اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الاخبار
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
من حرية الطباعة إلى حرية الصحافة
المؤلف:
د. حسني محمد نصر د. سناء عبد الرحمن
المصدر:
التحرير الصحفي في عصر المعلومات
الجزء والصفحة:
ص 239- 246
2025-04-29
83
من حرية الطباعة إلى حرية الصحافة
لعل من الغريب أن أول صحيفة مطبوعة ظهرت في إنجلترا لم تكن إنجليزية الهوية، وإن كانت إنجليزية اللغة، وهي صحيفة ذي كرنت أوت أوف إيطاليا وألمانيا The Coronet Out of Italy, Germany, & C التي صدرت في أمستردام (هولندا) في عام 1620. ويذكر د. إبراهيم إمام أن هذه الصحيفة أو ما يطلق عليها الكتاب الإخباري الأول المنتظم الصدور في إنجلترا، كانت مترجمة عن النسخة الهولندية التي كان يصدرها نيقولا بورن وتوماس أرشر في أمستردام (1).
وقد تعرضت هذه الصحيفة حال ظهورها في إنجلترا إلى قيود ملكية مماثلة للقيود التي كانت مفروضة على المطابع فقد أصدر الملك جيمس الأول والملك تشارلز الأول اللذين حكما إنجلترا في الفترة من 1603 إلى 1649 حظرا على دخول الصحيفة وجميع الصحف الهولندية الأخرى الناطقة باللغة الإنجليزية إلى البلاد. كما أصدرا أوامر بسجن الناشرين الذين يحاولون طبع هذه الصحف دون الحصول على موافقة الحكومة.
في ظل هذه الظروف التي أعاقت نشأة الصحافة الإنجليزية لفترة، اتجه الناشرون خاصة ناشري كتب الشعر والكتب الشعبية الأخرى إلى تضمين الكتب التي ينشرونها بعض أخبار الجرائم والكوارث والفضائح. وكانت هذه الطريقة هي بداية ظهور الخبر المطبوع في إنجلترا.
وقد كانت الصحافة الإنجليزية على موعد مع التطور السريع والازدهار في مطلع الأربعينيات من القرن السابع عشر، وفي بدايات الحرب الأهلية الإنجليزية، إلى أن بدأ البرلمان في فرض قيود شديدة على الصحافة في نهاية هذا العقد.
ومن دلائل ازدهار الصحافة الإنجليزية في هذه الفترة أنه بحلول عام 1644 كانت توزع في لندن نحو ستة آلاف نسخة من نحو عشرة صحف، كما أطلق جون ملتون John Milton دعواه الشهيرة لحرية الصحافة وكتب يقول: أعطني حرية أن أعرف وأن أعبر وأن أناقش بحرية ووعي، فهذه الحرية فوق كل الحريات. وقد وجه ملتون هذه الدعوة إلى البرلمان مؤكدا أن نظام الترخيص بإصدار الصحف يقيد التوصل إلى الحقيقة. والطريف أن ملتون عندما عُين وزيرا في مجلس الكومنولث في عام 1651 كان يقوم بنفسه بالتحكم في إصدار تراخيص الصحف (2).
في هذه الفترة أيضا (فترة الحرب الأهلية بين أنصار الملك شارل الأول وبين البرلمان بزعامة كرومويل) ظهرت البشائر الأولي لصحافة الرأي في إنجلترا نتيجة إلغاء المحكمة الخاصة بالصحافة التي كانت قد أُنشئت في عهد الملكة اليزابيث. وقد شجع هذا الصحف على نشر الأخبار المحلية ومعالجة القضايا السياسية المختلفة ونشر محاضر جلسات البرلمان ويري. د. إبراهيم إمام أن سماح البرلمان بنشر محاضر جلساته في الصحف كان الغرض منه نشر الروح الثورية بين صفوف الشعب، خاصة وأن غالبية الصحف الصادرة في مستهل الحرب الأهلية كانت صحفا برلمانية، ولم يفطن الملكيون إلى أهمية سلاح الصحافة في المعركة إلا متأخرا بعد أن صدرت صحف برلمانية كثيرة.
وكان من أبرز صحف هذه الفترة، تلك الدوريات التي كانت تلخص أعمال، البرلمان ومنها "عناوين الإجراءات البرلمانية" التي صدرت سنة 1641 وتحول اسمها إلى "اليومية الكاملة للبرلمان" في سنة 1642، ودورية "متابعة إجراءات خاصة بمجلس البرلمان" التي صدرت في سنة 1643، ودورية "مخبر المملكة الأسبوعي" التي صدرت في نفس السنة.
ويمكن إرجاع حالة الازدهار التي عاشتها الصحافة الإنجليزية في فترة الحرب
الأهلية إلى:
وبانتهاء الحرب الأهلية بإعدام الملك شارل الأول في لندن سنة 1649، وقيام نظام جمهوري بزعامة كرومويل دخلت الصحافة الإنجليزية عهداً جديداً، بدأ بتعطيل الكتب الإخبارية القائمة وقصر حرية الطباعة على الحكومة فقط. إذ كان الحكم الجمهوري بزعامة كرومويل حكما فرديا قائم على شخصية الحاكم نفسه. وبعد وفاة كرومويل في سنة 1658 بدأت الدعوة إلى عودة النظام الملكي نتيجة الكبت الشديد الذي عانى منه الشعب الإنجليزي تحت الحكم الجمهوري. وبالفعل تم إعادة الملك شارل الثاني من منفاه ليتولى حكم البلاد في سنة 1660.
ولم تكن عودة الملكية إلى إنجلترا مبشرة بازدهار حرية الطباعة والصحافة، إذ
سارع البرلمان الجديد إلى إصدار عددا من القوانين المقيدة للحريات العامة وعلى رأسها حرية الطباعة وحرية إصدار الكتب الإخبارية، وذلك بهدف تثبيت دعائم الملكية مرة أخرى في البلاد.
ومن أبرز القوانين التي صدرت بعد عودة الملكية، قانون الترخيص Licensing Act الذي صدر في سنة 1660، وكان له أثار سلبية عديدة على الطباعة، وتمثلت القيود التي حواها هذا القانون - منع إصدار أية دورية أو مطبوعة دون الحصول على ترخيص مسبق من السلطات المختصة.
وكان من بين الآثار السلبية لقانون الترخيص أيضاً، قصر الحق في إنشاء وإدارة المطابع على الموالين للسلطة. فقد حدد الحق في الطباعة على أساس النظرية التي تقول إن حرية الطباعة أمر يمثل خطورة على الملك ويهدد ولاء الشعب للملك كما يهدد المعتقدات والأخلاق (3). وقد أتاح هذا للحكومة فرصة احتكار الطباعة والنشرات الإخبارية وصبغها بالصبغة الرسمية.
ولعل من أشهر الحوادث التي نتجت عن تطبيق قانون الترخيص في هذه الفترة، تلك الأحكام القاسية وغير الإنسانية التي صدرت ضد الطابعين والناشرين ومحرري النشرات الإخبارية الذين تجرءوا ونقدوا الحكام. وكان من بين هذه الأحكام حكم بإعدام محرر إحدى النشرات الإخبارية ويدعى جون توين، بفصل رقبته عن جسمه وتقطيع جسمه إلى أربعة أقسام متساوية وإخراج أحشاؤه خارج بطنه وتمزيقها إرباً، على أن تبقى الرأس وأجزاء الجسم تحت تصرف الملك.
ويذكر المؤرخون أن الرقيب العام على المطبوعات الذي عينته الحكومة وكان يُدعي السير روجر لسترانج كان شديد القسوة في التعامل مع الطابعين وناشري الكتيبات الإخبارية، حتى قال عنه الناس إن القبر نفسه لم يكن ملجأ من شره وكان هذا الرقيب ينطلق في ممارساته ضد المطبوعات والنشرات من إيمانه بأن المطبوعات تجعل الجمهور على علم أكثر مما ينبغي بأعمال حكامه وآراء سادته، مما يسول له التدخل في أعمال الحكومة.
وأمام شدة الرقابة على المطابع والمطبوعات لجأ أصحاب المطابع والنشرات الإخبارية إلى بديلين للاستمرار في عملهم، وهما:
1- العودة إلى إصدار الرسائل الخبرية المنسوخة، والتي لم تكن تدخل ضمن
المطبوعات الخاضعة للرقابة. إلا أن هذه الرسائل الخبرية المنسوخة لم تلق رواجا بين الناس لارتفاع ثمن بيعها بالمقارنة بالرسائل المطبوعة. كما انحصر جمهور الرسائل المنسوخة في الأثرياء. ومع ذلك فقد كانت هذه الرسائل المنسوخة بديلاً آمناً تم اللجوء إليه في أوقات فرض الرقابة الشديدة على المطبوعات. وقد استمر هذا البديل المخطوط في الظهور على فترات متفرقة حتى مطلع القرن الثامن عشر.
ابتكار طريقة جديدة للتحايل على الرقابة، وذلك بإخراج الرسائل الخبرية المطبوعة من إطار المطبوع إلى إطار المنسوخ، عن طريق طبعها في شكل الحروف المنسوخة باليد وبيعها على أنها منسوخة بخط اليد. وقد استمرت الرسائل الخبرية المنسوخة في الظهور المتفرق حتى سنة 1716.
ويتضح مما سبق أن الصحافة في بداياتها وهي مجرد كتيبات إخبارية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام تسلط الحكام وأن الصحفيين الأوائل تحايلوا على القيود المفروضة عليهم بابتكار طرق جديدة لاستمرار صدور صحفهم، وهو ما يؤكده تاريخ الصحافة في العالم.
وفي القرن الثامن عشر شهدت الصحافة في إنجلترا تطوراً ملحوظاً، دعمه إلغاء الرقابة على الصحف وبداية تكوين ونمو الأحزاب الإنجليزية الكبيرة، والتنافس السياسي بين حزبي المحافظين والعمال على الوصول إلى الحكم. وصدر في هذه الفترة عدد من الصحف البارزة مثل جريدة ريفيو Review التي عاشت من 1704 الی 1713، ومجلة تاتلر Tatler وجريدة سبكتاتور Spectator التي وصل توزيعها إلى 30 ألف نسخة في بعض الأحيان واستمر رواجها حتى سنة 1712.
وقد شهدت حرية الصحافة الإنجليزية في القرن الثامن عشر، عددا من الانتصارات والانتكاسات. فقد بدأ هذا القرن بانتصار كبير للصحافة بإلغاء قانون الترخيص الذي كان قد صدر في عام 1662، وقد ألغي هذا القانون قبل خمس سنوات من بداية القرن الثامن عشر، أي في عام 1695 الذي يعتبر عاماً حاسماً في تاريخ حرية الصحافة الإنجليزية.
وقد فتح إلغاء قانون الترخيص الباب أمام كل الراغبين في إصدار الصحف، فصدرت صحف كثيرة وزاد اقبل القراء على الصحف، حتى وصل توزيع بعضها إلى 30 ألف نسخة في اليوم، مثل صحيفة سبكتاتور التي صدرت في عام 1711.
أما أول الانتكاسات فتمثلت في القانون الذي صدر في عام 1712 بفرض ضريبة التمغة على الصحف والتي قدرت بواقع بنس واحد عن كل صفحة مطبوعة. وقد ألقى هذا القانون أعباء مالية كبيرة على الصحف ومنعها من تخفيض سعر بيعها. وفي سنة 1724 زيدت ضريبة التمغة على الصحف، ثم زيدت مرة أخري في سنة 1756، ثم للمرة الثالثة في سنة 1775. وكان هدف هذه الضريبة هو إبعاد الصحافة عن طريق إجبارها على رفع ثمن عن الطبقات الشعبية وإبعاد هذه الطبقات من قراءة الصحف للحيلولة دون انتشار الأفكار الثورية بين طبقات العمال بالإضافة إلى زيادة دخل الخزانة العامة للدولة.
وقد لجأت الصحف لعدم زيادة أسعار بيعها إلى التوسع في نشر الإعلانات التجارية لتغطية نفقاتها وتمكين الجمهور من شرائها، وكانت الصحف تخصص صفحتين لنشر الإعلانات وصفحتين لنشر الأخبار.
ولعل من أبرز انتصارات الصحافة الإنجليزية في هذا القرن هو صدور قانون جديد للمطبوعات في سنة 1792 حصلت بمقتضاه الصحافة الإنجليزية على حريتها. فقد أعطى القانون الضمانات الكافية لحرية الصحفيين وأصحاب المطابع وأصحاب الصحف، ولكنه أبقي على حق الجمهور في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبي جرائم النشر. وقد تمتعت الصحافة الإنجليزية في هذا القرن بأوسع معاني الحرية، وأعطت لنفسها الحق في نقد الوزراء وكبار رجال الدولة، وصارت قوة لا يستهان بها في إنجلترا.
وقد كان للنجاح الذي لقيته الصحافة الزهيدة الثمن مردوده الكبير. فقد أقدمت الحكومة الإنجليزية على إلغاء ضريبة التمغة على الإعلانات في سنة 1853، ثم ألغت ضريبة التمغة على الصحف في سنة 1855، ثم ألغت ضريبة الورق في عام 1861.
وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر حصلت الصحافة الإنجليزية على أقصي قدر من الحرية. فقد اختفي الضمان المالي في سنة 1869، ونص قانون 1881 على ضرورة تسجيل الصحف حتى يمكن في حالة التقاضي التعرف بسهولة على أصحاب الصحف.
ومن التطورات المهمة التي أثرت على الصحافة وزادت من أهميتها ومكانتها في المجتمع صدور قانون التعليم الإلزامي في، 1870، وقانون الانتخابات في 1884. فقد زاد اهتمام الملايين بقراءة الصحف.
ودخلت الصحافة الإنجليزية القرن العشرين وهي تتمتع بأكبر قدر من الحرية والانتشار، إلا أن قيام الحرب العالمية الأولي في عام 1914 حد من هذه الحرية أثناء فترة الحرب. فقد خضعت الصحف أثناء الحرب للرقابة الوقائية التي قررها القانون الذي صدر في 14 أغسطس 1914 لحماية المملكة المتحدة. وفي نوفمبر 1914 منحت الحكومة وزارة الداخلية سلطة تفتيش الصحف ومصادرتها كلما تبين لها - أي للوزارة - أن ما نُشر في الصحف يهدد الأمن العام.
وقد أنشأت الحكومة مكتبا للصحافة يضم أربعة أقسام هي:
وبعد انتهاء الحرب بانتصار الحلفاء ألغت إنجلترا وغيرها من الدول الغربية الرقابة التي كانت مفروضة على الصحف أثناء الحرب وأعادت العمل بقوانين الصحافة القديمة التي تمنح الصحف حريتها كاملة غير منقوصة.
_____________
(1) إبراهيم إمام، تطور الصحافة الإنجليزية في القرنين السابع عشر والثامن (القاهرة- مكتبة الانجلو، 1956)، ص 17.
(2) Smith, Jeffery A. "Printers and Press Freedom: The Ideology of Early American Journalism" (New York: Oxford University Press, 1988) P. 34.
(3) Black, Jeremy, The English Press in the Eighteen Century, (Philadelphia: University of Pennsylvania Press, 1987) p.2