ماهية الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية
المؤلف:
صباح عبد الكاظم شبيب الساعدي
المصدر:
دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق
الجزء والصفحة:
ص225-231
2025-11-06
35
تتمتع السلطة التشريعية بصفتها الممثلة للشعب بحق مراقبة السلطة التنفيذية في القيام بما يقع على عاتقها من عبء تحقيق وتنفيذ السياسة العامة للدولة، وتتجلى هذه الرقابة في الدول التي تتبنى النظام البرلماني كنموذج للحكم على اعتبار أن الوزارة مسؤولة مسؤولية تضامنية وفردية أمام البرلمان ويلاحظ أن رقابة المجالس النيابية تجاه السلطة التنفيذية تقتصر فقط على الناحية السياسية فلا يجوز للمجالس وهي سلطات سياسية أن تقرر بنفسها توقيع جزاء مباشر على جهة الإدارة نتيجة تصرفها غير المشروع، إذ هي ليست سلطات قضائية أو تأديبية، كذلك لا تملك بنفسها تصحيح الانحرافات والأخطاء، أن كل ما تملكه هذه المجالس هو تقرير المسؤولية السياسية وإمكان سحب الثقة من الحكومة ومقابل ذلك تعطي الأنظمة البرلمانية للسلطة التنفيذية حق حل السلطة التشريعية، وفضلاً عن حق تقرير المسؤولية الوزارية تملك السلطات التشريعية الكثير من أوجه الرقابة تجاه السلطات التنفيذية كأقرار الميزانية العامة والموافقة على عقد القروض وتوجيه الأسئلة والاستجوابات إلى الوزارة وحق تكوين لجان التحقيقات عند حدوث مخالفات في الأجهزة الإدارية (1) .
إن قيام البرلمان بالدور الرقابي المطلوب يتطلب توافر شرطين رئيسيين:
الأول: يتعلق بالبرلمان نفسه إذ يفترض أن تتحقق فيه السلطة والقدرة والرغبة في مراقبة السلطة التنفيذية، وتتحدد السلطة من خلال الإطار القانوني في الدستور والقوانين والنظام الداخلي الذي ينظم عمله وصلته بالسلطة التنفيذية (2) ، أما قدرته على ممارسة دور الرقابة فلا تحددها القوانين المجردة بل الإمكانات المادية والبشرية التي توضع تحت تصرفه للقيام بالمراقبة، والغرض الرئيسي من تأمين هذه الإمكانات هو السماح له بالحصول على اكبر قدر من المعلومات حول أداء السلطة التنفيذية إذ انه بدون هذه المعلومات يستحيل على النائب القيام بمهمته، وقد يتوفر له كل ذلك، ولكن لا يكون لدى المجلس ونوابه الرغبة أو الإرادة الكافية لممارسة هذا الدور، ذلك إن هذه الرغبة تتأثر بالأجواء السائدة في البلاد أي خارج نطاق العمل البرلماني (3). وهذا ما نراه في عمل مجلس النواب الحالي، فهو لم يؤد دوره الرقابي على السلطة التنفيذية بالشكل المطلوب لعدة أسباب لعل أهمها من وجهة نظرنا التناحر السياسي بين الكتل البرلمانية، وتأثير القوى السياسية الرئيسة التي يتبعها النواب في توجيههم بعدم مساءلة أحد الوزراء كونه ينتمي الى أحد الأحزاب ذات الأغلبية في المجلس، وقد أكد ذلك أحد النواب حيث قال أن المجلس محكوم بقادة الكتل السياسية ولم يقم بدوره الرقابي أو التشريعي بالشكل المطلوب (4).
الشرط الثاني : يتعلق بالظروف العامة
ذلك أن قدرة البرلمان للقيام بدوره الرقابي تتأثر بعوامل خارجيه، منها نوع الثقافة السياسية والخلفية الفكرية السائدة في البلاد والتي تؤثر على نظرة المواطن إلى الانتخابات كوسيلة من وسائل المشاركة في العمل البرلماني، وإلى البرلمان ومدى استعداده للتعاون معه، والى الأحزاب التي تلعب دورا مهما في تكييف الحياة البرلمانية، والأوضاع السياسية الفعلية التي تعيشها البلاد من ناحية التطور الديمقراطي. فلا ريب إن قيام تعددية سياسية حقيقية تنعكس على واقع البرلمان وتعزز دوره الرقابي، فالتكتلات البرلمانية الحزبية أكثر قدرة من النواب الأفراد على مراقبة الأداء الحكومي وعلى الحصول على المعلومات الضرورية للاضطلاع بهذه المهمة، كما أن تحقيق مبدأ تداول السلطة يعزز ميل نواب المجلس خاصة من المستقلين والمعارضين على القيام بالدور الرقابي (5).
ويلعب الإعلام المستقل دورا مهما في تشجيع النواب على الاضطلاع بالدور الرقابي، وفي إمدادهم أحيانا بالمعلومات التي يستفيدون منها في عملية الرقابة، وللعوامل الخارجية تأثير مهم أيضا على تطور الحياة البرلمانية، وعلى قيام المجلس بدور الرقابة على السلطة التنفيذية خاصة في مجال علاقات الدول الخارجية (6).
ويختلف تأثير هذا العامل من دولة إلى أخرى ، فتأثير هذا العامل في المنطقة العربية التي كانت لفترات طويلة ارض صراعات دولية وإقليمية يتجاوز تأثيرها في مناطق أخرى لم تشهد مثل هذه الصراعات، إلى جانب العوامل السياسية الدولية والإقليمية والمحلية التي تؤثر على قيام البرلمانات بدورها الرقابي، تقف العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن ملاحظة تأثيرها في نفس المجال أيضا(7). ففي النظم البرلمانية فإن الوزارة تنبثق عن الحزب صاحب الأغلبية في البرلمان وهذا الوضع يؤدي عملاً إلى سكوت الأغلبية البرلمانية عن إثارة أخطاء الوزارة بل على العكس إنها تلجأ إلى تغطية مساوئها حتى لا تحرجها أمام الرأي العام (8).
وهناك صورة أخرى للرقابة، وهي التي يمارسها الرأي العام على البرلمان ذاته، وقد تكون تلك الرقابة الاجتماعية موسمية أو دائمة، فالأولى تتم عند تشكيل البرلمان وتتمثل في موقف الناخبين تجاه أعضاء البرلمان وقت الانتخابات، حيث يعتبر تجديد اختيار الأعضاء نوعا من الرقابة الدورية التي يمارسها الرأي العام على البرلمان، أما الرقابة الدائمة فتتم طوال فترة عمل البرلمان ويمارسها المجتمع من خلال وسائل الإعلام، سواء على أداء الأعضاء أو قوة البرلمان ككل، وهى نوع هام جدا من الرقابة الشعبية على البرلمان (9) .
كما تقتصر الرقابة البرلمانية على النواحي السياسية فقط، بمعنى أن البرلمان لا يمكنه توقيع جزاء مباشر على الإدارة نتيجة تصرفها المخالف للقانون. فليس لديه سلطة إلغاء أو التعويض عن الضرر الذي نتج عنه، الأمر الذي يجعلها قاصرة عن حماية حريات الأفراد، ولقد لوحظ أيضاً أنها تنصب عادة على الأعمال العامة التي تتصل بسياسة الوزارة بصدد مسألة معينة أما مراقبة التصرفات الإدارية الفردية فلا يحدث إلا في نطاق محدود الأمر الذي يجعل هذه الرقابة غير فعاله في حماية الأفراد في مواجهة الإدارة(10).
(كما أن دور البرلمان في معظم الدول في مركز تبدلات عميقة على المستويين الداخلي والدولي فيما يخص ضغط السلطة التنفيذية على البرلمان لتطبيق القواعد الدولية لذلك فقد البرلمان كل مبادرة على الصعيدين وفي الحالتين نجده بمثابة غرفة لتسجيل إرادة السلطة التنفيذية وليس إلا وظيفة جامدة إذا أردنا القول بهذا المعنى لتنفيذ ما وضعته الحكومات وهكذا نصل إلى عكس الأدوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية نسبة إلى مهمتهما التقليدية أما الحالة في الولايات المتحدة فلها خصوصيتها. لأن الكونغرس يتمتع بموقع قوي نسبياً تجاه الرئيس)(11).
ولأن الرقابة البرلمانية عملية متعددة الأبعاد، فهناك وسائل متعددة أمام النواب لممارسة مهام الرقابة على الحكومة، منها المناقشات المستمرة والعميقة للميزانية والرقابة والإشراف على العمل الحكومي، وتوجيه الأسئلة للوزراء عن أمور تتعلق بعملهم. كذلك فبعض البرلمانات ابتكرت وسيلة أخرى من وسائل الرقابة على العمل الحكومي وهى المفوض البرلماني Parliamentary Commissioner أو ما يسمى ب (الوسيط البرلماني)، وهو شخصية مستقلة يقوم بتعيينها البرلمان من أجل الإشراف والرقابة على الإدارة ولا يوجد لدينا مثل هذا النظام ونأمل أن يؤسس مستقبلا (12).
ويعود الثقل الكبير للوظيفة الرقابية في نظر المجتمع وأعضاء البرلمان إلى عدد من الأمور التي أملتها التطورات السياسية، أهمها:
أ. هيمنة الحكومة على صنع السياسات العامة، فهي مصدر معظم التشريعات، وهي التي تمتلك القدرة على التنفيذ، وهى المخولة بوضع اللوائح التنفيذية للقوانين، وتمتلك القدرات الفنية والإدارية وقواعد المعلومات اللازمة لصنع وتنفيذ السياسة، بحيث لا يتبقى للبرلمان الكثير من هذه القدرات لكي يقوم بصنع السياسة ورسم الأولويات، وبالتالي يتجه اهتمام البرلمانات في ظل هذه الأوضاع إلى محاولة استثمار وتفعيل ما هو ممكن من وسائل وآليات للمساهمة في صنع القرار وأهمها الرقابة.
ب. إن التوازنات السياسية والحزبية في البرلمان قد تحد من قدرته على توجيه الحياة السياسية وصنع السياسات العامة لاسيما في ظل وجود تكتل أو أغلبية حزبية كبيرة مؤيدة للحكومة، وبالتالي تصبح الرقابة أهم الوسائل المتبقية أمام المعارضة للتأثير في السلطة التنفيذية.
ج. إن الثقافة السياسية السائدة في المجتمع قد تنظر إلى الدور الرقابي للبرلمان بشكل أكثر تقديرا وإعجابا من نظرتها لدوره التشريعي، وينطبق ذلك بوضوح على نظرة الرأي العام إلى أعضاء المعارضة البرلمانية أو المستقلين حيث يميل الرأي العام وتتجه وسائل الإعلام إلى الانبهار وربما تبجيل العضو الذي يستطيع إحراج الوزراء ويقتنص الفرص لإظهار التقصير في أداء الحكومة، بل وربما يفاخر الأعضاء أنفسهم بذلك ويعتبرونه علامة في تاريخهم البرلماني (13) . ويؤكد البعض على أن آليات السياسة البرلمانية لاستئصال الفساد هي ثلاث الشفافية Transparency ، المساءلة Accountability، الحكم الجيد Good Governance ، ولعل الرقابة البرلمانية في ظل الآليات الثلاث تجعل الفساد في أوطأ نسبة وبغياب هذه الآليات يصبح الحال أسوء(14).
ويؤدي البرلمان في النظم الديمقراطية التي تتبع الأسلوب النيابي (التقليدي) دور المقيد، فمحرك الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع ليست حرة بل هي تخضع لتقييد البرلمان، والبرلمان يقيد الوزارة بصورة مسبقة وذلك عندما يحدد الإطار القانوني لنشاط الحكومة بما يضعه من قوانين فضلاً عما يقوم به من آليات أخرى تجاهها في مقدمتها آلية المساءلة لأعضاء الوزارة فرادى أو مجتمعين للحصول على تفسيرات أو بيانات عن أعمالها بوصفها جهازاً تنفيذياً (15) ، وذلك بتوجيه أسئلة إلى رئيس الحكومة أو أحد نوابه أو إلى الوزراء أو وكلائهم في موضوع يدخل في اختصاصاتهم من قبل احد النواب أو الأعضاء مجتمعين، إن الهدف الكامن وراء هذا الحق البرلماني هو الحصول على البيانات عن أعمال الجهاز التنفيذي ويتولى الوزراء بحث ما وجه إليهم من استفسارات ودراستها وإعداد الرد عليها لمناقشتها ثانية في البرلمان(16). إن لهذه الآلية أثراً مباشراً في الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية بفضل ما تؤدي إليه من لفت النظر إلى الأخطاء واستدعاء الانتباه إلى التصور الموجود في الجهاز الحكومي وبالتالي كشف حالات الفساد أو بوادرها في ذلك الجهاز (17).
إلا أن الشكل التقليدي (النظري) أذا ما أصابه الانحراف عن صورته المثالية ( كهيمنة رئيس الدولة) على البرلمان كما في شكل البرلمانية (الاورليانية) أو (الفايمارية) أو (الديغوليه) أو حتى (الناصرية) أو هيمنة مجلس الوزراء على البرلمان سوف يؤدي إلى انعدام فاعلية آلية المساءلة، أما إذا ترافق ذلك مع تغيب كامل للشفافية في أعمال الحكومة وندرة المعلومات فضلاً عن احتكار تلك الحكومة للقوة، يجعلنا أمام أنموذج للحكومة يحصن أفرادها ضد المساءلة وينجم عنه تهيئة كل الأجواء في بيئة يمكن للفساد النشوء والنمو فيها إذا ما توافرت عناصر أخرى مساعدة له(18).
إن الكثير من الدراسات والبحوث والمراكز المختصة في مجال استئصال الفساد تؤكد على تعزيز نطاق المساءلة من هذه المراكز اللجنة الملكية للإدارة المالية والمساءلة في كندا The Royal Commission of Financial Management and Accountability حيث تؤكد على ضرورة تفعيل المساءلة لرؤساء الأجهزة التنفيذية بشكل مباشر أمام اللجان البرلمانية المسؤوله وأن يقوم كل جهاز بإنشاء وحدات مستقلة للإدارة ذات أهداف محدودة وواضحة تساءل عنها، لقد عدت اللجنة آلية المساءلة مطلباً رئيساً لمناهضة استقلال السلطة والنفوذ والتأكيد على أن تلك السلطة موجهة نحو تحقيق أهداف وطنية عامة ومقبولة، تنفذ بدرجة عالية من الكفاية والفعالية والأمانة واليقظة مما جعل مطلب المسؤولية العامة ومساءلة الوزراء وموظفيهم أمراً ضرورياً، حيث أن أي تقصير يحدث في تأكيد هذا المطلب من شأنه أن يؤدي إلى إيجاد قوانين وأنظمة غير فعالة بالإضافة إلى كونها استبدادية وغير مسؤولة (19).
ويمكن أن يساءل المواطنون السلطة التنفيذية أيضا من خلال النواب المنتخبين لكن السلطة في بعض الدول وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعروفة ب (مينا)) تكون مركزة بيد السلطة التنفيذية، الأمر الذي يحد من قدرة البرلمان على ممارسة المساءلة باسم المواطنين، وقد سعت بعض البرلمانات في هذه المنطقة إلى توعية المواطنين لأهمية تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد (20) .
إن انتشار الديمقراطية في المجتمعات منذ القرن التاسع عشر تجسد بتصاعد سلطات البرلمانات، فإضافة إلى مهمة التشريع فأنها اكتسبت على مراحل سلطات رقابة أكثر أهمية على نشاطات السلطة التنفيذية بما فيها تلك التي تمارس في موضوع السياسة الأجنبية، وهذه الرقابة تجابه بتطور القانون الدولي وتنامي تشكيلات المجتمع الدولي، كما أن التدويل يمثل بالنسبة للسلطة التشريعية انقلابا في طبيعة وظيفتها وتقليلاً من اختصاصها سواء بالنسبة للوظيفة التشريعية أو الرقابية (21). ويصادف العمل الحكومي في النظام الديمقراطي قيوداً في لعبة الرقابة الديمقراطية انتخابات حرة ودورية للحكام من المحكومين مسؤولية السلطة التنفيذية أمام السلطة التشريعية أو مراجعات دورية، احترام القانون المضمون من السلطة القضائية بيد أنه يتعين ملاحظة بعض الفشل الديمقراطي في موضوع السياسة الخارجية، وهو أن البرلمانات لا تتمتع بموقع متميز في تحديد هذه السياسة وخاصة نجد منذ وقت طويل بأن السياسة الخارجية هي ميدان أكثر صعوبة من الرقابة على السياسة الداخلية (22)، إن وظيفة الرقابة البرلمانية هي سمة جوهرية للأنظمة الديمقراطية، كما أن الممارسة الدولية التي أدت إلى إضعاف الوظيفة التشريعية للبرلمانات، أعادت دور البرلمان في الرقابة على السلطة التنفيذية بصوره أكثر أهمية، كذلك فأن وظيفة الرقابة في ميدان السياسة الخارجية يجب إن تمارس تجاه منهجين رئيسيين لتحديد السياسة الخارجية للدولة أي صياغة القواعد الدولية وحفظ الأمن، وتتركز في التحقق من قبل ممثلي الشعب بأن السياسة المتبعة من السلطة التنفيذية تتفق مع الإرادة العامة، وقد وضعت مختلف الدساتير الوطنية آليات خاصة للسماح للسلطة التشريعية بممارسة هذه الرقابة على السياسة الداخلية المنفذة من قبل الحكومة. ومن جهة أخرى فإن البرلمان الذي هو مكان للتعبير عن الديمقراطية التمثيلية لا يمكنه ممارسة مهامه المعيارية والرقابية بصورة صحيحة بسبب تطور العلاقات الدولية والإدراج المتنامي للقانون الدولي في القانون الداخلي، كذلك فأن الوظيفة التشريعية أحبطت أكثر فأكثر بل غرست بالقانون الدولي وأن وظيفة الرقابة على السلطة التنفيذية لا يمكن ممارستها إلا بصعوبة، لقد مس التدويل مبدأ الدستورية أولاً ثم مبدأ سيادة الشعب التي يمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين(23).
إن الإفراط بالاعتقاد بأن الديمقراطية تقدم حلولاً لكافة المشاكل هو نوع من التفاؤل المتعجل، فالديمقراطية آلية حكم لا تعتمد مخرجاتها ونتائجها على كفاءة الاستخدام فحسب، بل على نوعية المدخلات ايضاً، من قرارات جيدة وخطط مدروسة وبرامج عملية، فضلا عن أن الفساد ليس مشكلة سياسية واقتصادية فحسب، بل أنه في الصميم (مشكلة أخلاقية) ولهذا عجزت ديمقراطيات الدول الغربية الحديثة عن اجتثاثه، اذ على الرغم من مكابرة الغربيين امام افتراض أن الفساد جزء من ثقافتهم، الا أن فضائح الفساد السياسي والتجاري زعزعت ايطاليا واسبانيا بشدة وظهرت في المانيا وفرنسا مؤخراً، كل تلك الشواهد تشير أن الديمقراطية وحدها لا تقضي على الفساد، بل أنها كآلية حكم توفر منظومة سياسية متكاملة قادرة على محاصرة الفساد، اذ تشمل هذه المنظومة دستوراً تعاقدياً، وتعددية حزبية، وانتخابات حرة ، وحكومة تنال ثقة الأغلبية(24).
_________
1- انظر: د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، أصول الإدارة العامة الإسكندرية منشأة دار المعارف 2004 ، ص 431.
2- أنظر م/ 61 من دستور 2005 التي نصت على أن يختص مجلس النواب بما يأتي. ثانياً: الرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وانظر م/ 32 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي نصت على أن يتولى مجلس النواب اعمال الرقابة على السلطة التنفيذية.
3- د. رغيد الصلح, الدور الرقابي للمجالس النيابية العربية, بإشراف المركز اللبناني للدراسات أنظر الموقع : http://www.pogar.org
4- النائب أسامة النجيفي , قناة البغدادية الفضائية, 2008/1/6 الساعة الثامنة مساءً
5- أنظر : د. رغيد الصلح الدور الرقابي للمجالس النيابية العربية بأشراف المركز اللبناني للدراسات منشور على الموقع www.pogar.org ، ص 4.
6- انظر: د. رغيد الصلح الدور الرقابي للمجالس النيابية العربية بأشراف المركز اللبناني للدراسات منشور على الموقع www.pogar.org ، ص 5.
7- Jeremy Pope , op.cit ,p51.
8- أنظر: د. حسين عثمان محمد عثمان قانون القضاء الإداري، الإسكندرية، دار الجامعة الجديد للنشر، 2003، ص66.
9- أنظر: د. علي الصاوي، وظائف البرلمان : انظر الموقع www.libyaforum.org/in، ص 4.
10- أنظر: د. حسين عثمان محمد عثمان قانون القضاء الإداري، الإسكندرية، دار الجامعة الجديد للنشر، 2003 ، ص67.
11- للمزيد، أنظر هيلين ،تورار، تدويل الدساتير الوطنية ، أطروحة دكتوراه كلية الحقوق في ستراسبورغ ، ص 142.
12- للمزيد عن أنظر : د. عصمت عبد الله الشيخ, الوسائل القانونية لضمان تنفيذ الأحكام الإدارية, القاهرة, دار النهضة العربية, 2005، ص 57 وما بعدها.
13- أنظر : د. علي الصاوي مصدر سابق، ص 5.
14- أنظر: عماد صلاح عبد الرزاق الشيخ ،داود الفساد والإصلاح منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2003، ص193.
15- انظر: Jeremy Pope, op.cit,p54 .
16- أنظر عماد صلاح عبد الرزاق الشيخ ،داود الفساد والإصلاح منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق 2003، ص194.
17- انظر: د. أحمد فارس عبد المنعم الديمقراطية ومكافحة الفساد، محرر .د. مصطفى كامل السيد ود. صلاح سالم زرنوقة، الفساد والتنمية ،مركز دراسات وبحوث الدول النامية كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة 1999، ص241.
18- الأورليانية نوع من النظام البرلماني تحت حكم لوي فيليب -1830 184 وأطلق الاسم نسبة إلى عائلة لوي فيليب وهو نظام يسهم الملك فيه بصورة فعالة مع البرلمان، أما الفايماريه فهي نوع من النظام يعود إلى دستور 1919 الذي أقام جمهورية فايمار في ألمانيا التي تأخذ بأسلوب تقوية دور رئيس الدولة، أما الديغوليه فهي شكل النظام البرلماني الذي أقامه دستور الجمهورية الخامسة الفرنسية عام 1958, والناصرية هو شكل الحكم في عهد جمال عبد الناصر أنظر: عماد صلاح عبد الرزاق، مصدر سابق، ص 194.
19- الفساد في الحكومة تقرير الندوة الإقليمية التي عقدتها دائرة التعاون الفني للتنمية ( DTCD ) ومركز التنمية الإجتماعية والشؤون الإنسانية (CSDHA ) بالامم المتحدة، لاهاي، 1989 ، ص 83.
* مصطلح (مينا) هو مختصر (Middle East & North Africa) وقد توفرت لنا فرصة المشاركة في المنتدى الخامس لتنمية هذه الدول الذي أقامه البنك الدولي في بيروت للفترة من 7- 9 نيسان 2006.
20- إدارة حكم أفضل لأجل التنمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقرير البنك الدولي، الطبعة العربية، بيروت، دار الساقي , 2004، ص224.
21- أنظر هیلین ،تورار مصدر سابق، ص 119
22- أنظر ايضاً. 22 Corruption and Integrity,op,cit,p
23- أنظر هيلين ، تورار مصدر سابق، ص 173 وما بعدها.
24- اسماعيل الشطي الديمقراطية كآلية لمكافحة الفساد والتمكين للحكم الصالح، ندوة الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية التي عقدها مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت بتاريخ 20-23، ص 78.
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة