x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تقديم الكتاب الى الوالد والوالدة وليس الى الأب والأم
المؤلف: د. رضا باك نجاد
المصدر: الواجبات الزوجية للمرأة في الاسلام
الجزء والصفحة: ص29ـ35
26-10-2017
2399
إن عدم تكليف الرجل بكل شؤون البيت، وعدم ترك الأعمال الشاقة الثقيلة خارج البيت الى المرأة هذا ما يقول به حتى دعاة المساواة التامة بين الرجل والمرأة، يدل على أن تكوين الأسرة والحياة المشتركة لا يمكن ان ينهض بها الرجل لوحده ولا يمكن ان تؤدّيها المرأة بمفردها. ولا شك في ان هذه المشاركة في الحياة الزوجية تشبه الى حدٍّ بعيد شركة يحتاج الشركاء فيها الى بعضهم الآخر؛ فأساس هذه الشركة هو: أسرتي الفتى والفتاة، والمهر الذي يدفعه الخطيب يمثل رأسمال هذه الشركة، والذرية التي تولد منهما هي إنتاج هذه الشركة. وإذا كان لكل شركة نظام داخلي مثل شركات الأحذية والسجاد وصناعة العطور، فلا معنى أن تكون المشاركة الزوجية خالية من مثل هذ النظام.
الأم التي لا تعرف أصول الحياة الزوجية هي أم وليست والدة، والأب الجاهل بأصول مراعاة الزوجة هو أب وليس والد. وقد ميز القرآن الكريم بين الأم والوالدة، وبين الأب والوالد، وميز كل واحدة من هذه التسميات وفقا لما تنطوي عليه من بُعد إنساني. فالوالد والوالدة لهما نسل او مجموعة من الأولاد الذين لا يصيبهم اي ضرر من والديهم :{لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة:233]. والإنسان بحاجة الى ان يكون مولودا وولدا، ويجب ان يكون له كفؤ ونظير؛ وذلك لأن الصمد الذي لا يحتاج الى غيره هو الذي :{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 3، 4]. إن عظمة الإنسان تكمن في كونه كفوا لزوجته وأولاده، وفي كونه مولودا ووالدا، وإذا كان الباري قد قال إنني لم ألد ولم أولد وليس لي أم وكفو فإن يكون قد جرد الإنسان من صفة الحاجة هذه؛ والحاجة لا تعتبر كمالا وعظمة في الإنسان. ولكنه عندما يقول بأنه لم يلد ولم يولد وينسب صفة الحاجة للإنسان فهو إنما يصفه بأنه كائن عظيم بعظمة كلمة الوالد والوالدة ولم يلد ولم يُولد.
كلمتا الوالد والوالدة تعطيان معنا الأب التكويني والأم التكوينية من جهة، ومعنى الأب التشريعي والأم التشريعية من جهة أخرى. وحيثما يأتي أسم الباري تعالى في القرآن الكريم يستتبعه اسم الرسول (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) او أسم الوالدين:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء: 23] ،{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان: 14]، وهذا أوضح استكمال لعظمة الإنسان بحيث يأتي الذي يلد ويولد في أعقاب من لم يلد ولم يولد. ولكن ماذا لو جاء أسم وراء أسم ولم يحمل أية دلالة او تعبير؟ الله الذي لم يلد ولم يولد، والأب والأم والوالد والوالدة في مصاف واحد. ولكن إذا لم يطلب المحتاج من المستغني ان يقضي حاجته، أو إذا طلب ذلك ولم يضعه موضع التنفيذ فهو يكون قد ارتكب بذلك ظلما. وهذا المعنى يصدق على جهل الوالد او الوالدة بأصول الحياة الزوجية في ضوء التعاليم الإلهية.
إذا سلَّم بعدم إمكانية العثور على حورية لكي يتزوجها، او أن الحورية التي تزوجها لم تنزل إليه من السماء، وإذا أقتنعت الزوجة بعد وجود ملاك لكي تصبح زوجة له، او أن الملاك الذي أرادته لم يكن ملاكا، فإنهما يصبحان على الأقل مجبورين على الصبر ريثما يتسنى لكل واحد منهما تقويم سلوك الآخر. وإذا لم يصبرا فإنهما يقصران عمر أحدهما الآخر، ويلحقان ضررا فادحا بأولادهما. فنحن نعلم ان الاختلافات ـ حتى وإن كانت ضئيلة بين الأب والأم المرضعة ـ فهي تؤدي الى شعور الطفل بالغضب والذل وانقطاع الشهية، ويصاب الطفل على أثرها بحالة نفسية خاصة تسمى (ماراسموس) ومن اعراضها النحول والذبول والإعياء. وإنما جئت بهذا المثال... لنفهم بعضنا الآخر على نحو أفضل، ولكي نبحث أكثر في سبيل استكناه حقيقة الأحكام الإلهية.
أشير الى ان النساء أكثر رغبة من الرجال لمطالعة أحد سلسلة كتبي وهو كتاب (الواجبات الزوجية للرجل في الإسلام) ، ويلاحظ في مقابل ذلك أن الرجال أكثر ميلا لمطالعة (الواجبات الزوجية للمرأة في الإسلام) ،... وذلك لأن معرفة سلوك الزواج إذا نظر إليها برؤية فلسفية يستخلص منها ان الرجال يميلون الى ان تكون زوجاتهم متقنات لأصول مداراة الزوج ، والنساء يرغبن في ان يكون ازواجهن ملمين بأصول مداراة الزوجة. وهذه قاعدة عامة أشرت إليها مرات عديدة وهي ان كل شخص يحب ان يكون الآخرون جيدين وصالحين، ولكن حينما يصل الدور إليه نراه يسلك جميع السبل ويختلق أنواع التبريرات لتنزيه ذاته وتبرئة نفسه من كل ما يقترفه من معاص وآثام. وتشتد رغبة المرأة في معرفة واجبات ، ورغبة في الاطلاع على واجبات المرأة، في حالة الزواج خاصة؛ على اعتبار ان الرجل والمرأة يعيشان في ظله الى نهاية العمر. وتحرص المرأة حرصا فائقا على ان يتعلم زوجها أصول مداراة الزوجة، والزوج يرغب كذلك في ان تتعلم زوجته مبادئ مداراة الزوج .
خُلق الرجل والمرأة من نصفي الوجود؛ احد هذه النصفين هو روح الله، والآخر هو الحمأ المسنون. وأراد الله من الإنسان ـ بواسطة الإرادة التي اودعها فيه ـ ان يجاهد من أجل الارتفاع بنصفه الثاني الى مستوى الإله. وبما ان الرجل والمرأة مكملان لبعضهما الآخر، وكل واحد منهما نصفا من عالم الوجود ومكملا للنصف الآخر، فهما بحاجة ماسة الى التعاون فيما بينهما. من الطبيعي ان الخصال النفسية تكون أكثر وأنضج لدى الموجود الأكمل، وهي بلا شك أعمق واوسع لدى الشخص الأكثر ثقافة ومدنية، وهي بطبيعة الحال انضج وأكمل دلى الرجل والمرأة الأكثر مدنية.
لو نجح الإنسان يوما ما في التوليف بين البويضة والحيمن وتصنيع الإنسان في ظروف جديدة، فإن هذا العمل يعتبر بمثابة إساءة الى النوع الإنساني لأنه يؤدي الى قطع التكامل بين هذين الجنسين، ويحدث خللا في روابطهما ويفضي بالنتيجة الى إضعاف علاقتهما.
نظرا الى ان الطبقة الأُمية من الناس لا تقرأ هذا الكتاب، وبما ان الكثير من المتعلمين لن يقرأوه، فإنه أكثر ما سيكون موضع اهتمام من قبل النساء المثقفات اللاتي يحملن شعورا قويا لمعرفة كيفية علاقات الناس مع بعضهم وخاصة العلاقة بين الزوج والزوجة، فإنه ... يعنى بعوامل الجذب الموجودة بين الجنسين، والتي كانت تسمى الى الأمس القريب باسم الحب، وتسمى اليوم بالحاجة الخاصة. وخلاصة القول هي ان هذا الكتاب معنون الى النساء اللاتي يجب ان يقرأنه، والى الرجال الذين يحتاجون لمطالعته ولهذا يجب على جميع المثقفين الذي يهتمون بشأن العلاقات الإنسانية ان يقرأوا أصول مداراة الزوجة وأصول مداراة الزوج على حد سواء. عسى ان يستفيدوا من الإسلام والعلم بحيث تتكون لديهم الجرأة يوما على قول:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}[الفجر: 27، 28].
إن كلمة النجاح تعني الانتصار. ولكن كيف يتحقق الانتصار في الحياة؟ الشخص الناجح هو ذلك الذي يشعر بالرضا والسرور للعمل الذي يؤديه والواجب الذي أخذه على عاتقه. ويعود القسم الأعظم من هذا الشعور الى ما يمكن ان يوفره الزوج والزوجة من تسهيلات وظروف مناسبة
لبعضهما الآخر في ضوء معرفتهما للأصول الواجب عليهما مراعاتها في هذا المجال.
صحيح ان الحاجة والشوق الى الاطفال يشد الرجل والمرأة الى بعضهما ويدفعهما الى تشكيل الأسرة ومواصلة الحياة سوية، إلا أن دخول الدّين في نطاق الأسرة يضفي على الرجل والمرأة نوعا من القدسية التي تجعل من بداية تواصلهما لله رضا، ويكون لنهايتها جاذبية تملأ جميع الفراغات التي قد تتسبب في إيجاد عقد لدى الجيل الجديد، وتفتح عند الختام ملفا حافلا بذكر {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}[الفجر: 28]، لحياة أخرى أبدية زاخرة بالبهجة.
المرأة والرجل اللذان لا يعرفان اصول مداراة الزوج وأصول مداراة الزوجة يبقيان محرومين من سهم وافر في الحياة. فكيف يمكن للرجل الذي لا يعرف كيفية العيش مع زوجته، والزوجة التي لا تتقن كيفية معايشة زوجها ان يعيشا سويا ويربيا أولادهما؟ وكيف يتسنى لهما الاعتناء بالطفل في أيام ولادته الأولى وفي أيام طفولته؟ وكيف يتاح للمرأة ان تربي طفلها في البيت بدون ان تكون على معرفة بالأصول الواجب مراعاتها في تربيته من غير ان تسبب له أذى او عقدة نفسية؟
المرأة التي لا تتقن أصول مداراة الزوج لا يمكنها التغلغل الى أعماق روح طفلها؛ وذلك لأن حالة الفوضى التي تعيشها في علاقتها مع زوجها تهدر طاقاتها ووقتها. فضلا عن ان أعمالها الأخرى التي تؤديها غريزيا ابتداء من الحيض والولادة والإرضاع وحتى تربية الطفل على أساس الأساليب الموروثة عن الأب والأم، لا تتيح لها فرصة الحركة في بعد آخر ذي أهمية بالغة من أبعاد الحياة. وكما ان أكثرية النساء في مجتمعنا يقضين أعمارهن على وتيره واحدة في الحياة قلما تؤدي بهن الى التكامل، والرجال لا يختلفون كثيرا عن النساء، فالنساء أمهات لا يعرفن مبادئ وأصول الأمومة، والرجال آباء لا يفهمون آداب الأبوة. فالنتيجة التي تتمخض عن ذلك هي أنهم يكونون آباء وأمهات يأتون الى الدنيا ويأخذون بمقاليد الحياة بدون ان يتعلموا شيئا من أصول تربية الأطفال، ويقضون حياتهم على هذا المنوال ويسلمونها الى غيرهم ويذهبون.
إن علاقة الرجل والمرأة وزواجهما وتمتعهما على قدر من الأهمية بحيث ان المرء مضطر الى اتخاذها كأساس لتدوين تعاليم تجعل كمنطلقات لمشاريع تربوية تعنى بتربية جيل جديد في ظل ظروف أفضل، بحيث يمكن اختصار المسافة الى الله بين كل جيل والجيل الذي سبقه. لأن الإنسان سائر نحو الله وراجع إليه. وهذه حقيقة نصت عليها جميع الكتب السماوية والكتب المرتبطة بها. وهنا يكمن سر أهمية الجيل.
لا يمكن الفصل بين أصول مداراة الزوج او مداراة الزوجة، وبين تربية الأولاد؛ لأنهم يولدون وينشأون ويكبرون بين أمواج المد والجزر التي تكتنف حياة أبويهم، وفي ظلها يجب ان يترعرعوا ويتكاملوا.
من جملة الأحاديث الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه قال: (الجنة تحت أقدام الأمهات)(1)، وورد عنه أيضا أنه قال: (الجنة تحت ضلال السيوف)(2)، أي السيوف التي يضعها الإسلام بيد الآباء، والمقصود بالأم هي ذات المرأة التي كانت بالأمس فتاة، والمقصود بالأب هو الرجل الذي كان بالأمس فتى.
أي بمجرد ان يكبر الفتى والفتاة ويتزوجا ويصح لديهما أطفال حتى تصبح الجنة تحت أقدام الأمهات، وتحت ظل السيف الذي يحمله الأب البالغ دينيا، سواء كان متزوجا او غير متزوج. ومن المعروف أيضا ان رسول الله (صلى الله عليه واله) وصف المرأة الحامل كالمجاهد الشاهر سيفه في ميدان الجهاد. أي أنها إذا كانت حاملا فهي أم، والجنة تحت قدميها. ومعنى هذا ان الأولاد مرتبطون بمجاهدة الام والأب – التي يكون موضع ظلها في الجنة – ومن البديهي ان ظل الشيء لا ينفصل عنه ويبقى ملازما له على الدوام. والأولاد يعيشون في ظل جنة الأب والأم الملتزمين المعتنقين لمبدأ المجاهدة. والنتيجة المترتبة هي ان كلا من أصول مداراة الزوجة، وأصول مداراة الزوج تكون مقدمة لتربية الذرية، بل حتى أن أصول إدارة البيت تصب في إطار تربية الذرية. وبما ان المقال الحالي وما جاء فيه يدخل في عداد العلوم التربوية، فهو قد ورد هنا بمثابة مقدمة لأصول مداراة الزوج ، وأصول مداراة الزوجة، وأصول إدارة البيت.
____________
1ـ مستدرك وسائل الشيعة ج15،ص280 ،ح17933.
2- بحار الأنوار، ج33، ح375.