ما الدليل عن أن اللّه واحد ؟					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						الشيخ ماجد ناصر الزبيدي					
					
						
						 المصدر:  
						التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ج 4 ص401-405.					
					
					
						
						2025-05-19
					
					
						
						558					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				ما الدليل عن أن اللّه واحد ؟
قال تعالى : {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } [الأنبياء : 22، 23]؟.
الجواب / قال هشام بن الحكم ، في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد اللّه عليه السّلام ، وكان من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام : « لا يخلو ، قولك : إنهما اثنان ، من أن يكونا قديمين قويّين ، أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قويّا والآخر ضعيفا ، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه ويتفرّد بالتدبير ؟
وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ، ثبت أنه واحد كما نقول ، للعجز الظاهر في الثاني . فإن قلت : إنهما اثنان ، لم يخل من أن يكونا متّفقين من كل جهة ، أو متفرّقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما ، والفلك جاريا ، والتدبير واحدا ، والليل والنهار والشمس والقمر ، دلّ صحّة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أن المدبّر واحد .
ثم يلزمك إن ادعيت اثنين ، فرجة ما بينهما ، حتى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما ، قديما معهما فيلزمك ثلاثة ، فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتى تكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة ، ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة » .
قال هشام : فكان من سؤال الزنديق أن قال : فما الدليل عليه ؟
فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « وجود الأفاعيل دلّت على أن صانعا صنعها ، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبنيّ ، علمت أنّ له بانيا ، وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده ؟ » .
قال : فما هو ؟ قال : شيء بخلاف الأشياء ، ارجع بقولي إلى إثبات معنى ، وأنه شيء بحقيقة الشيئيّة ، غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحسّ ولا يجسّ ولا يدرك بالحواسّ الخمس ، لا تدركه الأوهام ، ولا تنقصه الدهور ، ولا تغيّره الأزمان » « 1 » .
وقال هشام بن الحكم : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام : ما الدليل عن أن اللّه واحد ؟
قال : « اتصال التدبير ، وتمام الصنع ، كما قال اللّه عزّ وجلّ : لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا » « 2 » .
وقال يزيد بن الأصمّ : سأل رجل عمر بن الخطّاب ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما تفسير ( سبحان اللّه ) ؟
قال : إن في هذا الحائط رجلا إذا سئل أنبأ ، وإذا سكت ابتدأ . فدخل الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السّلام ، فقال : يا أبا الحسن ، ما تفسير ( سبحان اللّه ) ؟ قال : « هو تعظيم اللّه عزّ وجلّ وتنزيهه عما قال فيه كلّ مشرك ، فإذا قالها العبد صلّى عليه كلّ ملك » « 3 » .
وقال علي بن الحسين عليهما السّلام : « إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق العرش أرباعا لم يخلق قبله إلّا ثلاثة أشياء : الهواء والقلم والنور ، ثم خلقه من أنوار مختلفة فمن ذلك النور نور أخضر اخضرّت منه الخضرة ، ونور اصفر اصفرّت منه الصّفرة ، ونور أحمر احمرّت منه الحمرة ، ونور أبيض منه ابيضّ البياض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار .
ثم جعله سبعين ألف طبق ، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين ، ليس من ذلك طبق إلّا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة ، وألسنة غير مشتبهة ، ولو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون ، ولخسف البحار ولأهلك ما دونه .
له ثمانية أركان ، يحمل كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا اللّه عزّ وجلّ ، يسبّحون بالليل والنهار لا يفترون ، ولو حسّ شيء مما فوق ما قام لذلك طرفة عين ، بينه وبين الإحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة والعلم ، وليس وراء هذا مقال » « 4 ».
وقال حنان بن سدير : سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العرش والكرسي - وذكر الحديث إلى أن قال عليه السّلام - : « فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك وتعالى : رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وهو وصف عرش الوحدانية ، لأنّ قوما أشركوا كما قلت لك ، قال تبارك وتعالى : رَبِّ الْعَرْشِ ، رب الوحدانية عَمَّا يَصِفُونَ وقوما وصفوه بيدين ، فقالوا : يد اللّه مغلولة . وقوما وصفوه بالرجلين ، فقالوا : وضع رجله على صخرة بيت المقدس ، فمنها ارتقى إلى السماء . وقوما وصفوه بالأنامل ، فقالوا : إن محمدا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال : إنّي وجدت برد أنامله على قلبي .
فلمثل هذه الصفات قال : رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يقول : رب المثل الأعلى عما به مثّلوه ، وللّه المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ، ولا يوصف ولا يتوهّم ، فذلك المثل الأعلى . ووصف الذين لم يؤتوا من اللّه فوائد العلم ، فوصفوا ربّهم بأدنى الأمثال ، وشبّهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به ، فلذلك قال : {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : 85].
فليس له شبه ولا مثل ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي التي وصفها اللّه في الكتاب ، فقال : {فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف : 180] جهلا بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك ، وهو لا يعلم ، ويكفر به وهو يظنّ أنه يحسن ، فلذلك قال : {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف : 106] ، فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم
فيضعونها غير مواضعها .
يا حنان ، إن اللّه تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء فهم الذين أعطاهم الفضل وخصّهم بما لم يخصّ به غيرهم ، فأرسل محمدا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فكان الدليل على اللّه بإذن اللّه عزّ وجلّ حتى مضى دليلا هاديا ، فقام من بعده وصيّه عليه السّلام دليلا هاديا على ما كان هو دلّ عليه من أمر ربّه من ظاهر علمه ، ثمّ الأئمة الراشدون عليهم السّلام » .
وقال علي بن إبراهيم القميّ : ردّ على الثّنويّة ، ثم قطع عزّ وجلّ حجّة الخلق ، فقال : {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء : 23].
_______________
( 1 ) الكافي : ج 1 ، ص 63 ، ح 5 .
( 2 ) التوحيد : ص 250 ، ح 2 .
( 3 ) معاني الأخبار : ص 9 ، ح 3 .
( 4 ) التوحيد : ص 324 ، ح 1.
 
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  سؤال وجواب					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة