أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-02-2015
4819
التاريخ: 23-02-2015
51417
التاريخ: 17-02-2015
2711
التاريخ: 17-02-2015
23062
|
قال: " المضارع بزيادة حرف المضارعة على الماضي، فإن كان مجردا على فعل كسرت عينه أو ضمت أو فتحت إن كان العين أو اللام حرف حلق غير واف، وشذ أبى يأبى، وأما قلى يقلى فعامرية وركن
ص114
يركن من التداخل(1) ، ولزموا الضم في الاجوف بالواو المنقوص بها، والكسر فيهما بالياء، ومن قال طوحت وأطوح وتوهت وأتوه فطاح يطيح وتاه يتيه شاذ عنده أو من التداخل(2)، ولم يضموا في المثال، ووجد
ص115
يجد ضعيف، ولزموا الضم في المضاعف المتعدى نحو يشده ويمده(3) وجاء في الكسر في يشده ويعله وينمه ويبته، ولزموه في حبه يحبه وهو قليل "
ص116
قياس مضارع فعل بالفتح
أقول: اعلم أن أهل التصريف قالوا: إن فعل يفعل - بفتح العين فيهما - فرع على فعل يفعل أو يفعل - بضمها أو كسرها في المضارع -، وذلك لانهم لما رأوا هذا الفتح لا يجئ إلا مع حرف الحلق، ووجدوا في حرف الحلق معنى مقتضيا لفتح عين مضارع الماضي المفتوح عينه، كما يجئ، غلب على ظنهم أنها علة له، ولما لم يثبت هذا الفتح إلا مع حرف الحلق غلب على ظنهم أنه لا مقتضى له غيرها، إذ لو كان لثبت الفتح بدون حرف الحلق، فغلب على ظنهم أن الفتح ليس شيئا مطلقا غير معلل بشئ، كالكسر والضم، إذ لو كان كذلك لجاء مطلقا بلا حرف حلق أيضا كما يجئ الضم والكسر، وقوى هذا الظن نحو قولهم وهب يهب ووضع يضع ووقع يقع، لانه تمد لهم أن الواو لا تحذف إلا في المضارع المكسور العين، فحكموا أن كل فتح في عين مضارع فعل المفتوح العين لاجل حرف الحلق، ولولاها لكانت إما مكسورة أو مضمومة فقالوا: قياس مضارع فعل المفتوح عينه إما الضم أو الكسر، وتعدى بعض النحاة - وهو أبو زيد - هذا، وقال: كلاهما قياس، وليس أحدهما أولى به من الاخر، إلا أنه ربما يكثير أحدهما في عادة ألفاظ الناس حتى يطرح الاخر
ص117
ويقبح استعماله، فإن عرف الاستعمال فذاك، وإلا استعملا معا، وليس على المستعمل شئ، وقال بعضهم: بل القياس الكسر، لانه أكثر، وأيضا هو أخف من الضم
وبعد، فاعلم أنهم استعملوا اللغتين في ألفاظ كثيرة كعرش يعرش، ونفر ينفر، وشتم يشتم، ونسل ينسل، وعلف يعلف، وفسق يفسق، وحسد يحسد ويلمز، ويعتل، ويطمث، ويقتر، وغير ذلك مما يطول ذكره
وفي الافعال ما يلزم مضارعه في الاستعمال إما الضم وإما الكسر، وذلك إما سماعي أو قياسي، فالسماعي الضم في قتل يقتل، ونصر ينصر، وخرج يخرج، مما يكثر، والكسر في ضرب يضرب، ويعتب (4)، وغير ذلك مما لا يحصى، والقياسي كلزوم الضم في الاجوف والناقص الواويين، والكسر فيهما يائيين وفى المثال اليائى (5) كما يجئ، ومن القاسي الضم في باب الغلبة، كما مر.
ثم نقول: إنما ناسب حرف الحلق - عينا كان أولاما - أن يكون عين المضارع معها مفتوحا لان الحركة في الحقيقة بعض حروف المد بعد الحرف المتحرك بلا فصل، فمعنى فتح الحرف الاتيان ببعض الالف عقيبها، وضمها الاتيان ببعض الواو عقيبها، وكسرها الاتيان ببعض الياء بعدها، ومن شدة تعقب أبعاض هذه الحروف الحرف
ص118
المتحرك التبس الامر على بعض الناس فظنوا أن الحركة على الحرف، وبعضهم تجاوز ذلك وقال: هي قبل الحرف، وكلاهما وهم، وإذا تأملت أحسست بكونها بعده، ألا ترى أنك لا تجد فرقا في المسموع بين قولك الغزو - باسكان الزاى والواو - وبين قولك الغز - بحذف الواو وضم الزاى - وكذا قولك الرمى - باسكان الميم والياء - والرم - بحذف الياء وكسر الميم - وذلك لانك إذا أسكنت حرف العلة بلا مد ولا اعتماد عليه صار بعض ذلك الحرف فيكون عين الحركة إذ هي أيضا بعض الحرف، كما قلنا، ثم إن حروف الحلق سافلة في الحلق يتعسر النطق بها، فأرادوا أن يكون قبلها إن كانت لاما الفتحة التى هي جزء الالف التى هي أخف الحروف، فتعدل خفها ثقلها، وأيضا فالالف من حروف الحلق أيضا فيكون قبلها جزء من حرف من حيزها، وكذا أرادوا أن يكون بعد حرف الحلق بلا فصل إن كانت عينان الفتحة الجامعد للوصفين، فجعلوا الفتحة قبل الحلقى إن كان لاما، وبعده إن كان عينا، ليسهل النطق بحروف الحلق الصعبة، ولم يفعلوا ذلك إذا كان الفاء حلقيا: إما لان الفاء في المضارع ساكنة فهى ضعيفة بالسكون (ميتة)، وإما لان فتحة العين إذن تبعد من الفاء، لان الفتحة تكون بعد العين التى بعد الفاء، وليس تغيير حرف الحلق من الضم أو الكسر إلى الفتح بضربة لازب، بل هو أمر استحسانى، فلذلك جاء برأ يبرؤ (6)، وهنأ يهنئ، وغير ذلك، وهى لا تؤثر في فتح ما يلزمه وزن واحد
ص119
مطرد، فلذلك لا تفتح عين مضارع فعل يفعل - بضم العين - نحو وضؤ يوضؤ، ولا في ذوات الزوائد مبنية للفاعل أو للمفعول، نحو أبرأ يبرئ ، واستبرأ يستبرئ وأبرئ واستبرئ، وذلك لكراهتهم خرم قاعدة ممهدة، وإنما جاز في مضارع فعل لانه لم يلزم هذا المضارع ضم أو كسر، بل كان يجئ تارة مضموم العين، وتارة مكسورها، فلم يستنكر أيضا أن يجئ شئ منه يخالفهما، وهو الفتح، ولما جاء في مضارع فعل - بالكسر - مع يفعل - بالكسر - يفعل - بالفتح - وهو الاكثر، كما يجئ، جوزوا تغيير بعض المكسور إلى الفتح لاجل حرف الحلق، وذلك في حرفين وسع يسع ووطئ يطأ، دون ورع يرع يله ووهل يهل ووغر يغر ووحر يحر، وإيما
ص120
لم يغير ماضي فعل يفعل، نحو وضؤ يوضؤ، لانه لو فتح لم يعرف بضم المضارع أن ماضيه كان في الاصل مضموم العين، لان ماضي مضموم العين يكون مضموم العين ومفتوحها، وكلاهما أصل، بخلاف مضارع فعل، فان الفتح في عين الماضي يرشد إلى أن عين المضارع إما مكسورة أو مضمومة، كما تقرر قبل، فيعلم بفتح عين الماضي فرعية فتح عين المضارع، وأما فتحة عين يسع ويطأ فلا يلتبس بالاصلية في نحو يحمد ويرهب، وإن كان فتح عين مضارع فعل - بكسرها - أكثر من الكسر، لان سقوط الواو فيهما يرشد إلى كونهما فرعا للكسرة، وإنما لم تغير لحرف الحلق عين فعل المكسور العين إلى الفتح نحو سئم، لان يفعل في مضارع فعل المفتوح العين فرع كما ذكرنا، وفعل المضموم العين لا يجئ مضارعه مفتوحها، فماضى يفعل المفتوح العين إذن يكون مكسورها مطردا، وقد ذكرنا أن كل ما اطرد فيه غير الفتح لا يغير ذلك كراهة لخرم القاعدة كما في أبرئ ويستبرئ، وأيضا كان يلتبس بفعل يفعل المفتوح الماضي المغير مضارعه لحرف الحلق
ص121
ثم إن الحروف التى من مخرج الواو، كالباء والميم، من ضرب يضرب وصبر يصبر ونسم ينسم وحمل يحمل، لا تغير كسر العين إلى الضم الذى هو من مخرج الواو، وكذا الحروف التى من مخرج الياء، كالجيم والشين، في شجب يشجب ومجن يمجن ومشق (7) يمشق، لا تحول ضم العين إلى الكسر الذى هو من مخرج الياء، كما فعل حرف الحلق بالضمة والكسرة، على ما تقدم، لان موضعي الواو والياء بمنزلة حيز واحد، لتقارب ما بينهما واجتماعهما في الارتفاع عن الحلق، فكأن الحروف المرتفعة كلها من حيز واحد، بخلاف المستفلة - أي: الحلقية - وأيضا فتحنا هناك لتعديل ثقل الحلقية بخفة الفتحة
ص122
قوله " غير ألف " أي: أن فعل يفعل المفتوح عيهما لا يجئ بكون العين ألفا، نحو: قال يقال، مثلا، أو يكون اللام ألفا، نحو: رمى يرمى، لان الالف لا يكون في موضع عين يفعل ولا لامه إلا بعد كون العين مفتوحة، كما في يهاب ويرضى، فإذا كانت الفتحة ثابتة قبل الالف وهى سبب حصول الالف فكيف يكون الالف سبب حصول الفتحة ؟ ! !
( وشذ أبى يأبى ) قال بعضهم: إنما ذلك لان الالف حلقية، وليس بشئ لما ذكرنا أن الفتحة سبب الالف فكيف يكون الالف سببها ؟ قال سيبويه: " ولا نعلم إلا هذا (8) الحرف "، وذكر أبو عبيدة جبوت الخراج (9) أجبى،
ص123
وأجبو هو المشهور، وحكى سيبويه أيضا قلى يقلى، والمشهور يقلى بالكسر، وحكى هو وأبو عبيدة عضضت تعض، والمشهور عضضت بالكسر، وحكى غير سيبويه ركن يركن وزكن يزكن، من الزكن، وزكن بالكسر أشهر، وحكى أيضا غسا الليل - أي: أظلم - يغسى، وشجا يشجى، وعثا يعثى، وسلا يسلا، وقنط يقنط، ويجوز أن يكون غسا وشجا وعثا وسلا طائية كما في قوله: -
... بنت على الكريم
ص124
لانه جاء عثى يعثى وغسى يغسى وشجى يشجى وسلى يسلى وأما قلى فلغة ضعيفة عامرية، والمشهور كسر مضارعه، وحكى بعضهم قلى يقلى - كتعب يتعب - فيمكن أن يكون متداخلا، وأن يكون طائيا، لانهم يجوزون قلب الياء ألفا في كل ما آخره ياء مفتوحة فتحة غير إعرابية مكسور ما قبلها، نحو بقى في بقى، ودعى في دعى، وناصاة في ناصية وأما زكن يزكن بالزاى إن ثبت فشاذ، وكذا ما قرأ الحسن: (ويهلك الحرث) بفتح اللام، وركن يركن كما حكاه أبو عمرو من التداخل، وذلك لان ركن يركن - بالفتح في الماضي والضم في المضارع - لغة مشهورة، وقد حكى أبو زيد عن قوم ركن بالكسر يركن بالفتح، فركب من اللغتين ركن يركن بفتحهما، وكذا قال الاخفش في قنط يقنط لان قنط يقنط كيقعد ويجلس مشهوران، وحكى قنط يقنط كتعب يتعب
قوله " ولزموا الضم في الاجوف بالواو والمنقوص بها "، إنما لزموا الضم فيما ذكر حرصا على بيان كون الفعل واويا، لا يائيا، إذ لو قالوا في قال وغزا: يقول ويغزو، لوجب قلب واو المضارعين ياء لما مر من أن بيان البنية عندهم أهم من الفرق بين الواوى واليائى، فكان يلتبس إذن الواوى باليائى في الماضي والمضارع ولهذا بعينه التزموا الكسر في الاجوف والناقص اليائيين، إذ لو قالوا في باع ورمى:
ص125
يبيع ويرمى لوجب قلب الياءين واوا لبيان البنية، فكان يلتبس بالواوى اليائي في الماضي والمضارع
فان قلت: أليس الضمة في قلت والواو في غزوت وغزوا والكسرة في بعت والياء في رميت ورميا تفرقان في الماضي بين الواوى واليائي ؟ ؟
قلت: ذلك في حال التركيب، ونحن نريد الفرق بينهما حال الافراد فان قلت: أليس يلتبسان في الماضي والمضارع في خاف يخاف من الخوف وهاب يهاب من الهيبة وشقي يشقى من الشقاوة وروى يروى ؟ ؟
قلت: بلى، ولكنهم لم يضمؤا في واوى هذا الباب ولم يكسروا في يائيه، لان فعل المسكور العين اطرد في الاغلب فتح عين مضارعه، ولم ينكسر إلا في لغات قليلة كما يجئ، فلم يقلبه حرف العلة عن حاله، بخلاف فعل بالفتح فان مضارعه يجئ مضموم العين ومكسورها، فأثر فيه حرف العلة بالزام عينه حركة يناسبها ذلك الحرف، وهذا كما تقدم من أن حرف الحلق لم يغير كسرة ينبئ ويستنبئ لما اطرد فيهما الكسر
فاما إن كان لام الاجوف اليائى أو عين الناقص اليائى - حلقيا، نحو شاء يشاء وشاخ يشيخ وسعى يسعى وبغى يبغى فلم يلزم كسر عين المضارع فيه كما لزم في الصحيح كما رأيت، وكذا إن كان عين الناقص الواوى حلقيا نحو شأى يشأى - أي: سبق - ورغا يرغو لم يلزم ضم عين مضارعه كما لزم في الصحيح على ما رأيت، وذلك لان مراعاة التناسب في نفس الكلمة بفتح العين للحلقى، كما ذكرنا، مساوية للاحتراز من التباس الواوى باليائى، وما عرفت أجوف واويا حلقى اللام من (باب) فعل يفعل بفتحهما، بل الضم في عين المضارع لازم، نحو ناء ينوء وناح ينوح
ص126
ولنا أن نعلل لزوم الضم في عين مضارع نحو قال وغزا، ولزوم الكسر في عين مضارع نحو باع ورمى، بأنه لما ثبت الفرق بين الواوى واليائى في مواضى هذه الافعال أتبعوا المضارعات إياها في ذلك، وذلك أن ضم قلت وكسر فاء بعت للتنبيه على الواو والياء، ونحو دعوت ودعوا يدل على كون اللام واوا، ونحو رميت ورميا يدل على كونها ياء، وأما نحو خفت تخاف وهبت تهاب وشقي يشقى وروى يروى وطاح يطيح عند الخليل فإن أصله عنده طوح يطوح كحسب يحسب فلما لم يثبت في مواضى هذه الافعال فرق بين الواوى واليائى في موضع من المواضع لم يفرق في مضارعاتها
قوله " ومن قال طوحت وأطوح وتوهت وأتوه " اعلم أنهم قالوا: طوحت - أي: أذهب وحيرت - وطيحت بمعناه، وكذا توهت وتيهت بمعناهما، وهو أطوح منك وأطيح، وأتوه وأتيه، فمن قال طيح وتيه فطاح يطيح وتاه يتيه عنده قياس كباع يبيع، ومن قال طوح وأطوح منك وتوه وأتوه منك فالصحيح كما حكى سيبويه عن الخليل أنهما من باب حسب يحسب فلا يكونان أيضا شاذين ومثله آن يئين من الاوان: أي حان يحين (10)، ولو كان طاح فعل واويا كقال
ص127
لوجب أن يقال: طحت - بضم الطاء - ويطوح، ولم يسمعا، وكذا لم يسمع تهت ويتوه، وقال المصنف " من قال طوح وتوه فطاح يطيح وتاه يتيه شاذان " بناء على أن الماضي فعل بفتح العين، ووجه الشذوذ فيه أن الاجوف الواوى من باب فعل المفتوح العين لا يكون مضارعه إلا مضمومها
وفى بعض نسخ هذا الكتاب " أو من التداخل " وكأنه ملحق وليس من المصنف، وإنما وهم من ألحقه نظرا إلى ما في الصحاح أنه يقال: طاح يطوح، فيكون أخذه من طاح يطوح الواوى الماضي، ومن طاح يطيح اليائى المضارع فصار طاح يطيح، والدى ذكره الجوهرى من يطوح ليس بمسموع (11)، ولو ثبت طاح يطوح لم يكن طاح يطيح مركبا (12)، بل كان يطوح كقال يقول وطاح يطيح كباع يبيع، وليس ما قال المصنف من الشذوذ بشئ، إذ لو كان
ص128
طاح كقال لقيل طحت كقلت بضم الفاء، ولم يسمع، والاولى أن لا تحمل الكلمة على الشذوذ ما أمكن
قوله " ولم يضموا في المثال " يعنى معتل الفاء الواوى واليائى، فلم يقولوا وعد يوعد ويسر ييسر، لان قياس عين مضارع فعل المفتوح العين على ما تقدم إما الكسر أو الضم، فتركوا الضم استثقالا لياء يليها أو واو بعدها ضمة، إذ فيه اجتماع الثقلاء، ألا ترى إلى تخفيف بعضهم واو يوجل وياء ييأس بقلبهما ألفا نحو ياجل وياءس، وإن كان بعدهما فتحة وهى أخف الحركات، فكيف إذا كانت بعدهما ضمة ؟
فان قلت: أو ليس ما فروا إليه أيضا ثقيلا، بدليل حذف الواو (نحو) يعد وجوبا وحذف ياء (نحو) ييسر عند بعضهم، كما يجئ في الاعلال ؟
قلت: بلى، ولكن ويل أهون من ويلين
فان قلت: فإذا كان منتهى أمرهم إلى الحذف للاستخفاف، فهلا بنوا بعضه على يفعل أيضا بالضم وحذفوا حرف العلة حتى تخف الكلمة كما فعلوا ذلك بالمكسور العين ؟
قلت: الحكمة تقتضي إذا لم يكن بد من الثقيل أو أثقل منه أن تختار الثقيل على الاثقل، ثم تخفف الثقيل، لا أن تأخذ الاثقل أولا وتخففه
فان قلت: أو ليس قد قالوا: يسر ييسر (13) من اليسر ووسم يوسم ؟ قلت: إنما بنوهما على هذا الاثقل إذ لم يكن لفعل المضموم مضارع
ص129
إلا مضموم العين، فكرهوا مخالفة المعتل الفاء لغيره بكسر عنى مضارعة، بخلاف فعل مفتوح العين، فان قياس مضارعه إما كسر العين أو ضمها على ما تكرر الاشارة إليه، فأثر فيه حرف العلة بالزام عين مضارعه الكسر.
فان قلت: فلما ألجئوا في فعل المضموم العين إلى هذا الاءثقل فهو خففوه بحذف الفاء ؟ قلت: تطبيا للفظه بالمعنى، وذلك أن معنى فعل الغريزة الثابتة والطبيعة اللازمة، فلم يغيروا اللفظ أيضا عن حاله لما كان مستحق التغيير بالحذف فاء الكلمة وهى بعيدة عن موضع التغيير، إذ حق التغيير في آخر الكلمة أو فميا يجاور الاخر، فلذلك غير في طال يطول وسرو يسرو (14)، وإن كانا من باب فعل أيضا،
وأما وهب يهب ووضع يضع ووقع يقع وولغ يلغ فالاصل(15) فيها كسر عين المضارع، وكذا وسع يسع ووطئ يطأ، فحذف الواو، ثم فتح العين لحرف الحلق، وكذا ودع - أي ترك - يدع والماضي لا يستعمل إلا ضرورة (16)، قال: -
ص130
ليت شعري عن خليلي من الذى غاله في الحب حتى ودعه
وحمل يذر على يدع لكونه بمعناه (17)، ولم يستعمل ماضيه لا في السعة ولا في الضرورة
ص131
فان قيل: فهلا حذفت الواو من يوعه أوعد مع أن الضمة أثقل قلت: بل الضمة قبل الواو أخف من الفتحة قبلها للمجانسة التي بينهما وإنما لم تحذف الياء من نحو ييئس إذ هو أخف من الواو، على أن بعض العرب يجرى الياء مجرى الواو في الحذف، وهو قليل، فيقول: يسر يسر ويئس يئس بحذب الياء
قوله " ووجد يجد ضعيف " هي لغة بني عامر، قال لبيد بن ربيعة العامري: -
لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة
تدع الصوادى لا يجدن غليلا (18)
ص132
يجوز أن يكون أيضا في الاصل عندهم مكسور العين كأخواته، ثم ضم بعد
ص133
حذف الواو، ويجوز أن يكون ضمه أصليا حذف منه الواو لكون الكلمة بالضمة بعد الواو أثقل منها بالكسرة بعدها
قوله " ولزموا الضم في المضاعف المتعدى " نحو مد يمد، ورد يرد، إلا أحرفا جاءت على يفعل أيضا، حكى المبرد عله يعله وهره يهره: أي كرهه، وروى غيره نم الحديث ينمه، وبته يبته، وشده يشده: وجاء في بعض اللغات: حبه يحبه، ولم يجئ في مضارعه الضم
وما كان لازما فانه يأتي على يفعل بالكسر، نحو عف يعف، وكل يكل - إلا ما شذ من عضضت تعض على ما ذكرنا، وحكى يونس أنهم قالوا: كععت - أي: جبنت - تكع بالفتح فيهما (19) وتكع بالكسر أشهر، فمن فتح فلاجل حرف الحلق، قال سيبيويه: لما كان العين في الاغلب ساكنا بالادغام لم يؤثر فيه حرف الحلق كما أثر في صنع يصنع. ومن فتح فلانها قد تتحرك في لغة أهل الحجاز، نحو: لم يكعع وفى يكععن اتفاقا كيصنع ويصنعن
مضارع فعل مكسور العين
قال: " وإن كان على فعل فتحت عينه أو كسرت إن كان مثالا، وطيئ تقول في باب بقي يبقى، بقى يبقى وأما فضل يفضل ونعم ينعم فمن التداخل "
ص134
أقول: اعلم أن القياس في مضارع فعل المكسور العين (20) فتحها، وجاءت أربعة أفعال من غير المثال الواوي، يجوز فيها الفتح والكسر، والفتح أقيس، وهى حسب يحسب، ونعم ينعم، ويئس ييئس، ويبس ييبس، وقد جاءت أفعال من المثال الواوى لم يرد في مضارعها الفتح، وهي ورث يرث، ووثيق يثق، وومق يمق، ووفق يفق، وورم يرم، وولى يلى، وجاء كلمتان روى في مضارعهما الفتح، وهما: ورى الزند يرى، ووبق يبق، وإنما بنوا هذه الافعال على الكسر ليحصل فيها علة حذف الواو فتسقط، فتخف الكلمة، وجاء وحر صدره من الغضب، ووغر بمعناه، يحر ويغر، ويوحر
ص135
ويوغر أكثر، وجاء ورع يرع بالكسر على الاكثر، وجاء يورع، وجاء وسع يسع ووطئ يطأ، والاصل الكسر بدليل حذف الواو لكنهم ألزموهما بعد حذف الواو فتح عين المضارع، وقالوا: جاء وهمت أهم، والظاهر أن أهم مضارع وهمت - بفتح العين - ومضارع وهمت بالكسر أو هم بالفتح، ويجوز أن يكون وهمت أهم - بكسرهما - من التداخل، وجاء آن يئين من الاوان، وطاح يطيح، وتاه يتيه، كما ذكرنا، وجاء وله يله، ويوله أكثر، قالوا: وجاء وعم يعم، بمعنى نعم ينعم، ومنه عم صباحا، وقيل: هو من أنعم بحذف النون تشبيها بالواو، فقوله " أو كسرت إن كان مثالا " أي: مثالا واويا، وليس الكسر بمطرد في كل مثال واوى أيضا، فما كان ينبغي له هذا الاطلاق، بل ذلك محصور فيما ذكرناه.
قوله ( وطئ تقول في باب بقى يبقى ) مضى شرحه
قوله " وأما فضل يفضل ونعم ينعم فمن التداخل " المشهور فضل يفضل، كدخل يدخل، وحكى ابن السكيت فضل يفضل، كحذر يحذر، ففضل يفضل يكون مركبا منها، وكذا نعم ينعم مركب من نعم ينعم كحذر يحذر وهو المشهور، ونعم ينعم كظرف يظرف، وحكى أبو زيد حضر يحضر، والمشهور حضر بالفتح وجاء حرفان (21) من المعتل: دمت تدوم ومت تموت - بكسر الدال والميم في الماضي - والمشهور ضمهما كقلت تقول، وهما مركبان، إذ جاء دمت تدام ومت تمات، كخفت تخاف، قال: -
ص136
بنيتي سيدة البنات عيشي ولا نأمن أن تماتى (22)
وحكى أبو عبيدة نكل ينكل، وأنكره الاصمعي، والمشهور نكل ينكل، كقتل يقتل، وحكى نجد ينجد: أي عرق، ونجد ينجد كحذر يحذر هو المشهور
مضارع فعل مضموم العين
قال:( وإن كان على فَعل ضمت)
ص76
أقول: اعلم أن ضم عين مضارع فعل المضموم العين قياس لا ينكسر، إلا في كلمة واحدة، وهى كدت بالضم تكاد، وهو شاذ، والمشهور كدت تكاد خفت تخاف، فان كان كدت بالضم كقلت فهو شاذ (23) أيضا، لان فعل يفعل بفتحهما لابد أن يكون حلقى العين أو اللام
مضارع لأكثر من ثلاثي
قال: " وإن كان غير ذلك كسر ما قبل الاخر، ما لم يكن أول ماضيه تاء زائدة نحو تعلم وتجاهل فلا يغير، أو لم تكن اللام مكررة،
ص138
نحو احمر واحمار فيدعم، ومن ثم كان أصل مضارع أفعل يؤفعل إلا أنه رفض لما يلزم من توالى الهمزتين في المتكلم فخفف في الجميع، وقوله:
قوله أهل لان يُؤَكْرَما
شاذ، والامر واسم الفاعل واسم المفعول وافعل التفضيل تقدمت ))
ص139
أقول: يعنى وإن كان الماضي غير الثلاثي المجرد كسر ما قبل الاخر، في غير ما أوله التاء، لانه يتغير أوله فيه، سواء كان رباعيا، أو ثلاثيا مزيدا فيه، أو رباعيا كذلك، نحو دحرج يدحرج، وانكسر ينكسر، واحرنجم يحر نجم، وإنما كسر ما قبل الاخر في غير ما في أوله التاء لانه يتغير أوله في المضارع عما كان عليه في الماضي: إما بسقوط همزة الوصل فيما كانت فيه، وإما بضم الاول، وذلك في الرباعي نحو يدحرج (ويدخل) ويقاتل ويقطع، والتغيير مجرئ على التغيير، وأما ما فيه تاء فلم يتغير أوله إلا بزيادة علامة المضارعة التي لا بد منها قوله " أو لم تكن اللام مكررة " كان أولى أن يقول: أو تكن اللام مدغمة، لان نحو يسحنكك مكر اللام ولم يدغم
قوله " ومن ثم " إشارة إلى قوله قبل: " المضارع بزيادة حرف المضارعة على الماضي " وقد مر في شرح الكافية (24) في باب المضارع ما يتعلق بهذا الموضع
ص140
كسر حرف المضارعة
واعلم أن جميع العرب، إلا أهل الحجاز، يجوزون كسر حرف المضارعة سوى الياء في الثلاثي المبني للفاعل، إذا كان الماضي على فعل بكسر العين، فيقولون: أنا إعلم ونحن نعلم وأنت تعلم، وكذا في المثال والاجوف والناقص والمضاعف، نحو إيجل وإدخال وإشقى وإعض، والكسرة في همزة إخال وحده أكثر وأفصح من الفتح، وإنما كسرت حروف المضارعة تنبيها على كسر عين الماضي، ولم يكسر الفاء لهذا المعنى، لان أصله في المضارع السكون، ولم يكسر العين لئلا يلتبس يفعل المفتوح بيفعل المسكور، فلم يبق إلا كسر حروف المضارعة، ولم يكسر والياء استثقالا، إلا إذا كان الفاء واوا، نحو ييجل، لاستثقالهم الواو والتي بعد الياء المفتوحة وكرهوا قلب الواو ياء من غير كسرة قبلها، فأجازوا الكسر مع الواو في الياء أيضا لتخف الكلمة بانقلاب الواو ياء، فأما إذا لم يكسر والياء فبعض العرب يقلب الواو ياء، نحو ييجل، وبعضهم يقلبه ألفا لانه إذا كان القلب بلا علة ظاهرة فالى الالف التي هي الاخف أولى، فكسر الياء لينقلب الواو ياء، لغة جميع العرب إلا الحجازيين، وقلبها ياء بلا كسر الياء وقلبها ألفا لغة بعضهم في كل مثال واوي، وهي قليلة.
وجيع العرب إلا أهل الحجاز اتفقوا على جواز كسر حرف المضارعة في أبي، ياء كان أو غيره، لان كسر أوله شاذ، إذ هو حق ما عين ماضيه مكسور، وأبي مفتوح العين، فجر أهم الشذوذ على شذوذ آخر وهو كسر الياء (25)، وأيضا فان
ص141
الهمزة الثقيلة يجوز انقلابها مع كسر ما قبلها ياء فيصير ييبي كييجل (26) وإنما ارتكبوا الشذوذ في جواز كسر أول تأبى ونأبى وآبى لان حق ماضيه الكسر لما كان المضارع مفتوح العين، فكأن عين ماضيه مكسور، ولا يمتنع أن يقال: إن أصل ماضيه كان كسر العين لكنه اتفق فيه جميع العرب على لغة طيئ في فتحه، ثم جوز كسر حروف المضارعة دلالة على أصل أبى.
وكذا كسروا حروف المضارعة مع الياء في حب فقالوا: إحب نحب يحب تحب، وذلك لان حب يحب كعز يعز شاذ قليل الاستعمال، والمشهور أحب يحب، وهو أيضا شاذ من حيث إن فعل إذا كان مضاعفا متعديا فمضارعه مضموم العين، ويحب مكسور العين، ففيه شذوذان، والشذوذ يجرئ على الشذوذ، فكسروا أوائل مضارعه ياء كان أو غيره وإن لم يكن ماضيه فعل، وقال غير سيبويه: إن إحب ونحب ويحب وتحب بكسر حروف المضارعة مضارعات أحب، وشذوذه لكسر المضموم، كما قالوا في المغيرة المغيرة، وكذا المصحف والمطرف في المصحف والمطرف
ص142
وكسر (وا) أيضا غير الياء من حروف المضارعة فيما أوله همزة الوصل مكسورة، نحو أنت تستغفر وتحرنجم، تنبيها على كون الماضي مكسور الاول، وهو همزة ثم شبهوا ما في أوله تاء زائدة من ذوات الزوائد، نحو تكلم وتغافا وتدحرج بباب انفعل، لكون ذي التاء مطاوعا في الاغلب كما أن انفعل كذلك، فتفعل وتفاعل وتفعلل مطاوع فعل وفاعل وفعلل، فكسروا غير الياء من حروف مضارعاتها، فكل ما أول ماضيه همزة وصل مكسورة أو تاء زائدة يجوز فيه ذلك. وإنما لم يضموا حرف المضارعة فيما ماضيه فعل مضموم العين منبهين به على ضمة عين الماضي لاستثقال الضمتين لو قالوا مثلا: تظرف
قوله " من توالى همزتين " إنما حذفت ثانية همزتي نحو أو كرم مع أن قياسها أن تقلب واوا كما في أويدم على ما يجئ في باب تخفيف الهمزة لكثرة استعمال مضارع باب الافعال فاعتمدوا التخفيف البليغ، وإن كان على خلاف القياس
ص143
_____________________
(1) قد ورد هذا الفعل من باب علم، ومن باب نصر، والمصدر فيهما ركنا وركونا (كفهم ودخول)، وحكى بعضهم لغة ثالثة وهى ركن يركن (كفتح يفتح) وحكى كراع فيه لغة رابعة وهى ركن يركن (بالكسر في الماضي والضم في المضارع)، واختلف في تجريج اللغتين الثالثة والرابعة: فقيل: هما شاذتان، والرابعة أشذ من الثالثة، ونظيرها فضل يفضل، وحضر يحضر، ونعم ينعم، وقيل في اللغتين الثالثة والرابعة: هما من التداخل بين اللغتين الاولى والثانية اه ملخصا من اللسان مع زيادة
(2) قد مضى قولنا في هذه الكلمة (ه 1 ص 81) ونزيدك ههنا أن من العرب من يقول: طوحه وطح به، وتوهه (بالتضعيف في الكل)، ومنهم من قال: طيحه وتيهه (بالتضعيف أيضا)، فعلى الاول: الكلمتان من الاجوف الواوى، وعلى الثاني هما من الاجوف اليائى، ومنهم من قال: طاح يطوح، وتاه يتوه، وذلك بناء على أنهما من الاجوف الواوى، وأنهما من باب نصر ينصر، وهو ظاهر، ومنهم من قال: طاح يصيح، وتاه يتيه، فان اعترتهما من الاجوف اليائى فأمرهما ظاهر وهما من باب ضرب يضرب، وإن اعتبرتهما من الاجوف الواوى فهما محل خلاف في التخريج بين العلماء: فقال سيبويه: هما من باب فعل يفعل (بالكسر فيهما) ولم يجز عنده أن يكونا من باب ضرب يضرب، لانه لا يكون في بنات الواو، كراهية الالتباس ببنات الياء، كما لا يكون باب نصر ينصر في بنات الياء، كراهية الالتباس ببنات الواو، فأصل طاح وتاه وتوه (كفرح) تحركت الواو فيهما وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وأصل يطيح ويتيه يطوح ويتوه (كيضر) نقلت حركة الواو إلى الساكن قبلها ثم قلبت الواو ياء لسكونها أثر كسرة، وقال غير سيبويه: الكلمتان من باب ضرب فهما بهذا الاعتبار شاذتان، ووجه الشذوذ فيه أن الاجوف الواوى من باب فعل المفتوح العين لا يكون مضارعه الا مضمونا، وقول المؤلف " أو من التداخل " سيأتي ما فيه في كلام الشارح (وانظر ص 127)
(3) اعلم أن المد يجئ متعديا بمعنى الجذب، نحو مددت الحبل أمده، والبسط نحو قوله تعالى: (والارض مددناها) وطموح البصر إلى الشئ، لانه قوله تعالى: (ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم)، وبمعنى الامهال، ومنه قوله تعالى: (ويمدهم في طغيانهم يعمهون)، ويجئ لازما بمعنى السيل أو ارتفاع النهار أو كثرة الماء، تقول: مد النهر، إذا سال، وتقول: مد النهار، إذا ارتفع، وتقول: إذا ارتفع أيضا، وظاهر كتب اللغة أنه في كل هذه المعاني من باب نصر، فأما المتعدى فقد جاء على القياس فيه، وأما اللازم فهو حينئذ شاذ
(4) ظاهر عبارة المؤلف أن هذا الفعل لم يرد إلا من باب ضرب، وقد نص في المصباح على أنك تقول: " عتب عليه عتبا من بابى ضرب وقتل، ومعتبا أيضا إذا لامه في تسخطه " ومثله في القاموس واللسان
(5) لا وجه لتخصيص المؤلف المثال باليائى لانه سيأتي له أن يبين علة اختصاص المثال مطلقا بباب ضرب، على أن أمثلة المثال الواوى التى وردت من باب ضرب أضعاف أمثلة المثال اليائي منه
(6) الذى جاء من باب نصر هو برأ المريض، وقد جاء فيه لغات أخرى إحداها من باب نفع، والثانية من باب كرم، والثالثة من باب فرح، وأما برأ الله الخلق (أي خلقهم) فلم يأت إلا من باب جعل. قال الازهرى: " ولم نجد فيما لامه همزة فعلت أفعل (من باب نصر ينصر). وقد استقصى العلماء باللغة هذا فلم يجدوه إلا في هذا الحرف (يريد برأ المريض يبرؤ)، ثم ذكر قرأت أقرؤ، وهنأت الابل أهنوها، إذا طليتها بالهناء - وهو ضرب من القطران -، وقد جاء فيه يهنئها ويهنؤها (من بابى ضرب ونفع)، وجاء هنأنز الطعام يهنئني ويهنؤني (من بابى ضرب ونفع أيضا)، إذا أتاك بغير تعب ولا مشقة.
(7) الواو والباء والميم مخرجها من الشفتين، والياء والجيم والشين مخرجها من بين وسط اللسان ووسط الحنك الاعلى، وحديث المخارج الذى ذكره المؤلف ههنا يقصد به دفع اعتراض يرد على قوله فيما سبق: " وأيضا فالالف من حروف الحلق أيضا، فيكون قبلها جزء من حرف من حيزها " وحاصله أنه إذا كان فتح العين فيما إذا كانت هي واللام حرفا من حروف الحلق سببه أن الفتحة جزء من الالف التى هي من حروف الحلق قصدا إلى التجانس بين حرف الحلق والحركة التى قبله أو بعده بلا فصل ة فان اطراد العلة يقتضى ضم العين في المضارع الذى تكون عينه أو لامه من مخرج الواو كالباء والميم كما يقتضى كسر عين المضارع الذى تكون عينه أو لامه من مخرج الياء كالجيم والشين، فأجاب المؤلف بهذا الذي ذكره. وتقول: مجن يمجن - كنصر - مجونا ومجانه ومجنا (بالضم)، إذا كان لا يبالى قولا أو فعلا وتقول: شجب يشجب - كقعد - شجوبا، وشجب يشجب - كفرح - شجبا (بفتحتين) إذا حزن أو هلك، وتقول: شجبه الله يشجبه - كنصره - أي: أهلكه والمشق: السرعة في الطعن والضرب، والاكل، وفى الكتابة مد حروفها، وفعله من باب نصر
(8) لعلك تقول: كيف يذكر عن سيبويه أنه لا يعلم كلمة قد جاءت على فعل يفعل - كنفع يفنع - ولامها ألف وليست عينها حرفا من حروف الحلق إلا أبى يأبى، ثم يذكر عنه بعد ذلك أفعالا أخرى، من هذه البابة، فنقول لك: إنه لا تنافى، لان سيبويه رحمه الله قد ذكر كل هذه الافعال التى نقلها عنه المؤلف، إلا أنه احتج لابي يأبى وخرجه، ولم يحتج لسائر الافعال، لان الاول روى كذلك عن العرب كافة، وأما غيره فلم يثبت عنده إلا من وجيه ضعيف، فلهذا أمسك عن الاحتجاج له. انظر الكتاب (ج 2 ص 254). قال أبو سعيد السيرافي: " يدل كلام سيبويه على أنه ذهب في أبى يأبى إلى أنهم فتحوا من أجل تشبيه ما الهمزة فيه أولى بما الهمزة فيه أخيرة " اه. قال ابن سيده: " إن قوما ما قالوا في الماضي أبى - بكسر العين - فيأبى بفتحها على لغتهم جار على القياس، كنسى ينسى " اه. قال ابن جنى: وقد قالوا أبى يأبى - كضرب يضرب - وأنشد أبو زيد
يا إبلى ماذامه فتأبيه ماء رواء ونصى حوليه
انتهى كلام ابن جنى. وأنت خبير أنه على ما حكاه ابن سيده من مجئ أبى من باب علم، وما حكاه ابن جنى من مجيئه من باب ضرب يجوز أن يكون قولهم: أبى يأبى - بالفتح فيهما - من باب تداخل اللغتين
(9) الذى في القاموس أن " جبى " قد جاء واويا ويائيا، وأنه في الحالين
من باب سعى ورمى، ولم يذكر " يجبو " في الواوى، فإذا صح نقله فيهما كان مجئ الواوى من باب رمى شاذا كما أن مجيئه فيهما من باب سعى شاذ، وقال في اللسان: " جبا الخراج يجباه ويجبيه: جمعه، وجباه يجباه مما جاء نادرا مثل أبى يأبى، وذلك أنهم شبهوا الالف في آخره بالهمزة في قرأ يقرأ وهدأ يهدأ " اه فليس فيه يجبوه أيضا، فيجبوه غير معروف في كتب اللغة التى أيدينا وإن كان هو القياس، ثم اطلعنا بعد ذلك على قول ابن سيده في لمخصص (ج 14 ص 211): " وقد حكى أبو زيد في كتاب المصادر جبوت الخراج أجباه وأجبوه " اه
(10) قال سيبويه رحمه الله تعالى (ج 2 ص 361): " وأما طاح يطيح وتاه يتيه فزعم الخليل أنهما فعل يفعل بمنزلة حسب يحسب وهى من الواو، يدلك على ذلك طوحت وتوهت (بالتضعيف) وهو أطوح منه وأتوه منه، فانما هي فعل يفعل من الواو كما كانت منه فعل يفعل (بفتح عين المضارع) ومن فعل يفعل اعتلتا، ومن قال: طيحت وتيهت، فقد جاء بها على باع يبيع مستقيمة، وإنما دعاهم إلى هذا الاعتلال ما ذكرت لك منكثرة هذين الحرفين، فلو لم يفعلوا ذلك وجاء على الاصل أدخلت الضمة على الياء والواو، والكسرة عليهما في فعلت (بالضم) وفعلت (بالكسر) ويفعل (بالضم) ويفعل (بالكسر) ففروا من أن يكثر هذا في كلامهم مع كثرة الياء والواو، فكان الحذف والاسكان أخف عليهم، ومن العرب من يقول: ما أتيهه وتيهت وطيحت، وقال: آن يئين، فهو فعل يفعل (كحسب يحسب) من الاوان وهو الحين " اه (انظر: ص 81، وص 115 من هذا الجزء)
(11) لقد تبع الجوهرى في ذلك كثير من أئمة اللغة كالمجد وابن منظور والرازي على أن الجوهرى وحده كاف في إثبات يطوح لانه نقل ما صح عنده من لغة العرب، وهو يقول: " قد أودعت هذا الكتاب ما صح عندي من هذه اللغة " ومن حفظ حجة على من لم يحفظ
(12) إن كان غرض المؤلف من هذا الكلام أن التركيب حينئذ لا محوج له، لان الاولى حمل الواوى على باب نصر واليائى على باب ضرب كما هو القياس المطرد في اللغة فهذا كلام مسلم لاشية فيه، وإن كان غرضه أن التركيب حينئذ غير ممكن فلا نسلم له ذلك، لان من الممكن أن نأخذ الماضي من الواوى على لغة من قال طوح ونأخذ المضارع من اليائي
(13) قد قالوا: يسر ييسر فهو يسير، إذا قل، وإذا سهل، وبابه كرم، وقالوا أيضا: يسر ييسرا من باب فرح، بالمعنى السابق، وقالوا: يسر الرجل ييسر من باب ضرب فهو ياسر، إذا لعب الميسر، ومنهم من قال: يسر يسر بحذف الياء التى هي فاء الكلمة في هذا المعنى الاخير
(14) تقول سر ويسرو - ككرم يكرم - وسرا يسرو - كدعا يدعو - وسرى يسرى - كرضى يرضى - إذا كان شريفا ذا مروءة
(15) المراد بالاصل هنا الحالة الاولى السابقة على الحذف، وليس المراد به الغالب والكثير
(16) قول المؤلف " والماضي لا يستعمل إلا ضرورة " يخالفه قوله في باب الاعلال: " ويدع مثل يسع، لكنه أميت ماضيه " فان مقتضاه أنه لم يسعمل في نثر ولا نظم ومقتضى قوله هنا: " لا سيتعمل إلا ضرورة " أنه يستعمل في الشعر، هذا، وقد زاد غير المؤلف أنه لم يستعمل مصدر هذا الفعل ولا اسم فاعله ولا اسم مفعوله وكل ذلك غير صحيح، فقد قرأ عروة بن الزبير، ومجاهد، ومقاتل، وابن أبي عبلة، ويزيد النحوي (وما ودعك ربك وما قلى) بالتخفيف، وجاء في الحديث:
" لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم " قال ابن الاثير في النهاية: " أي عن تركهم إياها والتخلف عنها، يقال: ودع الشئ يدعه ودعا، إذا تركه، والنحاة يقولون: إن العرب أماتوا ماضي يدع ومصدره واستغنوا عنه بترك، والنبي صلى الله عليه وسلم أفصح، وإنما يحمل قولهم على قلة استعماله، فهو شاذ في الاستعمال فصيح في القياس " اه كلام ابن الاثير. ومن مجئ اسم الفاعل ما أنشده ابن برى من قول معن بن أوس:
عليه شريب لين وادع العصا يساجلها حماته وتساجله
وما أنشده الفارسي في البصريات:
فأيهما ما أتبعن فانني حزين على ترك الذي أنا وادعه
وقد استشهد الجوهري على مجئ اسم المفعول من هذا الفعل بقول خفاف ابن ندبة:
إذا ما استحمت أرضه من سمائه جرى وهو مودوع وواعد مصدقى
(17) اعلم أنهم استعملوا الفعل المضارع من هذه المادة فقالوا: يذر، ومنه قوله تعالى (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) واستعملوا منه الامر فقالوا: ذر، ومنه قوله تعالى (ذرني ومن خلقت وحيدا) وقوله (ذرني والمكذبين) ولم يستعملوا منه اسم فاعل ولا اسم مفعول ولا مصدرا ولا فعلا ماضيا، وهذا المضارع المسموع قد ورد بالفتح، إلا ما حكى عن بعضهم من قوله: " لم أذر ورائي شيئا "، ومقتضى القواعد المقررة أن يكون ماضى هذا الفعل المقرر مكسور العين، فيكون فتح عين مضارعه هو الاصل والقياس، وحينئذ فيسأل عن علة حذف الواو، إذ كان المعروف أنها لا تحذف إلا بين الياء والكسرة حقيقة أو تقديرا، وجواب هذا هو الذى عناه المؤلف بقوله: حمل على يدع، يريد أنه حمل عليه في حذف الواو لكونه بمعناه، إذ ليس فيه نفسه ما يقتضى حذفها، ويمكن أن يقدر أن الماضي مفتوح العين، فيكون قياس المضارع كسر العين، لان المثال الواوي المفتوح العين في الماضي لا يكون إلا من باب ضرب، فيكون حذف الواو جاريا على القياس، لانها وقعت بين ياء مفتوحة وكسرة أصلية، ويسأل حينئذ عن سر فتح العين في المضارع مع أنه ليس فيه ما يقتضى الفتح فيجاب بأنه حمل على يدع في فتح العين لكونه بمعناه، وفي يدع موجب الفتح وهو حرف الحلق، وهذا يماثل ما قال بعضهم في أبى يأبى: إنه فتحت عينه حملا له على منع يمنع لانه بمعناه
(18) تبع المؤلف الجوهري في نسبة هذا البيت للبيد. قال ابن برى في حواشيه على الصحاح: " الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم "، وكذا نسبه الصاغانى في العباب لجرير، وقد رجعنا إلى ديوان جرير فألفيناه فيه، وقبله وهو أول قصيدة يهجو فيها الفرزدق:
لم أر قبلك يا أمام خليلا أنأى بحاجتنا وأحسن قيلا
واستشهد المؤلف بالبيت على أن الضم في مضارع وجد لغة ضعيفة خاصة ببني عامر، ووجه ضعفها أنها جارجة عن القياس والاستعمال، إذ القياس ألا تحذف فاء المثال إذا كانت واوا إلا من المضارع المكسور العين، والاستعمال الغالب في هذه الكلمة الكسر، قال الله تعالى (فان لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم) (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) فيكون الضم شاذا قاسا ؟ ؟ ؟ واستعمالا، ثم إن ابن مالك ذهب في التسهيل إلى أن لغة بنى عامر ليس مقصورة على يجد، بل هي عامة في كل ما فاؤه واو من المثال: أي أنهم يحذفون الفاء ويضمون العين في كل مثال واوي على فعل (بفتح العين) فيقولون في وكل: يكل، وفي ولد: يلد، وفى وعد: يعد، وهكذا، وهذا القول الذي قاله ابن مالك مخالف لما ذهب إليه فحول النحويين، قال السيرافي: " إن بني عامر يقولون ذلك في يجد من الموجدة والوجدان، وهم في غير يجد كغيرهم " وكذا قال صاحب الصحاح، وقال ابن جنى في سر الصناعة: " ضم الجيم من يجد لغة شاذة غير معتد بها لضعفها وعدم نظيرها ومخالفتها ما عليه الكافة فيما هو بخلاف وضعها " ا هـ وقال الرازي في المختار: " ويجد بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال " اه وقال ابن عصفور: " وشذ من فعل الذي فاؤه واو لفظة واحدة فجاءت بالضم وهي: وجد يجد، قال: وأصله يوجد (بالكسر) فحذفت الواو لكون الضمة هنا شاذة والاصل الكسر " اه، وقال ابن جنى في شرح تصريف المازني: " فأما قول الشاعر:
لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة تدع الحوائم لا يجدن غليلا
فشاذ، والضمة عارضة، ولذلك حذفت الفاء، كما حذفت في يقع ويدع، وإن كانت الفتحة هناك، لان الكسر هو الاصل، وإنما الفتح عارض " اه
وظاهر كلام ابن جنى وابن عصفور أن الشذوذ في يجد من جهة ضم العين لا من جهد حذف الفاء لان العين على كلامهما مكسورة في الاصل فيتحقق مقتضى الحذف، فيكون قياسيا، ويجوز كما قال المؤلف أن تكون الضمة أصلية لا عارضة، فيكون الشذوذ في حذف الفاء، ورواية الكسر التى حكاها السيرافي في هذا البيت لا ترد هذا الاحتمال كما زعم البغدادي في شرح الشواهد
(19) هذه لغة حكاها يونس، وحكى غيره في هذا اللفظ ثلاث لغات أخرى: إحداها كنصر، والثانية كضرب، والثالثة كعلم، وقد أشار المؤلف إلى الثانية
(20) توضيح المقام وتفصيله أن القياس في مضارع فعل بالكسر يفعل (بالفتح)، لانهم أرادوا أن يخالف المضارع الماضي لفظا كما خالفه معنى، ولا تنحصر الالفاظ التي جاءت على القياس من هذا الباب في عدد معين، بل تستطيعان تجزم بأن كل فعل ثلاثي ماضيه بكسر العين لابد أن يكون مضارعه بفتح العين إلا أفعالا محصورة ستسمع حديثها قريبا، وما جاء بالكسر من هذا الباب فهو شاذ مخالف للقياس، وما جاء بالضم منه فهو متداخل، والذي جاء بالكسر ضربان: ضرب جاء فيه - مع الكسر الذي هو شاذ - الفتح الذي هو القياس، وضرب لم يجئ فيه إلا الكسر الذى هو شاذ، فأما الضرب الاول فأربعة عشر فعلا، خمسة منها من غير المثال الواوى: ذكر المؤلف منها أربعة، والخامس بئس (بالموحدة) يبئس ويبأس، وتسعة من المثال الواوى: ذكر المؤلف منها ثمانية والتاسع وهل يهل ويوهل، وأما الضرب الثاني فتسعة عشر فعلا، ستة عشر منها من المثال الواوي، ذكر المؤلف منها عشرة والباقي هو: وروى المخ يرى: أي سمن، ووجد يجد وجدا: أي أحب، ووعق عليه يعق: أي عجل، وورك يرك وروكا: أي اضطجع، ووكم يكم وكما: أي اعنتم، ووقه له يقه: أي سمع له وأطاع، والثلاثة الباقية من الاجوف الواوي، وهي من هذا الضرب على ما ذهب إليه الخليل، وقد ذكرها المؤلف كلها (وهى طاح وتاه وآن) وأما الضرب الثالث - وهو المضموم في المضارع - فقد ذكر المؤلف منه جملة صالحة (وهي فضل ونعم وحضر ودمت ومت ونكل وبحد) وقد سبق له ذكر ركن
(21) زاد ابن القطاع على هذين الحرفين حرفين آخرين، وهما: كدت تكود وجدت تجود - بكسر أول الماضي فيهما - والاصل فيهما كاد يكود وجاد يجود - مثل قال يقول - وكان يكاد وجاد يجاد - مثل خاف يخاف - فأخذ المضارع من الاولى مع الماضي من الثانية
(22) لم يتيسر لنا الوقوف على نسبة هذا البيت إلى قائل معين، وقد أنشده الجوهري في الصحاح، وابن جنى في الخصائص (ح 1 ص 386) ولكنه رواه هكذا
بنى يا سيدة البنات عيشي ولا يؤمن أن تماتى
وبنيتي في رواية المؤلف تصغير بنت أضيف الى ياء المتكلم، وهو منادى بحرف نداء محذوف، و " سيدة البنات " جعله بعضهم نعتا للمنادى، وأجاز فيه الرفع والنصب، ويجوز أن يكون بدلا أو عطف بيان أو منادى بحرف نداء محذوف و " عيشي " فعل دعاء، و " تمانى " لغة في تموتين، فقد جاء هذا الفعل من باب نصر، كقال يقول، قال الله تعالى (قل موتوا بغيظكم) ومن باب علم، كخاف يخاف، وقد قرئ في قوله تعالى (ياليتني مت قبل هذا) وفي قوله تعالى (ولئن متم أو قتلتم لالى الله تحشرون) بضم الميم على أنه من اللغة الاولى، وبكسرها على أنه من اللغة الثانية، قال الصاغانى في العباب: " قد مات يموت، ويمات أيضا، وأكثر من يتكلم بهاطئ، وقد تكلم بها سائر العرب " اه وحكى يونس في هذه الكلمة لغة أخرى كباع يبيع
(23) اعلم أن هذا الفعل قد جاء واويا ويائيا: أما الواوى فقد جاء من باب علم ومن باب نصر، مثل خفت تخاف، وقلت تقول، فتقول في الماضي المسند للضمير: كدت - بكسر الكاف - على الاول - وضمها - على الثاني، وأما اليائى فجاء من باب علم ليس غير، وجاء من باب باع بمعنى آخر، تقول: كاد الرجل الرجل يكيده كيدا: أي دبر له، ومنه قوله تعالى (إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا)، وتقول: كادت المرأة تكيد كيدا، إذا حاضت، فأذا علمت هذا تبين لك أن قول العرب: كدت - بضم الكاف - تكاد من باب التداخل، وأن الماضي أخذ من باب نصر والمضارع أخذ من باب علم، كما أن قولهم: كدت - بكسر الكاف - تكود متداخل أيضا، ماضيه من باب علم ومضارعه من باب نصر، فاعتبار المؤلف تبعا لسيبويه كدت - بالضم - تكاد شاذ، سواءا كان من العرب كرم أو نصر، ليس بوجيه، بل هو من التداخل، لانه لا يعدل إلى القول بالشذوذ ما أمكن الحمل على وجه صحيح كما كرر المؤلف نفسه مرارا
(24) قال المؤلف في شرح الكافية: ( إنه قد يطرد في الاكثر الحكم الذي ثبتت علته في الاقل، كحذفهم الواو في تعدو أعد ونعد، لحذفهم لها في يعد، وكذا حذفوا الهمزة في يكرم ونكرم، لحذفهم لها في أكرم )
(25) ( أبى ) مفتوح العين، فلم يكن يستحق أن يكسر حرف المضارعة في مضارعه. إلا أنهم شذوا فيه فكسروا حرف المضارعة الذي يجوز كسره في غيره وهو الالف والنون والتاء، ثم استمرءوا طعم الشذوذ فوق ذلك بكسر الياء من حروف المضارعة أيضا
(26) حاصل هذا أنهم إنما كسروا ياء المضارعة في يأبى، ليتسنى لهم تحفيف الهمزة بقلبها ياء، لسكونها إثر كسرة فيصير ييبى، وهو أخف من يئبى، لان حرف العلة أخف من غيره، ونقول: لو أن ذلك الذي ذكره المؤلف من غرضهم لكان بقاء الياء مفتوحة أولى من كسرها، وذلك لانهم لو أبقوها مفتوحة لامكنهم أن يقلبو الهمزة ألفا، لسكونها إثر فتحة، فيصير يأبى، والالف أخف حروف العلة.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|