النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
عدد أولاد النبي (صلى الله عليه وآله)
المؤلف: الشيخ علي الكوراني
المصدر: السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام
الجزء والصفحة: ج1، ص351-357
2024-09-13
494
اتفق المؤرخون على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) رزق بإبراهيم من مارية القبطية ، وتوفي ابن سنة ونصف بالمدينة ، وكان رزق بصبيين من خديجة : القاسم وعبد الله ، وتوفيا في سن الرضاع بمكة ، ورزق منها بفاطمة الزهراء « عليها السلام » وهي الوحيدة التي عاشت بعده . وقال أكثرهم إنه رزق منها بثلاثة بنات غير فاطمة هن : زينب ورقية وأم كلثوم ، وقال بعضهم إنهن ربائبه ، وهن أولاد أخت خديجة ، توفيت أمهن وربتهن خالتهن خديجة ، وهو الرأ ي الراجح عندنا . وقد توفين في المدينة .
واختلف الرواة كثيراً في ولادة أولاده ( صلى الله عليه وآله ) قبل البعثة أو بعدها .
والمرجح عندنا رواية الكليني الصحيحة « الكافي : 8 / 338 » : « ولم يولد لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من خديجة « عليها السلام » على فطرة الإسلام إلا فاطمة « عليها السلام » » .
والطيب والطاهر هما : القاسم وعبد الله ، كما نص عليه ابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 140 قال : « ولد له من خديجة القاسم وعبد الله وهما : الطاهر والطيب » .
وفي شرح الأخبار : 3 / 15 : « ومات القاسم الطيب ، وعبد الله الطاهر بمكة صغيرين » .
وفي الفقيه : 3 / 397 : « فأول ما حملت ولدت عبد الله بن محمد ( صلى الله عليه وآله ) » .
وفي الكافي : 3 / 218 عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على خديجة حين مات القاسم ابنها وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك ؟ فقالت : دَرَّتْ دَرِيرَةٌ فبكيت فقال : يا خديجة ، أما ترضين إذا كان يوم القيامة أن تجيئي إلى باب الجنة وهو قائم فيأخذ بيدك فيدخلك الجنة وينزلك أفضلها ، وذلك لكل مؤمن ، إن الله عز وجل أحكم وأكرم أن يسلب المؤمن ثمرة فؤاده ، ثم يعذبه بعدها أبداً » .
وجعل اليعقوبي : 2 / 20 الطيب والطاهر لقبين لعبد الله .
فالمرجح عندنا أن أبناءه ( صلى الله عليه وآله ) ثلاثة : القاسم ، وعبد الله ، وإبراهيم « عليهم السلام » . وأن القاسم توفي بعد البعثة .
زينب وأم كلثوم ورقية : بنات ، أم ربائب ؟
المعروف المشهور بين المسلمين أنهن بنات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مع فاطمة الزهراء « عليها السلام » . ويقابله الرأي بأنهن ربائب ، وأن ابنته الوحيدة فاطمة « عليها السلام » .
وقد ألف الأخ الباحث السيد جعفر مرتضى كتاباً بأنهن ربائب ، وثارت عليه ثائرة البعض ، فأجاب برسالة ثانية ، وقد أطال الطرفان في الإثبات والرد ، ورأي السيد مرتضى أقوى ، وخلاصة ما قاله : « قد ذكر المقريزي « إمتاع الأسماع 6 / 295 » أن زينب كانت ربيبة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وقال الطريحي : بأن البنات ربائب ، ونقل ذلك عن المرتضى في الشافي ، والطوسي في التلخيص ، وبه قال المقدس الأردبيلي في زبدة البيان ، والدلفي ، والشيخ محمد حسن آل يس ، والشيخ جعفر كاشف الغطاء ، بالإضافة إلى الخاقاني ، والجزائري ، وربما المحقق الكركي ، والمقدسي ، والكراجكي . . و . . الخ . » .
مؤيدات لرأي السيد جعفر مرتضى
1 . قال ابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 140 : « ولد له من خديجة القاسم وعبد الله وهما : الطاهر والطيب ، وأربع بنات : زينب ، ورقية ، وأم كلثوم وهي آمنة ، وفاطمة وهي أم أبيها . ولم يكن له ولد من غيرها إلا إبراهيم من مارية ، ولد بعالية في قبيلة مازن في مشربة أم إبراهيم ، ويقال ولد بالمدينة سنة ثمان من الهجرة ومات بها وله سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام وقبره بالبقيع . وفي الأنوار ، والكشف ، واللمع ، وكتاب البلاذري : أن زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش ، فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين » .
2 . يؤيد ذلك أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) شمل بعطفه الجميع ، لكنه يتعامل مع فاطمة « عليها السلام » كأنها بنته الوحيدة ، وكأنه لا بنت له غيرها .
3 . أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أفاض في مدح فاطمة « عليها السلام » ومكانتها ومقامها ، ولم يؤثر عنه أي كلمة في أي من أخواتها الثلاث ، توحي بمقامهن ، أو بنسبتهن الصريحة اليه .
4 . ورد ذكر فاطمة « عليها السلام » في السيرة مع أبيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمها خديجة « عليها السلام » ، ولم يرد لواحدة منهن ذكر في ذلك . مثلاً ورد ذكر فاطمة « عليها السلام » مع أبيها في المسجد دونهن ، وذكرها عند وفاة والدتها وأنها كانت تسأل أباها عنها ، ولم يرد ذكرهن .
5 . لعل أقوى ما يؤيد الرأي القائل بأنهن ربائب ، ما رواه الحاكم : 2 / 200 وصححه على شرط الشيخين : « عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب من مكة مع كنانة أو ابن كنانة فخرجوا في أثرها ، فأدركها هبار بن الأسود ، فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها ، وألقت ما في بطنها وأهريقت دماً ، فاشتجر فيها بنو هاشم وبنو أمية فقالت بنو أمية نحن أحق بها ، وكان تحت ابن عمهم أبي العاص فكانت عند هند بنت عتبة بن ربيعة ، فكانت تقول لها هند : هذا بسبب أبيك ! فقال رسول الله لزيد بن حارثة ألا تنطلق تجيئني بزينب ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : فخذ خاتمي فأعطاه إياه ، فانطلق زيد وبرك بعيره ، فلم يزل يتلطف حتى لقى راعياً ، فقال : لمن ترعى ؟ فقال : لأبي العاص ، فقال : فلمن هذه الأغنام ؟ قال : لزينب بنت محمد ، فسار معه شيئاً ثم قال له : هل لك أن أعطيك شيئاً تعطيه إياها ولا تذكره لأحد ؟ قال : نعم ، فأعطاه الخاتم فانطلق الراعي فأدخل غنمه وأعطاها الخاتم فعرفته ، فقالت : من أعطاك هذا ؟ قال : رجل . قالت : فأين تركته ؟ قال : بمكان كذا وكذا قال فسكتت حتى إذا كان الليل خرجت إليه ، فلما جاء ته قال لها : إركبي بين يديه على بعيره ، قالت : لا ، ولكن إركب أنت بين يدي ، فركب وركبت وراءه ، حتى أتت . فكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : هي أفضل بناتي أصيبت فيَّ .
فبلغ ذلك علي بن الحسين فانطلق إلى عروة فقال : ما حديثٌ بلغني عنك تحدثه تنتقص فيه حق فاطمة ؟ فقال : والله ما أحب أن لي ما بين المشرق والمغرب وأني أنتقص فاطمة حقاً هو لها . وأما بعد فلك أن لا أحدث به أبداً . قال عروة : وإنما كان هذا قبل نزول آية : أُدْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ » . الأحزاب / 5 .
أقول : قيل إن اعتذار عروة عن خالته ، لأنها روت أن زيد بن حارثة أركب زينب خلفه ولا يناسب بنت النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن تركب خلف رجل غير محرم ، فاعتذر عروة بأن زيداً كان أخاها بالتبني ، وكانت القصة قبل نزول آية رد التبني .
لكن الصحيح أن عروة اعتذر عن مقولة إنها خير بناتي أصيبت فيَّ ، فهذا الذي فيه انتقاص لفاطمة الزهراء « عليها السلام » ، وليس ركوب زينب خلفه . فقال عروة إن خالته عائشة قالت إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال عن زينب بنتي ، وخير بناتي ، قبل نزول آية : أُدْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ ، التي تأمر بنسبة الشخص إلى أبيه ، أما بعد نزولها فلم يُعَبِّر عنها بأنها بنته ! ومعناه أنها كانت ربيبته ، وكانت متبناة كما تبنى زيداً !
فهذا يوجب التوقف على الأقل عن القول بأنهن بنات لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقد يكون ( صلى الله عليه وآله ) سكت عن نسبتهن اليه وجرى عليه الناس ، لكن الجزم بأنهن ربائب وإن كانت قرائنه قوية لكنه يحتاج إلى مزيد أدلة أقوى ، لتنهض مقابل ما يعارضها .
هذا ، وسيأتي ذكر حياتهن في السنة الثانية من الهجرة ، بعد معركة أحد .
حَصَرَ اللهُ ذرية نبيه ( ( صلى الله عليه وآله ) ) بفاطمة ( عليها السلام )
قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : « يا علي : ما بعث الله عز وجل نبياً إلا وجعل ذريته من صلبه ، وجعل ذريتي من صلبك ، ولولاك ما كانت لي ذرية » . الفقيه : 4 / 365 .
وقال الفقيه البهوتي في كشاف القناع : 5 / 31 : « أولاد بناته ( صلى الله عليه وآله ) ينسبون إليه ، لحديث إن ابني هذا سيد ، مشيراً إلى الحسن . رواه أبو يعلى . وفي حديثٍ : إن الله لم يبعث نبياً قط إلا جعل ذريته من صلبه غيري ، فإن الله جعل ذريتي من صلب علي » .
وقد بشر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بذلك ، ففي الكافي : 1 / 464 عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : « إن جبرئيل ( عليه السلام ) نزل على محمد ( صلى الله عليه وآله ) فقال له : يا محمد إن الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتك من بعدك ، فقال : يا جبرئيل وعلى ربي السلام ، لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتي من بعدي ، فعرج ثم هبط فقال له مثل ذلك ، فقال : يا جبرئيل وعلى ربي السلام ، لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي ، فعرج جبرئيل ( عليه السلام ) إلى السماء ثم هبط فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية ، فقال : قد رضيت .
ثم أرسل إلى فاطمة أن الله يبشرني بمولود يولد لك تقتله أمتي من بعدي ، فأرسلت إليه : لا حاجة لي في مولود تقتله أمتك من بعدك ، فأرسل إليها إن الله قد جعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية ، فأرسلت إليه أن قد رضيت ، فحَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِى . فلولا أنه قال : أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِى ، لكانت ذريته كلهم أئمة » .
وروى ابن حجر في الإصابة : 8 / 103 : « أثنى النبي ( صلى الله عليه وآله ) على خديجة ما لم يثن على غيرها ، وذلك في حديث عائشة قالت : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة ، فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام ، فأخذتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ! فغضب ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني منها الله الولد ، دون غيرها من النساء » .
وروى الصدوق في الخصال / 405 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أن عائشة انتقصت خديجة فبكت فاطمة « عليهما السلام » . فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم قال : مه يا حميرا ، فإن الله تبارك وتعالى بارك في الولود الودود . . وأنت ممن أعقم الله رحمه ، فلم تلدي شيئاً » .
وفي أمالي الصدوق / 345 ، في كلام الله تعالى لعيسى ( عليه السلام ) : « يا عيسى ، جِدَّ في أمري ولا تهزل ، واسمع وأطع ، يا بن الطاهرة الطهر البكر البتول ، صدقوا النبي الأمِّيَّ صاحب الجمل والمدرعة . . ذو النسل القليل ، إنما نسله من مباركة ، لها بيت في الجنة ، لا صخب فيه ولا نصب » .
فهذه أحاديث متظافرة عند السنة والشيعة في أن الله تعالى حصر ذرية رسوله ( صلى الله عليه وآله ) في فاطمة وعلي « عليهما السلام » .
لكن النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) يؤمن بالبداء ولا يحتم على ربه
قال علي ( عليه السلام ) « دعائم الإسلام / 146 » : « اعتلَّ الحسين فاشتد وجعه ، فاحتملته فاطمة « عليها السلام » فأتت به النبي ( صلى الله عليه وآله ) مستغيثة مستجيرة ، فقالت : يا رسول الله ، أدع الله لابنك أن يشفيه ، ووضعته بين يديه ، فقام ( صلى الله عليه وآله ) حتى جلس عند رأسه ، ثم قال : يا فاطمة يا بنية ، إن الله هو الذي وهبه لك هو قادر على أن يشفيه !
فهبط عليه جبرئيل فقال : يا محمد ، إن الله لم ينزل عليك سورة من القرآن إلا فيها فاء ، وكل فاء من آفة ، ما خلا الحمد لله ، فإنه ليس فيها فاء ، فادع بقدح من ماء فاقرأ فيه الحمد أربعين مرة ثم صبه عليه ، فإن الله يشفيه ، ففعل ذلك فكأنما أنشط من عقال » !
وهذا يعني أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) مع يقينه بوعد الله تعالى ، لكنه لا يحتم عليه . وهذا معنى الإيمان بالبداء ، ويقابله ما حكاه الله عن اليهود : وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ .
ومعنى قول جبرئيل ( عليه السلام ) عن خلو سورة الحمد من الفاء ، أن ما يبدو لنا من القرآن عادياً فإن وراءه حساباً إلهياً دقيقاً ! وأن الحروف الثمانية والعشرين في القرآن ليست كحروف كتاب بشري ، بل هي عوالم من العلوم والحقائق ! فوجود الحرف له دلالة ، وعدم وجوده ، وعدده ، وتوزيعه في الآية ، وفي السورة ، وفي كل القرآن !
فحيثما كانت الفاء في سورة أو موضوع ، فهي تدل على وجود آفة ، وحيثما وجدت الباء والسين والقاف وغيرها ، فوراؤها معانٍ !
ثم ما معنى الآفة وخلو سورة الحمد منها ؟ وما معنى قراءة كلام الله الذي ليس فيه آفة على قدح ماء ؟ وما تأثير تكرار القراءة ؟ وهل يتغير تركيب الماء بذلك ؟ فتؤثر فيزياؤه المطورة على بدن المريض وتذهب منه الآفة ؟
من المؤكد أنه يوجد ارتباط بين النظام الفيزيائي والروحي للكون ، وبين نظام القرآن ، وأن للقرآن تأثيرات متنوعة على الروح والمادة ، هي من فاعليات الله تعالى في الكون ، لأن الكون فعله تعالى ، والقرآن كلامه وفعله سبحانه !
ومن المؤكد أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أعطي من معرفة ذلك أقصى ما يحتمله إنسان ، لأنه أفضل مخلوق ، لكنه ( صلى الله عليه وآله ) يعمل بالأسباب الطبيعية العادية ولا يستعمل ذلك إلا بأمر الله تعالى . فالفرق بينه وبين موسى والخضر أن الخضر أعطي العلم اللدني أو علم الباطن فهو يعمل به ، وموسى أعطي الشريعة وعلم الظاهر فهو يعمل بها . ونبينا ( صلى الله عليه وآله ) أعطي العلمين معاً لكنه يعمل بالظاهر إلا عندما يؤمر ! وهذه سنة الله تعالى ، فهو لا يطلع على غيبه أحداً إلا من ارتضاه ، ولا يرتضيه إلا إذا استوعب قانون العمل بالقوانين الطبيعية والغيبية ، ثم يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً !
والقرآن من أكبر تلك الوسائل ، وقد كان له ترتيب نزل به جبرئيل ( عليه السلام ) منجماً في بضع وعشرين سنة ، وكان يلبي حاجة أحداث النبوة وصناعة الأمة ، ثم صار له ترتيب ككتاب تقرؤه الأجيال ، كتاب من مقدمة وفصول وفقرات .
فما المانع أن يكون للقرآن ترتيب ثالث ، ورابع ، وخامس ، أملاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) على وصيه ( عليه السلام ) ، وادخره عنده مع عهده المعهود إلى ولده المهدي ( عليه السلام ) ؟ والذي يظهر الله به دينه على الدين كله ، فتخضع لبراهينه العقول والأعناق . أرواحنا فداه .
وهل إذا قلنا إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) رتب القرآن بأكثر من ترتيب ، وإن الروايات تدل على أن النسخة المعهودة منه إلى ولده الإمام المهدي يختلف ترتيبها عن النسخة الموجودة بأيدينا . . صرنا من الكافرين بالقرآن الذي بين أيدينا ، والقائلين بتحريفه ؟ !
على أيٍّ ، نحن أتباع النص الثابت عن نبينا وعترته « عليهم السلام » ، وليقل الناس ما يقولون !
سورة الكوثر بشارة ربانية بالذرية الطاهرة
في أسباب النزول / 307 للواحدي ، وسيرة بن هشام : 2 / 265 : « كان العاص بن وائل السهمي إذا ذكر رسول الله قال : دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له ،
لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه ، فأنزل الله تعالى في ذلك : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ . ما هو خير لك من الدنيا وما هو فيها ، والكوثر العظيم من الأمر . إِنَّ شَانِئَكَ هُوَالأَبْتَرُ : العاص بن وائل » .
وفي أسباب النزول / 306 : « عن ابن عباس قال : نزلت هذه السورة في العاص بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم . . وكانوا يسمون من ليس له ابن : أبتر ، فسمته قريش عند موت ابنه : أبتر وصنبوراً ، فأنزل الله سبحانه : إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَر » .
أقول : هذه الرواية لا يصح وقتها ولا بد أن يكون ذلك قبل ثلاث سنين من البعثة لأن العاص بن وائل من المستهزئين الستة الذين قتلهم الله في السنة الثالثة .
كما ما فيها من أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يذهب إلى المسجد بحريته ، فلم يكن ذلك في الثلاث سنوات الأولى . فلا بد أن تكون وفاة ابنيه قبل السنة الثالثة من البعثة .
وفي إمتاع الأسماع : 5 / 333 عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) قال : « توفي القاسم بن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فمر رسول الله وهو آتٍ من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو بن العاص ، فقال عمرو حين رأى رسول الله : إني لأشنؤه ، فقال العاص : لا جرم لقد أصبح أبتراً ، وأنزل الله تعالى : إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ » .
وتفاوت الرواة في وقت قول العاص ذلك ، وفي وقت ولادة القاسم وعبد الله ، لكن ذلك لا يضر بالمضمون .