أنواع الرقابة البرلمانية
المؤلف:
صباح عبد الكاظم شبيب الساعدي
المصدر:
دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق
الجزء والصفحة:
ص 223-225
2025-11-06
38
الرقابة من حيث الجهة التي تباشرها ثلاثة أنواع: سياسية، وإدارية، وقضائية، وسنتناول النوعين الآخرين في الفصلين القادمين، أما في هذا المبحث فنتكلم عن الرقابة السياسية. تمارس الرقابة السياسية من قبل:
أولاً: الأحزاب السياسية، حيث تقوم بدور رقابي من خلال مناقشة سياسة الحكومة ومتابعة تنفيذها كما تقوم بمطالبتها بتصحيح الأخطاء وتقويم الانحرافات في أجهزة الإدارة العامة وتنشأ رقابة الأحزاب السياسية بصفة أصلية في قيام الأحزاب السياسية المعارضة بانتقاد الحكومة عن طريق ممثليها داخل المجلس النيابي أو عن طريق وسائل الأعلام وتكشف عن أوجه القصور في خطط الدولة وتشير إلى الانحرافات التي تتخلل تنفيذها، إن وجود دور رقابي للأحزاب السياسية أمر يضمن عدم إنحراف السلطة التنفيذية في رسم سياستها العامة كما يضمن التوزيع العادل لمشروعات الخدمات بالنسبة لجميع أجزاء الدولة وقد أخذت الكثير من الدول بفكرة رقابة الأحزاب السياسية منها مصر(1).
أما في العراق فأن أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم 977 لسنة 2004 المسمى (قانون الأحزاب والهيئات السياسية) (2) يخلو من النص على حق الأحزاب في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية بل كان الغرض منه تنظيم أوضاعها لأجل الانتخابات فقط (3).
والملاحظ عدم وجود أحزاب معارضة في العراق بالمعنى المتعارف عليه منذ سقوط الحكم الملكي، أما حالياً وبالرغم من تعدد الأحزاب فأنها أما داخل العملية السياسية أو خارجها، وإذا كانت تجربة التعددية الحزبية حديثة العهد في العراق، نأمل أن تتبلور فكرة المعارضة السلمية والنقد للحكومة على أخطائها وليس التشهير بها لأسباب سياسية أو شخصية أو حزبية أو طائفية أو غير ذلك.
ثانياً:- السلطة التشريعية وتسمى (الرقابة البرلمانية)، حيث يقوم النظام الديمقراطي على فكرة التوازن بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) من خلال الرقابة المتبادلة حتى لا تسيطر إحداها على الأخرى وتستأثر بالسلطة وبالتالي تهدد مصالح المجتمع وتؤثر سلباً على نظام الحكم. وهناك ثلاث صور للرقابة المتبادلة فيما يخص البرلمان يكمل بعضها البعض حتى تستقر الديمقراطية ويتحقق التوازن بين السلطات وكذلك الإرادة الشعبية للمواطنين الأولى هي الرقابة من البرلمان على الحكومة وتعتبر من أقدم وظائف البرلمان تاريخيا وأشهرها سياسيا، حيث هو المسؤول عن متابعة وتقييم أعمال الحكومة، والثانية من الحكومة على البرلمان، والثالثة من الرأي العام على البرلمان.
ولكن عملية رقابة البرلمان على الحكومة لا تتم بدون توازن في القوة السياسية بينهما حتى لا تنقلب إلى سيطرة وتصبح الحكومة خاضعة تماما للبرلمان، وبالتالي ينهار مبدأ الفصل بين السلطات الذي هو أساس الحكومات الديمقراطية وشرط الاستقرار السياسي، ولهذا فإن عملية الرقابة تكون متبادلة ومتوازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فالرقابة البرلمانية وسيلة لحماية مصلحة الشعب ومنع الانحراف، والالتزام بالسياسية العامة التي وافق عليها البرلمان والميزانية التي أقرها، ويعتبر البرلمان سلطة رقابة سياسية على السلطة التنفيذية تحاسبها وتراقب تصرفاتها وأعمالها وقراراتها، ويستطيع من خلالها التحقق من مشروعية تصرفات السلطة التنفيذية وأعمالها ومدى استهدافها المصلحة العام، ويكون له مراجعتها وإعادتها إلى الطريق الصحيح إذا انحرفت وبالمقابل يخضع البرلمان لرقابة الحكومة، فإذا كان البرلمان يستطيع سحب الثقة من الحكومة، فإن الحكومة قد تلجأ إلى حل البرلمان إذا رأت أنه غير متوازن أو غير موضوعي في تقديره للأمور، أو يبالغ في الاتهام بدون سند مقبول إلى درجة تجعل التعاون بينهما مستحيلا، فترى ضرورة الاحتكام مباشرة إلى الشعب ليقرر من هو الطرف الذي على صواب، وفى هذه الحالة تطلب الحكومة من رئيس الدولة حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة تسمى انتخابات مبكرة، فإذا اختار الناخبون نفس أعضاء البرلمان تقريبا كان معنى هذا أنهم يؤيدون البرلمان ضد الحكومة، فيجب على الحكومة أن تستقيل ، أما إذا انتخب الناخبون برلماناً مختلفاً فمعنى هذا أنهم يؤيدون موقف الحكومة(4).
وقد نص الدستور العراقي لسنة 2005 في المادة/64 على ما يأتي:
اولاً : يُحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلث اعضائه او طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.
ثانياً :- يدعو رئيس الجمهورية عند حل مجلس النواب الى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً ويواصل تصريف الامور اليومية، وهذا يعني أن حل مجلس النواب يكون من خلاله بغض النظر عن الجهة التي طلبت الحل سواء كانوا أعضاء المجلس أم رئيس مجلس الوزراء.
إن للرقابة السياسية على أعمال الإدارة ميزة هامة ترجع إلى تعدد أساليبها وخطورة النتائج المترتبة على مباشرتها والتي قد تصل إلى إجبار الحكومة على الاستقالة، إلا أنه يؤخذ عليها عدة مأخذ أهمها افتقارها إلى الفاعلية نتيجة للاعتبارات الحزبية التي تتدخل في عمل البرلمان فتفسدها، وفى الحقيقة تعتبر الرقابة البرلمانية مقياسا هاما لكفاءة البرلمان ومؤشرا على درجة الديمقراطية في المجتمع، فالمقصود بها إذن هو دراسة وتقييم أعمال الحكومة وتأييدها إن أصابت وحسابها إن أخطأت (5).
وتتنوع صور الرقابة البرلمانية في النظم الديمقراطية، ففي النظام النيابي الوزاري يقوم البرلمان بانتخاب رئيس الوزراء وبالتالي يستطيع عزله (أي سحب الثقة منه، وفى النظام الرئاسي لا يستطيع ذلك، كما هو الحال في النظام الأمريكي. ولكن على الرغم من غياب تلك الصفة بالنسبة للكونجرس الأمريكي والنظم الرئاسية التي تأخذ بمبدأ الفصل الواضح بين السلطات، يظل للبرلمان القدرة على الرقابة والعمل باستقلالية بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية (6).
___________
1- للمزيد، أنظر .. Robert Williams ,op,cit,p12
2- منشور في الوقائع العراقية العدد 3984 في 2004/6/1.
3- طالب بعض الأكاديميين مجلس النواب بتشريع قانون الأحزاب السياسية, أنظر بحث د. عامر حسن فياض في مؤتمر الأكاديميين والباحثين الأول المنعقد في بغداد فندق المنصور ميليا, 12 13 /1 /2008
4- أنظر د. علي الصاوي، وظائف البرلمان : انظر الموقع www.libyaforum.org/in ، ص 3.
5- أنظر:Parliamentary oversight in the political regimes, 2001, Dr. Amr Hashim
6- أنظر : د. علي الصاوي، وظائف البرلمان : انظر الموقع www.libyaforum.org/in، ص 3.
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة