x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
هدف سرايا النبي "ص" وحروبه
المؤلف: الشيخ علي الكوراني
المصدر: السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة: ج1، ص660-669
2024-09-23
154
1 - عدد سرايا النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وغزواته وحروبه ، وهدفها
أعلنت قبائل العرب عداءها مع قريش لأهل المدينة لأنهم بايعوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) على حمايته وقتال أعدائه : « فلما آووا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه ونصروا الله ودينه رمتهم العرب عن قوس واحدة ، وتحالفت عليهم اليهود ، وغزتهم القبائل قبيلة بعد قبيلة » . أمالي الطوسي / 173 ، بمعناه الغارات للثقفي : 2 / 479 والحاكم : 2 / 401 .
وقد اعتمد النبي ( صلى الله عليه وآله ) لمواجهة هذا العداء إرسال السرايا ، وهي مجموعات مقاتلة صغيرة وكبيرة ، تبعث لأهداف محددة ومناطق محددة ، لمحاربة عدو يتعاون مع قريش ضد الإسلام ، أو يخشى منه أن يغزو المدينة .
واصطلح الرواة على اسم السرية إذا لم يكن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فيها ، فإن كان فيها سميت غزوة ، وهو مجرد اصطلاح ، وقد تكون السرية أكثر عدداً وأشد قتالاً . ثم نراهم خالفوا هذا الاصطلاح ، فسموا معركة مؤتة وغيرها غزوة .
ويمكن حصر أهداف سراياه وغزواته ( صلى الله عليه وآله ) بثلاثة : حماية الدولة ، وإظهار القوة لإرهاب من يفكر بالاعتداء ، ومحاولة جر قريش إلى الحرب .
قال ابن هشام : 4 / 1027 : « وكان جميع ما غزا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه سبعاً وعشرين غزوة . قاتل منها في تسع غزوات : بدر ، وأحد ، والخندق ، وقريظة ، والمصطلق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطائف . وكانت بعوثه ( صلى الله عليه وآله ) وسراياه ثمانياً وثلاثين » . فيكون المجموع نحو سبعين ، وقيل اثنان وسبعون ، شرح المغني : 5 / 339 .
وقال أهل البيت « عليهم السلام » إن مجموع سراياه وغزواته ( صلى الله عليه وآله ) ثمانون ، فعندما سُمَّ المتوكل نذر إن عوفي أن يتصدق بمال كثير ، فتحير الفقهاء في مبلغ المال ، فأرسل إلى الإمام الهادي ( عليه السلام ) فأجابه إن الكثير ثمانون ، لقوله تعالى : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ، وكانت ثمانين موطناً . وروي ذلك عن الصادق ( عليه السلام ) وأفتى به عدد من فقهائنا .
الكافي : 7 / 463 ، الفقيه : 3 / 368 و 4 / 206 ، التهذيب : 8 / 309 ، فقه الرضا / 274 ، المقنع / 411 ، المقنعة / 565 ، الخلاف : 3 / 359 ، المختلف : 8 / 188 والجواهر : 35 / 416 .
وكانت أول غزواته ( صلى الله عليه وآله ) بدر ، وآخرها تبوك قبيل وفاته ( صلى الله عليه وآله ) واستغرقت ثمانين يوماً ولم يقع فيها حرب ، لأن الروم انسحبوا من تبوك عندما توجه إليهم ، ووقع الأكيدر ملك الدومة في الأسر ، فكتب النبي ( صلى الله عليه وآله ) معه صلحاً .
وأهم حروبه ( صلى الله عليه وآله ) : بدر ، وأحد ، والخندق ، وخيبر ، وفتح مكة ، وحنين ، ومؤتة . والباقي إما سرايا ، أو لم تكن فيها معركة تذكر .
وفي المناقب : 1 / 161 : « إن جميع ما غزا النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه ست وعشرون غزوة على هذا النسق : البواط ، العشيرة ، بدر الأولى ، بدر الكبرى ، السويق ، ذي إمرة ، أحد ، نجران ، بنو سليم ، الأسد ، بنو النضير ، ذات الرقاع ، بدر الآخرة ، دومة الجندل ، الخندق ، بنو قريظة ، بنو لحيان ، بنو قرد ، بنو المصطلق ، الحديبية ، خيبر ، الفتح ، حنين ، الطايف ، تبوك ، ويلحق بها بنو قينقاع .
وقاتل في تسع وهي : بدر الكبرى ، وأحد ، والخندق ، وبني قريظة ، وبني المصطلق ، وبني لحيان ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطايف .
وأما سراياه فست وثلاثون ، أو لها سرية حمزة لقى أبا جهل بسيف البحر في ثلاثين من المهاجرين » .
ومما تلاحظه في روايات السلطة في سرايا النبي ( صلى الله عليه وآله ) وغزواته : أنهم عملوا لتوظيفها لتكبير أشخاص السلطة وأقاربهم وقبائلهم ، وطمس أدوار غيرهم !
فاخترعوا بطولات ومناقب كاذبة ، وادعوا حضور أشخاص لم يحضروا ، وأنكروا فرار أشخاص فروا ، وسرقوا أدوار أشخاص ونسبوها إلى آخرين !
ووصل أمرهم إلى إنكار غزوة بكاملها كغزوة ذات السلاسل التي كان قائدها علي ( عليه السلام ) ، واخترعوا بدلها غزوة لا وجود لها وسموها بنفس الاسم !
ثم حاولوا التخفيف عن أعداء الإسلام خاصة القرشيين ، حتى لو كان ثمن ذلك إلقاء اللوم على النبي ( صلى الله عليه وآله ) أو المسلمين ، فجعلوا أخذ الأسرى منهم في بدر سبباً للعقوبة الإلهية للمسلمين بهزيمتهم في أحُد ، والعقوبة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بجرحه !
كما أنهم كذبوا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في فعله وقوله ، وانتقصوا من شخصيته ( صلى الله عليه وآله ) أحياناً ، لتبرير فعل حاكم ، أو صحابي ، أو ادعاء منقبة له !
2 - معجزة إنشاء الأمة والمد الحضاري !
من عجائب نبينا ( صلى الله عليه وآله ) وخصائص شخصيته الربانية ، أنه استطاع أن ينشئ أكبر أمة وأكبر مد حضاري في تاريخ الأرض ، في مدة قياسية هي عشر سنوات بعد هجرته ، وبأقل كلفة عرفتها حركة كبرى ! حيث لم يتجاوز عدد القتلى من جيشه وجيوش أعدائه كما حسبه بعضهم 589 شخصاً !
3 - سرايا النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وغزواته قبل بدر
ذكرت مصادرنا وعدد من مصادرهم أن : « أول سرية سارت ولواء عقد في الإسلام ، لحمزة بن عبد المطلب في شهر ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سيف البحر ، من ناحية العيص من أرض جهينة ، في ثلاثين راكباً من المهاجرين ، فلقي أبا جهل في ثلاث مائه راكب من قريش ، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني ، وكان موادعاً للفريقين ، وانصرفوا ولم يك بينهم قتال » . اليعقوبي : 2 / 44 .
وزعم ابن حجر في فتح الباري : 7 / 67 والاستيعاب : 1 / 370 أنها كانت بإمرة عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب . وهذا فهرس لسرايا النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) إلى بدر من سيرة ابن هشام : 2 / 428 ، الطبري : 2 / 121 ، ذخائر العقبى / 175 ، إعلام الورى : 1 / 163 والصحيح من السيرة : 5 / 272 .
أول غزوة غزاها ( صلى الله عليه وآله ) في صفر على رأس اثني عشر شهراً من مقدمه ، فخرج حتى بلغ الأبواء ، يريد قريشاً وبني ضمرة ، ثم رجع ولم يلق كيداً ، فأقام بالمدينة بقية صفر وصدراً من شهر ربيع الأول ، وبعث عبيدة بن الحارث في ستين راكباً من المهاجرين ليس فيهم أحد من الأنصار ، فالتقى هو والمشركون على ماء يقال له أحياء ، وكانت بينهم الرماية ، وعلى المشركين أبو سفيان بن حرب .
ثم غزا ( صلى الله عليه وآله ) في شهر ربيع الآخر يريد قريشاً ، حتى بلغ بُوَاط ولم يلق كيداً .
ثم رجع ( صلى الله عليه وآله ) من العشيرة إلى المدينة فلم يقم بها عشر ليال ، حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة ، فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في طلبه حتى بلغ وادياً يقال له سفوان من ناحية بدر ، وهي غزوة بدر الأولى ، وفاته كرز فلم يدركه .
فرجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأقام جمادى الآخرة ورجب وشعبان ، وكان بعث بين ذلك سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط ، فرجع ولم يلق كيداً .
ثم بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عبد الله بن جحش إلى نخلة ، في اثني عشر رجلاً من المهاجرين وقال : كنَّ بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش ولم يأمره بقتال ، وكتب له كتاباً وقال : اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر ما فيه وامض لما أمرتك . فلما سار يومين وفتح الكتاب فإذا فيه : أن امض حتى ننزل نخلة ، فائتنا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم ، فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب : سمعاً وطاعة ، من كان له رغبة في الشهادة فلينطلق معي ! فمضى معه القوم حتى إذا نزلوا النخلة مر بهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان والمغيرة ابنا عبد الله ، معهم تجارة قدموا بها من الطائف ، أدَم وزبيب ، فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله وكان قد حلق رأسه ، فقالوا : عُمَّار ، ليس عليكم منهم بأس ، وأتمر أصحاب رسول الله وهي آخر يوم من رجب ، فقالوا : لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام ، ولئن تركتموهم ليدخلن هذه الليلة مكة فليمتنعن منكم ! فأجمع القوم على قتلهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمر بن الحضرمي بسهم فقتله ، واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان ، وهرب المغيرة بن عبد الله فأعجزهم ، واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله فقال لهم : والله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ، وأوقف الأسيرين والعير ولم يأخذ منها شيئاً ، وأسقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا ، وقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام ، فأنزل الله سبحانه :
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَكَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ « البقرة / 217 » . فلما نزل ذلك أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) العير وفداء الأسيرين ، وقال المسلمون : أتطمع لنا أن نكون غزاة ؟ فأنزل الله فيهم : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ « البقرة / 218 » . وكانت هذه قبل بدر بشهرين . ورد عبد الله بالخمس على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقسم الباقي بين أصحابه ، فكان أول خمس خمسه ( صلى الله عليه وآله ) .
وعلى رأس ثمانية أشهر من مهاجره الشريف ، عقد لعبيدة بن الحارث بن المطلب على ستين رجلاً ، ليلقوا أبا سفيان في بطن رابغ وكان في مئتين . وفي هذه السرية فر المقداد ، وعتبة بن غزوان ، « مهاجرين » إلى المسلمين .
وبعد ذلك كانت سرية سعد بن أبي وقاص على فريق من المهاجرين أيضاً ليعترضوا عيراً لقريش فسبقتهم . وقيل كان ذلك بعد بدر .
ثم كانت غزوة الأبواء ، خرج فيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه يريد قريشاً وبني مرة بن بكر فتلقاه سيد بني مرة بالأبواء فصالحه ، ثم رجع ( صلى الله عليه وآله ) إلى المدينة .
وبعدها كانت غزوة بواط ، جبل لجهينة ، قرب المدينة خرج ( صلى الله عليه وآله ) في مئتين من المهاجرين أيضاً ، يعترض عير بني ضمرة ، فبلغ بواطاً ورجع ولم يلق كيداً .
وبعدها بأيام قلائل كانت غزوة العشيرة ، يريد قريشاً ، حتى نزل العشيرة من بطن ينبع ، فأقام بها بقية جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة ، ووادع فيها بني مدلج وحلفائهم من بني ضمرة ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً .
وفيها كنَّى علياً ( عليه السلام ) بأبي تراب ، فروي عن عمار بن ياسر قال : « كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة ، فقال لي علي : هل لك يا أبا اليقظان في هذه الساعة بهذا النفر من بني مدلج يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون . فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا النوم ، فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء « تراب ناعم » من الأرض فنمنا فيه ، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بقدمه فجلسنا وقد تتربنا من تلك الدقعاء ، فيومئذ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : يا أبا تراب لما عليه من التراب . فقال : ألا أخبركم بأشقى الناس ؟ قلنا : بلى يا رسول الله . قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذا ووضع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يده على رأسه ، حتى يبل منها هذه ، ووضع يده على لحيته » !
ثم كانت سرية ابن جحش في رجب أو في جمادى الثانية من السنة الثانية ، في ثمانية أو اثني عشر رجلاً من المهاجرين . وكتب له النبي ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً وأمره أن لا يفتحه حتى يسير يومين ، ففتحها بعد يومين فوجد فيها بعد البسملة : أما بعد ، فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك ، حتى تنزل بطن نخلة ، فترصد بها عير قريش ، حتى تأتينا منها بخبر .
4 - مشروعية سياسة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) في السرايا والغزوات
1 . بهذه التحركات السريعة المتنوعة عرف أهل المدينة وجيرانهم اليهود ، ومن وراءهم من قريش والعرب ، أن الدولة التي أقامها النبي ( صلى الله عليه وآله ) قوية ومتوثبة . فقد كان هذا هو الطريق الوحيد لردع ذؤبان العرب ، ومردة أهل الكتاب ، وفراعنة قريش !
عرفوا يقظة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتنبهه لتحركاتهم ، وسرعة تحريكه لقواته ، ولو إلى مسافات بعيدة ، تصل أحياناً إلى مئات الكيلومترات .
ولذلك وادعه بنو مدلج وكتبوا معه صلحاً يتعهدون فيه بعدم قتاله ، وعدم معاونة أحد على قتاله ! مع أنهم قريبون من مكة ، ومع أن زعيمهم سراقة بن جشعم اعترض النبي ( صلى الله عليه وآله ) في طريق هجرته ليقتله أو يأسره ويأخذ جائزة قريش ، وكانت مئة بعير من قريش ! اليعقوبي : 2 / 39 والثاقب / 145 .
فقد تفاجأ سراقة عندما رأى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد خمسة عشر شهراً في وسط عشيرته ، في مئات من المسلمين مملوئين شجاعة وتوثباً ، فعقد معه معاهدة عدم اعتداء !
2 . لم يكتف النبي ( صلى الله عليه وآله ) بإرسال القادة الشجعان في سرايا الاستطلاع والترهيب ، بل كان يشارك فيها شخصياً عندما يرى لزوم ذلك ، أو يأمره ربه به ، ونلاحظ أنه شارك في ثلاثة غزوات قبل بدر هي : الأبواء وبواط والعشيرة ، وهذا يعطي لدولته ودعوته جدية خاصة .
3 . كان هدف النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يقطع طريق تجارة قريش الأساسية ، وهي طريق المدينة إلى الشام وفلسطين ومصر ، وبذلك لا يبقى لها إلا طريق الطائف إلى نجد والعراق ، وطريق جدة إلى الحبشة ، وطريق اليمن ، لكن تجارتها إلى هذه المناطق ثانوية .
وقد حاولت قريش أن تسلك طريق العراق إلى الشام بعد معركة بدر ، فأثبت لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنها أيضاً تحت سيطرته !
ففي سيرة ابن إسحاق : 3 / 296 ، ابن هشام : 2 / 563 : « أن قريشاً كانت قد أخافت طريقها التي تسلك إلى الشام حين كان من وقعة بدر ما كان ، فسلكوا طريق العراق ، وخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب ومعه فضة كثيرة ، وهو معظم تجارتهم ، واستأجروا من بني بكر بن وائل رجلاً يقال له فرات بن حيان يدلهم على الطريق ، وبعث رسول الله زيد بن حارثة في ذلك الوجه ، فلقيهم على ذلك الماء فأصاب تلك العير وما فيها وأعجزه الرجال » .
بل وقعت الطرق الأخرى تحت تهديد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، كما حصل في السنة السابعة عندما أسرت سرية للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ثمامة بن أثال زعيم اليمامة ، وعفا عنه النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأسلم ثمامة وذهب إلى مكة فقالوا له : « صبوتَ ؟ ! قال : لا ، ولكني أسلمت مع محمد ، ولا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » . « الكافي : 8 / 299 ، تاريخ المدينة : 2 / 435 » . فجاء أبو سفيان إلى المدينة مستغيثاً ، فكتب اليه النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يرفع عنهم الحصار فرفعه . ابن هشام : 4 / 1053 وأسباب النزول / 211 .
4 . كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يعرف أن التحرش بقوافل قريش يعني الاستعداد لرد فعلها العنيف الذي قد يصل إلى الحرب ، بل هذا ما يريده ( صلى الله عليه وآله ) ، فقد أوحى إليه ربه عز وجل : « اخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة ، فليس لك بمكة ناصر ، وانصب للمشركين حرباً . فعند ذلك توجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من مكة إلى المدينة » . « الكافي : 8 / 341 وتفسيرالعياشي : 1 / 257 » . ومعناه أن هذا المد الإسلامي يجب أن يتم ، والعقبة أمامه قريش ، ولا يمكن إزاحتها إلا بحربها وإخضاعها .
أما الوجه القانوني لأمر الرسول بحرب قريش ، فهو أن المالك للجميع هو الله تعالى ، وقد قال : وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَئٍْ قَدِيرٌ .
وهذا معنى قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) في بدر : « قم يا علي ، قم يا حمزة ، قم يا عبيدة ، قاتلوا على حقكم الذي بعث به نبيكم » . « الفصول المهمة : 1 / 315 » . فحقهم على قريش أن الله الخالق المالك أرسل رسولاً ( صلى الله عليه وآله ) وأمره أن يبلغ دينه لعباده ، فكذبته قريش ومنعته هو وأصحابه من تبليغه للناس ، وظلمتهم واضطهدتهم ، فأعطاهم الله حق حربها وإزاحتها من طريقهم .
ويؤيد ذلك ما رواه ابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 161 : « لما كان بعد سبعة أشهر من الهجرة نزل جبرئيل بقوله : أُذِنَ للَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ . الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ . الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَوةَ وَآتَوُا الزَّكَوةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللَّهِ عَاقِبَةُ الآمُورِ . وقلده في عنقه سيفاً ، وفي رواية : لم يكن له غمد ، فقال له : حارب بهذا قومك حتى يقولون لا إله إلا الله » .
ويؤيد ذلك أيضاً ما رواه في الكافي : 5 / 10 : « عن حفص بن غياث ،
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سأل رجل أبي صلوات الله عليه عن حروب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وكان السائل من محبينا ، فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : بعث الله محمداً ( صلى الله عليه وآله ) بخمسة أسياف ، ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها ، ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم ، فيومئذ : لايَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا .
وسيف منها مكفوف ، وسيف منها مغمود ، سله إلى غيرنا وحكمه إلينا .
وأما السيوف الثلاثة الشاهرة : فسيف على مشركي العرب قال الله عز وجل : فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَوةَ وَآتَوُا الزَّكَوةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ . . فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام ، وأموالهم وذراريهم سبي على ما سن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فإنه سبى وعفى وقبل الفداء . . الخ » .