه ولا عائق يعوقه .
ولعل هذا هو معنى قول بعضهم : إن معنى قوله ﴿إن ربك لسريع العقاب﴾ سريع العقاب لمن شاء أن يعاقبه في الدنيا ، وإن كان الأنسب أن يقال : إن ذلك معنى قوله : ﴿إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم﴾ ، ويرتفع به ما يمكن أن يتوهم أن كونه تعالى سريع العقاب ينافي كونه حليما لا يسرع إلى المؤاخذة .
______________________________
1. تفسير الميزان ، ج8 ، ص 296-297 .
واذكروا يوم أخبركم الله بأنّه سيسلّط على هذه الجماعة العاصية المتمردة فريقا يجعلها حليفة العذاب والأذى إلى يوم القيامة {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ} .
و «تأذّن» و «أذّن» كلاهما بمعنى الإخبار والإعلام ، وكذا جاء بمعنى الحلف والقسم ، وفي هذه الصورة يكون معنى الآية أنّ الله تعالى أقسم بأن يكون مثل هؤلاء الأشخاص في العذاب إلى يوم القيامة .
ويستفاد من هذه الآية أنّ هذه الجماعة المتمردة الطاغية لن ترى وجه الاستقرار والطمأنينة أبدا ، وإن أسّست لنفسها حكومة وشيّدت دولة ، فإنّها مع ذلك ستعيش حالة اضطراب دائم وقلق مستمر ، إلّا أن تغيّر ـ بصدق ـ سلوكها ، وتكفّ عن الظلم والفساد .
وفي ختام الآية يضيف تعالى قائلا : {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} فبالنسبة إلى الكفار سريع العقاب ، وبالنسبة للمذنبين التائبين التائبين غفور رحيم .
وهذه الجملة تكشف عن أنّ الله قد ترك الباب مفتوحا أمامهم حتى لا يظن أحد أنّه قد كتب عليهم المصير المحتوم والشقاء الابدي الذي لا خلاص منه .
__________________________
1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 555-556 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|