 
					
					
						ابن السيد البطليوسي  					
				 
				
					
						 المؤلف:  
						د. محمد المختار ولد أباه
						 المؤلف:  
						د. محمد المختار ولد أباه					
					
						 المصدر:  
						تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب
						 المصدر:  
						تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب					
					
						 الجزء والصفحة:  
						ص240- 243
						 الجزء والصفحة:  
						ص240- 243					
					
					
						 29-03-2015
						29-03-2015
					
					
						 3716
						3716					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				من مشاهير علماء الأندلس، أبو محمد عبد اللّه بن محمد المعروف بابن السيد البطليوسي، لقد تنقل هذا العالم بين حواضر الجزيرة، من بطليوس، إلى طليطلة عند بني ذي النون، و في السهلة مع بني رزين، ثم لجأ إلى بني هود في سر قسطة، ثم عاد إلى قرطبة في عهد ابن الحاج، و أخيرا استقر ببلنسية و عكف على الإقراء و التأليف.
أخذ ابن السيد عن شيوخ عصره أمثال اللغوي أبي بكر عاصم بن أيوب، و المحدث أبي علي الغسافي، و عبد الدايم بن خير القيراوني، و ألف مصنفات عدة أكثرها في علوم اللغة، فمنها ما يتناول علاقة اللغة بمسائل أصول الفقه. مثل كتابه في أسباب الخلاف بين المسلمين، الذي جعل مرده إلى ثمانية أوجه:
الأول: اشتراك الألفاظ و المعاني.
الثاني: الحقيقة و المجاز.
الثالث: الإفراد و التركيب.
الرابع: الخصوص و العموم.
الخامس: الرواية و النقل.
السادس: الاجتهاد فيما لا نص فيه.
السابع: الناسخ و المنسوخ.
الثامن: الإباحة و التوسيع.
أما كتبه في اللغة و النحو، فمن أشهرها إصلاح الخلل الواقع في الجمل، و الحلل في شرح أبيات الجمل كما شرح فصيح ثعلب، و مثلثات قطرب و أبيات المعاني. و شرح أدب الكاتب لابن قتيبة، و ديوان المتنبي، و سقط الزند للمعري و الفروق بين الحروف الخمسة.
و من خلال هذه المؤلفات نلاحظ نزعة ابن السيد اللغوية و الأدبية، فكان من أولئك الأندلسيين الذين جمعوا بين الشعر و اللغة و النحو و الأصول. و كانت المسحة الشعرية تطبع نهجه في التأليف، و لا ننسى أنه كان شاعرا مجيدا يمدح الأمراء على طريقة المتنبي، و ينشئ الخمريات على منوال أبي نواس فيقول:
سل الهموم إذا نبا زمن                بمدامة صفراء كالذهب 
مزجت فمن در على ذهب            طاف و من حبب على لهب (1)
ص240
و كان رقيقا في تغزله، يتعذب فؤاده إذا عنّ له ظبي بوجرة، و يذكر أحبته بالعقيق كلما لاح له بارق، فلنستمع إليه يقول:
خليلي مالي كلما لاح بارق                    تذكرت برقا بالعقيق و زينبا 
إذا عن لي ظبي بوجرة شادن                 تذكرت من عنى الفؤاد و عذّبا (2)
و اشتهرت أبياته في الحكمة التي يقول فيها:
و ذو العلم حي خالد بعد موته                 و أوصاله تحت التراب رميم 
و ذو الجهل ميت و هو ماش على الثرى         يظن من الأحياء و هو عديم (3)
هذا و إن لابن السيد منهجا متميزا أملاه عليه تكوينه اللغوي و المنطقي، فكان يقول «إن بين علم النحو و المنطق مناسبة في بعض أغراضه و مقاصده(4) و كان يتمنى على العرب لو وضعت لكل معنى لفظا، يؤدي عنه لا يلتبس بغيره، لكان لهم عذر في ترك تعلم الإعراب، و لم يكن بهم حاجة إلى معرفة الخطإ و الصواب(5). و من هذه النظرة كان يتسع في التخريج، من ذلك قوله في نحو «ما قام إلا زيدا إلا عمرا إلا خالدا أحد» أربعة أوجه. النصب على الاستثناء، أو على الحال، أو جعل الأول حالا و ما بعده استثناء و كذلك العكس(6). كما أنه أجاز إضافة «آل» إلى الاسم المضمر، و أنكر على الزبيدي و الكسائي منعه، لأنه لا قياس يعضده، و لا سماع يؤيده(7)، مع أنه تابع الكسائي في رأيه أن نحو «زيد ضربته» يجوز فيه الرفع و النصب على الاشتغال(8) ، و مما انفرد به أو «حتى» لا تعطف المفردات فحسب، بل تعطف كذلك الجمل مثل قولهم سريت حتى تكلّ المطايا، برفع (تكلّ)(9). و نرى في كل هذه الآراء نزعة إلى عدم التضييق في أحكام الإعراب.
غير أن عنايته بكتاب سيبويه، جعلته يختار ما يراه أقرب إلى القياس، و هذا مثال على ذلك، ففي إعمال خبر «إن» فيما قبلها، يورد الخلاف بين المبرد و المازني. فالمبرد يجيزه مع «أما» و يمنعه مع غيرها. و يقول ابن السيد (و أما سيبويه فإنه قال في كتابه قولا مشكلا
ص241
يمكن أن يتناول مذهب أبي العباس و هو الأظهر فيه، و يمكن أن يناول مذهب المازني) (10). و قد اختار هو مذهب المبرد.
أما نزعته المنطقية فإنها تظهر في طرق احتجاجه، و أسلوبه الجدلي في تقرير رأيه، و دفع اعتراض من يفترض أنه غير مقتنع بقوله. فأكثر من قوله: فإن قال قائل. . . فالجواب. . . و فيما يلي أمثال على هذا النهج من شرحه لشواهد الجمل.
فعند قول جرير:
يا تيم تيم عديّ لا أبالكم                       لا يلقينّكم في سوأة عمر 
شرح قصة هذا البيت و أسباب الهجاء بين جرير و عمر بن لجأ. و أورد أبياتا من جوابها، ثم قال مذهب سيبويه أن تيم الأول مضاف إلى عدي، و تيم الثاني مؤكد اعترض بين الخافض و المخفوض كاعتراض «ما» في قوله تعالى: (فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اَللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ ) (آل عمران-الآية 159) .
و مذهب المبرد أن «تيما» الأول مضاف إلى محذوف دل عليه ما يعده كأنه قال يا تيم عدي. و ذهب الفراء إلى نحو هذا، فتكون في تيم الأول حركة إعراب، و في تيم الثاني حركة بناء على مذهب سيبويه و الحركتان على مذهب أبي العباس حركة إعراب.
و من اعتقد أن الاسمين معا جعلا اسما واحدا بمنزلة حضر موت و بعلبك و أضيفا إلى عدي كانت حركة تيم الأول حركة بناء و حركة تيم الثاني حركة إعراب. و أجاز السيرافي أن تكون بمنزلة يا زيد بن عمر. و جعل الموصوف مع صفته بمنزلة اسم واحد، فيجري زيد في هذا الرأي مجرى عطف البيان الجاري مجرى الصفة.
و قوله «لا أبالكم» : «لا» تبرئة حذف خبرها، كأنه قال «لا أبالكم موجود في الدنيا» فإن قلت: فما الذي يمنع أن يكون «لكم» و الخبر فلا يحتاج إلى إضمار؟ فالجواب أن المانع في ذلك هو ظهور الألف في الأب، لأن حروف المد و اللين في الأب و أخواته أصول، إنما تثبت في حال الإضافة، فوجب من أجل أن الألف تكون مضافا إلى الضمير، و تكون اللام مقحمة تأكيدا للإضافة، و إذا كان الأمر على ما وصفناه يبطل أن يكون «لكم» الخبر، و إنما يكون المجرور هو الخبر إذا حذفت الألف، و قلت لا أب لك، كقول نهار بن تولعة اليشكري.
أبي الإسلام لا أب لي سواه                   إذا افتخروا بقيس أو تميم
ص242
(فإن قال قائل كيف يصح في هذه اللام أنها زائدة مقحمة، و أنت إذا قلت «لا أبالك» لم يجز لأنه يصير الأب معرفة بالإضافة إلى الضمير و «لا» لا تعمل في المضاف، فإذا كانت هذه اللام هيأت الاسم، و أصلحته لأن تعمل فيه «لا» و الاعتماد عليها، فكيف يقال فيما هو معتد به، معتمد عليه، إنه زائد. فالجواب أن اللام معتد بها، من جهة أنها هيأت الاسم لأن تعمل فيه «لا» و هي غير معتد بها من جهة إثبات الألف في (الأب)).
(فإن قيل كيف يصح أن يقال في شيء واحد إنه معتد به، و غير معتد به و هل هذا إلا بمنزلة الجمع بين النقيضين؟ فالجواب أنه إنما كان يعد جمعا بين نقيضين لو قلنا إنه معتد به من جهة واحدة بمعنى واحد و إذا اختلفت الجهتان لم يلزم هذا الذي اعترضت له لأنه لا ينكر أن يكون الشيء معتدا به من جهة ما و غير متعد به من جهة أخرى) .
(فإن قال قائل فإذا قلتم لا أبا لزيد، بم تخفضون زيدا؟ بإضافة الأب؟ أو باللام؟ فالجواب أن الاختيار عندنا أن يكون مخفوضا باللام لا بالإضافة، و العلة في ذلك أنه لما اجتمع عاملان، و لم يجز أن يجر زيد بهما جميعا-إذ لا يعمل عاملان في معمول واحد في حالة واحدة، من جهة واحدة-لم يكن بد من تعليق أحدهما عن العمل و إعمال الآخر، فكان تعليق الاسم أولى لوجهين:
أحدهما: أنا قد وجدنا الأسماء تعلق عن العمل في نحو قولهم: مررت بخير و أفضل من ثم، و قطع يد و رجل من قاله. و قال الفرزدق:
يا من رأى عارضا أرقت له                  بين ذراعي و جبهة الأسد 
و لم نجد حرفا يعلق عن العمل، و إن كان زائدا قادرا، كالباء في قولنا: ليس زيد بقائم، فهي زائدة و قد علمت.
الوجه الثاني: أن الاسم أقوى من الحرف، و الأقوى يحتمل من التعليق و الحذف ما لا يحتمله الأضعف، كذلك قال ابن جني، و أجاز القول الأول و هو تعليق الاسم. و يمكن من علق الحرف أن يقول إنا قد وجدنا الحروف تعلق في الحكاية كقول الراجز:
و اللّه ما ليلي بنام صاحبه                     و لا مخالط الليّان جانبه (11)
ص243
_________________________
(1) المقري: أزهار الرياض،3 / 109.
(2) المقري: أزهار الرياض، 3 / 112.
(3)) القفطي: انباه الرواة، 3/ 142.
(4) الاقتضاب، ص 15.
(5) الخلاف، ص 113.
(6) السيوطي: الأشباه و النظائر، 1/  228.
(7) الاقتضاب، ص 31.
(8) السيوطي: الأشباه و النظائر، 2/ 113.
(9) ابن هشام المعتز، 1/ 172.
(10) الاقتضاب، ص 15.
(11) الحلل في شرح أبيات الجمل، ص215.
				
				
					
					 الاكثر قراءة في  أهم نحاة المدرسة الاندلسية
					 الاكثر قراءة في  أهم نحاة المدرسة الاندلسية					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة