ما السبب في عدم كون العالم خيراً محضاً بلا شرور					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ					
					
						
						 المصدر:  
						معرفة الله					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ج3/ ص142-144					
					
					
						
						2025-08-12
					
					
						
						333					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				الاختلافات والتباينات: وأمّا المسألة الثانية التي وعدنا ببحثها فهي مسألة سبب الاختلافات والتباينات في عالم الوجود. ألم يكن حريّاً أن يُخلَق جميع البشر على صورة واحدة وشكل واحد؛ كلّهم أصحّاء، كلّهم أحياء وخالدون، جميعهم مرفّهون وحوائجهم مُستجابة، جميعهم سُعداء ومبتهجون، كلّهم أتقياء ومؤمنون، جميعهم أطهار وطيّبون، الكلّ نشط متحرّك نحو كمال الربّ الموجود الأزليّ الأبديّ الرحيم الودود العطوف وجماله؟! وبعبارة أخرى: فنحن مُسَلِّمون بأنّ الله هو الخالق، ونُسَلِّم كذلك بأنّ هذا الخلق قائم على أساس من المنفعة والمصلحة؛ ولكن ألم يكن من الأفضل أن يكون الخلق أفضل من هذا وأرقى منه؟! خلقاً لا وجود للشرور والنقائص فيه والتي هي عدميّات- كما يقول الحكماء- بل عالم تكتنفه الخيرات المحضة والمباهج الصِّرفة والتجلّيات الجماليّة دون تسلّط أو ضَيم، دون لمحة أو بارقة للكبرياء؛ الكلّ فَرِحٌ وسعيد، ومسرور ومُبتَهِج، دون أثر للألم أو المعاناة أو المصائب أو الكوارث أو النفاق أو الكذب أو الزور أو الحسد أو الأضغان، الكلّ جميعاً يعيشون حياة سعيدة ويحيون فعليّة تامّة؟! أي: ألم يكن من الأفضل بدءاً أن يخلق الله الجنّة بالخصوصيّات والميّزات التي بَشَّر بها الأنبياء العِظام ومنهم خاتم الأنبياء سيّدنا محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى أولاده الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين والذي بيّن ذلك بالتفصيل، وكذلك القرآن الكريم باعتباره أعظم معجزة إلهيّة وهادياً أقوم الامم إلى الصراط المستقيم[1] الذي شرح ذلك ووصفه بالإطناب والإجمال في مواقع عدّة؛ فيُسكِنَ فيها بني آدم؟! أ لَم يَكُن ذلك أفضل وأجدر، وأبعد عن المشاكل واللفّ والدوران، وأنأى عن آلاف المصائب والبلايا؟! للجواب على ذلك نقول فقط: أن اختلاف الأشياء الخارجيّة وجميع أفراد البشر يعتمد على ذاتها هي، وهو ضروريّ للنظام الأحسن طبقاً لقانون العِليّة والمعلوليّة.
هذا باختصار هو جَوابنا الذي يَشمل البَراهين الحِكَميّة والآيات الإلهيّة والشّواهد الذّوقيّة والشّهوديّة والعِرفانيّة. وأمّا إذا إبتغيتَ جَواباً أطوَل وشَرحاً أشمَلَ، فَيَكفينا الإستشهاد بالأبيات العِرفانيّة التّالية مِن غَزليّة شَيخ العُرفاء وسَند الواصلين الخواجة محمّد حافظ الشّيرازيّ زادَ الله في عُلوّه ورُتبَته التي يَقول فيها:
صوفى ار باده به اندازه خورد نوشش باد *** ور نه انديشة اين كار فراموشش باد
آنكه يك جرعه مى از دست تواند دادن *** دست با شاهد مقصود در آغوشش باد[2]
پير ما گفت خطا بر قلم صُنع نرفت *** آفرين بر نظر پاك خطا پوشش باد
شاه تركان سخن مدّعيان مىشنود *** شرمى از مَظلمة خون سياوشش باد
گر چه از كبر سخن با من درويش نگفت *** جان فداى شكرين پسته خاموشش باد
چشمم از آينهدارانِ خط وخالش گشت *** لبم از بوسه ربايانِ بَر ودوشش باد
نرگسِ مستِ نوازش كنِ مردم دارش *** خون عاشق به قدح گر بخورد نوشش باد
به غلاميّ تو مشهور جهان شد حافظ *** حلقة بندگى زلف تو در گوشش باد[3]
 
[1] «بحار الأنوار» في طبعة الكمبانيّ: ج 18، ص 227، وفي طبعة الإسلاميّة: ج 82، ص 151.
 
[2] إشارة إلى الآية 9، من السورة 17: الإسراء: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ويُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً.
 
[3] يقول:« لقد قال شيخنا( العارف)( لِمَن اعتقد أن هناك أخطاء كثيرة موجودة في خِلقة العالَم) لَم يصدر هناك أيّ خطأ في عالَم الخَلق؛ فبورِكَ مِن نظر نزيه ساتر للعيوب.
إن مَلك تُركستان( وهو أفراسياب) كان يُصغي إلى المدّعين؛ فأباحَ قتل( سياوش) فعليه أن يخجل مِن طلب ثأره.
و بالرغم مِن أنّه( أي الحبيب) لَم يتحدّث معي لِعظَم شأنه؛ لكنّ روحي فداء لثغره المعسول وإن أغلقه ولم ينبس ببِنت شفة.
و لأنّ جمال الحبيب بادٍ أمامي على الدوام، فكأنّ ناظِرَيّ مرآة له ولخاله( المنقوش على وجهه)؛ وعلى هذا أتمنّى أن تحظى شفتاي كذلك بقُبلة من صدره وكتفه.
إذا شَرب المعشوق دم العاشق في كأس فهنيئاً له ذلك.
لقد اشتهر( حافظ) بعُبوديّته لك( أيّها الحبيب)؛ ولتَدمُ أقراط العُبوديّة في اذنه إلى الأبد».
« ديوان الخواجة شمس الدين محمّد حافظ الشيرازيّ» ص 75 و76، الغزليّة رقم 167، طبعة حسين پژمان.
 
 
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  سؤال وجواب					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة