تحديد الحجم المناسب للدائرة الانتخابية
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص 93-94
2025-11-24
34
من العوامل الحاسمة التي تحدد قدرة أي نظام انتخابي على ترجمة الأصوات إلى مقاعد تناسبية ، هو العامل المتعلق بحجم الدائرة الانتخابية ، وعدد الأعضاء الذين يتم انتخابهم في كل دائرة انتخابية ، فإذا كان من المهم تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية ، فان من الضروري أيضا ان تكون هذه الدوائر بحجم مناسب لكي تكفل سلامة المشاركة الانتخابية وتحقيق الغرض منها(1) .
ان المبالغة في ضخامة حجم الدائرة الانتخابية وبالتالي وجود عدد كبير من المقاعد ، ومن ثم عدد كبير من المرشحين وما يستتبع ذلك من كبر المساحة الجغرافية للدائرة ، كل ذلك يؤدي إلى نتائج سلبية ، أهمها عدم تمكن الناخبين من التعرف بيسر على المرشحين وبرامجهم السياسية ، الأمر الذي يجعل مشاركة المواطنين في اختيار ممثليهم قائمة على أساس غير سليم ، بالإضافة إلى ضعف الرابطة بين العضو المنتخب ودائرته .
كما ان صغر حجم الدائرة الانتخابية يجعلها هدفا سهلا لمباشرة التأثيرات من قبل الحكومة على هيئة الناخبين مما قد ينحرف بالعملية الانتخابية عن تحقيق نتائج نزيهة وتناسبية(2) .
كما ان للنظام الانتخابي المطبق تأثيرا كبيرا على حجم الدائرة الانتخابية ، ففي حين يكون حجم الدائرة في ظل نظم العضوية المنفردة مثل نظم ( الفائز الأول ، التصويت البديل ، نظام الجولتين ) صغيرا ، فان حجم الدائرة في ظل نظم التمثيل النسبي يكون كبير نسبيا ، كما ان عدد الأعضاء الذين يتم انتخابهم في كل دائرة يحدد مدى تناسبية الانتخابات إلى درجة كبيرة ، ويرى المختصون بالنسبة لأنظمة التمثيل النسبي ان أفضل حجم للدائرة الانتخابية هو الذي يتراوح بين ( 3 – 7 ) مقاعد ، وان مقاعد بإعداد فردية مثل ( 3 ، 5 ، 7 ) تؤدي إلى نتائج أفضل من الناحية العملية من الأعداد الزوجية(3) ، مع ملاحظة ان النظم التي تسعى إلى تحقيق اكبر درجة من التناسبية تستخدم دوائر كبيرة جدا لان مثل هذه الدوائر تستطيع ضمان تمثيل اضعف الأحزاب في الهيئة التشريعية(4) .
وغالبا ما تتبع الدوائر الانتخابية في العديد من البلدان ، تقسيمات إدارية موجودة سابقاً ، ربما حدود الولاية أو المحافظة أو حتى القضاء ، وهو ما يعني إمكانية التنوع الكبير في حجم الدوائر ، ففي حين يمكن ان يشكل بلد بأكمله دائرة انتخابية واحدة يتنافس فيها المرشحون لشغل جميع مقاعد المجلس المنتخب ، يمكن ان تكون الدائرة على مستوى اصغر يصل حجم الدائرة فيها إلى مقعد واحد فقط(5) .
من كل ما سبق تظهر الحاجة ملحة في ان يكون حجم الدائرة الانتخابية حجما معقولا بأن لا يكون اكبر ولا اصغر مما ينبغي ، وهذا يستدعي بالضرورة ان لا يقوم تحديد حجم الدوائر الانتخابية على مجرد قانون أو قرار صادر من السلطة المخولة دستوريا بذلك ، بقدر ما يجب ان يكون ـ وبالإضافة إلى صدوره من تلك السلطة ـ متناسبا مع طبيعة النظام الانتخابي المتبع وحجم الدولة وعدد سكانها والظروف السياسية والاجتماعية السائدة في الدولة .
_____________
1- د. سليمان الغويل ، الانتخاب والديمقراطية ، ط1 ، أكاديمية الدراسات العليا ، طرابلس ، 2003 ، ص 193 .
2- د. داود الباز ، حق المشاركة في الحياة السياسية ـ دراسة تحليلية للمادة (62) من الدستور المصري مقارنة مع النظام في فرنسا ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002 ، ص 487 .
3- أندرو رينولدز وآخرون ، أشكال النظم الانتخابية ، ط 2 ، المؤسسة الدولية للانتخابات والديمقراطية ، السويد ، 2002 ، ص 92 .
4- لكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به على إطلاقه ، فالأمر يرتبط بالعديد من الظروف الاجتماعية والسياسية والأمنية السائدة في البلد ، ففي انتخابات الجمعية العراقية سنة 2005 ، ورغم ان المشرع قرر اعتبار إقليم الدولة بأكمله دائرة انتخابية واحدة ، نرى ان (12) كيان سياسي فقط استطاعت الحصول على تمثيل في المجلس المنتخب من بين (112) كيان تنافس للحصول على واحد من الـ (275) مقعد في الجمعية المذكورة .
5- د. سليمان الغويل ، الانتخاب والديمقراطية ، ط1 ، أكاديمية الدراسات العليا ، طرابلس ، 2003 ، ص 209 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة