تحليل مستوى العلاقات البينية المباشرة في الاقتصادات العربية 1
المؤلف:
أ. د. علي مجيد الحمادي
المصدر:
التشابك الاقتصادي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص249 - 253
2025-10-29
34
وقد باشرنا بتحليل النتائج المستخلصة وفق المحاور التالية:
اولاً: تحليل مستوى العلاقات البينية المباشرة في الاقتصادات العربية:
ان نظرة متأنية للأهمية النسبية للصادرات في مجمل التجارة البينية للأقطار العربية، تظهر لنا تواضع المستوى الذي عليه العلاقات التجارية البينية، من حيث احجام التدفقات السلعية المصدرة فيما بينها، أو فيما يتعلق بفقدان سبل تنظيمها وارادة تنميتها.. فقد تراوحت تلك الاهمية لدى الاقطار الواردة في مصفوفة التبادل البيني لعام 1997، باستثناء السعودية والامارات، بين 0.521% في اليمن و6.708 في سوريا. وهي بلا شك مساهمة منخفضة، وقد وجدنا بان السعودية قد احتلت دورا رياديا في هذا المجال اذ بلغت 41.435%، تليها في ذلك دولة الامارات العربية المتحدة بنسبة 11.435% تمثل هاتان الدولتان حالة من الشذوذ مقارنة مع حصص خمس عشرة دولة عربية أخرى، كما انها تعكس وضعاً للتركز ينحدر من علاقات تاريخية واتفاقات ثنائية اكثر من تعبيرها عن جهود تكاملية منظمة (1). وهذ ما دفع الى ظهور ما يطلق عليهم بالشركاء الرئيسيين في التجارة العربية البينية.

حيث ان:
: Eij اجمالي المصفوفات البينية للصادرات.
Mij: اجمالي المصفوفة البينية للواردات.
E: الاهمية النسبية للصادرات في مجمل التجارة البينية للأقطار العربية
M: الاهمية النسبية للواردات في مجمل التجارة البينية للأقطار العربية
ET: الاهمية النسبية للصادرات في اجمالي الصادرات العربية
Mr: الاهمية النسبية للواردات في اجمالي الواردات العربية
فالسعودية هي الشريك الاول لبعض اقطار مجلس التعاون الخليجي مثل: البحرين والكويت وكذلك مصر. أما لبنان فهي الشريك الأول لسوريا وليس بالضرورة ان يكون الجوار هو الدافع الحقيقي لخلق مثل هذه الاتفاقيات، بل في الغالب تكون وراءها الارادة السياسية: كاتفاقية سوريا مع ليبيا، أو العــراق مــع تــونس مؤخراً، وهكذا.. وتتجسد الصورة المتواضعة للتجارة البينية أكثر عند النظر الى المصفوفة البينية للصادرات "Eij"، فقد تراوح الوزن النسبي لأربع عشرة دولة بين 028.% في قطر، و %6.8 في سلطنة عمان (2) اما نصيب السعودية فقد تراجع كثيراً في إطار هذه المصفوفة، اذ بلغ 4.4% فقط، في حين ان دولا كانت مساهمتها في اجمالي التجارة البينية منخفضة مثل: الاردن والبحرين وسوريا والتي بلغت 5.013% و73.645 % و6.708% على الترتيب، اصبحت ذات اهمية أكبر تدور حول نسبة متوسطة قدرها 10.5%، وذلك لانتساب مصفوفة Eij الى GDP في هذه الأقطار. فالأقطار الثلاثة الأخيرة ذات ناتج محلي اجمالي منخفض على انفراد مقارنة بإجمالي قيمة التجارة البينية العربية من جهة، والناتج المحلي للسعودية المرتفع من جهة اخرى، والذي تسبب في انخفاض مساهمتها في اعلاه.
ولم يقف الاختلال في الصادرات البينية العربية عند التركز المكاني فحسب، بـل تعدى ذلك الى التماثل في التركيبة السلعية التي يتم تصديرها، اذ ان غالبية الاقطار العربية تصدر النفط والغاز الطبيعي والمواد الخام وبنسبة تقترب من 48.8% من هذه الصادرات، وتأتي بعد ذلك المواد الكيماوية بواقع 18% تعقبها الاغذية والمشروبات 15% والمصنوعات والآلات ومعدات النقل بنسبة 11.9 % و6.2% على الترتيب (3). ويتم تصدير غالبية مفردات المجاميع السلعية الاربع الاخيرة من قبل الاقتصادات العربية الاكثر تنوعا مثل: مصر والاردن وسوريا.
ويشكل عدم تنوع الصادرات العربية عقبة خطيرة بوجه التجارة البينية العربية، ويدفع بهذه الاقطار الى المزيد من الانفراد والتبعية الى العالم الخارجي، وبخاصة اذا ما علمنا بان جزءاً كبيراً من هذه الصادرات لم يكن ذا منشأ محلي، بل عبارة عن تصدير سلع مستوردة "Re-exporting". ويرجع ضعف علاقات التصدير المباشرة. "Direct Linkages" الى عدد من العوامل اهمها: فشل استراتيجية التصنيع لغرض التصدير التي طبقت في فترة سابقة ضمن تاريخ التنمية الاقتصادية والصناعية في البلاد العربية، وبالذات في فترة ما بعد السبعينات من القرن الماضي، الامر الذي أفضى الى خلق قاعدة انتاجية متماثلة لا تساعد على عملية التبادل الواسع بين أقطار المنطقة.
ويعبر تخلف مرافق النقل بين هذه الاقطار وكثرة التعقيدات الادارية والاجرائية والمعوقات الفنية - T.B.T - بما في ذلك العوائق البيروقراطية المتشددة التي قد تطبقها بعض الدول، وبالذات في تجارة العبور، اذ تقوم بتفريغ الشاحنات الواردة اليها ثم اعادة تعبئتها في شاحنات اخرى وارجاع الشاحنة المفرغة خالية، الأمر الذي يدفع الى ارتفاع مستوى الكلفة واحتمالية تلف الحمولة، فضلاً عن كونه يربك كثيرا العلاقات التجارية البينية (4)، وكذلك التعقيدات الجمركية وغير الجمركية وعدم وضوح واتساق قوانين التصدير وحاجة الاقطار العربية الى العملات الصعبة لتمويل حاجاتها الاستيرادية وعدم استفادة التجارة العربية من مؤسسات التمويل العربية والاسلامية الهادفة الى تطوير النشاط التجاري من خلال تقديم ضمان ائتمان الصادرات لتغطية المخاطر التجارية والسياسية التي تتعرض لها شحنات التصدير، ويعود السبب في ذلك لجهل العديد من المنتجين، أو لعدم القدرة على تهيئة الضمانات اللازمة لذلك (5)، وعن عوائق اخرى بوجه الروابط المباشرة للصادرات بين البلدان العربية (6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. ذكاء الخالدي، اهمية التكامل العربي في ظل اتفاقية التجارة العالمية والشراكة الأوروبية المتوسطة، مركز دراسات المستقبل، 27-25 نوفمبر- 1997، ص595.
(2) انظر جدول 6-1 من هذه الدراسة.
(3) صندوق النقد العربي واخرون التقرير الاقتصادي العربي الموحد، ابو ظبي، 1999، ص 119.
(4) انظر: المنظمة العربية للتنمية الادارية المعوقات والمشاكل الاجرائية في المنافذ وتأثيرها على حركة التجارة بين الدول العربية دراسة تمت بإشراف د. عبد القادر فتحي لاشين، رقم 351، 2000.
(5) مركز التجارة الدولي، اسرار التجارة، مؤسسة تنمية الصادرات والمراكز التجارية الاردنية عمان، 2000، ص 174.
(6) الامانة العامة للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية اوراق اقتصادية، ع 10، اب 1994، ص 69.
الاكثر قراءة في التحليل الأقتصادي و النظريات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة