روابـط الجـذب الاماميـة والخلفيـة فـي الاقتـصاد العـراقـي 1
المؤلف:
أ. د. علي مجيد الحمادي
المصدر:
التشابك الاقتصادي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص331 - 336
2025-11-04
41
2-8 روابط الجذب الامامية والخلفية في الاقتصاد العراقي.
مقدمة في مفهوم التشابك الاقتصادي
ان التشابك الاقتصادي "Economic Interdependence" يعني دراسة العلاقات الكمية بين القطاعات الاقتصادية - المستخدمات Input والمنتجات Out Put وعليه فان التشابك الاقتصادي يمثل مسألة هي غاية في الاهمية لما لها من تأثير على تحليل وفهم واقع حجم المعاملات بين القطاعات الاقتصادية المختلفة ومدى اعتماد كل قطاع على القطاعات الاخرى (1) وبالتالي فهو يساهم في تصريف الإنتاج وخلق القيمة المضافة وطنياً.
فالعلاقة التشابكية للاقتصاد الوطني تعد واحدة من الادوات التوصيفية والتحليلية للبنيان الاقتصادي ومحاولة منهجية لإيضاح تدفقات السلع والخدمات بين الوحدات الاقتصادية واظهار درجة الاعتماد المتبادل Mutual Dependence فيها بينها(2).
ان مفهوم ودلالات وخصائص التشابك الاقتصادي (القطاعي) تنسحب هي الاخرى على مستوى القطاع الصناعي وفروعه المختلفة بشكل اكثر وضوحاً من القطاعات الاقتصادية الاخرى وذلك لان هذا القطاع من القطاعات المحورية الهامة Leading Sector وذلك لقدرته على خلق ارتباطات امامية وخلفية متماثلة ومتعددة، فضلاً عن كونه القوة الاساسية في بناء القاعدة المادية في الاقتصاد الوطني. وعليه فان مناقشة موضوع التشابك الصناعي تعني اخضاع ظاهرة التداخل للتحليل الجزئي لمعرفة العمليات المتبادلة والتدفقات بين مختلف الفروع الصناعية بشكل قابل للقياس الكمي للمساهمة في تحليل الوضع الحالي للصناعة وتحديد الصورة المحتملة لها والسعي لتوثيق الترابط بين فروعها من جهة وبينها وبين القطاعات الاقتصادية الاخرى من جهة ثانية.
ان الدراسات التطبيقية قد اظهرت ان حالات التشابك الاقتصادي تختلف بين دولة وأخرى طبقاً لديناميكية وتطور اقتصاد تلك الدولة فالاقتصاد الوطني في المجتمعات المتقدمة كالولايات المتحدة وانجلترا يتميز بحالة التشابك الكامل Complete Interdependence والتي تعني استمرار وشمول التدفقات السلعية والخدمية (مخرجات ومدخلات) بين الفروع الصناعية المختلفة، الامر الذي يعني ان مفردات النشاط الاقتصادي تسير ضمن نظام محدود يتأثر بتأثيرات مضاعفة تتابعية عند اضافة او فقدان اية حلقة من حلقات هذا النشاط وسيمتد مثل هذا التأثير على المستوى الاقتصادي عموماً. وعلى الرغم من اختلال نماذج التشابك الصناعي في المجتمعات النامية بوجه عام ، الا ان نسبة ذلك الاختلال تتفاوت بين قطر واخر. ففي العديد من الاقطار النامية تبين ان حالة التشابك الاقتصادي فيها تتسم بالعشوائيةRandom Interdependence والتي تعني عدم تنوع الفروع الاقتصادية الاجمالية والتفصيلية وانعدام الروابط بين العديد منها. ومن الصور الاخرى للتشابك الاقتصادي في هذه المجتمعات هي حالة التشابك المتدرج الجزئي Block Triangular والذي يعني حدوث التشابك التام بين عدد معين من القطاعات وتسود هذه الحالة في الاقتصادات التي تنتشر فيها المجمعات الصناعية التي تنطوي على مجموعة محددة من القطاعات او الفروع او في حالة رغبة المخطط في تنمية بعض الفروع الاقتصادية لسبب ما. اما حالة الاقتصاد المتدرج الكامل - Complete Triangular – Interdependence فتعني ان بعض الفروع الاقتصادية تقوم باستخدام المدخلات الواردة من الفروع الاقتصادية الاخرى دون ان تساهم بتغذية الاخيرة اي توجه منتجاتها الى الطلب النهائي أو ان تكون الحالة المعاكسة ايضاً اي ان تقوم بعض الفروع الاقتصادية بتغذية الفروع الاقتصادية الاخرى بالمستلزمات المطلوبة ورفد الطلب النهائي بالمنتجات التامة الصنع دون ان تستخدم المواد الوسيطة من هذه الفروع.
ان هذه الحالة تمكننا من اكتشاف آثار التغير في حجم الطلب واثاره المختلفة على النشاط الاقتصادي عموماً. اضافة لإمكانية تشخيص خلل مصفوفة الانتاج والتهيؤ لمعالجته (3).
اخيراً نشير الى التشابك الاقتصادي في حالة التخصص الكامل Complete Special-enter Economy وهذه الحالة تختلف تماماً عن الحالات السابقة الذكر، اذ انها تعكس التشابك المتحقق بين فروع التكامل الراسي في الاقتصاد كما في حالة القطاع الصناعي Vertical Integration حيث يتخصص كل فرع صناعي بتغذية صناعة معينة ويقوم باستخدام الموارد الوسيطة المنتجة من صناعة معينة ايضاً كما في صناعة الحلج والغزل وصناعة الدقيق والخبز.
وبخصوص البلدان النامية فيلاحظ ظاهرة ضعف العلاقات التشابكية في اقتصاداتها بصفة عامة. وتعود اسباب ذلك الضعف في هذه الاقطار الى عدة عوامل منها طبيعية كمسألة الموارد الزراعية وبعض المواد الاولية غير النفطية والاخرى فنية كاختلاف الاستثمار الصناعي ونقص العمالة المدربة والقدرات الادارية والتنظيمية وضيق السوق في العديد من هذه الاقطار اضافة الى قطرية وعدم كفاءة السياسات الاقتصادية والصناعية.
ح - منهجية الدراسة:
ان اهم الوسائل التي تستخدم في قياس درجة الترابط بين القطاعات هو اسلوب المستخدم - المنتج حيث يبين هذا الاسلوب قيمة السلع والخدمات التي يشتريها كــل قطاع من القطاعات الاخرى لغرض استخدامها في عملية الانتاج في القطاع المعين، كما يبين هذا الجدول من ناحية اخرى مقدار السلع والخدمات التي يبيعها كل قطاع للقطاعات الأخرى.
ويمكن هذا الاسلوب المخططين من الوقوف على الاختناقات الناشئة عن الخلل المحتمل في تلك التدفقات والعمل على وضع السياسات والاجراءات اللازمة لعلاج ذلك مستقبلاً.
ولأجل قياس مستويات العلاقات التشابكية الاجمالية، لابد من اللجوء الى النماذج التطبيقية (4) وفي مقدمتها طريقة المصفوفات وبصورة ادق ما يطلق عليه بمعكوس المصفوفة Inverse of Matrix الذي يمكن استخراجه على اساس المصفوفة الاصلية فاذا رمزنا لهذه المصفوفة بـ A سيكون معكوسها 1-(A) وكذلك يمكن استخراج المعكوس عن طريق طرح المصفوفة "A" من مصفوفة الوحدة "I " وبالتالي يكون المعكوس (I-A) -1.
ويمكن استخراج المعكوس على اساس مصفوفة المعاملات الفنية Inverse of Technical Co-Efficient Matrix فاذا رمزنا لهذه المصفوفة بـ B سكون معكوس المصفوفة -1(B). كما يمكن ان نستخرج المعكوس عن طريق 1-(I-B) أيضاً. وباستخدام هذا المعكوس يمكننا تقدير الاحتياجات المباشرة وغير المباشرة. Direct Plus Indirect Input Requirement او الاولية والثانوية لضمان تدفق وحدة واحدة من انتاج الفروع او القطاعات المختلفة للطلب النهائي.
ويمكننا التمييز بين نوعين أساسيين من الترابطات الكلية بين الفروع الاقتصادية اولهما ارتباطات الجذب الخلفية Backward Linkages ممثلة بدرجة اعتماد القطاع او الفرع (x) على قطاعات او فروع الاقتصاد المتعلق به، كما في حالة استخدام القطاع الصناعي للمستلزمات او المدخلات الواردة من القطاع الزراعي كالمحاصيل الزراعية ومنتجات الثروة الحيوانية. وعلى حد ما يعنيه الاقتصادي المعروف (هيرشمان) "Hirschman"، بالعلاقات الخلفية هي ان اي تغير سواء بالزيادة او بالنقصان يحدث في النشاط الانتاجي لقطاع معين ليكن (i) مترتب عليه تغيرات متتالية بالزيادة او بالنقصان لجميع نشاطات القطاعات الانتاجية الاخرى التي تزود او تبيع منتجاتها او مخرجاتها للقطاع (i) ومطلق على هذا النوع من التغير بالأثر السببي Causal Effect
فالارتباط الخلفي للقطاع (j) يشير الى مقدار المستلزمات المطلوبة من القطاعات الاخرى في انتاج القطاع (j).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. عبد المؤمن محمد العلمي، تحليل المدخلات والمخرجات المعهد العربي للتخطيط، الكويت، يناير 1980 ص 61.
(2) وانظر: د. مدحت القريشي التنمية الصناعية في الجمهورية العراقية، بغداد 1983، ص 50.
(3) د. جعفر عباس حاجي، تحليل جداول المدخلات والمخرجات الصناعية، الكويت 1985، ص 182.
(4) يمكن استخدام نماذج الانحدار في التوصل إلى ذلك.
الاكثر قراءة في التحليل الأقتصادي و النظريات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة