النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
زواج النبي "ص" بعد وفاة خديجة "ع"
المؤلف: الشيخ علي الكوراني
المصدر: السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة: ج1، ص618-641
2024-09-22
624
لم يتزوج النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) على خديجة وتزوج بعد هجرته
قال ابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 137 : « في إعلام الورى ، ونزهة الأبصار ، وأمالي الحاكم ، وشرف المصطفى : أنه ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بإحدى وعشرين امرأة . وقال ابن جرير وابن مهدي : واجتمع له إحدى عشرة امرأة في وقت .
ترتيب أزواجه : تزوج بمكة أولاً خديجة بنت خويلد ، قالوا : وكانت عند عتيق بن عايذ المخزومي ثم عند أبي هالة زرارة بن نباش الأسدي .
وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) تزوج بها وكانت عذراء ، يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة .
وسودة بنت زمعة بعد موتها بسنة ، وكانت عند سكران بن عمرو من مهاجري الحبشة فتنصر ومات بها . وعائشة بنت أبي بكر ، وهي ابنة سبع قبل الهجرة بسنتين ، ويقال كانت ابنة ست ودخل بها بالمدينة في شوال وهي ابنة تسع ، ولم يتزوج غيرها بكراً ، وتوفي النبي وهي ابنة ثمانية عشر سنة ، وبقيت إلى أمارة معاوية وقد قاربت السبعين .
وتزوج بالمدينة أم سلمة ، واسمها هند بنت أمية المخزومية ، وهي بنت عمته عاتكة بنت عبد المطلب ، وكانت عند أبي سلمة بن عبد الأسد ، بعد وقعة بدر من سنة اثنتين من التاريخ ، وفي هذه السنة تزوج بحفصة بنت عمر وكانت قبله تحت خنيس بن عبد الله ابن حذاقة السهمي ، فبقيت إلى آخر خلافة علي ( عليه السلام ) وتوفيت بالمدينة . وزينب بنت جحش الأسدية ، وهي ابنة عمتها أميمة بنت عبد المطلب ، وكانت عند زيد بن حارثة ، وهي أول من ماتت من نسائه بعده في أيام عمر ، بعد سنتين من التاريخ .
وجويرية بنت الحارث بن ضرار المصطلقية ، ويقال إنه اشتراها فأعتقها وتزوجها وماتت في سنة خمسين ، وكانت عند مالك بن صفوان بن ذي السفرتين . وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، واسمها رملة وكانت عند عبد الله بن جحش ، في سنة ست ، وبقيت إلى أمارة معاوية .
وصفية بنت حي بن أخطب النضري ، وكانت عند سلام بن مسلم ، ثم عند كنانة ابن الربيع ، وكانت أتي بها وأسر بها في سنة سبع . وميمونة بنت الحارث الهلالية ، خالة ابن عباس ، وكانت عند عمير بن عمرو الثقفي ، ثم عند أبي زيد بن عبد العامري ، خطبها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) جعفر بن أبي طالب وكان تزويجها وزفافها وموتها وقبرها بسرف ، وهو على عشرة أميال من مكة في سنة سبع ، وماتت في سنة ست وثلاثين . وقد دخل بهؤلاء .
والمطلقات أو من لم يدخل بهن أو من خطبها ولم يعقد عليها : فاطمة بنت شريح وقيل بنت الضحاك ، تزوجها بعد وفاة ابنته زينب وخيرها حين أنزلت عليه آية التخيير فاختارت الدنيا ففارقها ، فكانت بعد ذلك تلقط البعر وتقول : أنا الشقية اخترت الدنيا . وزينب بنت خزيمة بن الحرث أم المساكين من عبد مناف ، وكانت عند عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب . وأسماء بنت النعمان بن الأسود الكندي من أهل اليمن . وأسماء بنت النعمان ، لما دخلت عليه قالت : أعوذ بالله منك ، فقال : أعذتك إلحقي بأهلك ، وكانت بعض أزواجه علمتها وقالت : إنك تحظين عنده . وقتيلة أخت الأشعث بن قيس الكندي ، ماتت قبل أن يدخل بها ، ويقال طلقها فتزوجها عكرمة بن أبي جهل وهو الصحيح .
وأم شريك ، واسمها غزية بنت جابر من بني النجار . وسنا بنت الصلت من بني سليم ، ويقال خولة بنت حكيم السلمي ماتت قبل أن تدخل عليه ، وكذلك صراف أخت دحية الكلبي .
ولم يدخل بعمرة الكلابية ، وأميمة بنت النعمان الجونية ، والعالية بنت ظبيان الكلابية ، ومليكة الليثية . وأما عميرة بنت بريد رأى بها بياضاً فقال : دلستم عليَّ فردها ، وليلى بنت الحطيم الأنصارية ضربت ظهره وقالت : أقلني ، فأقالها فأكلها الذئب ، وعمرة من العرطا « كذا » وصفها أبوها حتى قال : إنها لم تمرض قط ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما لهذه عند الله من خير . والتسع اللاتي قبض عنهن : أم سلمة ، زينب بنت جحش ، ميمونة ، أم حبيبة ، صفية ، جويرية ، سودة ، عائشة ، حفصة .
قال زين العابدين ( عليه السلام ) ، والضحاك ، ومقاتل : المُوهبة امرأة من بني أسد ، وفيه ستة أقوال . ومات قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) : خديجة ، وزينب بنت خزيمة . وأفضلهن خديجة ، ثم أم سلمة ، ثم ميمونة .
مبسوط الطوسي ، أنه اتخذ من الإماء ثلاثاً : عجميتين وعربية فأعتق العربية واستولد إحدى العجميتين ، وكان له سريتان يقسم لهما مع أزواجه : مارية القبطية ، وريحانة بنت زيد القرظية ، أهداهما المقوقس صاحب الإسكندرية ، وكانت لمارية أخت اسمها سيرين فأعطاها حسان فولدت عبد الرحمن ، فتوفيت مارية بعد النبي بخمس سنين ، ويقال إنه أعتق ريحانة ثم تزوجها .
وفي الأنوار ، والكشف ، واللمع ، وكتاب البلاذري : أن زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش ، فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين » .
أم سَلمة أفضل أزواج النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بعد خديجة ( عليها السلام )
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « أفضلهن خديجة بنت خويلد ، ثم أم سلمة ، ثم ميمونة » . « الخصال / 419 » . وقد تزوج سَوْدة أول دخوله المدينة ، ثم تزوج أم سلمة وهي بنت عم أبي جهل ، أبوها أبو أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر المخزومي ! وكان يسمى زاد الراكب لكرمه ، وأبو جهل هو : عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم . دلائل الإمامة / 81 وعمدة القاري : 17 / 84 .
أما زوجها قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبو سلمة فهو : « عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم » . « الحاكم : 4 / 16 و 19 » . وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة .
وكان أخوها لأبيها عبد الله بن أبي أمية من أشد أعداء النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع أنه ابن عاتكة بنت عبد المطلب عمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! وهو الذي قال : « لا أومن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سُلَّماً وترقى فيه وأنا أنظر ، حتى تأتيها ، وتأتي بنسخة منشورة معك ، ونفرٍ من الملائكة ، يشهدون لك أنك كما تقول » !
وفيه وفي رفقائه نزل قوله تعالى : « وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا . أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا . أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِىَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً . أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولاً » . أسباب النزول / 199 .
« وقد أسلمت أم سلمة وزوجها وهاجرا إلى الحبشة ، ورزقت منه ثلاثة بنين وثلاث بنات ، ورجعوا من الحبشة إلى المدينة وتوفي أبو سلمة قبل بدر ، فتزوج بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد بدر في شوال . وعاشت إلى خلافة يزيد بعد شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وصلى عليها سعيد بن زيد وكان أمير المدينة » . المناقب : 1 / 138 ، الإستيعاب : 4 / 1920 و 3 / 18 ، ذخائر العقبى / 250 ، الحاكم : 4 / 18 ، أسباب النزول / 199 ، الطبقات : 8 / 43 وابن إسحاق : 2 / 180 .
خطبة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لأم سلمة
أرسل النبي ( صلى الله عليه وآله ) يخطبها فأجابته : « فيَّ خصال ثلاث : أما أنا فكبيرة ، وأنا مُطفلٌ ، وأنا غيورٌ . فقال ( صلى الله عليه وآله ) : أما ما ذكرت من الغيرة فندعو الله حتى يذهبه عنك ، وأما ما ذكرت من الكبر فأنا أكبر منك ، والطفل إلى الله وإلى رسوله » . « ابن إسحاق : 5 / 429 ، الطبقات : 8 / 91 » . وفي رواية قالت : أنا امرأة مصبية ، أي عندي أطفال .
وفي الإنتصار للمرتضى / 285 : « فقالت ليس أحد من أوليائي حاضراً ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ليس أحد من أوليائك حاضراً أو غائباً إلا ويرضى بي ، ثم قال لعمر بن أبي سلمة وكان صغيراً : قم فزوجها ، فتزوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بغير ولي » .
وكانت موصوفة بالجمال ، « ففي الكافي : 5 / 117 » ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « مات الوليد بن المغيرة فقالت أم سلمة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : إن آل المغيرة قد أقاموا مناحة فأذهب إليهم ؟ فأذن لها ، فلبست ثيابها وتهيأت وكانت من حسنها كأنها جان ، وكانت إذا قامت فأرخت شعرها جلل جسدها وعقدت بطرفيه خلخالها ، فندبت ابن عمها بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت :
أنعى الوليد بن الوليد * أبا الوليد فتى العشيرة
حامي الحقيقة ماجد * يسمو إلى طلب الوتيرة
قد كان غيثاً في السنين * وجعفراً غدقاً وميرة
قال : فما عاب ذلك عليها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولا قال شيئاً » .
وقالت عائشة : « لما تزوج رسول الله أم سلمة حزنت حزناً شديداً لما ذكروا لنا من جمالها ! قالت : فتلطفت لها حتى رأيتها فرأيتها والله أضعاف ما وُصفت لي في الحسن والجمال ! قالت : فذكرت ذلك لحفصة وكانتا يداً واحدة ، فقالت : لا والله إن هذه إلا الغيرة ما هي كما يقولون ، فتلطفت لها حفصة حتى رأتها فقالت : قد رأيتها ولا والله ما هي كما تقولين وإنها لجميلة ! قالت : فرأيتها بعد فكانت لعمري كما قالت حفصة ، ولكني كنت غَيْرَى » . الطبقات : 8 / 94 .
أمينة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وعترته ( ( عليهم السلام ) )
أدَّت أم سلمة رضي الله عنها واجبها في خدمة النبوة والإمامة على أحسن وجه وكان لها دور في نشر حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والدفاع عن أمير المؤمنين والزهراء والحسنين والأئمة « عليهم السلام » ، سواء في عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أو بعد وفاته ( صلى الله عليه وآله ) ، وفي مواجهة أهل السقيفة ، ثم في مواجهة عائشة وطلحة والزبير ومعاوية ويزيد ! وساعدها على ذلك أنها من شخصيات بني مخزوم ، وأنها أطول نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) عمراً ، وصاحبة مكانة محترمة عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أودع عندها تربة كربلاء التي أتاه بها جبرئيل ( عليه السلام ) وأخبرها أنها عندما يقتل الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء تتحول إلى دم عبيط ، أي صافٍ ! وقد استفاضت روايتها في مصادر الشيعة والسنة ، فمن ذلك ما رواه أحمد : 3 / 242 ووثقوه ، عن أنس بن مالك : « أن ملك المطر استأذن ربه أن يأتي النبي فأذن له فقال لأم سلمة : إملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد ، قال : وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعلى منكبه وعلى عاتقه ، قال فقال الملك للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : أتحبه ؟ قال : نعم . قال : أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ! فضرب بيده فجاء بطينة حمراء ، فأخذتها أم سلمة فَصَرَّتها في خمارها ، قال ثابت : بلغنا أنها كربلاء » .
ومن مصادرنا ما رواه الطوسي في أماليه / 315 ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : « بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخاً عظيماً عالياً من بيت أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) فخرجت يتوجه بي قائدي إلى منزلها ، وأقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء ، فلما انتهيت إليها قلت : يا أم المؤمنين ما بالك تصرخين وتغوثين ؟ فلم تجبني وأقبلت على النسوة الهاشميات وقالت : يا بنات عبد المطلب أسعدنني وابكين معي ، فقد والله قتل سيدكن وسيد شباب أهل الجنة ، قد والله قتل سبط رسول الله وريحانته الحسين ! فقيل : يا أم المؤمنين ومن أين علمت ذلك ؟ قالت : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المنام الساعة شَعِثاً مذعوراً فسألته عن شأنه ذلك ، فقال : قتل ابني الحسين وأهل بيته اليوم فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم ! قالت : فقمت حتى دخلت البيت وأنا لا أكاد أن أعقل ، فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء فقال : إذا صارت هذه التربة دماً فقد قتل ابنك ، وأعطانيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : إجعلي هذه التربة في زجاجة أو قال : في قارورة ولتكن عندك ، فإذا صارت دما عبيطاً فقد قتل الحسين ! فرأيت القارورة الآن وقد صارت دماً عبيطاً تفور ! قال : وأخذت أم سلمة من ذلك الدم فلطخت به وجهها ، وجعلت ذلك اليوم مأتماً ومناحة على الحسين ( عليه السلام ) ، فجاءت الركبان بخبره ، وأنه قتل في ذلك اليوم !
قال عمرو بن ثابت قال أبي : فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام ) منزله فسألته عن هذا الحديث ، وذكرت له رواية سعيد بن جبير هذا الحديث عن عبد الله بن عباس فقال : أبو جعفر ( عليه السلام ) حدثنيه عمر بن أبي سلمة ، عن أمه أم سلمة » .
كما أعطاها صحيفة علامةً على إمامة علي ( عليه السلام ) ، ففي بصائر الدرجات / 186 ، عن ابن عباس و : 188 ، عن أم سلمة قالت : « أعطاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كتاباً قال : أمسكي هذا فإذا أنا قبضت فقام رجل على هذه الأعواد يعني المنبرفأتاك يطلب هذا الكتاب فادفعيه إليه . قالت : فلما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صعد أبو بكر المنبر فانتظرته به فلم يأت ، فلما مات صعد عمر فانتظرته فلم يأت فلما مات عمر صعد عثمان فانتظرته فلم يأت ، فلما مات عثمان صعد أمير المؤمنين فلما صعد ونزل جاء فقال : يا أم سلمة أريني الكتاب الذي أعطاك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقالت : وإنك أنت صاحبه ؟ فقالت : أما والله إن الذي كنت أحب أن يحبوك به فأخرجته إليه ففتحه فنظر فيه ثم قال : إن في هذا لعلما جديداً . قال قلت أي شئ كان ذلك ؟ قال : كل شئ يحتاج إليه ولد آدم » !
ونحوه بصائر الدرجات / 183 ، عن عمر بن أم سلمة : « فاستأذن عليٌّ فدخل فقال لها : أعطني الكتاب الذي دفع إليك بآية كذا وكذا ، وكأني أنظر إلى أمي حتى قامت إلى تابوت لها في جوفها تابوت صغير ، فاستخرجت من جوفه كتاباً فدفعته إلى علي ( عليه السلام ) ، ثم قالت لي أمي : يا بنيَّ إلزمه فلا والله ما رأيت بعد نبيك إماماً غيره » !
كما استودعها المؤمنين ( عليه السلام ) مواريث الأنبياء ( عليه السلام ) لتسلمها إلى الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، « ففي الكافي : 1 / 298 » ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « إن علياً حين سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه والوصية ، فلما رجع الحسن ( عليه السلام ) دفعتها إليه » .
كما استودعها الإمام الحسين ( عليه السلام ) وصيته ومواريث الأنبياء « عليهم السلام » ، « ففي الكافي : 1 / 304 » ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة الكتب والوصية ، فلما رجع علي بن الحسين ( عليه السلام ) دفعتها إليه » .
وفي بصائر الدرجات / 197 ، عن حمران أنه سأل الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة ؟ قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما قبض ورث علي ( عليه السلام ) سلاحه وما هنالك ، ثم صار إلى الحسن والحسين ، فلما خشيا أن يفتشا استودعا أم سلمة ، ثم قبضا بعد ذلك فصار إلى أبيك علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، ثم انتهى إليك أو صار إليك ؟ قال نعم » .
وفي غيبة الطوسي / 195 : « لما توجه الحسين ( عليه السلام ) إلى العراق دفع إلى أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) الوصية والكتب وغير ذلك ، وقال لها : إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك ، فلما قتل الحسين أتى علي بن الحسين ( صلى الله عليه وآله ) أم سلمة فدفعت إليه كل شئ أعطاها الحسين ( عليه السلام ) » .
طلب معاوية شهادتها بإمامة علي ( ( ع ) )
روى محمد بن سليمان في المناقب : 1 / 507 عن عبيد الله بن أبي رافع قال : « كنا جلوساً في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عام حج معاوية بن أبي سفيان ، ومعي عبد الله بن عباس وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر ، فأتانا معاوية فسلم وقعد إلينا ، فاشمأز منه ابن عباس حين قعد إليه حتى عرف ذلك معاوية ، فقال له : يا ابن عباس كأنك مشمئز مني كأنك واجدٌ عليَّ أن طلبت بدم أمير المؤمنين وكنتُ أحق من طلب بدمه وأقواهم عليه ؟ فقال له ابن عباس : وبمَ أنت أحق الناس ؟ قال : أليس ابن عمي قتل وهو أمير المؤمنين ؟ فقال ابن عباس : فهذا ! وأشار إلى ابن عمر أحق بالأمر منك ! قد قتل أبوه وهو خليفته ! فقال له معاوية : قتل أباه مشرك وقتل ابن عمي المسلمون . فقال ابن عباس : فذاك أشرإذن . قال : ثم التفت معاوية إلى سعد فقال : يا سعد ما منعك أن تقاتل معي وتخرج إذ طلبت بدم أمير المؤمنين ؟ فقال له سعد : أقاتل علي بن أبي طالب وقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ؟ ! فقال له معاوية : من سمع هذا معك ؟ فقال : أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : قوموا بنا إليها فقمنا جميعاً فدخلنا عليها فقال لها سعد : يا أم المؤمنين إني ذكرت لمعاوية أن رسول الله قال لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، فأنكر ذلك وقال : من سمعه معك فذكرتك فهل سمعت ذاك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقالت أم سلمة : أما مرة واحدة فلا ، ولكن سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مراراً ! فقال معاوية لسعد : أنت أظلم وأقل عذراً إذ سمعت هذا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلم تخرج إليه ولم تقاتل معه ولم تنصره ! فلو سمعتُ هذا من رسول الله لم أقاتله » .
ونحوه : 1 / 421 ، وفيه قال معاوية لسعد : « ألْوَمُ والله ما كنت عندي الساعة ! لو سمعتُ هذا من رسول الله ، ما زلت خادماً لعلي حتى أموت » !
من امتيازاتها على نساء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
كانت أم سلمة كخديجة ، تشتري العبيد وتعتقهم ، وربما اشترت الصغير فربته حتى يكبر وأعتقته ، لذا تجد عدداً من الرواة والعلماء من موالي أم سلمة ففي الإصابة : 7 / 4 : « أبو إبراهيم مولى أم سلمة . . قال : كنت عبداً لأم سلمة ، فكنت أبيت على فراش النبي وأتوضأ من محضنته ، فلما بلغت مبالغ الرجال أعتقتني » .
وكانت تشجع المملوك على العمل ليحرر نفسه ، ففي الطبقات : 5 / 296 ، عن نصاح بن سرجس بن يعقوب عن أبيه قال : « كاتبتني أم سلمة على نجوم « أقساط » وفيتها ، فكلمتها أن تحط عني وتقاطعني على ذهب أو ورق ، ففعلت . وعجَّلت لها ذلك ووضعت عني . وكان شيبة إمام أهل المدينة في القراءة في دهره » .
وهذا عدد آخر من موالي أم سلمة رضي الله عنها :
ففي الهداية الكبرى / 115 ، في حديث زفاف فاطمة « عليها السلام » : « فخرج مولى لأم سلمة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فنثر سكراً ولوزاً ونثر الناس من كل جانب » .
وفي الطبقات : 5 / 297 : « عبد الله بن رافع مولى أم سلمة زوج النبي ( عليه السلام ) عتاقةً ، سمع من أم سلمة ، وبقي حتى سمع منه عبد الله بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وقدامة بن موسى وجارية بن أبي عمران ، وكان ثقة كثير الحديث .
ناعم بن أجيل مولى أم سلمة . قيس مولى أم سلمة ، ويكنى أبا قدامة .
أبو ميمونة مولى أم سلمة . وكان قارئ أهل المدينة في زمانه ، وهو الذي قرأ عليه نافع بن أبي نعيم كثير بن أفلح » .
وفي المغني : 12 / 339 : « عن نبهان مولى أم سلمة ، عن أم سلمة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : إذا كان لإحداكن مكاتب فملك ما يؤدي ، فلتحتجب منه » .
« وفي إسناده نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري وقد وثق » المجموع : 16 / 136 .
« عن عبد الله بن رافع ، مولى أم سلمة » . الموطأ : 1 / 8 .
« عن طلحة بن يحيى عن عبد الله بن فروخ مولى أم سلمة » . الجوهر النقي : 6 / 189 .
« سفينة هو مولى أم سلمة ، وشرطت عليه أن يخدم النبي ( صلى الله عليه وآله ) » . المحلى : 5 / 157 .
« أفلح . . مولى لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقيل مولى لأم سلمة » . سبل السلام : 3 / 216 .
« عن ناعم مولى أم سلمة » . مسند أحمد : 2 / 163 .
« حدثني عمرو ، عن أبي السمح ، عن السائب مولى أم سلمة ، عن أم سلمة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال خير مساجد النساء قعر بيوتهن » . مسند أحمد : 6 / 297 .
« حبيب ، عن ناعم مولى أم سلمة ، عن أم سلمة » . مسند أحمد : 6 / 299 .
« عن السائب مولى أم سلمة أن نسوة دخلن على أم سلمة من أهل حمص » . « مسند أحمد : 6 / 301 » . « أن أبا الجراح مولى أم سلمة أخبره » . مسند أحمد : 6 / 326 .
« عبد الله بن زياد بن سمعان مولى أم سلمة مكي » . رجال الطوسي / 231 .
« القزاز قال : سمعت مولى لأم سلمة يقول : سمتني أم سلمة مخوضاً ، وكنت طويلاً » . علل أحمد : 1 / 221 .
« عبد الله بن زياد بن سمعان هو مولى أم سلمة » « التاريخ الصغير للبخاري : 2 / 106 » . « نجيح أبو معشر السندي المدني مولى أم سلمة » . « التاريخ الصغير للبخاري 2 / 187 » . « السائب مولى أم سلمة » « نفيع مولى أم سلمة » « يزيد مولى أم سلمة » . « التاريخ الكبير للبخاري 4 / 153 ، 8 / 113 و 271 » . « أبي الجراح مولى أم سلمة » . كنى البخاري / 19 .
« أحمر مولى أم سلمة ، قيل هو اسم سفينة » . الإصابة : 1 / 187 .
« من طريق إبراهيم بن عبد الرحمن بن صبيح مولى أم سلمة » الإصابة : 3 / 327 .
« المهاجر مولى أم سلمة يكنى أبا حذيفة صحب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخدمه ، وشهد فتح مصر واختط بها ، ثم تحول إلى طحا فسكنها إلى أن مات » . الإصابة : 6 / 181 .
« أبي سليمان مولى أم سلمة » « الإصابة : 6 / 501 » . « قيس مولى أم سلمة »
تعجيل المنفعة / 346 .
« ويقال بل كانت أم الحسن « البصري » مولاة لأم سلمة . فيذكرون أن أمه كانت ربما غابت فيبكي الصبي فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجئ أمه فدر عليها ثديها فشربه فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك » . الطبقات : 7 / 156 .
وفي أمالي الصدوق / 463 ، عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قال : « بلغ أم سلمة زوجة النبي أن مولى لها يتنقص علياً ( عليه السلام ) ويتناوله ، فأرسلت إليه فلما أن صار إليها قالت له : يا بنيَّ بلغني أنك تتنقص علياً وتتناوله ؟ قال لها : نعم يا أماه . قالت : أقعد ثكلتك أمك حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم اختر لنفسك ! إنا كنا عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تسع نسوة وكانت ليلتي ويومي من رسول الله فدخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو متهلل أصابعه في أصابع علي ، واضعاً يده عليه فقال : يا أم سلمة ، أخرجي من البيت وأخليه لنا ، فخرجت واقبلا يتناجيان ، أسمع الكلام وما أدري ما يقولان ، حتى إذا انتصف النهار أتيت الباب فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ قال : لا . فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة ، أو نزل في شئ من السماء ، ثم لم ألبث أن أتيت الباب الثانية فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ فقال : لا . فكبوت كبوة أشد من الأولى . ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة ، فقلت : أدخل يا رسول الله ؟ فقال : أدخلي يا أم سلمة ، فدخلت وعلي جاث بين يديه ، وهو يقول : فداك أبي وأمي يا رسول الله ، إذا كان كذا وكذا فما تأمرني ؟ قال : آمرك بالصبر . ثم أعاد عليه القول الثانية فأمره بالصبر ، فأعاد عليه القول الثالثة فقال له : يا علي يا أخي ، إذا كان ذاك منهم فسل سيفك وضعه على عاتقك واضرب به قدماً قدماً ، حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم ! ثم التفت ( عليه السلام ) إلي فقال لي : ما هذا الكآبة يا أم سلمة ؟ قلت : للذي كان من ردك لي يا رسول الله . فقال لي : والله ما رددتك من موجدة وإنك لعلى خير من الله ورسوله ، لكن أتيتني وجبرئيل عن يميني ، وعلي عن يساري ، وجبرئيل يخبرني بالأحداث التي تكون من بعدي ، وأمرني أن أوصي بذلك علياً !
يا أم سلمة ، إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا وأخي في الآخرة .
يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ، ووزيري في الآخرة . يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب ، حامل لوائي في الدنيا وحامل لوائي غداً في القيامة . يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي ، وقاضي عداتي ، والذائد عن حوضي .
يا أم سلمة إسمعي واشهدي : هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
قلت : يا رسول الله ، من الناكثون ؟ قال : الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة . قلت : من القاسطون ؟ قال : معاوية وأصحابه من أهل الشام . قلت : من المارقون ؟ قال : أصحاب النهروان .
فقال مولى أم سلمة : فرجت عني فرج الله عنك ، والله لاسببت علياً أبداً » !
« عن عبد الله بن مغيرة مولى أم سلمة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنها قالت : نزلت هذه الآية في بيتها : إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً . أمرني رسول الله أن أرسل إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ، فلما أتوه اعتنق علياً بيمينه والحسن بشماله والحسين على بطنه وفاطمة عند رجله ، فقال : اللهم هؤلاء أهلي وعترتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً . قالها ثلاث مرات . قلت : فأنا يا رسول الله . فقال : إنك على خير إن شاء الله » . أمالي الطوسي / 263 .
« عن أبي الأحوص مولى أم سلمة قال : إني مع الحسن ( عليه السلام ) بعرفات ومعه قضيب وهناك أجراء يحرثون ، فكلما هموا بالماء أجبل عليهم ، فضرب بقضيبه إلى الصخرة فنبع لهم منها ماء واستخرج لهم طعاماً » . دلائل الإمامة / 171 .
أي كانوا يحفرون بئراً فظهر صخر صعب ، فضربه الإمام ( عليه السلام ) فنبع الماء ، ثم استخرج لهم طعاماً من هناك . راجع لسان العرب : 11 / 97 .
أذى نساء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) لأم سلمة !
قالت عائشة ، « البخاري 3 / 132 » : « إن نساء رسول الله كنَّ حزبين : فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة . والحزب الآخر : أم سلمة وسائر نساء رسول الله » ! روى في الطبقات : 8 / 80 ، عن فاطمة الخزاعية قالت إن عائشة قالت لها : « دخل علي يوماً رسول الله فقلت : أين كنت منذ اليوم ؟ قال : يا حميراء كنت عند أم سلمة . فقلت : ماتشبع من أم سلمة » !
وروى بخاري : 3 / 108 ، أن أم سلمة أرسلت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو عند عائشة ، بقصعة فيها طعام : « فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة » . وفي سبل السلام : 3 / 70 والنسائي : 7 / 70 : « واتفقت مثل هذه القصة من عائشة في صحفة أم سلمة . ووقع مثلها لصفية » .
وتدخَّل عمر بين نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فغضبت أم سلمة كما في « البخاري : 6 / 69 » : « فقالت أم سلمة : عجباً لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شئ ، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأزواجه » !
وفي الكافي : 5 / 565 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن أبا بكر وعمر أتيا أم سلمة فقالا لها : يا أم سلمة إنك قد كنت عند رجل قبل رسول الله فكيف رسول الله من ذاك في الخلوة ؟ ! فقالت : ما هو إلا كسائر الرجال ! ثم خرجا عنها وأقبل النبي فقامت إليه مبادرة فرقاً أن ينزل أمر من السماء فأخبرته الخبر فغضب رسول الله حتى تربد وجهه والتوى عرق الغضب بين عينيه ، وخرج وهو يجر رداؤه حتى صعد المنبر . فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ما بال أقوام يتبعون عيبي ويسألون عن غيبي ! والله إني لأكرمكم حسباً وأطهركم مولداً وأنصحكم لله في الغيب ، ولايسألني أحد منكم عن أبيه إلا أخبرته . . إلى آخر الحديث » .
أم سلمة عند وفاة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
وروت أم سلمة أجواء وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقالت كما في الخصال / 642 : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مرضه الذي توفي فيه : ادعوا لي خليلي ، فأرسلت عائشة إلى أبيها فلما جاء غطى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وجهه وقال : ادعوا لي خليلي ! فرجع أبو بكر ! وبعثت حفصة إلى أبيها ، فلما جاء غطى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وجهه وقال : ادعوا لي خليلي » .
وفي الإرشاد : 1 / 185 : « فأفاق إفاقة فافتقد علياً فقال وأزواجه حوله : ادعوا لي أخي وصاحبي ، وعاوده الضعف فأصمت ، فقالت عائشة ادعوا له أبا بكر ، فدعي فدخل عليه فقعد عند رأسه فلما فتح عينه نظر إليه وأعرض عنه بوجهه ، فقام أبو بكر وقال : لو كان له إلي حاجة لأفضى بها إلي . فلما خرج أعاد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) القول ثانية وقال : ادعوا لي أخي وصاحبي ، فقالت حفصة ادعوا له عمر ، فدعي فلما حضر رآه النبي فأعرض عنه فانصرف . ثم قال : ادعوا لي أخي وصاحبي ، فقالت أم سلمة : ادعوا له علياً فإنه لا يريد غيره ، فدعي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فلما دنا منه أومأ إليه فأكب عليه فناجاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) طويلاً ، ثم قام فجلس ناحية حتى أغفى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال له الناس : ما الذي أوعز إليك يا أبا الحسن ؟ فقال : علمني ألف باب فتح لي كل باب ألف باب ، ووصاني بما أنا قائم به إن شاء الله . ثم ثقل وحضره الموت وأميرالمؤمنين حاضر عنده . فلما قرب خروج نفسه قال له : ضع رأسي يا علي في حجرك ، فقد جاء أمرالله عز وجل فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ، ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل علي أول الناس ، ولاتفارقني حتى تواريني في رمسي ، واستعن بالله تعالى فأخذ علي رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه فأكبت فاطمة تنظر في وجهه وتندبه وتبكي » أقول : من الغريب أن أحمد بن حنبل روى هذا الحديث : 1 / 356 !
أدانت أم سلمة أهل السقيفة
فقد روى سليم بن قيس « رحمه الله » في كتابه / 389 ، عن البراء بن عازب في إجبارهم علياً على البيعة : « فقام عمر فقال لأبي بكر : ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب ، لا يقوم فيبايعك ، أو تأمر به فنضرب عنقه ، والحسن والحسين قائمان ، فلما سمعا مقالة عمر بكيا ، فضمهما ( عليه السلام ) إلى صدره فقال : لا تبكيا ، فوالله ما يقدران على قتل أبيكما . وأقبلت أم أيمن حاضنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت : يا أبا بكر ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم ونفاقكم ، فأمر بها عمر فأخرجت من المسجد وقال : ما لنا وللنساء . وقام بريدة الأسلمي وقال : أتثب يا عمر على أخي رسول الله وأبي ولده وأنت الذي نعرفك في قريش بما نعرفك ؟ ألستما قال لكما رسول الله : انطلقا إلى علي وسلما عليه بإمرة المؤمنين ؟ فقلتما : أعن أمر الله وأمر رسوله ؟ قال : نعم . فقال أبو بكر : قد كان ذلك ولكن رسول الله قال بعد ذلك : لا يجتمع لأهل بيتي النبوة والخلافة . فقال : والله ما قال هذا رسول الله ، والله لا سكنت في بلدة أنت فيها أمير ، فأمر به عمر فضرب وطرد . وأقبلت أم أيمن النوبية حاضنة رسول الله وأم سلمة فقالتا : يا عتيق ، ما أسرع ما أبديتم حسدكم لآل محمد ! فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد ، وقال : ما لنا وللنساء » !
وفي قرب الإسناد / 60 ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : « كانت امرأة من الأنصار تدعى حسرة تغشى آل محمد وتحن ، وإن [ فلاناً وفلاناً ] لقياها ذات يوم فقالا : أين تذهبين يا حسرة ؟ فقالت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم ، وأحدث بهم عهداً فقالا : ويلك إنه ليس لهم حق ، إنما كان هذا على عهد رسول الله ! فانصرفت حسرة ولبثت أياماً ثم جاءت فقالت لها أم سلمة زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما أبطأ بك عنا يا حسرة ؟ فقالت : استقبلني [ فلان وفلان ] فقالا : أين تذهبين يا حسرة ؟ فقلت : أذهب إلى آل محمد فأقضي من حقهم الواجب . فقالا : إنه ليس لهم حق إنما كان هذا على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! فقالت أم سلمة : كذبا لعنهما الله ! لا يزال حقهم واجباً على المسلمين إلى يوم القيامة » !
كما أن أم سلمة رضي الله عنها بعد خطبة فاطمة « عليها السلام » في المسجد ، فحثَّت المسلمين على نصرتها ، ففي دلائل الإمامة / 124 ، والدر النظيم / 480 ، أنها قالت بعد خطبة فاطمة « عليها السلام » وجواب أبي بكر لها : « ألمثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا القول ؟ ! هي والله الحوراء بين الإنس ، والنفس للنفس ، ربيت في حجور الأتقياء ، وتناولتها أيدي الملائكة ، ونمت في حجور الطاهرات ، ونشأت خير نشأ ، وربيت خير مربى ، أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يُعلمها ، وقد قال الله تعالى : وَأَنْذِرْ عَشِيرتكَ الأَقْرَبِين ! أفأنذرها وخالفت متطلبه وهي خيرة النسوان ، وأم سادة الشبان ، وعديلة ابنة عمران ، تمت بأبيها رسالات ربه ، فوالله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر ويوسدها يمينه ويلحفها بشماله !
رويداً ورسول الله بمرأى منكم ، وعلى الله تردون ، واهاً لكم فسوف تعلمون ! قال : فحرمت أم سلمة عطاءها تلك السنة » !
نصيحة أم سلمة لعائشة أن لاتعصي النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
وكان لها موقف تاريخي مع عائشة ، فقد نصحتها وحذرتها ، لتثنيها عن الخروج . قال الشريف المرتضى في رسائله : 4 / 66 : « ومن الأخبار الطريفة ما رواه نصر بن مزاحم هذا عن أبي عبد الرحمن المسعودي عن السري بن إسماعيل بن الشعبي عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي قال : كنت بمكة مع عبد الله بن الزبير وبها طلحة والزبير . قال : فأرسلا إلى عبد الله بن الزبير ، فأتاهما وأنا معه فقالا له : إن عثمان قتل مظلوماً وإنا نخاف الانتشار من أمة محمد ، فإن رأت عائشة أن تخرج معنا لعل الله يرتق بها فتقاً ويشعب بها صدعاً . قال : فخرجنا نمشي حتى انتهينا إليها فدخل عبد الله بن الزبير في سمرها وجلست على الباب ، فأبلغها ما أرسلا به إليها فقالت : سبحان الله ، ما أمرت بالخروج ، وما تحضرني امرأة من أمهات المؤمنين إلا أم سلمة ، فإن خرجت خرجت معها ! فرجع إليهما فأبلغهما ذلك فقالا : إرجع إليها فلتأتها فإنها أثقل عليها منا ، فرجع إليها فبلغها فأقبلت حتى دخلت على أم سلمة فقالت أم سلمة : مرحباً بعائشة ، والله ما كنت لي بزائرة فما بدا لك ؟ قالت : قدم طلحة والزبير فخبرا أن أمير المؤمنين عثمان قتل مظلوماً ! قال : فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من في الدار فقالت : يا عائشة أنت بالأمس تشهدين عليه بالكفر ، وهو اليوم أمير المؤمنين قتل مظلوماً ، فما تريدين ! قالت : تخرجين معي ، فلعل الله أن يصلح بخروجنا أمر أمة محمد ! فقالت : يا عائشة أخرج وقد سمعت من رسول الله ما سمعت ! نشدتك بالله يا عائشة الذي يعلم صدقك إن صدقت ، أتذكرين يومك من رسول الله فصنعت حريرة في بيتي فأتيته بها وهو يقول : والله لا تذهب الليالي والأيام حتى تتنابح كلاب ماء بالعراق يقال له الحوأب امرأة من نسائي في فتية باغية ، فسقط الإناء من يدي ، فرفع رأسه إلي فقال : ما بالك يا أم سلمة ؟ قلت : يا رسول الله ألا يسقط الإناء من يدي وأنت تقول ما تقول ؟ ما يؤمنني أن أكون أنا هي ! فضحكتِ أنت فالتفت إليك فقال : ما يضحكك يا حمراء الساقين ، إني لأحسبك هي !
ونشدتك بالله يا عائشة أتذكرين ليلة أسرى بنا رسول الله من مكان كذا وكذا وهو بيني وبين علي بن أبي طالب يحدثنا ، فأدخلت جملك فحال بينه وبين علي ، فرفع مرفقة كانت معه فضرب بها وجه جملك وقال : أما والله ما يومك منه بواحد ولا بليته منك بواحدة ، أما إنه لا يبغضه إلا منافق أو كذاب !
وأنشدك الله يا عائشة أتذكرين مرض رسول الله الذي قبض فيه فأتاك أبوك يعوده ومعه عمر ، وقد كان علي بن أبي طالب يتعاهد ثوب رسول الله ونعله وخفه ويصلح ماوهى منها ، فدخل قبل ذلك فأخذ نعل رسول الله وهي حضرمية وهو يخصفها خلف البيت ، فاستأذنا عليه فأذن لهما فقالا : يا رسول الله كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت أحمد الله تعالى . قالا : ما بد من الموت ؟ قال : لا بد منه . قالا : يا رسول الله فهل استخلفت أحداً ؟ فقال : ما خليفتي فيكم إلا خاصف النعل ، فخرجا فمرا على علي وهو يخصف النعل !
كل ذلك تعرفينه يا عائشة وتشهدين عليه ، لأنك سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) !
ثم قالت أم سلمة : يا عائشة أنا أخرج على علي بعد هذا الذي سمعته عن رسول الله ؟ ! فرجعت عائشة إلى منزلها فقالت : يا ابن الزبير أبلغهما أني لست بخارجة بعد الذي سمعته من أم سلمة ، فرجع فبلغهما . قال : فما انتصف الليل حتى سمعنا رغاء إبلها ترتحل ، فارتحلت معهما » .
وأضاف الشريف المرتضى « رحمه الله » : « ومن العجائب أن يكون مثل هذا الخبر الذي يتضمن النص بالخلافة ، وكل فضيلة غريبة ، موجوداً في كتب المخالفين وفيما يصححونه من روايتهم ويصنفونه من سيرتهم ولا يتبعونه ، لكن القوم رووا ما سمعوا وأودعوا كتبهم ما حفظوا ونقلوا ، ولم يتخيروا ويتبينوا ما وافق مذهبهم دون ما خالفهم . وهكذا يفعل المسترسل المستسلم للحق » ! شرح النهج : 2 / 78 ، العقد الفريد : 3 / 96 ، البدء والتاريخ : 2 / 109 ،
الفائق للزمخشري : 1 / 190 .
وروى نحوه في الإختصاص / 116 ، وفيه تفصيلات ، وفيه : « وقد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه ، وسكني عقيراك فلا تضحي بها . وما كنت قائله لو أن رسول الله عرض لك ببعض الفلوات وأنت ناصة قلوصاً من منهل إلى آخر ؟ ! أقسم بالله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي أدخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمداً ( صلى الله عليه وآله ) هاتكة حجاباً قد ضربه عليَّ ! ثم قالت : لو ذكَّرتك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خمساً في علي لنهشتني نهش الحية الرقشاء المطرقة ذات الحبب ! قالت : ويوم جمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في بيت ميمونة فقال : يا نسائي اتقين الله ولا يسفر بكن أحد ! أتذكرين هذا يا عائشة ؟ قالت : نعم ، ما أقبلني لوعظك وأسمعني لقولك فإن أخرج ففي غير حرج ، وإن أقعد ففي غير بأس ، وخرجت » !
ورواه ابن أعثم في الفتوح : 2 / 454 ، وفيه أن اُم سلمة قالت لها : « فاتقي الله يا عائشة في نفسك ، واحذري ما حذرك الله ورسوله ولا تكوني صاحبة كلاب الحوأب ، ولايغرنك الزبير وطلحة ، فإنهما لا يغنيان عنك من الله شيئاً ! قال : فخرجت عائشة من عند أم سلمة وهي حنقة عليها !
وكتبت أم سلمة إلى علي بن أبي طالب : لعبد الله علي أمير المؤمنين ، من أم سلمة بنت أبي أمية ، سلام عليك ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ، فإن طلحة والزبير وعائشة وبنيها بني السوء وشيعة الضلال ، خرجوا مع ابن الجزار عبد الله بن عامر إلى البصرة ، يزعمون أن عثمان بن عفان قتل مظلوماً ، وأنهم يطلبون بدمه ! والله كافيكم وجعل دائرة السوء عليهم إن شاء الله تعالى . وتالله لولا ما نهى الله عز وجل عنه من خروج النساء من بيوتهن ، وما أوصى به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند وفاته ، لشخصت معك ، ولكن قد بعثت إليك بأحب الناس إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وإليك ابني عمر بن أبي سلمة . والسلام .
فلما سمع علي ذلك دعا محمد بن أبي بكر وقال له : ألا ترى إلى أختك عائشة كيف خرجت من بيتها الذي أمرها الله عز وجل أن تقر فيه ، وأخرجت معها طلحة والزبير يريدان البصرة لشقاقي وفراقي ؟ ! فقال له محمد : يا أمير المؤمنين لا عليك ، فإن الله معك ولن يخذلك ، والناس بعد ذلك ناصروك ، والله تبارك وتعالى كافيك أمرهم إن شاء الله » .
ولما أصرَّت عائشة على الفتنة ، آلت أم سلمة على نفسها أن لاتكلمها كل عمرها ! ففي مواقف الشيعة للأحمدي : 1 / 93 : « دخلت على أم سلمة بعد رجوعها من وقعة الجمل وقد كانت أم سلمة حلفت أن لا تكلمها أبداً ، من أجل مسيرها إلى محاربة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقالت عائشة : السلام عليك يا أم المؤمنين ، فقالت : يا حائط ألم أنهك ألم أقل لك ؟ قالت عائشة : فإني أستغفر الله وأتوب إليه كلميني يا أم المؤمنين ! قالت : يا حائط ! ألم أقل لك ألم أنهك ؟ فلم تكلمها حتى ماتت ! وقامت عائشة وهي تبكي وتقول : وا أسفاه على ما فرط مني » . المحاسن للبيهقي / 181 .
لماذا لا يسمون أم سلمة : أم المؤمنين ؟
مع المكانة العظيمة لأم سلمة « عليها السلام » ، تراهم يذكرون في كتبهم اسمها مجرداً ! بينما يذكرون اسم عائشة مقروناً بأم المؤمنين ، دائماً أو غالباً ! وبذلك تعرف موقفهم من مرويات أم سلمة « عليها السلام » ، التي تبلغ أضعاف ما روته عائشة في الكمية ، وهي أرقى من روايات عائشة في النوعية ، وليس فيها إفراط عائشة ومبالغاتها في مدح نفسها ، ولا إسفافها في الأمور الشخصية !
قال العلامة الحلي « رحمه الله » : « وعظموا عائشة على باقي نسوانه ( صلى الله عليه وآله ) . . وساعدوها على حرب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ! ولم ينصر أحد منهم بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما طلبت حقها من أبي بكر ولا شخص واحد بكلمة واحدة ! وسموها أم المؤمنين ولم يسموا غيرها بذلك » ! شرح منهاج الكرامة للميلاني : 1 / 454 .
وقال الكراجكي / 102 : « ومن عجيب أمرهم تفضيلهم عائشة بنت أبي بكر على جميع أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) . . وكثرة ترحمهم عليها وإظهارهم الخشوع والبكاء عند ذكرها ، ثم لا يذكرون خديجة بنت خويلد وفضلها متفق عليه وعلو قدرها لا شك فيه ، وهي أول من آمن برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنفقت عليه مالها . وكان يكثر ذكرها ويحسن الثناء عليها ويقول : مانفعني مال كمالها ، ورزقه الله الولد منها ، ولم يتزوج في حياتها إكراماً لها » !
أقول : ما ذكره العلامة « رحمه الله » يدل على مخالطته لهم وتتبعه مؤلفاتهم ، وهم كذلك إلى اليوم يعبرون عن زوجات النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأسمائهن فإذا وصلوا إلى عائشة قالوا : أم المؤمنين !
أولاد أم سلمة
كان لها من أبي سلمة ثلاثة أبناء ، هم : سلمة ومحمد وعمر ، وثلاث بنات : درة وزينب وأم كلثوم ، فهم صحابة وربائب النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وأشهرهم عمر ويسمى أيضاً عمرو ، ثم زينب التي روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يلاعبها وهي طفلة ويقول : « يا زوينب ، يا زوينب ، مراراً » . الجامع الصغير : 2 / 396 .
وكان عمر أصغر من أخويه وأبرزهما ، فقد رضي به النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يزوجه والدته ولياً لها : « زوجها إياه عمر بن أبي سلمة وهو صغير لم يبلغ الحلم » . الكافي : 5 / 391 .
وجاءت أم سلمة بولديها محمد وسلمة إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لينصراه وقالت له : « هما عليك صدقة ، فلو يصلح لي الخروج لخرجت معك » . رجال الطوسي / 48 .
ومعنى كلامها أنهما وقف لله تعالى لنصرتك . وقال ابن عقدة : « جاءت بعمر وسلمة . وشهد عمر مع علي حرب الجمل ثم استعمله على فارس ، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان بالمدينة . وعاش أخوه سلمة إلى خلافة عبد الملك ، وكان أسن من عمر » . مذيل الطبري / 58 .
وفي نهج البلاغة : 3 / 67 : « من كتاب له ( عليه السلام ) إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي وكان عامله على البحرين ، فعزله واستعمل النعمان بن عجلان الزرقي مكانه :
أما بعد فإني قد وليت النعمان بن عجلان الزرقي على البحرين ، ونزعت يدك بلا ذم لك ولا تثريب عليك ، فلقد أحسنت الولاية وأديت الأمانة ، فأقبل غير ظنين ولا ملوم ولا متهم ولا مأثوم ، فقد أردت المسير إلى ظَلَمَة أهل الشام وأحببت أن تشهد معي ، فإنك ممن استظهر به على جهاد العدو ، وإقامة عمود الدين إن شاء الله » .
ورواه في أنساب الأشراف / 158 واليعقوبي : 2 / 201 ، وفيه : « جعلنا الله وإياك من الذين يعملون بالحق وبه يعدلون . فأقبل عمر فشهد معه ثم انصرف ، وتبع علياً إلى الكوفة فمكث معه سنة وبعض أخرى » .
سودة بنت زمعة أول زوجات النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بعد خديجة ( عليها السلام )
1 - سَوْدَة بنت زَمْعَة القرشية . أبوها زمعة بن قيس من قبيلة عامر بن لؤي القرشية ، التي عرف منها ابن الزبعرى الشاعر الذي كان يهجو النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وعمرو بن عبد ود ، الذي قتله علي ( عليه السلام ) مع ابنه يوم الخندق ، وحويطب بن عبد العزى ، « العلل لابن حنبل : 3 / 422 » ومنهم بسر بن أرطاة القائد السفاك عند معاوية ، الذي أغار على الحجاز واليمن وكانا تحت حكم علي ( عليه السلام ) فقتل في غارته ثلاثين ألفاً ! « ابن خياط / 150 » . ومنهم عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى ، الذي رووا أنه انحاز في بدر من صف المشركين إلى صف النبي ( صلى الله عليه وآله ) . ابن هشام : 1 / 246 .
وكان رئيسهم سهيل بن عمرو ، من أشد المشركين على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، والمفاوض عنهم في صلح الحديبية . وعندما غضب القرشيون على أبي سفيان في فتح مكة واتهموه بأنه وافق محمداً ( صلى الله عليه وآله ) على تسليمه مكة بدون شروط ، عزلوه ونصبوا بدله سهيل بن عمرو ، فصار زعيم قريش . وكان له دور في الإعداد للسقيفة .
وقد وقع سهيل أسيراً يوم بدر هو وعبد بن زمعة أخ سودة . « ابن هشام : 2 / 534 » وقد يكون عبد هذا نفسه عبد الله بن زمعة الذي نصوا عليه . الطبقات : 4 / 204 .
وكانت سودة زوجة السكران بن عمرو ، أخ سهيل بن عمر ، فقد هاجر إلى الحبشة خوفاً من أخيه سهيل وعشيرته ، ثم استرضاه ورجع إلى مكة قبل الهجرة فتوفي فيها ، وروى ابن سعد أنه مات في الحبشة وأن له ولداً من سودة . « الطبقات : 4 / 204 » وقال غيره لم يكن لهما أولاد « أنساب السمعاني : 4 / 117 » .
وقال الطبري : 2 / 411 : « وكان السكران من مهاجرة الحبشة فتنصر ومات بها ، فخلف عليها رسول الله » . وقد اشتبه السرخسي « المبسوط 28 / 186 » في اسم أبيها زمعة بن قيس ، فحسبوه زمعة بن الأسود . وتنبه له ابن حجر . الإصابة : 4 / 322 .
وبهذا نعرف الحكمة من زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بسودة لمكانتها في قريش ومكانة أقاربها .
2 . خطب النبي ( صلى الله عليه وآله ) سودة قبل الهجرة وتزوج بها بعد الهجرة ، ووصفتها عائشة فقالت : « كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة » نيل الأوطار : 5 / 142 ، ومسند أحمد : 6 / 94 .
وفي إمتاع الأسماع : 6 / 33 : « كانت امرأة ثقيلة ثبطة وكان في أذنها ثقل ، وأسنَّت عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهم بطلاقها ، ويقال طلقها في سنة ثمان من الهجرة تطليقة » .
وفي دلائل الإمامة / 81 : « تزوج سودة أول دخوله المدينة فنقل فاطمة إليها ، ثم تزوج أم سلمة بنت أبي أمية ، فقالت أم سلمة : تزوجني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفوَّض أمر ابنته إليَّ فكنت أدلها وأؤدبها ، وكانت والله آدب مني وأعرف بالأشياء كلها » .
وزعمت عائشة ، « مسند أحمد : 6 / 210 » أن خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مظعون عرضت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد وفاة خديجة سودة وعائشة ، فأمرها أن تخطبهما له ، وكان عمر عائشة ست سنين ! فقال أبو بكر لخولة : « أدعي لي رسول الله فدعته فزوجها إياه ، وعائشة يومئذ بنت ست سنين » !
ثم زعمت عائشة أن خولة ذهبت بعد خطبتها هي إلى زمعة والد سودة ، وكان شيخاً كبير السن فحيته بتحية الجاهلية ! وخطبت منه سودة فقبل : « فجاء رسول الله إليه فزوجها إياها ، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج فجعل يحثي في رأسه التراب . . قالت عائشة فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحرث بن الخزرج في السنح . قالت فجاء رسول الله فدخل بيتنا واجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء فجاءتني أمي وإني لفي أرجوحة بين عذقين ترجح بي فأنزلتني من الأرجوحة ولي جُمَيْعَة « شعر قليل » ففرقتها ومسحت وجهي بشئ من ماء ، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب وإني لأنهج حتى سكن من نفسي ، ثم دخلت بي فإذا رسول الله جالس على سرير في بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار ، فأجلستني في حجره ، ثم قالت هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم وبارك لهم فيك ، فوثب الرجال والنساء فخرجوا ، وبنى بي رسول الله في بيتنا ، ما نحرت عليَّ جزور ولا ذبحت عليَّ شاة ، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله إذا دار إلى نسائه ، وأنا يومئذ بنت تسع سنين » .
ولا يمكن قبول رواية أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) تزوج في مكة بعد خديجة « عليها السلام » ، لمعارضتها بغيرها ، مضافاً إلى أنه كان بعد وفاة أبي طالب وخديجة في ظرف أمني خطير ، وقد اختفى مدة في الحجون خوفاً على حياته من قريش !
وكذلك لا نقبل أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذهب إلى بيت أبي بكر في المدينة وتزوج بعائشة هناك ، لأن أبا بكر كان يعيش في خيمة شعر عند أهل زوجته ! قال ابن سعد في الطبقات : 3 / 174 : « ولم يزل في بيت الحارث بن الخزرج بالسنح ، حتى توفي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » . وفي أسد الغابة : 3 / 219 : « كان منزله بالسنح عند زوجته حبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير ، وكان قد حجر عليه حجرة من شعر ، فما زاد على ذلك حتى تحول إلى المدينة » . أي صار خليفة .
3 . زعموا أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أرسل : « زيد بن حارثة وأبا رافع وأعطاهما بعيرين وخمس مائة درهم إلى مكة ، فقدما عليه بفاطمة وأم كلثوم ابنتي رسول الله وسودة بنت زمعة » . « الطبقات : 1 / 237 » لكن روايتهم استفاضت بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) انتظر علياً ( عليه السلام ) في قباء حتى جاء بعائلته ، ولم تكن فيهم سودة ولا عائشة ، فلا بد أن تكون هذه الرواية من قصص عائشة الكثيرة التي مدحت فيها نفسها ! والمعقول أنها هاجرت مع أمها ونزلت في بيت أبيها أبي بكر ، وكان له زوجتان في السنح غير أم رومان . أما سودة فلا يعرف كيف هاجرت إلى المدينة .
4 . وكانت عائشة وحفصة تسخران من سودة وتؤذيانها حتى صارت من حزبهما ، ففي دلائل الإعجاز للجرجاني وأحاديث عائشة للعسكري : 1 / 63 : « سمعت أم المؤمنين عائشة سودة تنشد : عديٌّ وتيمٌ تبتغي من تحالفُ ! فقالت عائشة لحفصة : ماتُعَرِّضُ إلا بي وبك ! يا حفصة فإذا رأيتني أخذت برأسها فأعينيني ! فقامت فأخذت برأسها وخافت حفصة فأعانتها ، وجاءت أم سلمة فأعانت سودة ! فأتى النبي فأُخْبِرَ وقيل له : أدرك نساءك يقتتلن ! فقال : ويحكن مالكن ؟ فقالت عائشة : يا رسول الله ألا تسمعها تقول : عدي وتيم تبتغي من تحالفُ . فقال : ويحكن ليس عديكن ولا تيمكن ، إنما هو عدي تميم ، وتيم تميم » !
ورأتها عائشة وحفصة تزينت فقالتا : خرج الدجال ! خرج الدجال ! فخافت سودة : « وكانت امرأة طويلة فدخلت خباء كان لوقودهم ! قالت : واستضحكنا فدخل رسول الله فإذا سودة تنتفض فقال : مالك ؟ فقالت : يا رسول الله خرج الدجال ؟ فقال : لا ، وهو خارج ؟ فأخذ بيدها وأخرجها وجعل ينفض بكم قميصه عن وجهها وعن خمارها أثر الدخان ونسج العنكبوت » . الآحاد والمثاني : 6 / 208 .
وفي مختصر تاريخ دمشق : 18 / 286 : « قالت عائشة « رضي الله عنها » كان عندي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وسوده فصنعت حريره فجئت بها فقلت لسودة : كلي ، فقالت : لا أحبه ، فقلت والله لتأكلين أو لألطخن وجهك ! فقالت : ما أنا بذائقة ، فأخذت من الصحفة شيئاً فلطخت به وجهها » !
5 . وقالوا : « أسنَّت عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهم بطلاقها » ولا يصح ، لأنه اتهام للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فإنه ما تزوج ولا طلق لأسباب جنسية ، فقد يكون السبب أنها صارت من حزب عائشة ، أو أنها كانت تعظم سهيل بن عمرو أخ زوجها السابق ! فعندما رأته مع أسارى بدر حرضته على النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووبخته كيف استسلم ولم يقاوم ! وقالت له بحضور النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أي أبا يزيد ، أعطيتم بأيديكم ، ألا متم كراماً ! فقال لها رسول الله : أعلى الله ورسوله تحرضين يا سودة » ! ابن هشام : 2 / 472 .
كما لا يصح قولهم إنها لم يكن لها إربة بالرجال فوهبت ليلتها لعائشة ! قال الشافعي « في الأم 5 / 152 » : « أراد فراق سودة فقالت : لاتفارقني ودعني حتى يحشرني الله في أزواجك ، وأنا أهب ليلتي ويومى لأختي عائشة » .
وأصله ما زعمته عائشة فقالت كما في صحيح بخاري : 3 / 135 : « كان ( صلى الله عليه وآله ) يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها ، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) تبتغى بذلك رضا رسول الله » .
والصحيح أن الله تعالى أسقط عن نبيه ( صلى الله عليه وآله ) القسمة لنسائه ، فقال : تُرْجِى مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُئْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ . فلا حق لسودة حتى تهبه .