هو ابو علي الحسن بن احمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان النحوي⁽¹⁾، من اكابر أئمة النحويين ، اخذ عن الاخفش الصغير، والمبرمان ونفطويه، ومن اشهر شيوخه: ابو بكر بن السراج، وابو اسحاق الزجاج ن له منزلة كبيرة في النحو، وشهرة واسعة حتى فضله كثير من النحويين على ابي العباس المبرد ⁽²⁾ وقد حظر حلقات

ص134

البغداديين كابن الخياط، وخالط البصريين والكوفيين والبغداديين، قرأ كتاب سيبويه، وتمثل أراءه وتثقف بثقافات عصره ثقافة واسعة⁽³⁾ ، وقد ذاع صيته وعلت شهرته ، فأشتهر ذكره في الافاق ، وقصده الناس⁽⁴⁾.

وعرف بين الناس بصفاء ذهنه ، وحدة ذكائه ، وكان يعني بالصرف عناية فائقة ، فكان له اراء صائبة ، وكان مغرما بأثاره المسائل الصرفية في المجالس التي يحضرها، وقد بلغ ابو علي درجة عالية في التدريس ، اذ كان يدرس في حلقات التدريس جنبا الى جنب مع أساتذته، توفي سنة(277) للهجرة في بغداد ودفن في الجانب الغربي منها⁽⁵⁾.

تلامذته

وقد برع له نتيجة ذلك تلامذة حذاق ، ومن اشهرهم : عبدالله بن محمد الأسدي (ت378هـ) وعبد الباقي بن محمد بن الحسن(ت390هـ) واسماعيل بن حماد الجوهري(ت398هـ) والحسين بن محمد بن جعفر الرافقي(ت388هـ) واخرون، وغير ان اشهرهم في ميدان النحو ثلاثة هم: ابو طالب احمد بن بكر العبدي (ت406هـ) وصاعد بن الحسن بن عيسى الربعي(ت417هـ) وابو فتح عثمان بن جني(ت392هـ)⁽⁶⁾ الذي اقتفى اثر استاذه ، ونثر معظم آرائه المشهورة.

ص135

مؤلفاته :

ألف ابو علي عددا كبيرا من الكتب في النحو والصرف والقراءات، وقد اشتهر بها حتى قال فيه ابن الانباري ( صنف كتاب كثيرة لم يسبق الى مثلها) ⁽⁷⁾، ومن هذه الكتب:

1ـ الاغفال: وهو كتاب في ما أغفله الزجاج من المعاني وقد اسماه ابن النديم: (كتاب المسائل المصلحة) .

2ـ شرح ابيات الايضاح.

3ـ الشيرازيات.

4ـ الحلبيات.

5ـ التذكرة.

6ـ الايضاح في النحو.

7ـ العوامل في النحو.

8ـ المقصورة والممدود.

9ـ كتاب التكملة.

ولابي علي النحوي كتب صغيرة تشتمل على إملاءاته التي كان يمليها في المناطق المختلفة وكان يسميها بأسماء هذه المناطق، التي كان يعرض موضوعاتها فيها، وهي تعالج موضوعات ، نحوية وصرفية، منها : الحلبيات، والبغداديات ، والبصريات ، والعسكريات ، والكرمانيات، والقصريات، والدمشقيات⁽⁸⁾، ولكن اشهرها كتابان:

الكتاب الاول: الحجة: وهو شرح لكتاب القراءات السبع لابي بكر بن مجاهد (ت324هـ) ، وتتألف مادة هذا الكتاب العلمية في الدراسة والاحتجاج من القران الكريم والحديث الشريف العربي القديم والإسلامي ، ولهجات القبائل، وقد نثر ابو علي في ثنايا هذا الكتاب آراءه التي انفرد بها, وآراء النحاة البصريين والكوفيين منتصرا تارة للبصريين ، وتارة للكوفيين ، ولكن مع ميل اشد الى آراء البصريين⁽⁹⁾.

ص136

الكتاب الثاني: الايضاح : وهو اشهر كتب ابي علي واكثرها انتشارها، وهو قسمان: قسم في النحو، وهو ما عرف بالإيضاح، وقسم في الصرف وهو ما عرف بالتكملة⁽¹⁰⁾.

مذهبه النحوي:

عد الزبيدي ابا علي النحوي من نحاة البصرة وترجم له في الطبقة العاشرة من طبقات البصريين مع اصحاب ابن السراج⁽¹¹⁾ وتبعه في ذلك ابن النديم ⁽¹²⁾ وايدهما ابو حيان التوحيدي. ⁽¹³⁾

ومن المحدثين الذين يعدون ابا علي من البصريين : برو كلمان، والدكتور عبد الفتاح شلبي، اما الشيخ الطنطاوي فقد اخرجه من البصريين وجعله ضمن مجموعة علماء النحو في العراق، وجعله الاستاذ احمد امين مؤسس مدرسة نحوية مستقلة مع تلميذه ابن جني. ⁽¹⁴⁾

اما الدكتور شوقي ضيف فقد عده من البغداديين الذين يميلون بنحوهم الى المذهب البصري⁽¹⁵⁾ ومذهب ابي علي مذهب بغدادي لا يتجلى في جوانب عديدة ويتجلى في مصادر السماع التي اعتمدها ، ومنهجه القياسي، وفي التعليل ، وفي محاولته التوفيق بين اراء البصريين والكوفيين، ونفاذه الى ما لا يحصى من أراء جديدة انفرد فيها. ⁽¹⁶⁾

ص137

________________________

(1) ترجمته في: طبقات النحويين واللغويين 130، الفهرست 69، المدارس النحوية255 وما بعدها.

(2) المدارس النحوية د. خديجة ص: 282.

(3) المصدر نفسه: 282.

(4) النجوم الزاهرة: 4 /151، والمدرسة البغدادية 263.

(5) أنباه الرواة :2 /119، كتاب التكملة ، تحقيق د. كاظم المرجان:ص8.

(6) بغية الوعاة ج2 /17، وعجم الادباء :2 ـ 236.

(7) نزهة الالباء:315.

(8) كشف الظنون:1ـ 131، وعجم الادباء:7: 241، المدرسة البغدادية ص269، التكملة ص11ـ 13.

(9) المدرسة البغدادية ص 270، التكملة ص 13.

(10) المدرسة البغدادية ص 270 وما بعدها، والتكملة ص 13.

(11) طبقات النحويين واللغويين130.

(12) الفهرست ص101.

(13) الامتاع والمؤانسة: 1: 131.

(14) تاريخ الادب العربي 2/190, وأبو علي ص105- 108.

(15) نشأة النحو ص98, وظهور الاسلام: 1/ 185.

(16) المدارس النحوية: 255, المدرسة البغدادية ص279، و ص 279- 280, وانظر كتاب التكملة ص31- 38.