في التراحم والتزاور
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2/ ص215-218
2025-06-15
618
يستحبّ التراحم ، والتزاور ، وزيارة المؤمنين والصلحاء ، فقد قال الصادق عليه السّلام لأصحابه : اتّقوا اللّه ، وكونوا إخوة بررة متحابّين في اللّه ، متواصلين ، متراحمين ، متزاورين ، وتلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه[1]. وورد أنّ من زار أخا في جانب المصر ابتغاء وجه اللّه فهو زوره[2] وحقّ على اللّه ان يكرم زوره[3] . وانه ما زار مسلم أخاه المسلم في اللّه وللّه الّا ناداه اللّه عزّ وجلّ : طبت وطابت لك الجنّة[4]. وانّ من زار أخاه المؤمن للّه لا لغيره ، في مرض أو صحّة ، ولا يأتيه خداعا ولا استبدالا ، يطلب به ثواب اللّه ، وتنجّز ما وعده اللّه عزّ وجلّ ، وكلّ اللّه به سبعين ألف ملك من حين يخرج من منزله إلى حين يعود إليه ينادونه في قفاه : ألا طبت وطابت لك الجنة ، تبوّأت من الجنّة منزلا ، وكأنّ الراوي استغرب نداء الملائكة إلى أن يرجع إلى منزله ، فقال : جعلت فداك فإن كان المكان بعيدا ؟ قال : نعم ، وإن كان المكان مسيرة سنة ، فإنّ اللّه جواد والملائكة كثيرة يشيّعونه حتى يرجع إلى منزله[5]. وان من زار أخاه المؤمن في اللّه وللّه جاء يوم القيامة يخطو بين قباطي من نور ، ولا يمرّ بشيء الّا أضاء له حتى يقف بين يدي اللّه ، فيقول اللّه عزّ وجلّ : مرحبا . وإذا قال مرحبا أجزل اللّه له العطية[6].
وعدّ في الأخبار من زار أخاه المؤمن ضيّف اللّه عزّ وجل ، وزائر اللّه في عاجل ثوابه وخزائن رحمته[7] وورد عنهم عليهم السّلام انّ زيارة الإخوان من روح اللّه[8] ، وانّ من لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي إخوانه ، تكتب له ثواب زيارتنا ، ومن لم يقدر على صلتنا فليزر[9] صالحي إخوانه تكتب له ثواب صلتنا[10] ، وانّ ايّما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم يأمنون بوائقه ، ولا يخافون غوائله ، ويرجون ما عنده ، إن دعوا اللّه أجابهم ، وإن سألوا أعطاهم ، وان استزادوه زادهم ، وان سكتوا ابتدأهم[11]. وإنّ المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكل اللّه به ملكا فيضع جناحا في الأرض وجناحا في السماء يظلّه ، فإذا دخل إلى منزله نادى الجبار تبارك وتعالى : أيّها العبد المعظّم لحقي المتبّع لآثار نبيّ ( ص ) ! حقّ عليّ اعظامك ، سلني أعطك ، ادعني أجبك ، اسكت أبتدئك ، فإذا انصرف شيّعه الملك يظلّه بجناحه حتّى يدخل إلى منزله ، ثم يناديه تبارك وتعالى : أيّها العبد المعظّم لحقي ! حقّ علي إكرامك ، قد أوجبت لك جنّتي ، وشفعتك في عبادي[12].
وورد انّ زيارة مؤمن في اللّه خير من عتق عشر رقاب مؤمنات ، ومن أعتق رقبة مؤمنة وقى كلّ عضو عضوا منه من النار حتّى انّ الفرج يقي الفرج[13] ، وعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : انّ من مشى زائرا لأخيه فله بكل خطوة حتى يرجع إلى أهله مائة الف رقبة ، وترفع له مائة ألف درجة ، وتمحى عنه مائة ألف سيئة[14].
فائدة :
روى الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : كانت الحكماء في ما مضى من الدهر تقول : ينبغي أن يكون الاختلاف إلى الأبواب لعشرة أوجه :
أولها : بيت اللّه عزّ وجلّ ، لقضاء نسكه ، والقيام بحقّه ، وأداء فرضه .
والثاني : أبواب الملوك ، الّذين طاعتهم متّصلة بطاعة اللّه ، وحقّهم واجب ، ونفعهم عظيم ، وضرّهم شديد .
والثالث : أبواب العلماء ، الذين يستفاد منهم الدّين والدّنيا .
والرابع : أبواب أهل الجود والبذل ، الذين ينفقون أموالهم التماس الحمد ورجاء الآخرة .
والخامس : أبواب السفهاء ، الذين يحتاج إليهم في الحوادث ، ويفزع إليهم في الحوائج .
والسادس : أبواب من يتقرّب إليه من الأشراف ، التماس الهبة ، والمروة ،والحاجة .
والسابع : أبواب من يرتجى عندهم النفع في الرأي والمشورة ، وتقوية الحزم ، وأخذ الأهبة لما يحتاج إليه .
والثامن : أبواب الإخوان ، لما يجب من مواصلتهم ، ويلزم من حقوقهم .
والتاسع : أبواب الأعداء ، الذين يسكن بالمداراة غوائلهم ، وتدفع بالحيل والرفق والزيارة عداوتهم .
والعاشر : أبواب من ينتفع بغشيانهم ، ويستفاد منهم حسن الأدب ، ويؤنس بمحادثتهم[15].
[1] أمالي الشيخ الطوسي 1 / 59 .
[2] لا يبعد صحة : زائره اي زائر للّه تعالى شأنه في المقامين .
[3] أصول الكافي : 2 / 176 باب زيارة الإخوان حديث 5 .
[4] أصول الكافي : 2 / 177 باب زيارة الإخوان حديث 10 .
[5] أصول الكافي : 2 / 177 باب زيارة الإخوان حديث 7 .
[6] أصول الكافي : 2 / 177 باب زيارة الإخوان حديث 8 .
[7] أصول الكافي : 2 / 176 باب زيارة الإخوان حديث 6 ، بسنده عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من زار أخاه في بيته قال اللّه عزّ وجلّ له : أنت ضيفي وزائري ، عليّ قراك ، وقد أوجبت لك الجنّة بحبك إيّاه .
[8] أمالي الشيخ الطوسي 1 / 176 وفيه لقاء الاخوان .
[9] الظاهر : فليصل ، كما هو كذلك في خبر محمد بن زيد عن أبي الحسن الأول عليه السّلام ، قال : من لم يستطع أن يصلنا ليصل فقراء شيعتنا ، ومن لم يستطع أن يزور قبرنا فليزر صلحاء إخواننا . [ منه ( قدس سره ) ] .
[10] كامل الزيارات : 319 باب 105 حديث 1 و 2 .
[11] وسائل الشيعة : 8 / 460 باب 98 حديث 3 ، وأصول الكافي : 2 / 178 باب زيارة الإخوان حديث 14 .
[12] أصول الكافي : 2 / 178 باب زيارة الإخوان حديث 12 .
[13] أصول الكافي : 2 / 178 باب زيارة الإخوان حديث 13 .
[14] عقاب الأعمال : 345 باب يجمع عقوبات الأعمال .
[15] الخصال : 2 / 426 ينبغي أن يكون الاختلاف إلى الأبواب لعشرة أوجه حديث 3 .
الاكثر قراءة في اداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة