تحليل مستوى العلاقات البينية المباشرة في الاقتصادات العربية 2
المؤلف:
أ. د. علي مجيد الحمادي
المصدر:
التشابك الاقتصادي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص253 - 356
2025-10-29
32
ولا تختلف الصورة كثيراً عندما نتمعن بواقع البيانات المختصة بحصة الواردات في مجمل التجارة البينية، فقد تراوحت على مستوى اربع عشرة دولة عربية بين 1.978% في سوريا، و6.893% في الكويت عام 1997، ايضا، فيما انفردت ثلاث دول عربية بحصص متميزة نسبياً، وهي: الامارات والبحرين، والسعودية، فقد بلغت الحصص نحو 21.841% و13.472 % و11.788% على الترتيب.
ومن المعلوم ان هذه الاقطار تفتقر اقتصاداتها للتنوع، نتيجة لاعتمادها الواسع على البترول والمواد المرتبطة به، بسبب عدم قدرتها الكافية على انجاح متطلبات استراتيجية احلال المنتجات الصناعية محل الواردات Import Substitution strategy" بفعل التركيز على مجموعة الصناعات الاستهلاكية لاعتبارات اقتصادية وفنية معروفة واختناقها ضمن هذه الحلقة دون الولوج الى مديات مجموعة الصناعات الوسيطة والرأسمالية، الأمر الذي دفعها الى تزايد معدات وارداتها من مفردات هذه المجموعة من الخارج. ناهيك عن ان غالبية الصناعات المحلية قد نمت بفضل الحماية الجمركية العالية التي حققت ما يطلق عليه بالنمو المفقر، اذ ساعدت على انخفاض كفاءتها. والحقيقية ان هذه النسب المرتفعة (نسبياً ايضاً) تشكل حالة غير مرغوبة. ففي صورة مصفوفة الواردات البينية العربية، فهي تمثل تركزاً جغرافياً في عدد محدود من الشركاء التجاريين، وهي الحالة التي تعاني منها مصفوفة الصادرات البينية كما سبقت الاشارة. ولما نتابع مصفوفة العلاقات المباشرة للواردات "Mij" التي تستند الى "GDP" يتضح ان البحرين تحتل المقام الاول في اطار الواردات البينية، إذ حققت مساهمة قدرها %37.967، والمعروف ان هذه الدولة هي في مقدمة الاقطار العربية في اعتمادها على الواردات البينية، وبالذات خلال عقد التسعينات، وذلك نتيجة لاتساع وارداتها النفطية من السعودية، والواردات التقليدية من الفواكه والحبوب والخضراوات (1)، كما اصبح لليمن دور اكبر في هذه الحالة اذ جاء بالمرتبة الثانية وبنسبة قدرها 10.103%. وهذه تفوق كثيراً نظيرتها المتعلقة بنسبة وارداتها البينية العربية التي لم تزد عن 3.350% عام 1997 طبعا هذا يعود أساسا لانخفاض نسبة الناتج المحلي الاجمالي في مجموع التجارة البينية العربية البالغة 33.160% فقط. علما ان الوزن النسبي للواردات من البلاد العربية في اجمالي وارداتها يبلغ 25% في العام نفسه.
اما الدول العربية الخمس عشرة الاخرى، فقد انحصرت مساهمتها في الواردات البينية 4.127 % في العراق و6.693% في دولة الامارات، وهنا يتراجع دور هذه الدولة مقارنة بحصة وارداتها في اجمالي الواردات البينية، ويعود ذلك من بين امور اخرى للارتفاع النسبي لناتجها المحلي الاجمالي الذي يحتل الموقع الرابع بعد السعودية ومصر والعراق.
ومما تقدم يمكننا القول بان هناك تركزاً جغرافياً واضحاً في الواردات البينية العربية ينصب على شريك أو شريكين في الغالب. كما ان هناك اختلالاً صريحاً في هيكل الواردات نظراً للتشابه الشديد في مفرداتها السلعية، اذ ان مجمل الاقطار العربية تشكو من عجز متواصل في موازناتها الغذائية، الأمر الذي يفرض على هذه الاقطار استيراد السلع الغذائية المختلفة، وكذلك فان حاجتها لإنجاز خططها الانمائية تدفعها لاستيراد السلع الرأسمالية والوسيطة ووسائل النقل.
ويعد اختلاف قوانين الاستيراد واختلاف السياسات المالية والنقدية واسعار الصرف، واعتماد سياسات سعر الصرف المتعدد "Multiple Exchange Rates"، - بهدف التخفيف من اختلال ميزان المدفوعات، بيد أنه يعمل على تحجيم التجارة بين البلدان العربية (2) والارادة السياسية من جهة، وسياسات الاغراق التي تعتمدها
الشركات الاجنبية وسيطرة الشركات المتعددة الجنسية على تجارة السلع الاساسية عالميا، ونظم الافضليات والاولويات، وسياسات الدعم التي تضعها الدول المتقدمة صناعيا من جهة اخرى - عوائق حقيقية بوجه العلاقات المباشرة للنشاط الاستيرادي البيني للبلاد العربية (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا، مسح للتطورات الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الاسكوا، ص 74.
(2) د. حمدي عبد العظيم، الاصلاح الاقتصادي في الدول العربية بين سعر الصرف والموازنة العامة، القاهرة 1998، ص 73.
(3) د. حميد فرج الاعظمي، افاق استشرافية لتنمية التجارة العربية البينية، أم المعارك، بغداد، ع 16، ابريل، 2001، ص 79.
الاكثر قراءة في التحليل الأقتصادي و النظريات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة