المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



علم النحو في الأندلس والمغرب وعلماؤه  
  
15428   02:04 صباحاً   التاريخ: 4-03-2015
المؤلف : محمد الطنطاوي
الكتاب أو المصدر : نشأة النحو وتاريخ اشهر النحاة
الجزء والصفحة : ص129- 138
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة الاندلسية / أهم نحاة المدرسة الاندلسية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-03-2015 3324
التاريخ: 12-08-2015 1346
التاريخ: 4-03-2015 1921
التاريخ: 29-03-2015 8050

تباعد الشقة بين هذه البلاد وبين العراق مهد النحو قضى عليها أن تتأخر ردحا من الزمن عن اقتفائها العراق في مزاولته إلى أن نضج وكمل، وعناية الولاة على الأندلس من قبل بني أمية منذ فتحه سنة 93هـ منصرفة إلى إخضاع البلاد للخلافة فحسب، نعم لما استقلت بنو أمية بالأندلس على يد عبد الرحمن الداخل صقر قريش سنة 138هـ، وتوطد فيها الملك له ولعقبه من بعده استقبلت الأندلس عهدا جديدا وبدأت الحركة العلمية فيها، بفضل مناصرة بني أمية اللغة جريا على دأب بني أبيهم في المشرق، فأرغبوا العلماء في العلم وكافئوهم على دراستهم وتصنيفهم، فاستحث ذلك دول المغرب التى كانت تموج بالاضطرابات آنئذ، لأنها دول عربية تقدس الكتاب الكريم وتحدب على اللغة العربية لغة الدين، ففي المغرب الأقصى دولة الأدارسة العلوية نشأت على يد إدريس بن عبد الله بن حسن في مدينة "وليلي" سنة 172هـ، وضمت إليها بلاد تلمسان، وفي شمال إفريقية دولة الأغالبة التي أسسها إبراهيم بن الأغلب التميمي المتوفى سنة 184هـ.

ثم قامت على أنقاض الدولتين الدولة الفاطمية واحتازات المغرب سنة 297هـ، وامتد نفوذها من المحيط الأطلسي إلى مصر سنة 358هـ، فنهضت المغرب تجاري الأندلس، بحكم قرب الجوار واتحاد اللغة والدين، لذلك تجشم أفراد من الأندلس والمغرب الأسفار إلى المشرق ورووا عن علمائه واقتبسوا من معارفهم إذ لم يكن في مقدورهم الرحلات إلى البوادي، ومشافهة الأعراب فيها كما صنع المشارقة، وقفلوا إلى المغرب والأندلس مزودين بعلوم المشارقة زيادة على ما جلبوا معهم من مؤلفاتهم، إلا أنه كان للمغاربة فضل السبق على الأندلسيين لقرب بلادهم من المشرق وبعد الأندلسيين منه، وستقف على هذا عند الكلام على تراجم الفريقين قريبا.
وقد تجاوب مع هذه الرحلات المشرقية في رفع شأن اللغة العربية تقاطر المشارقة وتوافد كثير من علمائهم إلى المغرب والأندلس لتوافر المرغبات في النزوح إليهما ماديا وأدبيا، وممن ورد الأندلس أبو علي القالي الذي رعاه أحسن رعاية "الحكم المستنصر"

ص129

ولي عهد أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر سنة 330هـ، وأحسن مثواه حتى لقي ربه في الأندلس وتوفي بقرطبة سنة 356هـ.

فتولد من هذين العاملين حركة في علم النحو في ظل الأمويين، والأغالبة والفاطميين، واطرد نموها وازدهرت في آخر عهدهم، وازداد ازدهارها في عصر ملوك الطوائف الذين قاموا على أنقاض الأمويين وتقاسموا بلاد الأندلس بينهم من سنة 428هـ، فإنهم كانوا يتبارون في تقدير العلم وأهله حتى كان منهم العلماء والمؤلفون، وفي خلال تلك الحقبة هبت نسمة من الأندلس على بلاد المغرب انتعشت فيها، فظهر في الأندلس والمغرب علماء ضارعوا علماء المشرق وانتشرت دراسة النحو في سائر المدن، وكادت الأندلس تحكي صورة العراق في عصره الزاهر، فكان غير عجب أنه لما فسدت السليقة بالبادية أواسط القرن الرابع الهجري وانصرف علماء المشرق إلى درس ما حفظوه ودونوه من كلام العرب، أن يصنع كذلك بعد حين المغاربة والأندلسيون في اجتزائهم بما نقلوا من ألسنة وكلام العرب المروي لهم عن علماء المشارقة والقواعد التي تلقنوها منهم، فلم يرتحلوا بعد إلى المشارقة، وعكفوا على ما حصلوا عليه، وصدقوا العزيمة في تثمير ما عندهم.

وتقضي البداهة أن إنعام الفكر في المسائل موح وملهم باستكمال بعض النقص الفائت، وهكذا ما كان من الأندلسيين بعد استغنائهم عن المشارقة واعتمادهم على أنفسهم فإنهم عدلوا عن بعض آراء المشارقة في النحو وخالفوهم في منهاج تعليمه وتدوينه، واستدركوا عليهم مسائل فاتتهم، وبذلك استحدثوا مذهبا رابعا عرف بمذهب المغاربة أو الأندلسيين، ظهرت مبادئه من أوائل القرن الخامس الهجري، الذي يعد بحق فجر النهضة النحوية في هذه البلاد، ولقد كانت نهضة رائدها المقة1 المحضة لهذا الفن في تلك البلاد المحرومة منه زمنا طويلا، ومن ذلك الحين قرروا كتاب سيبويه.

كتاب سيبويه عندهم:
لكتاب سيبويه عندهم منذ فجر النهضة العلمية بينهم المكانة المقدسة، فجدوا وتحملوا المشاق والأخطار في ارتحالهم من بلادهم إلى المشرق للحصول على صورة منه، وإنها لمشقة لا تسهل إلا على هؤلاء الذين أحبوا العلم للعلم، والرغبة الخالصة لا يحول دونها حاجز وإن تعذر اجتيازه، وسيأتي ذكر أعلام منهم استطاعوا نقله من الشرق في فجر النهضة عندهم، فتكاثرت نسخه بعدئذ وصار كتابهم المقدس في العربية، وإليه تؤول فضيلة النهضة الأندلسية المغربية، فقد شغف به الأندلسيون والمغاربة من هذا الحين، وتنافسوا في استظهاره، إذ كان حفظه عندهم شارة النبوغ في العربية, فمن حفظته:

ص130

حمدون النحوي القيرواني، وخلف ين يوسف الشنتريني وغيرهما وعنوا بشرحه والتعليق عليه، فشرحه منهم: أبو بكر الخشني، وابن الطراوة، وابن خروف، وابن الباذش وغيرهم، وما انفكت العناية به تزداد تترى حتى انتهت رياسة النحو إلى ابن الضائع، فقد شرح كتاب سيبويه وأبدى مشكلات فيه عجيبة.

لقد اطرد تثمير هذه النهضة في تلك البلاد وشيكا، ونمت الحركة العلمية وكثر العلماء وتباروا في تصنيف المؤلفات مع تنويع الإنتاج بين نحوية وغيرها، فتطلعت إليهم الأنظار في سائر البلاد الإسلامية، وملأت قرطبة الأندلس الأسماع وخلفت بغداد العراق، ولا سيما في النحو الذي حظي منهم بما حرمه غيره من فنون أخرى, فقد سارت نهضتهم النحوية قدما حتى القرن السابع الهجري، إذ فيه تسنم الذروة العليا من عناياتهم, قال ابن سعيد المغربي، ونقل كلامه المقري قال: "والنحو عندهم في نهاية من علو الطبقة حتى أنهم في هذا العصر "القرن السابع" فيه كأصحاب عصر الخليل وسيبويه، لا يزداد مع هرم الزمان إلا حدة، وهم كثير، والبحث فيه وحفظ مذاهبه كمذاهب الفقه، وكل عالم في أي علم لا يكون متمكنا من علم النحو بحيث لا تختفي عليه الدقائق فليس عندهم بمستحق للتمييز ولا سالم من الازدراء".(1)
وعلى كر الأيام تكاثرت مسائل مذهب المغاربة والأندلسيين الجديد وذاعت قواعده وامتدت حياته حتى أخذه عنهم المشارقة بعد ما ضعف شأنهم، إذ قد نزح كثير من المغاربة إلى المشرق إما للحج أو للإقامة، ودرسوا في مساجده ومدارسه ومعهم مؤلفاتهم كابن مالك وغيره.
وستعرف في المطلب الثاني بعد سقوط بغداد وانقطاع المدد من العراق إلى القطرين "مصر والشام" أنه كثر تدفق الأندلسيين والمغاربة إليهما, فنفحوهما نفحة لا ينساها التاريخ لهم، وهنا يحسن أن نذكر على سبيل الإرشاد بعض ما عرف عن جمهور المغاربة والأندلسيين من عناصر مذهبهم مخالفا للمعروف من المذاهب البصرية والكوفية والبغدادية, فمن ذلك:
أمثلة للمذهب الأندلسي المغربي:
1- منع توكيد العائد المنصوب المحذوف قياسا، نحو: جاء الذي ضربت نفسه، قال الأشموني "ومنعه ابن السراج وأكثر المغاربة".(2)

ص131

2- اعتبار الفعل القلبي معلقا عن الجملة المسبوقة بالمعلق بعد المفعول الأول، قال ابن هشام "قال جماعة من المغاربة: إذا قلت: علمت زيدا لأبوه قائم، أو ما أبوه قائم، فالعامل معلق عن الجملة وهو عامل في محلها النصب على أنها مفعول ثان، وخالف في ذلك بعضهم لأن الجملة حكمها في مثل هذا أن تكون في موضع نصب وأن لا يؤثر العامل في لفظها وإن لم يوجد معلق، وذلك نحو: علمت زيدا أبوه قائم".(3)
3- تجويزهم تأخير حال الفاضل عن اسم التفضيل، قال السيوطي: "وأجاز بعض المغاربة تأخير الحالين عن أفعل بشرط أن يليه الحال الأولى مفصولة عنه من الثانية، فيقال: هذا أطيب بسرا منه رطبا، وزيد أشجع أعزل من عمرو ذا سلاح قال أبو حيان: وهذا حسن في القياس لكنه يحتاج إلى سماع".(4)
4- اعتبارهم نصب "غير" في الاستثناء كنصب المستثنى بإلا، قال ابن هشام: "وانتصاب "غير" في الاستثناء عن تمام الكلام عند المغاربة كانتصاب الاسم بعد إلا عندهم".(5)
5- جواز العطف في تمييز المقدار المكون من الجنسين، نحو: عندي رطل سمنا وعسلا، قال السيوطي: "وقال بعض المغاربة: الأمران سائغان العطف وتركه".(6)
6- عدم اعتبار العطف لأم المنقطعة مطلقا، قال الصبان: "فابن جني والمغاربة يقولون ليست بعاطفة أصلا لا في مفرد ولا في جملة".(7)
7- تصحيحهم عمل "أن" المخففة المفتوحة في الظاهر أيضا، قال السيوطي: "الثاني أنها تعمل في المضمر وفي الظاهر نحو علمت أن زيدا قائم، وقرئ "أن غضب الله عليها" وعليه طائفة من المغاربة".(8)
8- تسويغهم نصب المضارع بعد الفاء في جواب الاستفهام المتضمن وقوع الفعل، نحو: لم ضربت زيدا فيجازيك؟ مخالفين اشتراط النحاة عدم الوقوع، قال الأشموني: "ولم يشترط ذلك المغاربة".(9)

ص132

9- قصر حذف "أن" الداخلة على المضارع على السماع سواء أبقي منصوبا أم رفع، قال الأشموني: "وإليه ذهب متأخرو المغاربة، قيل وهو الصحيح".(10)
تلك بعض قواعدهم، أما خلافاتهم الشخصية، وتعليلاتهم، وطريقتهم فهي تحت البصر بكتبهم، ولا تنس ما سبق التنبيه عليه في آخر المطلب الأول من أن علماء الأندلس والمغرب يشاركون علماء العراق وعلماء القطرين في استيفاء المصادر كلها تراجمهم، ونريد هنا أن نقول: إن علماء الأندلس والمغرب قد ترجمهم أيضا المقري في "نفح الطيب"، وهاك بعض مشهوريهم مرتبين بحسب مماتهم:
أشهر نحاة الأندلس والمغرب
1- جودي:

هو ابن عثمان النحوي المغربي(11)، نشأ في مورور "قرب القيروان" ورد العراق وأخذ عن الكسائي والفراء والرياشي، وروى عن الكسائي كتابه واستصحبه معه في عودته إلى وطنه، غير أنه اتجه بعد إلى قرطبة، فكان أول من أدخل كتاب الكسائي في هذه البلاد، وألف في النحو وتصدر للإفادة حتى توفي بقرطبة سنة 198هـ.

2- حمدون:

هو النحوي المغربي "محمد بن إسماعيل" نشأ بالقيروان وتلقى عن المهري، ثم بلغ الغاية في النحو والغريب، وهو أول من عرف بحفظ "كتاب سيبويه" وطبعي أن الكتاب كان في المغرب ولا يعرف على التعيين أول من جلبه، ولحمدون كتب في النحو، توفي بعد 200هـ.

3- الأفشنيق:

هو "محمد بن موسى" الأندلسي رحل إلى المشرق، فأخذ بمصر عن أبي علي الدينوري كتاب سيبويه، وانتسخه، وبالبصرة عن المازني، ثم عاد إلى الأندلس ومعه الكتاب، ويغلب على الظن أنه أول من أدخل الكتاب الأندلس، توفي بقرطبة سنة 307هـ.

4- محمد بن يحيى الرباحي الأندلسي:

وأصله من جيان, وانتقل أبوه إلى قلعة رباح "من أعمال طليلة" حذق علوم العربية واشتهر بالنحو؛ ورحل إلى مصر فلقي أبا جعفر النحاس وروى عنه كتاب سيبويه

ص133

 ثم عاد إلى الأندلس وتلقى عنه الزبيدي؛ وكرمت منزلته عند الحكم المستنصر بالله وأشرف على الدواوين، وبقي أثيرا إلى أن توفي بقرطبة سنة 358هـ.

5- الزبيدي: (12)

هو أبو بكر محمد بن الحسن، أصله من زبيد "قبيلة يمنية" ولد في إشبيلية وتأدب على أبيه ثم سمع من أبي علي القالي ومحمد بن يحيى الرباحي وغيرهما في قرطبة، حتى غدا أوحد زمانه في النحو وحفظ اللغة، فاختاره الحكم المستنصر بالله لتأديب ولده وولاه قضاء إشبيلية وخطة الشرطة بها، وله مؤلفات: الواضح في النحو، وأبنية الأسماء في الصرف، واستدراك العين في اللغة، وطبقات النحويين واللغويين في التراجم.

تعريف بكتابه طبقات النحويين واللغويين

لهذا الكتاب منهج خاص في التراجم يرشد إلى المقصود بسهولة، فإنه من جهة فصل بين النحويين واللغويين وجعل لكل بابا، ومن جهة أخرى ذكر البصريين وحدهم ثم الكوفيين ثم الإفريقيين ثم الأندلسيين، ورتبهم طبقات طبقة تلي أخرى مشيرا إلى مدارسهم وشيوخهم مع جودة الضبط.

نعم قد اضطررت في التعبير الإقليمي إلى مخالفته "في الإفريقيين" فاستبدلت بها "المغاربة" لأنها المذكورة في كتب النحو التي بأيدينا.

ومن الاعتراف بالفضل لصاحبه الإشادة بصنيع الزبيدي فإنه الذي مهد لنا السبيل في توزيع علماء النحو خاصة إقليميا -وهو الهدف الذي ننظره- منذ كان من أبي الأسود إلى شيخ الزبيدي السابق محمد بن يحيى الرباحي المتوفى سنة 358هـ لأن ترجمته آخر تراجم الطبقات، فلو تأخر عهد الزبيدي لامتد هذا التفصيل النافع إلى أمده وخفف عنا عناء التفتيش فترة أخرى، في المعاجم المعنية بعلماء النحو دون التنصيص على من عرفوا به واشتهروا دون اللغة، فإن جلهم جامعون بين الفنين وبعضهم ضم إليهما فنونا أخرى ودون التعيين في أبواب لأقاليمهم ولكل إقليم طابعه الخاص في النحو والنحاة؛ أما طبقات الزبيدي فإنها أضافت على فائدة الترجمة ثلاث فوائد: شهرة المترجم بالنحو ومذهبه فيه وموطنه المنسوب إليه، لهذا كانت مطمح أنظار العلماء. ظل الزبيدي موضع التجلة في قرطبة حتى توفي سنة 379هـ.

ص134

6- الأعلم:

هو أبو الحجاج يوسف بن سليمان المعروف بالأعلم(13) "لانشقاق شفته العليا"، ولد بشنتمرية "مدينة في غرب الأندلس" ورحل إلى قرطبة فتلقى عن الإقليلي وغيره وشهرته قوة الحافظة فبعدت سمعته فكانت تضرب إليه أكباد الإبل، وكف بصره آخر حياته، وكانت تغلب عليه النزعة الأدبية كما ترى في مؤلفاته فله شرح الجمل للزجاجي وشرح شواهد سيبويه، وشواهد الجمل، وديوان زهير، والحماسة وغيرها، توفي بإشبيلية سنة 476هـ.

7- ابن السيد البطليوسي:

هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد وليد في بطليوس واستوطن بلنسية موفور الكرامة لعلمه الجم فترامت سمعته إلى ابن الحاج صاحب قرطبة الذي استقدمه إليها، غير أنه أقام عنده قليلا وخافه فعاد إلى بلنسية، ومؤلفاته كثيرة، له في النحو المسائل المنثورة، وإصلاح الخلل الواقع في الجمل، والخلل في شرح أبيات الجمل، توفي ببلنسية سنة 521هـ.

8- ابن الطراوة:

هو أبو الحسين سليمان بن محمد، ولد بمالقة ورحل إلى قرطبة فسمع من الأعلم كتاب سيبويه كما أخذ عن غيره ثم تجول كثيرا في الأندلس، فانتفع به خلق كثير، وكان جريئا في آرائه لهذا انفرد بمسائل جمة خالف فيها النحاة، ولم يتحاش تغليط سيبويه في الكتاب في "باب النعت" كما رأيت عند الكلام في ترجمة سيبويه، ومن مصنفاته المقدمات على كتاب سيبوبه، والترشيح، توفي بمالقة سنة 528هـ.

9- ابن الباذش:

هو أبو الحسن علي بن أحمد، ولد بغرناطة وشب على حب الفضيلة والزهد في الدنيا وبرع في الشريعة والعربية فأكبره لذاته، بذل همته في النحو فشرح أمهات الكتب: إذ شرح كتاب سيبويه؛ والأصول لابن السراج، والمقتضب للمبرد، والإيضاح للفارسي، والجمل للزجاجي، والكافي للنحاس، توفي بغرناطة سنة 538هـ.

10- اللخمي:

هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هشام اللخمي، ولد في سبتة، ولما شدا1 مبادئ

ص135

اللغة والشريعة، انكب على التزايد فيهما حتى صنف مؤلفات، منها في النحو كتاب الفصول والجمل، توفي بسبتة سنة 570هـ.

11- ابن طاهر:

هو أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر المشهور بالخدب ولد في إشبيلية ورحل إلى مراكش فدرس في "فاس" كتاب سيبويه وذاع اسمه وأقبل الناس عليه من الجهات النائية وله طرر على الكتاب توفي بفاس سنة 580هـ.

12- السهيلي:
هو أبو القاسم، وأبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله، ولد بمالقة، وسمع من ابن الطراوة وغيره، وكف بصره في السابعة عشر فعوضه الله نور البصيرة، وأحسن الناس فيه عقيدتهم، ونفذت سمعته العلمية والدينية إلى بلاد المغرب، ونمى خبر إملاقه إلى ملكها فاستقدمه ومكث بها ثلاثة أعوام مغمورا بالإحسان؛ وله مصنفات منها التعريف والإعلام بما في القرآن من الأسماء والأعلام، والروض الأنف شرح السيرة.
حدثت مسائل بينه وبين ابن خروف مذكورة "في الفن السابع" من الأشباه والنظائر الجزء الثالث، توفي رحمه الله بمراكش سنة 583هـ (14).
13- ابن مضاء:

هو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن اللخمي القرطبي، نشأ بقرطبة في بيت حسب محبا للعلم، فأخذ عن ابن الرماك في إشبيلية كتاب سيبويه تفهما وسمع عليه وعلى غيره من الكتب النحوية واللغوية والأدبية ما لا يحصى، وامتد نهمه إلى سائر العلوم من الأصول والهندسة وغيرهما، فكان وحيد عصره، وتولى رياسة القضاء في عهد أمير المؤمنين يوسف بن عبد المؤمن من دولة الموحدين.

وله في النحو كتاب "المشرق في النحو" وكتاب "الرد على النحاة" وهذا الكتاب هجم فيه على نحاة المشرق وفند بعض قواعدهم: في اعتبار العامل، وفي توجيه العلل، وفي اعتبار القياس، وفي التعويل على التمارين الفرضية؛ ويحتاج بسط ما في الكتاب إلى تفصيل لا يسعه المقام وكتاب "تنزيه القرآن عما لا يليق بالبيان" وخطأه ابن خروف في هذا الكتاب وناقضه بكتاب سماه "تنزيه أئمة النحو عما نسب إليهم من الخطأ والسهو"، ولما بلغ ابن مضاء اغتاظ ثم قال: نحن لا نبالي بالأكباش النطاحة وتعارضنا أبناء الخرفان، توفي ابن مضاء في إشبيلية سنة 592هـ.

ص136

14- الجزولي:

هو أبو موسى عيسى بن يللبخت من قبيلة "جزولة" من قبائل البربر بمراكش نشأ بمراكش، ولما حج عرج على مصر فتلقى النحو عن ابن بري وقرأ عليه كتاب "الجمل" للزجاجي، وجرى فيها بحث نتج عنه مقال طويل جعله مؤلفا "المقدمة" للزجاجي، وقد عنى الناس بها، وفي كشف الظنون: "هي المسماة بالقانون، أغرب فيها وأتى بالعجائب، وهي في غاية الإيجاز مع الاشتمال على شيء كثير من النحو لم يسبق إلى مثلها" ثم عاد إلى المغرب وأخذ الناس عنه، حتى توفي بمراكش سنة 605هـ.

15- ابن خروف:

هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الحضرمي الإشبيلي، ولد في إشبيلية وأخذ عن ابن طاهر السابق ترجمته، ثم برز في العربية، ومن مصنفاته النحوية: شرح كتاب سيبويه أهداه إلى صاحب المغرب فمنحه ألف دينار، وشرح الجمل للزجاجي ومع طول باع المترجم في النحو وذيوع صيته في التدقيق وغزارة مؤلفاته كان في خلقه زعارة فلا عجب أن يندفع إلى منازلة السهيلي في المسائل المنوه عنها في ترجمته وأن يعدو على ابن مضاء في مناقضته لكتابه المذكور آنفا في ترجمته.

ومما هو حري بالملاحظة أن ابن خروف النحوي غير ابن خروف الشاعر المشهور وإن اتفقا اسما وكنية ولقبا وأبا، فقد اختلفا جدا ونسبا ووطنا ووفاة ومدفنا، فإن ابن خروف الشاعر هو أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف القيسي القرطبي، وهو الذي أرسل قصيدة للقاضي في حلب يوسف بهاء الدين المعروف بابن شداد يستجديه فرو خروف، وتوفي مترديا في جب بحلب سنة 604هـ. ولعل الاشتباه بين النحوي والشاعر هو الذي تسرب منه الخطأ في نسبة شعر للنحوي، ولم ينتبه لهذا أحد ممن ترجم النحوي قبل ابن خلكان وبعده، فإنه وحده الذي حقق هذا الفرق في وفيات الأعيان ترجمة القاضي يوسف المذكور، وهذا التحقيق من ابن خلكان جدير بالتقدير والاعتبار، توفي ابن خروف النحوي بإشبيلية سنة 610هـ.
16- الشلوبيني:

هو أبو علي عمر بن محمد المعروف بالشلوبيني(15)، ولد بإشبيلية، وأخذ عن السهيلي والجزولي وغيرهما، ثم انتهت إليه رياسة النحاة غير مدافع، بل تغالى معاصروه

ص137

ففضلوه على أبي علي الفارسي وبه انتهت دولة الأئمة المجتهدين، وكان مع هذا فيه غفلة وحكايته في ذلك غريبة، ومن مصنفاته النحوية: التوطئة، والتعليق على كتاب سيبويه، توفي بإشبيلية سنة 645هـ.(16)

17- ابن هشام الخضراوي:

هو أبو عبد الله محمد بن يحيى الخزرجي، من الجزيرة الخضراء، أخذ عن ابن خروف وغيره، وعني في تصنيفه بكتاب الإيضاح، فألف الإفصاح بفوائد الإيضاح والاقتراح في تلخيص الإيضاح، وغرر الإصباح في شرح أبيات الإيضاح توفي بتونس سنة 466هـ.

18- ابن الحاج:

هو أبو العباس أحمد بن محمد، قرأ على الشلوبيني وأمثاله، ومهر في علوم اللغة العربية وصنف فيها، وله في النحو إملاء على كتاب سيبويه، ومختصر الخصائص لابن جني، وشرح الإيضاح، كان يقول: إذا مت يفعل ابن عصفوري في كتاب سيبويه ما شاء توفي سنة 647هـ.

ص138

______________________________

(1) نفح الطيب, الباب الأول من القسم الأول (القرآن والعلوم الشرعية بالأندلس).

(2) شرحه على الألفية, باب الموصول العائد المنصوب.

(3) المغني الباب الثاني, الجمل التي لها محل من الإعراب, الجملة الثالثة الواقعة مفعولاً.

(4) همع الهوامع باب الحال.

(5) المغني الباب الأول (غير).

(6) همع الهوامع باب التمييز.

(7) حاشيته في عطف النسق.

(8) همع الهوامع (تخفيف أن).

(9) شرحه على الألفية إعراب الفعل.

(10) شرحه على الألفية آخر باب إعراب الفعل, النواصب.

(11) انظر ترجمته في معجم الأدباء ج7/ ص213- 214.

(12) انظر ترجمته في معجم الأدباء ج18/ ص179- 184.

(13) انظر ترجمته في معجم الأدباء ج20/ 60- 61.

(14) السهيلي منسوب الى السهيل بلدة قريبة من مالقة فيها أهله واقاربه, وسمّيت بذلك لأن كوكب سهيل لا يرى في بلاد الاندلس إلا من جبل مطل عليها.

(15) نسبة الى شلوبين أو شلوبينية أو شلوبينية, وهي حصن في الأندلس (ياقوت الحموي- معجم البلدان) وقال صاحب القاموس: بلد في المغرب, وقال ابن خلكان في وفيات الاعيان: السلوبين: الأبيض الأشقر بلغة الأندلس.

(16) الشلوبيني بياء النسبة قال في معجم البلدان: (شلوبين أو شلوبينية: حصن بالأندلس) وقال في القاموس: (شلوبين أو شلوبينية: بلد بالمغرب), وقال في وفيات الأعيان (الشلوبين: الأبيض الأشقر بلغة الاندلس), وروى بغير النسبة والباء على كل مشوبة بالفاء لأنها أعجمية.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.