1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : علم الرجال : الحاجة إلى علم الرجال :

فائدة علم الرجال واحتياج الفقيه إليه.

المؤلف:  الشيخ علي النمازي الشاهرودي.

المصدر:  مستدركات علم رجال الحديث

الجزء والصفحة:  ج 1 / ص 7 - 13.

5427

الفصل الثالث: في بيان فائدة علم الرجال واحتياج الفقيه إليه:

فالمشهور - وهو المؤيد المنصور - أنه مما يتوقف عليه الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية، وتعلم المعارف القرآنية والعلوم الإلهية. ولنا على ذلك أمور:

الأمر الأول:

إن حجية الخبر وقاطعيته للعذر متوقفة على الوثوق به، ولا يحصل الوثوق إلا بالمراجعة إلى أحوال الراوي، أو متن الرواية، مثل رواية توحيد المفضل، وزيارة الجامعة الكبيرة، وأمثالهما، فإن متن الرواية يوجب الوثوق بصدوره عن المعصوم (عليه السلام).

ويشهد على صحة الوثوق بالرواية لمتنها ما في تفسير العياشي عن الحسن بن جهم، عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: إذا جاءك الحديثان المختلفان فقسمهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا، فإن أشبههما فهو حق، وإن لم يشبههما فهو باطل. ورواه الطبرسي عنه، عن الرضا (عليه السلام) نحوه.

وقول الكاظم (عليه السلام) في الأحاديث المختلفة، على ما في آخر السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال: ما علمتم أنه قولنا فالزموه، وما لم تعلموه فردوه إلينا. وطريق العلم قد يكون من السند، أو من المتن، كما هو واضح.

وقد سبقنا على الاستشهاد بمتن الرواية على حسن راويها جمع من علماء الفن. منهم العلامة المولى الوحيد البهبهاني في تعليقته كثيرا، على ما نقله العلامة المامقاني، كما في ترجمة الحسين بن علوان، والنعمان المصري، وعبد العزيز بن مسلم.

وقال في ترجمة الحسين بن خالد الصيرفي: دلالة رواياته على جلالته وكونه من العلماء المحيطين بالأخبار وأحكام الشريعة، وكونه محل عناية الأئمة (عليهم السلام) مما لا يخفى على من راجعها.

ومنهم العلامة المامقاني في موارد كثيرة، منها في ترجمة موسى بن عبد الله راوي زيارة الجامعة الكبيرة قال: وفى روايته لها دلالة واضحة على كونه إماميا صحيح الاعتقاد، بل في تلقين مولانا الهادي (عليه السلام) مثل هذه الزيارة المفصلة المتضمنة لبيان مراتب الأئمة (عليهم السلام)، شهادة على كون الرجل من أهل العلم والفضل، فالرجل من الحسان، مقبول الرواية، وإهمالهم ذكره في كتب الرجال غير قادح فيه، والعلم عند الله تعالى. تنقيح المقال: ج ٣ ص ٢٥٧.

ومنها في ترجمة مهزم بن أبي بردة فراجع إليه، وكذا في ترجمة هاشم صاحب البريد. ومنهم العلامة المجلسي (ره) في البحار قبل نقله توحيد المفضل، ورسالة الإهليلجة، قال: لا يضر إرسالهما لاشتهار انتسابهما إلى المفضل وقد شهد بذلك السيد ابن طاووس وغيره، ولا ضعف محمد بن سنان والمفضل لأنه في محل المنع، بل يظهر من الأخبار الكثيرة علو قدرهما وجلالتهما، مع أن متن الخبرين شاهد صدق على صحتهما... الخ. ج ٣ ص ٥٥، وكمبا ج ٢ ص ١٨.

وفى الأربعين ح ٣٠ بعد نقله: فالخبر ضعيف على المشهور، لكن علو مضامينه يشهد بصحته.

ويشهد على ما قلنا وصحة ما قالوا، ما رواه الثقة الجليل الكشي في أول كتاب رجاله عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا. وعن علي بن حنظلة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: اعرفوا منازل الناس منا على قدر رواياتهم عنا. وفهمهم منا. وفى البحار جد ج ٢ ص ١٤٨ عن غيبة النعماني، قال جعفر بن محمد (عليه السلام): اعرفوا منازل شيعتنا على قدر روايتهم عنا وفهمهم منا.

وروى الصدوق في أول معاني الأخبار عن بريد الرزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا بني، اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إني نظرت في كتاب لعلى (عليه السلام) فوجدت في الكتاب: إن قيمة كل امرئ وقدره معرفته... الخبر.

وبالجملة المدار على الوثوق بالخبر، فالخبر الموثوق به يكون حجة وقاطعا للعذر لا غيره، فإذا سئل العبد: لم فعلت ذلك ولم تركت؟ فإن كان مقلدا فالجواب أنه قول المفتى الذي ثبت له حجيته بالبينة الشرعية، وإن كان مجتهدا فلا بد بأن يأتي لقوله بحجة شرعية تقطع عذره وتخرجه عن الحجة المسؤولية، والحجة الشرعية خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والكتاب والعترة الهادية المهدية في الخبر المتواتر بين العامة والخاصة.

فالمرجع في الكل الكتاب والعترة، وليس لنا حجة غيرهما.

وأما حجية الاجماع فمن حيث كاشفيته عن رأي المعصوم (عليه السلام).

والعقل حجة الله الباطنة في المستقلات العقلية للعقلاء بارشاد الرسول والأئمة صلوات الله عليهم. فطريق كشف مراد الكتاب والعترة في غير الأحكام الواضحة المجمع عليها، وغير المستقلات العقلية، منحصر بأخبار الثقة أو البينة الشرعية في معالم الدين والواجبات والمحرمات، وأما المستحبات والمكروهات فيتساوى في دليلهما لأخبار (من بلغ) المستفيضة المعتمدة المتلقاة بالقبول عند الأصحاب رضي الله عنهم أجمعين.

فلزوم حصول الأمن في الطريق الموصل إلى الأمور الأخروية الموجبة للسعادة الأبدية والشقاوة السرمدية، ليس بأقل من لزوم حصول الأمن في الطريق الموصل إلى الأمور الدنيوية الزائلة، بل يكون في طريق أمور الآخرة أهم بدرجات غير محصورة، ولا يحصل الأمن في طريق الأمور الدنيوية للعقلاء

إلا بإخبار الحجة الثابتة لدى العقلاء من إخبار الثقة، أو الطريق العقلائي كالاستصحاب.

وحيث يريد الله تعالى بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل في الدين من حرج، ولا غلظ على مسلم في شيء، لم يضيق في لزوم تحصيل الأمن في الطريقة العقلائية في أمور دنياهم أمضاه في طريق الأمور الشرعية، فسهل على عباده حيث أمضى حجية خبر الثقة وجعله طريقا لكشف أحكامه ومعالم دينه، فله الحمد كما هو أهله.

ومن الواضح أنه لا تحصل الوثاقة لرجل إلا بإخبار الثقة وشهادته على ذلك، وهذه من فوائد علم الرجال.

وواضح عدم حجية أخبار من لا يوثق به عند الشرع والعقلاء، فالآخذ بالخبر من دون تعلم أحوال رجاله مقصر في الاجتهاد، وهو غير جائز، فتبين الاحتياج إلى علم الرجال.

وواضح أيضا أنه لا يجوز نسبة حكم أو موضوع ديني إلى الله تعالى ما لم يثبت بدليل شرعي، وحسبك في ذلك قوله تعالى: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59]. دلت الآية المباركة على أن كل ما لم يثبت فيه إذن من الله تعالى فنسبته إليه افتراء عليه سبحانه.

وقال تعالى: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} [الأعراف: 169] دلت الآية الكريمة أنه أخذ الميثاق من العباد أن لا يقولوا على الله إلا الحق، ولا حق إلا ما أخذ عن الله وعن رسوله وسفرائه المعصومين صلوات الله عليهم. وحيث أن الظن لا يغني من الحق شيئا، فيكون طريق الأخذ عنهم أخبار من يوثق به، حتى يؤمن معه من الكذب، ويطمئن به القلب، وصريح الروايات الكثيرة إرجاع أئمة الهدى (عليهم السلام) في أخذ معالم الدين إلى الثقات. وفى التوقيع الشريف: ليس لأحد من موالينا التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا. وطريق كشف الثقة من غيره، علم الرجال.

وقال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]. يعنى السمع مسؤول عما يسمع، والبصر مسؤول عما يبصر، والفؤاد عما يعتقد، ولا يجوز لاحد اتباع الظن، ويجب تحصيل العلم وطريق تحصيله العلم بأخبار الثقات، وربما يكون خبر الواحد أو الاثنين من هؤلاء مفيدا للعلم، كما قد يكون خبر الثلاثة والأربعة متواترا مفيدا للعلم، فضلا عما زاد على ذلك العدد، وهذا أمر وجداني يجزم به العاقل في أخبار الدنيا والدين إذا أخلى ذهنه عن شبهة وتقليد. ولا نقول إن ذلك كلى فلا يرد علينا الإشكال.

والمتحصل أن استنباط الأحكام الشرعية، والمعالم الدينية في الغالب لا يكون إلا من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم، والاستدلال بها على ثبوت أمر شرعي يتوقف على أمرين:

الأول: حجية خبر الثقة، ولا ريب في ثبوتها في الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وأمضاها الشارع في صريح الروايات، كما حرر في الأصول.

الثاني: حجية الروايات، وهي أيضا ثابتة عقلا وممضاة شرعا. ومن الظاهر أن تشخيص ذلك يتوقف على علم الرجال.

الامر الثاني:

إنه لا ريب أن كل خبر - من حيث هو - يحتمل الصدق والكذب، فتقديم أحد الإحتمالين يحتاج إلى مرجح، لئلا يلزم الترجيح بلا مرجح، الذي اتفق العقلاء على قبحه وبطلانه. والمرجح هو الوثوق بصدور الخبر عن الرسول وآله صلوات الله عليهم، ولا يحصل إلا بالعلم بأحوال الرواة الواقعة في سند

الحديث، أو بالنظر إلى متن الحديث من حيث كونه متواترا لفظا أو معنى، أو موافقا لظاهر الكتاب العزيز، أو لما يجد صحته بحكم العقل والفطرة العقلائية.

الأمر الثالث:

الأخبار المستفيضة الواردة في مقام علاج تعارض الأخبار الآمرة بالرجوع إلى الأعدل والأورع والأفقه، فإن إحراز هذه الصفات في رجال الإسناد موقوف على علم الرجال لفقد معاشرتنا معهم. فانحصر في المراجعة إلى الكتب المعتبرة المكتوبة في علم الرجال.

ويمكن تقرير هذا الأمر بطريق عقلي، وهو أنا نعلم يقينا أن الأخبار متعارضة، ونعلم إجمالا بوجود المرجح لأحد المتعارضين منها في الواقع، فمع التمكن من تحصيل المعرفة بالمرجح بالرجوع إلى علم الرجال يكون الأخذ بأحدهما من دون الرجوع إليه باطلا لقبح الترجيح بلا مرجح، فلتحصيل المرجح يلزم الرجوع إلى علم الرجال، وهو المطلوب.

ومن المرجحات المشار إليها في الروايات المستدلة بها على الاحتياج إلى علم الرجال قوله (عليه السلام) في مقبولة عمر بن حنظلة المشهورة: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما... الخبر.

وقول الصادق (عليه السلام) في رواية داود بن الحصين، المروية في الفقيه: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه... الخ. وقوله عليه السلام في رواية موسى بن أكيل، المروية في (التهذيب) في كتاب القضاء: ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضى حكمه.

وقول الرضا (عليه السلام) في رواية العيون، الواردة في علاج الأخبار المختلفة، بعد الحكم بترجيح أحد الخبرين بموافقة الكتاب العزيز ومخالفة العامة.

إذا كان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما، أوبهما جميعا، أو بأيهما شئت وأحببت، موسع ذلك... الخبر.

وقول الصادق (عليه السلام) لحرث بن المغيرة، في الرواية المروية في الوسائل والبحار عن الإحتجاج للطبرسي: إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة، فموسع عليك حتى ترى القائم (عليه السلام) فترده إليه.

ولعله لذلك قال الحسن بن جهم للرضا (عليه السلام): يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين، فلا نعلم أيهما الحق، فقال: إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت. وواضح أن إحراز الأعدلية والأفقهية والأصدقية والأورعية والصحة والوثاقة - المذكورات في الروايات - موقوف على العلم بأحوال الرواة فتدبر. تمام الروايات في جد ٢ ص ٢٢٠ - ٢٢٤، وكمبا ج ١ ص ١٣٤ - ١٣٩.

وقد ذكروا لبيان الاحتياج إلى علم الرجال وجوها أخر لا نحتاج إلى ذكرها، لأن فيما ذكرنا غنى وكفاية.

فمما ذكرنا ظهر وجه ضعف قول الحشوية القائلين بحجية كل خبر، فإنه مضافا إلى ما عرفت مخالف لقوله تعالى: (ويؤمن للمؤمنين) (٩ / ٦١) الدال على لزوم تصديق المؤمنين لا غيرهم، وقوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الآية (٤٩ / ٦) فإن كان المؤمن مخبرا عادلا يؤخذ بقوله، وإلا لا يؤخذ به، على التفصيل المذكور.

وكذا ظهر ضعف قول غيرهم وحججهم واهية مردودة بما تقدم، مذكورة مفصلا في الكتب المفصلة، فمن أرادها فليراجع إليها.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي