المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01
المختلعة كيف يكون خلعها ؟
2024-11-01
المحكم والمتشابه
2024-11-01
الاستجابة اللاإرادية الجنسية للماشية sexual reflex
2024-11-01
المحاجة في الدين وتوضيح العقيدة
2024-11-01
الله هو الغني المقتدر
2024-11-01

Cobalamin (Vitamin B12)
8-12-2021
عيد الفطر
26-9-2016
ضمان المحرم للصيد بإتلافه مطلقاً.
19-4-2016
DESIGNING EXHIBIT SLIDES
2024-10-01
Structural analysis
11-3-2022
دراسة لظاهرة الاختلال الاعلامي الدولي
16-8-2022


ماهية القرار الإداري وطبيعته القانونية  
  
9964   11:54 صباحاً   التاريخ: 24-9-2018
المؤلف : يوسف حسين محمد البشير
الكتاب أو المصدر : مبادئ القانون الاداري
الجزء والصفحة : ص147-162
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

وضع قانون القضاء الإداري السوداني  لسنة 2005م  في المادة الثالثة منه تعريفاً للقرار الإداري وتقرأ هذه المادة كما يلي:

"القرار الإداري يقصد به القرار الذي تصدره جهة إدارية بوصفها جهة عامة بقصد إحداث أثر قانوني معين يتعلق بحق أو واجب أي شخص أو أشخاص، ويشمل رفض تلك الجهات  أو امتناعها عن اتخاذ قرار كانت ملزمة قانوناً باتخاذه". إلا أن المشرعين الفرنسي والمصري لم يحددا تعريفاً للقرار الإداري، بل تركا هذه المهمة للفقه والقضاء فقد عرفت محكمة القضاء الإداري في مصر القرار الإداري بأنه: (إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين متى ما كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه إبتغاء مصلحة عامة)(1). ويعرف الفقه الإنجليزي القرار الإداري بأنه: (القرار الصادر عن الجهات الإدارية الوطنية أو تعد العزم على اتخاذه أو تبدأ في بعض إجراءاته التمهيدية وذلك بمقتضى سلطاتها العامة المستمدة من القوانين المدونة ومن الشريعة العامة الإنجليزية طبقاً للوسائل القانونية السليمة مستهدفة إحداث أثر قانوني معين يتناول المراكز القانونية للأفراد إنشاءً أو تعديلاً أو إلغاءً تحقيقاً للغاية التي أنشئت الإدارة من أجلها أو تنفيذ المهام الملقاة على عاتقها رعاية للمصلحة العامة).

الخصائص المميزة للقرار الإداري:

إن للقرار الإداري خصائصاً ذاتية تميزه عن غيره من الأعمال التي تمارسها السلطة الإدارية ويمكن إجمال هذه الخصائص كما يلي:

أولاً: صدوره من جهة إدارية مخولة قانوناً

تأسيساً على التعريف الوارد ذكره في قانون القضاء الإداري لسنة 2005م للقرار الإداري تلمح أهم خاصية له وهي صدوره من جهة إدارية، والمقصود بالجهة الإدارية هي تلك الجهة ذات الشخصية الاعتبارية العامة المخول لها قانوناً مباشرة الوظيفة الإدارية حسب المادة 23 من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984، وهي الدولة والمؤسسات العامة وغيرها والمنشآت التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية، والشخصية الاعتبارية قد تكون عامة ويراد بها الدولة والأجهزة والوحدات الحكومية والمجالس المتخصصة المهنية والفنية، وقد تكون شخصية اعتبارية خاصة وهي من تكوين الأفراد وتخضع هذه الأجهزة لقواعد القانون الخاص. إلا أننا نعتبر أن اصطلاح (سلطة عامة) الوارد في قانون القضاء الدستوري والإداري لسنة 1996 الملغي هو أدق من اصطلاح _جهة إدارية) الوارد في القانون النافذ لأن هذه السلطة العامة قد تكون جهة حكومية أو شبه حكومية وقد تكون هيئة مستقلة يمنحها القانون سلطة إصدار القرار(2). والسلطة العامة التي تصدر القرار قد تكون جهة  تصدر القرار بإرادة منفردة أو بوصفها جهة فصل في نزاع بين طرفين يتخاصمان أمامها.

ثانياً: القرار الإداري يترتب آثاراً قانونية معينة

يتميز القرار الإداري بأنه يرتب آثاراً قانونية معينة، فإذا لم يكن للقرار ذلك الأثر القانوني يعتبر من الأعمال المادية. ويتمثل الأثر القانوني للقرار الإداري في إنشاء مركز قانوني جديد لم يكن موجوداً من قبل أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني قائم بالفعل، متى ما كان هذا الأثر ممكناً وجائزاً قانوناً. والمركز القانوني هو مجموعة الحقوق والالتزامات المتعلقة بفرد من الأفراد وتحميه الهيئة الاجتماعية عن طريق القسر والإرغام كمرز الدائن أو المدين والموظف العام.        لا يجوز الطعن بالإلغاء للأعمال الصادرة من الإدارة التي لا ترتب آثاراً قانونية كالأوامر والتعليمات المصلحية التي تصدر من الإدارة لمجرد تطبيق القانون. والأعمال التي تستهدف إثبات حالة معينة، والآراء الاستشارية والمقترحات لأنها غير ملزمة أو مجرد إجراء تمهيدي.

ثالثاً: كون القرار الإداري نهائياً:

يقصد بنهائية القرار الإداري صدوره من جهة إدارية يخولها القانون سلطة البت في أمر بغير حاجة إلى تصديق سلطة أعلى، أي أنه قابل للتنفيذ بمجرد صدوره أي أنه قد استكمل كل المراحل التحضيرية اللازمة لإصداره.

تصنيف القرارات الإدارية

تصنيف القرارات الإدارية إلى عدة أنواع تبعاً للزاوية التي ينظر إليها، فمن حيث تكوين القرارات الإدارية تقسم القرارات الإدارية إلى قرارات بسيطة ومركبة، ومن حيث إنشائها أو تغييرها للمراكز القانونية تقسم القرارات الإدارية إلى قرارات منشئة وقرارات كاشفة وكما تقسم القرارات الإدارية من حيث مدى عموميتها إلى قرارات فردية وتنظيمية.

أولاً: تقسيم القرارات الإدارية من حيث تكوينها

من حيث التكوين نجد أنفسنا أمام نوعين من القرارات الإدارية، قرارات إدارية بسيطة وهي تلك التي تصدر بصفة مستقلة وتكون قائمة بذاتها وتستند إلى عملية قانونية واحدة أي أنها لا ترتبط بعمل قانون آخر، كالقرار الصادر بتعيين شخص في إحدى الوظائف العامة أو قرار الترقية أو إنهاء الخدمة، أما القرارات المركبة فهي التي لا تصدر مستقلة بل تصاحب أعمالاً إدارية أخرى قد تكون  سابقة أو معاصرة أو لاحقة على عمل إداري آخر، مثال القرار الصادر بإرساء المناقصة على أحد الأفراد تمهيداً لإبرام العقد الإداري.

ثانياً: تقسيم القرارات الإدارية من دورها في إنشاء المراكز القانونية

من حيث إنشاء المراكز القانونية تقسم القرارات الإدارية إلى قرارات منشئة وأخرى كاشفة، فالقرارات المنشئة هي تلك التي يترتب على صدورها إنشاء مركز قانوني جديد أو إحداث تغيير في المراكز القانونية القائمة سواء بالتعديل أو الإلغاء وهي تمثل غالبية القرارات الصادرة عن الإدارة. من الأمثلة لذلك قرار منح رخصة أو إمتياز. أما القرارات الإدارية الكاشفة أو المقررة فهي التي لا تحدث تغييراً في المراكز القانونية بل يقتصر دورها على تأكيد أو تقرير مركز قانوني قائم من قبل، كقرار الإدارة بفصل موظف صدر في حقه قرار قضائي بإرتكابه جريمة عقوبتها مقيدة للحرية. وتظهر أهمية التفرقة بين هذين النوعين من القرارات من حيث عدم رجعية القرارات الإدارية ومن حيث جواز سحب القرار ولو لمدة.

ثالثاً: تقسيم القرارات الإدارية من حيث أثرها على الأفراد 

من حيث أثر هذه القرارات على الأفراد تقسم القرارات الإدارية إلى قرارات ملزمة أو نافذة وقرارات غير نافذة.

رابعاً: تقسيم القرارات الإدارية من حيث مدى  العمومية

تقسم القرارات من حيث مدى عموميتها إلى قرارات فردية وقرارات تنظيمية، فالقرارات الفردية هي تلك التي تصدر في مواجهة فرد معين بذاته أو أفراد معينين بذواتهم أو حالة أو حالات محددة بذاتها، وتستنفذ موضوعها أو مضمونها بمجرد تطبيقها، كالقرار الصادر بمنح رخصة أو توقيع جزاء تأديبي على أحد الموظفين.

أما القرارات التنظيمية أو اللائحية فهي التي تصدر متضمنة قواعد عامة ومجردة وملزمة لكي تطبق على عدد غير محدد من الحالات أو الأفراد إذا توافرت شروط تطبيقها وهي لا تستنفذ موضوعها بمجرد تطبيقها على حالة معينة أو فرد معين بل تظل قابلة للتطبيق  كلما توافرت الشروط اللازمة لذلك.

القرارات الصادرة عن اللجان الرياضية:

على الرغم من ذلك فإننا نجد أن هناك قرارات صادرة من جهات إدارية لما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني إلا أن المحاكم في السودان تتمنع عن النظر فيها، مثال ذلك القرارات التي تصدرها اللجان الرياضية، حيث قررت المحكمة العليا في سابقة (الاتحاد العام لكرة القدم – ضد – نادي الزهرة الرياضي)(3) أن قرار اللجنة الرياضية من المسائل غير الصالحة للفصل فيها، ورأت المحكمة العليا عند إطلاعها علي نص المادة (6) من قانون الرياضة ا لجماهيرية لسنة 1975م والتي تقرأ (الرياضة نشاط طوعي يحظر فيها الاعتراف تقاضي أي مقابل مادي) كما نصت المادة (246) من القواعد العامة لكرة القدم التي تقرأ (لا يجوز للإتحاد العام أو اتحاد محلي أو اتحاد منطقة أو أي مجلس أو لجنة: أو هيئة تتبع لها أو نادي أو فريق أو أي عضو أو لاعب في أن يتقاضى في المحاكم ضد أي من الهيئات المذكورة فيما يتعلق بأي قرار تتخذه أي من الهيئات المذكورة ولا يشمل ذلك القضايا الجنائية أو التي تتعلق بالموظفين والعمال والعلاقات التجارية).

ويتضح أن المشرع لم يقصد خلق أجهزة تتنازع أمام القضاء وإنما خلق أجهزة لعمل تطوعي فأنشأت لها أجهزة وهيئات للفصل في هذه المنازعات.. لذا قررت المحكمة العليا رفض الطعن في مثل هذه القرارات لأن طول أمد النزاع أمام المحاكم يؤثر في سير المنافسات، مما جعل المحكمة تنادي بأن تحل المنازعات داخل الأسرة الرياضية(4).

ومؤخراً يتجه القضاء في إنجلترا في 1992(5) إلي تقرير عدم خضوع القرارات الصادرة عن الاتحاد العام لكرة القدم للمراجعة القضائية، ويرى القضاة أن دخول المحاكم في هذا النوع من النشاط يؤدي إلي تبديد الجهد القضائي ويؤدي إلي البطيء في اداؤها،وهذا ما يدل علي أن القضاء السوداني كان أسبق في تقرير عدم تدخل القضاء في القرارات التي تصدرها اللجان الرياضية حيث كان ذلك في عام 1981م.

استبعاد أعمال السيادة عن دائرة الطعن فيها امام القضاء

تخرج من نطاق الطعن في القرارات الإدارية طائفة من الأعمال تسمى بأعمال السيادة، حيث تنص المادة (3) من المرسوم الدستوري الثالث "إن رأس الدولة هو السلطة الدستورية العليا ويختص بأعمال السيادة، كما قررت المادة (15) من نفس المرسوم منع الطعن أمام حكمه في أعمال السيادة". أما فيما يتعلق بالقضاء فجاء حكم المحكمة العليا في سابقة جيمس أقور ضد قرار مجلس الجنوب في مايو 1287م (قرار مجلس الوزراء رقم 25/1987م بإنشاء مجلس الجنوب قرار سياسي ينأى عن رقابة القضاء) ثم عددت المحكمة الاعتبارات التي تدعو إلي عدم تدخل القضاء لرقابة القرارات السياسية ومنها(6).

1-وجب حرص السلطة القضائية على الابتعاد عن التورط في النزاعات السياسية والامتناع عن الدخول كطرف في صراعات القوى السياسية.

2- إن مبدأ الفصل بين السلطات الذي يأخذ به الدستور السوداني الذي يضع صلاحية اتخاذ القرار السياسي في يد السلطة التنفيذية.

3- يتطلب القضاء الحيدة التامة حيال الأمور السياسية.

4- إن العناصر والمعايير التي يعتمد عليها القرار السياسي تختلف تماماً عن العناصر والمعايير التي تشكل القرار القضائي.

5- إن تدخل القضاء في الأمور السياسية يؤدي إلي تضارب قرارات سلطات الدولة حول الموضوع الواحد.

وفي حكم آخر للمحكمة العليا في قضية محمد الحسن الأمين – ضد – حكومة السودان، اعتبرت الأمر الصادر بإعلان حالة الطوارئ قراراً سياسياً لا يخضع لرقابة القضاء حيث جاء في حكمها (إن الأسباب التي تقوم عليها حالة الطوارئ تتصل اتصالاً عميقاً ووثيقاً بمسائل سياسية في الاعتبار الأول ومن ثم تخرج عن مجال الطعن فيها أمام القضاء(7) وبالنظر لحكم المحكمة العليا في قرار مجلس الجنوب نراها قد تخرجت فقط في نظر الطعن وفضلت عدم التورط في النزاعات السياسية، دون أن تكلف نفسها في البحث عن مبدأ تفوق فيه القرار الإداري الذي يمكن الطعن فيه والقرار السياسي الذي تنأ المحاكم عن نظره، وأرى أن القضاء حينما ينظر مثل هذه الدعاوي لا يؤدي بنظره فيها إلي تضارب سلطات الدولة، إنما القضاء هو الرقيب علي أعمال الدولة ومدى خضوعها للقانون. أما حكم المحكمة العليا فيما يتعلق بحالة الطوارئ فنجد أن قرارها أفضل من قرار سابقتها(8)، ولكنها لم تضع لنا معياراً محدداً توصلت بمقتضاه إلي أن إعلان حالة الطوارئ أمر يتصل اتصالاً وثيقاً وعميقاً بمسائل سياسية، فكان عليها أن تفحص القرار ولا تقف مكتوفة الأيدي، فتنظر في الأسباب والمبررات التي أدت لإصدار القرار فإذا وجدتها مناسبة تقرر عدم تدخلها. تعد أعمال السيادة من الوسائل التي كثر فيها الجدل في الفقه والقضاء حول حقيقتها القانونية، وتمثل الجدل في بحث مشكلتين جوهريتين (الأولى) إيجاد معيار واضح لتعريف أعمال السيادة وتحديدها، و(الثانية) إيجاد سند من قواعد المرافعات يبرر رفض المحاكم للنظر في هذه الأعمال الصادرة عن الهيئة الإدارية، وتعد نظرية أعمال السيادة من صنع الفقه الفرنسي استنبطها شراح القانون من أحكام قضاء مجلس الدولة ومحكمة تنازع الاختصاص(9). ولقيت هذه النظرية تعريفاً تشريعياً من المشروع المصري، ويعد هذا التعريف التشريعي – لأعمال السيادة من المشروع المصري – خروجاً علي المألوف فهو يحاول أن يكمل ما فهمه من قصور في بناء النظرية فحددها في القانون رقم (112) لسنة 1949م والقانون رقم (9) لسنة 1949م فنص كل من القانونين السابقين علي بعض الأمثلة حيث قررت المادة السابعة من القانون رقم (9) لسنة 1949م (أنه لا تقبل الطلبات عن القرارات المتعلقة بالأعمال المنظمة لعلاقة الحكومة بالبرلمان والتدابير الخاصة بالأمن الداخلي والخارجي للدولة وعلى العموم سائر الطلبات المتعلقة بعمل من أعمال السيادة(10) ووجد هذا التعريف التشريعي لنظرية أعمال السيادة نقداً شديداً من الفقه المصري، تأسيساً علي أن نظرية أعمال السيادة هي بطبيعتها نظرية سياسية، يجب أن تبقى خارج النصوص، حتى لا تصاب بالجمود(11) ولقد استجاب المشروع المصري لهذا النقد فقرر العدول عن محاولته في التعريف التشريعي بأعمال السيادة. إلا أن قانون القضاء الإداري السوداني لسنة 2005م نراه لم يتقّف خطى المشرع المصري فعمد علي تحديد أعمل السيادة في نص المادة (8) منه والتي وتقرأ كما يلي:

1. مع مراعاة المادة (4) فقرة (1) لا يجوز الطعن في أعمال السيادة.

2. تعتبر من أعمال السيادة.

أ‌. تعيين شاغلي المناصب الدستورية الاتحادية والولائية.

ب‌. إعلان الحرب.

ج. إعلان حالة الطوارئ.

د. تمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية  بالدول والمنظمات.

هـ. تعيين السفراء وإعتماد السفراء المبعوثين إليها

و. تعيين شاغلي الوظائف القيادية في الخدمة المدنية.

أعمال السيادة في نظريات الفقه الفرنسي:

تعددت أعمال الفقه الفرنسي في وضع معيار لتحديد أعمال السيادة، ويمكن سرد هذه المحاولات في النظريات الآتية:

1- نظرية الباعث السياسي.

2- نظرية أعمال الوظيفة الحكومية.

3- نظرية الأعمال المختلطة.

سنقوم بدراسة هذه النظريات في ثلاث بنود كما يلي:

البند الأول: نظرية الباعث السياسي:

تتلخص نظرية الباحث السياسي في أن العمل الصادر من السلطة التنفيذية يعد عملاً حكومياً، وبالتالي لا يخضع للرقابة القضائية، أو عملاً إدارياً بالتالي يخضع لها حسب الباعث الذي دفع الحكومة إلي إصداره. فإن كان هذا الباعث سياسياً أصبح عملاً حكومياً وإن كان غير سياسي أصبح إدارياً.(12)      ولقد ظهرت فكرة العمل السياسي في قضاء مجلس الدولة الفرنسي بحكمه الذي أصدره في قضية (Laffite) سنة 1822م، وتتلخص وقائع هذه الدعوى في أن المادة (4) من القانون 12 يناير 1816م قد نصت علي إبعاد عائلة نابليون بونابرت من فرنسا، وحرمانهم من التمتع بالحقوق المدنية فيها وبيع الأموال التي يملكونها بعوض(13).

إلا أن هذا المعيار قد تعرض لنقد شديد من الفقه نفسه وتمثلت هذه الانتقادات في الآتي:

1- مخالفة الديمقراطية الحديثة:

إن هذا المعيار لا يمكن أن يفسر إلا بأفكار العتيقة لمعنى الحكم، ففي العصور السابقة كانت الحكومات لها سلطات مطلقة، أما في نظم الحكم الحديثة فالسيادة تتركز في الشعب، فالحكام ليست إلا الاختصاصات التي نصت عليها الدساتير والقوانين، فإذا تجاوزوا هذه الاختصاصات فإن ما يقومون به من أعمال أو قرارات تخضع لرقابة القضاء وإلا وضعت نفسها فوق القانون، فتصبح الكلمة الأخيرة في يد الحاكم، ونظرية الباعث السياسي علي ما ذكر تعد مخالفة للديمقراطية التي هي أساس الحكم(14).

2- مصادرة وحقوق الأفراد وحرياتهم:

تطبيق هذا المعيار يؤدي إلي عدم المساس بالأعمال الإداري كلما رغبت الحكومة في أن تفلت من الرقابة القضائية أن تتذرع بحجة الباعث السياسي لأعمالها. ويؤدي هذا المعيار في تطبيقه إلي عدم رقابة شرعية أعمال السلطة التنفيذية الصادرة بناءاً علي أفكارها السياسية بهدف تحقيق المصلحة العامة للبلاد وحاجات الأمن العام، وهذه العبارات مرنة تحمل الكثير من الأعمال، ويصبح المعيار غير محدد ويستمد قوته من التعسف تحت إسم المصلحة العامة ودواعي الأمن العام(15)

3- دعم فكرة الضرورة السياسية:

يدعم هذا المعيار فكرة الضرورة السياسية ويجعل منها فكرة قانونية توجب علي القاضي إحترام سياسة الحكم الشخصية، وما يتخذه من قرارات لتدعيمها وفرضها على خصومه(16).

البند الثاني: نظرية أعمال الوظيفة الحكومية:

ترك القضاء الفرنسي الأخذ بنظرية الباعث السياسي كمعيار لتحديد العمل السيادي لما وجهت لهذه النظرية من انتقادات، واتجه الفقه إلي الأخذ بمعيار طبيعة العمل، أي البحث عن مميز للعمل الحكومي لا في أمور خارجية عنه كالغرض الذي استهدف من أجله إصدار القرار.

ولكن ما هي طبيعة العمل السيادي؟ حاول البعض البحث عنها في التفرقة

بين الوظيفة الحكومية والوظيفة الإدارية(17).

يرى أنصار هذه النظرية أن السلطة التنفيذية تنقسم إلي إدارة وحكومة وأن مجال أعمال كليهما يختلف عن الآخر من حيث طبيعة هذه الأعمال، وبالتالي من حيث القواعد القانونية التي تحكمها، فالذي يميز أعمال الحكومة أو يحددها هو طابعها السياسي، لهذا فهي لا تخضع لرقابة القضاء، أما وظيفة الإدارة فهي تصريف الشئون العادية، فالأعمال الإدارية التي تمتد لتحقيق غرض سياسي تظل مع ذلك أعمالاً إدارية خاصة لرقابة القضاء، فإذا كانت هناك أسباب سياسية دفعت الحكومة إلي أن تستولي علي ملكية خاصة أو تعتدي علي الحرية الفردية أو حرية الصحافة، فإن هذه الأسباب السياسية لا تمنع المضرورين من رفع الأمر للقضاء.

ولقد تعرضت هذه النظرية للنقد لعدة أسباب(18):

1- إنعدام الفارق المادي بين الوظيفة الحكومية والوظيفة الإدارية.

2- مع التسليم بأن الوظيفة الحكومية متميزة عن الوظيفة الإدارية، إلا أن هاتين الوظيفتين في يد عضو واحد هو السلطة التنفيذية. لهذا فإن الحدود الفاصلة بين الوظيفتين صعب. ولا توجد سلطة حكومية متميزة عن السلطة الإدارية.

3- إن التفرقة بين الوظيفة الحكومية والوظيفة الإدارية تفرقة سياسية وليست قانونية، وإن الذين يؤيدون وجود وظيفة حكومية متميزة عن الوظيفة الإدارية، لا يرون فيها سبباً قانونياً لإعفاء الأعمال المسماة (بالأعمال الحكومية) من رقابة القضاء، ولكن يرونها على أساس إنها متعلقة بتوجيه السياسة العامة في البلاد، فهي مرتبطة بالنشاط السياسي البحت، بينما الوظيفة الإدارية مرتبطة بالناحية الفنية أو التطبيقية لهذه السياسة.

4- معيار التفرقة بين الحكومة والإدارة معيار غير محدد وغامض لا يزال بنقصه الدليل الحاسم.

ولهذه الانتقادات لم يكن لهذه النظرية أي أثر علي القضاء الفرنسي إذ أن هذه النظرية لم تطبق.

البند الثالث: نظرية الأعمال المختلطة:

يرى أنصار هذه النظرية(19) أن الأعمال التي تجريها السلطة التنفيذية بمناسبة دخولها في علاقات مع هيئات عامة أخرى أو سلطات أجنبية، تصير من أعمال السيادة وتخرج عن رقابة القضاء، من أمثلة ذلك ما تتخذه الهيئة التنفيذية بمناسبة علاقتها مع السلطات الأجنبية، كالاعتراف الدولي وتبادل السفراء والقناصل وعقد المعاهدات وإعلان الحرب، وعقد الصلح وغيره. اختلف الفقه الفرنسي حول تقدير هذه النظريات فأيدها بعضهم ورأي بعضهم أنها تؤدي إلي خضوع بعض الأعمال التي تعد من الأعمال الحكومية للرقابة القضائية كالأعمال التمهيدية للإنتخابات وحق الاقتراع التشريعي. وبعضهم عارض هذه  النظرية ووجه لها النقد، ورأى أن هذا الأساس وحده لا يكفي لإيجاد نظام قانوني خاص بأعمال السيادة، ذلك لأن العمل الصادر من السلطة التنفيذية في علاقتها مع البرلمان أو مع دولة أجنبية، لا يختلف في عناصره المادية عن القرار الإداري.

_____________________

1- حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 6 يناير 1954م في القضية رقم 934، مجموعة أحكام مجلس الدولة، السنة الثامنة، ص401.

2- مولانا/ محمد محمود أبو قصيصة نائب رئيس القضاء في السودان -مبادئ القانون الإداري، دار جامعة أم درمان الإسلامية للطباعة والنشر ،  ط. 1990م  ، ص102.

3- طعن م ع/79/1980م، الاتحاد العام لكرة القدم وآخر – ضد – نادي الزهرة الرياضي – أشهر القضايا الإدارية والدستورية في السودان – هنري رياض وآخر دار الجيل بيروت 1988م، ص37.

4- راجع : حيثيات القرار من الطعن المذكور في المرجع السابق.

5- Football association ltd exp football league rv، راجع في ذلك مؤلف مولانا، محمد محمود أبو قصيصة – اقضي المحكمة العليا ونائب رئيس القضاء ، الطبعة الثانية ، مطبعة السلطة القضائية 2000م.

6- راجع: حيثيات القرار في الطعن، المرجع السابق، ص346.

7-  راجع الطعن الدستوري م ع/عد/11/1987م محمد الحسن الأمين – صد – حكومة السودان – أشهر القضايا الإدارية والدستورية – مرجع سابق، ص375.

8- الطعن الدستوري، م ع/عريضة5/5/1997م جميس أوقيلو وآخرين–ضد– حكومة السودان المشار غليه آنفاً.

9- د. سليمان الطماوي – القضاء الإداري ، ص230.

10-  قضاء الإلغاء ، د. طعيمة الجرف ، دار النهضة العربية  1962 م  ، ص98.

11-  د/ عثمان خليل – تعليقه علي بعض أحكام محكمة القضاء الإداري – مجلة مجلس الدولة السنة الأولى،361

12-  د/ طعيمة الجرف – قضاء الإلغاء – مرجع سابق ، ص99.

13- راجع د/ عبد الفتاح ساير داير – نظرية أعمال السيادة دراسة مقارنة – رسالة دكتوراة – جامعة القاهرة – 1995م ، ص262، والحكم منشور في مجموعة لبيون سنة 1822م.

14-  د. عبد الفتاح ساير داير – نظرية أعمال السيادة – مرجع سابق، ص294.

15-  د. عبد الفتاح ساير داير ، نظرية أعمال السيادة، مرجع سابق، ص94.

16-  د. عبد الفتاح ساير داير، المرجع السابق، ص295.

17-  د. عبد الفتاح ساير داير، أعمال السيادة، مرجع سابق، ص304.

18-   تزعم بالقول هذه النظرية – الأستاذ Celier راجع د. عبد الفتاح ساير داير – المرجع السابق، ص324.

19-  المرجع السابق، ص331.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .