 
					
					
						منهج ابن عصفور النحوي ومذهبه					
				 
				
					
						 المؤلف:  
						د. محمد المختار ولد أباه
						 المؤلف:  
						د. محمد المختار ولد أباه					
					
						 المصدر:  
						تاريخ النحوي العربي في المشرق والمغرب
						 المصدر:  
						تاريخ النحوي العربي في المشرق والمغرب					
					
						 الجزء والصفحة:  
						ص284- 287
						 الجزء والصفحة:  
						ص284- 287					
					
					
						 29-03-2015
						29-03-2015
					
					
						 7288
						7288					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				لقد اهتم الدكتور فخر الدين قباوة بمنهج ابن عصفور، و ذلك في كتابه: «ابن عصفور و الصريف» و أكد نزعته البصرية و اعتماده على سيبويه في جل آرائه و إن كان قد خالفه في مسائل معدودة، منها قول إمام النحاة أن الأصل في «اطمأن» طأمن، ثم تقدمت الميم على الهمزة، و صحيح أن ابن عصفور عارض رأي الجرمي الذي يقول بأصالة: اطمأن(1). و رجح عليه رأي الزجاج القائل بأن الهمزة في مصائب منقلبة عن الواو، بينما يرى سيبويه أنهم شبهوا الياء في «مصيبة» بالياء الزائدة في صحيفة(2). و قد ذهب سيبويه إلى أن «تاه» يتيه، و طاح و يطيح أصلهما على وزن فعل، و ابن عصفور يقول أنهما على فعل (3).
ص284
غير أن الخلاف في هذه الجزئيات لا يغير من الوجهة العامة التي اتخذها ابن عصفور، و هي الاعتماد الأساسي على البصرة، دون أن يكون متعصبا ضد الكوفيين و البغداديين، بل إنه كما يقول د. فخر الدين قباوة انتهج مذهب المحققين، لأنه يعتمد في ترجيح المذاهب على المنطق الجدلي الذي يختبر الأقوال و الأدلة، ليصل بأسلوب نقلي عقلي إلى دفع الأدلة الواهية، و إتيان الأدلة القاطعة أو المرجحة، و قد كان عماده في هذا المنطق ثلاثة أسس، و هي السماع، و القياس، و الإجماع. و في السماع يعتمده ثقة النقل، و فصاحة الأصل، ورد الروايات الضعيفة و اللغات الرديئة المرذولة. و في القياس معتمد على الكثرة و الاطراد و يجعل النادر شاذا لا يقاس عليه، كما يستخدم الاستنباط و التأويل، و الأحكام العامة في التشابه و الإعلال ليصل إلى الحجة الراجحة و الدليل، و يدفع ما خرج عليه بغير دليل قويم.
يمثل ابن عصفور في تاريخ النحو حلقة وصل بين مدرسة ابن مالك المتميزة و مدرسة الأندلسيين، فقد أخذ من هؤلاء الجمع بين الأدب، و النحو، و لعله كان قدوة لابن مالك في اختيار مذهب نحوي مستقل. ثم رأينا أن ابن مالك انتقى من تصريف ابن عصفور ما لا يسع النحويين جهله، و هو ما ضمنه في الخلاصة.
غير أن تأثر ابن مالك بابن عصفور لم يمنعه من انتقاده، و تخطئته في عدة مواضيع. و لم ينفرد ابن مالك بهذا الانتقاد بل شاركه في الاستدراك عليه أبو حيان.
و قد أورد فخر الدين قباوة أمثلة من هفوات ابن عصفور في إحالاته الخاطئة، و تناقض بعض آرائه و قصوره في بعض المسائل الصرفية و أخطائه العلمية، من ذلك أنه ربما نسب بيتا لغير قائله كقوله في الإبدال: «فأما قول نصيب:
فلو كنت وردا لونه لعسقنني          و لكن ربي سانني بسواديا 
فإنه لم يبدل الشين سينا، بل كان له لثغ في الشين. و البيت ليس لنصيب و إنما هو لسحيم عبد بني الحسحاس. كما روى بيت نصيب المشهور كما يلي:
 
فقال فريق، أإذا إذ نحوتهم                    نعم، و فريق لأيمن اللّه ما ندري 
فلفق بين روايتين مختلفتين إحداهما:
فقال فريق: آإذا إذ نحوتهمو قال فريق: لأيمن اللّه ما ندري 
و الأخرى:
فقال فريق القوم لما نشدتهم                   نعم و فريق لايمن اللّه ما ندري (4)
ص285
بعض الاستدراكات عليه:
عند قول ابن عصفور إن الميم في أول الكلمة إذا كان بعدها حرفان أصليان، و ما عداهما محتمل للأصالة و الزيادة، فهي زائدة فيما عدا «معزى، و مأجج، و مهدد، و مجن، و منجنيق و منجنون» . و علق أبو حيان في الحاشية بقوله:
(و أما مجنّ-و هو الترس-فعن سيبويه فيه قولان، أحدهما أنه فعلّ كحدب فالميم أصلية، و الثاني إنه مفعل فهي زائدة. و سأل بعضهم التّوزي فقال: أخطأ صاحبكم-يعني سيبويه-في قوله إن ميم مجنّ أصلية، و هل هو إلا من الجنة، فقال ليس بخطإ لأن العرب تقول مجن الشيء إذا صلب فمجنّ منه)(5).
و في معرض إبدال الياء من الجيم، يعلق أبو حيان على قول ابن عصفور بقوله: «قال أبو عمرو و هم يقلبون الياء الخفيفة أيضا إلى الجيم، قال الفراء و ذلك في بني دبير من بني أسد خاصة، و يقولون هذا غلامج، و هذه دارج.
و قال أبو حاتم قلت لأم الهيثم-و اسمها غيثة-هل تبدل العرب الجيم في شيء من الكلام، فقالت نعم ثم أنشدتني:
إذا لم يكن فيكنّ ظلّ و لا جنى                فأبعدكنّ اللّه من شيرات(6)
و لابن مالك تعليقات على الممتع نسب فيها ابن عصفور إلى الخطإ و ذلك في قوله إن الرّوم لا يتصور في المفتوح. و قال ابن مالك إن هذا غير صحيح و إن الرّوم يكن في المفتوح و إنما يمتنع منه الإشمام(7). و منها ما قاله ابن عصفور في مسائل التمرين، بأن بناء مثل «طومار» من الوعد لا يجوز في غير «أوعاد» لئلا يجتمع واوان في كلمة(8). فعلق ابن مالك بقوله: باطل، يجوز «و وعاد« لأن الثانية مزيدة كالقوول. و إنما يلزم ذلك إذا كانت الثانية أصلية كالأولى، أو متحركة كأوراق. و عند قول المؤلف إن «فعلان» من حييت «حيوان» فنقل ابن مالك كلام سيبويه و قوله فيها حيّان بالإدغام، و ذكر أن ابن عصفور بمعزل عن ذلك. و كثيرا ما كان يصرح بجهله و عدم إتقانه (9).
و ممن نسب إليه الأوهام و السقطات ابن الحاج الذي قال إنه لم يفهم كتاب سيبويه، و كان ابن الحاج يقول: إذا مت فعل أبو الحسن بكتاب سيبويه ما أراد (10). و ممن انتقده أيضا
ص286
ابن هشام، و ابن الضائع، و يقول أبو عبيد اللّه محمد بن الأزرق الوادي ءاشى في التعريض به، و في الإشادة بابن الضائع:
نصائحك ابن الضائع الندب قد أتت           بحظ من التحقيق و العلم موفور 
فطرت عقابا كاسرا أو ما ترى               مطارك قد أعيا جناح ابن عصفور 
و إذا كان ابن عصفور كما رأينا مثار جدل و انتقاد من النحاة، فإنه لا يمكن أن ينكر أن له مكانة متميزة بين علماء اللغة، فقد عرف مدرسا بارعا، و مؤلفا مجددا و مفكرا منهجيا. فكتابه المقرّب من أجود المختصرات، و مصنفه الممتع أعاد كتابة التصريف فاستحق بذلك لقب خاتمة النحاة، إذ يقول ابن المنير.
أسند النحو إلينا الدّؤلي                 عن أمير المؤمنين البطل 
بدأ النحو عليّ و كذا                   قل بحق ختم النحو علي (11)
ص287
______________________
(1) المصدر نفسه، ص 616.
(2) المصدر نفسه، ص 508.
(3) المصدر نفسه، ص 444.
(4) قباوة ابن عصفور و التصريف، ص 191 و ما بعدها.
(5) قباوة ابن عصفور و التصريف، ص 265.
(6)) المصدر نفسه، ص 266.
(7) المصدر نفسه، ص 266.
(8) المصدر نفسه، ص 283.
(9) المصدر نفسه، ص 282.
(10) حسن موسى الشاعر أبو الحاج النحوي، ص 32 نقلا عن اختصار القدح المعلى ص 96.
(11) بغية الوعاة،  2 / 215.
				
				
					
					 الاكثر قراءة في  أهم نحاة المدرسة الاندلسية
					 الاكثر قراءة في  أهم نحاة المدرسة الاندلسية					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة