1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مشاكل و حلول :

مخالفة بعض الاهواء والرغائب

المؤلف:  الشيخ علي رضا بناهيان

المصدر:  النظام التربوي الديني

الجزء والصفحة:  ص 325 ــ 339

2024-07-20

419

أننا مضطرون إلى مخالفة بعض أهوائنا، وأن هذا الاضطرار هو بسبب تركيبة وجود الإنسان وتركيبة الحياة في هذه الدنيا. وقد ذكر في ما يرتبط بتركيبة وجود الإنسان أن الطريق الوحيد لنماء قوى الإنسان الروحية وحتى الجسمية هو مخالفة بعض الأهواء والرغائب. وأما سبب ما تقتضيه تركيبة الحياة من مخالفة الأهواء فهي عوامل شتى من قبيل استحالة وصول الإنسان إلى جميع آماله، وأن لابد للإنسان من هرم ومشيب إذا عمر في الدنيا وغيرها من العوامل التي تفرض على الإنسان أن يجاهد نفسه ويخالف بعض أهوائه.

يشكل الإيمان الحافز اللازم لجهاد النفس / التقوى هي برنامج لجهاد النفس

الحافز اللازم لجهاد النفس هو الإيمان، وبرنامجه التقوى. إن دور الإيمان في هذه المعمعة هو أن يحدد لك الهدف لتقدر على اجتياز هذه الساحة الخطرة بحافز قوي وشوق بالغ. يعدك الإيمان بوجود عالم آخر أبدي خالد بعد هذه الدنيا، ويشرح لك سبب الآلام والمحن الموجودة في هذه الدنيا لكي تعرف أنها كانت لصالحك، ولتعرف أن الذي جعلك في خضم هذه المحن والصعاب لم يتركك سدى بلا برنامج وخارطة الطريق، فثق به واركن إليه.

بعد مرحلة الإيمان، يأتي دور اجتياز ساحة الألغام عبر برنامج التقوى. فالإجابة عن كيفية جهاد النفس وما هي الرغبات التي يجب مخالفتها، وأسلوب طي هذا الطريق هي تشكل نقطة الانطلاق في حركة الإنسان الدينية.

العلاقة بين التقوى والعبودية

بعد أن اقتنعنا بضرورة الكف عن بعض رغباتنا يطرح هذا السؤال نفسه، وهو: عن أي رغباتنا يجب أن نكف؟ فلو سألنا الله سبحانه بهذا السؤال لأجابنا عليكم أن تغضوا عن رغباتكم حتى لا يبقى أثر من (الأنا) في داخلكم. لذلك إن خالفت بعض أهوائك ولكنك بقيت محافظا على (أنانيتك) فقد نقضت الغرض ولا فائدة في مثل هذا الجهاد إلا في الدنيا. إنك إن قمت بتصميم هذا البرنامج بنفسك، ففي الواقع قد أبقيت (الأنا) على حالها، أو لعلك كبرتها إذ قد أعددت البرنامج بها وقد أطعتها في كيفية مخالفة الهوى. نحن إذا برمجنا بأنفسنا لجهاد النفس، تنتفخ أنانيتنا، فلا يبقى بد سوى أن يبرمج الله لنا، وقد تصدى سبحانه لهذا الأمر عبر أوامره ونواهيه وحلاله وحرامه وواجباته وعباداته.

لقد أعطانا الله برنامجا أدار به عملية جهاد النفس وكأنه يقول: (إذا أردت أن أدير حياتك وجهادك فلابد لك أن تكون لي عبدا ذليلا). والعبد لا يملك شيئا لنفسه. إن ما أراد الله منا هو أن نترك اللذات والرغبات ولا نزال كذلك إلى أن لا يبقى شيء من أنانيتنا ونلتذ بعد ذلك بالعلاقة مع الله نفسه، وهذا هو معنى العبودية. ثم ليس هناك شراكة بيننا وبين الله بحيث يأمر الله تارة ونرتأي نحن تارة أخرى. وكلما أخفقنا في الطريق يجب أن نتوب وسوف يمهلنا ربنا، فإن الله أرحم الراحمين وليس بشديد على المؤمنين. ولكن بعد ما أصبحنا عبادا لله، فكلما حدثت منا مخالفة للأوامر الإلهية يجب أن نستغفر ونعترف بالذنب.

التقوى هو البرنامج الوحيد الذي يضمن القضاء على أنانيتك

أنت بحاجة إلى برنامج يعينك على إزالة أنانيتك، لتصبح بعد ذلك عبدا ذليلا الله وتحظى بلذة العبودية. ومن لوازم القضاء على هذه (الأنا)، هو العمل ببرنامج لا دور لك فيه.

ولذلك عندما كان يُسأل الشيخ بهجت (قدس سره) عن برنامج للسير والسلوك أو يسأل عن كتاب مفيد في هذا المجال، كان يقول: (حسبكم هذه الرسالة العمليّة). يعني برنامج طي هذا الطريق والسير والسلوك هو العمل بهذه الرسائل العملية. ولعلمكم كان المجاهدون في أيام الدفاع المقدس يعشقون الرسائل العملية، إذ كانوا قد بلغوا درجة الاستعداد للتضحية، فأيقض الله في قلوبهم شوق عبادته فأصبحوا يوّدون أن يسمعوا أوامر الله ليمتثلوها، فكانت الرسائل العملية دواء قلوبهم. حتى أن بعض المجاهدين كانوا قد حفظوا رسالة الإمام الخميني من قبيل (الشهيد أحمد نيكجو) الذي استشهد في عمليات كربلاء خمسة، فقد نقل عنه أنه كان قد حفظ رسالة الإمام.

إن برنامج جهاد النفس هذا، يرقينا إلى درجة العبودية

إذا أدرنا عملية جهاد النفس بأنفسنا، فلا فائدة فيها ولا تزال تسمى (عبادة النفس) لا (عبادة الله)، ولا نفرق حينئذ عن أولئك الذين يتحملون الكبد والعناء ولكنهم لا يتطوّرون. فإن تحمّل المعاناة أحد من الناس ولم يتنور قلبه فليعرف أن قد عانى وكابد بغير صواب، يعني أنه جاهد نفسه وعانى ما عانى ولكنه لم يسيطر على هوى نفسه بعد. مضافا إلى أن المعاناة أمر لابد منه في هذه الدنيا، فإن لم يعان الإنسان في سبيل الله، فسوف يعاني لا محالة في سبيل نفسه.

إن جهاد النفس يصيرنا عبادا لله، إذ أن العبد الحقيقي، هو من كان على استعداد من امتثال أمر مولاه والتحرك ضمن برنامج مولاه، كالعبيد حين يمتثلون أوامر أسيادهم.

إن علاقتنا مع الله تختلف كثيرا عن علاقتنا مع شرطي المرور. إذ تهدف أوامر شرطي المرور إلى تنظيم السياقة والمرور في المدينة على أساس قوانين المرور، ولا دخل له بحديثنا داخل السيارة مثلا. ولكن علاقتنا مع رب العالمين ليست هكذا. إنه يصدر مجموعة من الأوامر، ثم ينظر إلينا فردا فردا ليرى هل بقى شيء من أنانيتنا أم لا، حتى إذا وجد لها أثرا يقضي عليها عبر الامتحانات ومحن الحياة. طبعا يفعل الله ذلك بمنتهى الرحمة والصبر والصفح، فإنه يرضى بالقليل من أعمالنا ويصفح عن كثير. فلابد أن نرى جميع صفات الله ولا نؤكد على جانب منها فقط. فإنّ الله يحاول أن يقضي على هوى نفسنا في هذه الدنيا ولكن بمنتهى الرأفة.

التقوى هي جهاد النفس ولكن بشرطين....

يجب علينا أن ندع بعض اللذات جانبا في سبيل أن نحظى بلذة لقاء الله ونذوق طعم هذا اللقاء. ينبغي لنا بحكم العقل أن نتغاضى عن بعض اللذات طمعا باللذات الأفضل.

في مثل هذه الليالي يجب أن نتوب من ذنب غفلتنا عن أعظم لذة في العالم. فقد جعل الله شهر رمضان في سبيل أن نشتغل به. فلا نجد بدّا سوى أن نسلّم أنفسنا إلى الله ونقول له: ربنا نظم حياتنا بنفسك. فيقول الله بلسان حاله: (نعم لابد من ذلك! وإلى من أكلك؟ فإلى أي أحد أكلك صرت عبده ولن تصل إليّ بعد. بينما يجب أن تكون عبدي وأن تفني نفسك في سبيلي، ويجب أن تفقد نفسك لتنال لذة لقائي. إذن فيجب أن أديرك بنفسي فأسميك عبدا. فبعدما قبلت أن تكون لي عبدا يجب عليك أن تمتثل أوامري. وليكن شأنك الوحيد هو اتباع أوامري وأحكامي بلا فرق بين التقديرية منها وبين التكليفية).

بعدما قبلنا أصل العناء والكبد، لابد أن نلتفت إلى (البرنامج) ونسعى للتحلي بالرضا بالمصاعب في هذا الطريق. عندما يعطينا الله سبحانه وتعالى برنامجه في جهاد النفس، لا يستخدم عبارة جهاد النفس، بل يتحدث عن (التقوى). التقوى هي ليست جهادا للنفس وحسب، بل هي جهاد للنفس مع خصيصتين 1ـ تشتمل على صبغة إلهية فإنك وعبر لزوم التقوى لا تجاهد نفسك في سبيل الدنيا فقط، بل تجاهدها لتنال لقاء الله سبحانه. إذن التقوى هي جهاد النفس بعينه، ولكن في سبيل الله. 2ـ التقوى هي جهاد النفس ولكن عبر البرنامج الإلهي.

لقد جعل الله عقبة في طريق عبادته

إذا استطاع الإنسان أن يدع رغباته امتثالا لأوامر الله وفي سبيل أن ينال لقاء الله ويحظى بلذّة قربه، وراح يطبق البرنامج الإلهي بحذافيره حتى صار عبدا مطيعا، لا يدل ذلك على زوال أنانيته، بل لا تزال نفسه قادرة على خداعه يعني حتى لو امتثلنا جميع أوامر الله سبحانه، قد تكون (نفس) الإنسان باقية على قوتها.

إلهنا! لقد سلمنا لك أنفسنا ورضينا بأن تكون أنت صاحب القرار في التكليف والتقدير ونحن راضون بذلك وقد أصبحنا عبادا لك، فأي مرض يبقى بعد هذا؟ هنا يجيبك الله قائلا: (يبدو أنك شعرت بالقرب مني ولعلك لم تشعر بالبون الشاسع بيني وبينك وهذا ما يدل على بقاء أنانيتك بعد).

ففي سبيل فرز أولي النفوس المتكبرة من غيرهم قد جعل الله عقبة في طريق عبادته وهي قبول (الولاية). فإن كان لابد لنا من تلقي أوامر الله فالنبي هو الذي يبلغنا أمره. فمن أراد أن يستلم أوامر الله مباشرة بدون واسطة النبي، فهو متكبر. هذا هو قانون الله وهذه هي شريعته فبمقتضاها لا تكفي إطاعة الله وحسب وإنك لم تكن قاضيا على أنانيتك وهوى نفسك بمجرد إطاعة أوامر الله، بل يجب أن تمتثل أوامر الإنسان الذي أمر الله بطاعته. وإطاعة من أمر الله بطاعته هي ما نسميها بالولاية بمعناها الخاص.

الولاية هي المرحلة القصوى الدالة على طهارة الإنسان الولاية هي تلك المرحلة التي عجز إبليس عن اجتيازها واتضح بعد ستة آلاف سنة أنه كافر كذاب ولم تزل أنانيته مستفحلة في ذاته.

الولاية هي المرحلة الأخيرة لاختبار زوال أنانية الإنسان

تردد على بيوت أهل البيت (عليهم السلام) ولا سيما أمير المؤمنين (عليه السلام) وافحص قلبك وانظر هل تشعر بالتواضع الكبير تجاه عظمة أمير المؤمنين (عليه السلام) أم لا؟ إنك لم تكن قادرا على رفض عبوديتك لله، ولكن هل تعتقد بأفضلية أمير المؤمنين (عليه السلام) عليك أو أنك تحسده؟! وعندما تقف بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) هل تخشع له وتتهافت أم يبقى لك شيء من الكبر والاستعلاء؟ إن كنت عبدا لله تقل: (إلهي! دلني على أحبائك وأعزائك لأكون خادما لهم). وهذا هو الفارق بين العبد الحقيقي والعبد المزيف. وهذا هو الفارق بين المسلم والمؤمن.

الهدف الذي قدره الله لنا في هذه الدنيا هو أن نقضي على أنانيتنا عبر أوامره ونواهيه ونستعين على ذلك بالتقوى. ولابد أن نخضع لذلك لنتسم بالعبودية ونتصف بالتقوى. ولكن في سبيل أن يتضح الأمر حقيقة وأن هل قد زالت أنانيتنا حقا أم لا، لابد أن نخضع لامتحان الولاية. يجب أن لا يثقل عليك امتثال أمر من أوجب الله طاعته. لقد قال الله سبحانه وتعالى للنبي في القرآن: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

لماذا يغفر الله لأهل الولاية؟

إذا نجح امرء في امتحان الولاية، فقد أحرز عبوديته. فإنه إن عثر بزلة أو ذنب يغفر الله له بسهولة. بينما إذا كان الإنسان قد عبد الله سنين طويلة وقام بأعمال حسنة كثيرة، ولكن لم يطو عقبة الولاية بنجاح فهو مريض، وحتى باقي أعماله الصالحة فهي خداع وقد قام بها لإسكات ضميره لا طاعة لأمر مولاه. إن مثل هذا الإنسان في الواقع عابد لنفسه غاص في خيالاته وأوهامه. النزاع الرئيس في العالم قائم بين عبادة الله وعبادة النفس، وأقصى مراحل عبادة الله هي أن لا تمتثل أوامر الله وحسب، بل تخضع للولي الذي يؤمره عليك وتمتثل أوامره.

أحد أفضل عباد الله في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) سلمان الفارسي. فقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن سبب ما كان يكثر من ذكر سلمان الفارسي ومدحه، إذ قال له الراوي: (مَا أَكْثَرَ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ يَا سَيِّدِي ذِكْرَ سَلْمَانَ الْفَارِسِي! فَقَالَ: لَا تَقُلِ الْفَارِسِيَّ، ولَكِنْ قُلْ سَلْمَانَ الْمُحَمَّدِي، أَتَدْرِي مَا كَثْرَةً ذِكْرِي لَهُ قُلْتُ: لَا. قَالَ: لثلاث خلال أحَدُهَا: إِيثَارُهُ هَوَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ عَلَى هَوَى نَفْسِهِ، والثانية: حُبُّهُ لِلْفُقَرَاءِ واخْتِيَارَهُ إِيَّاهُمْ عَلَى أَهْلِ الثَّرْوَةِ والْعَدَدِ، والثَّالِثَةُ: حُبُّهُ لِلْعِلْمِ والْعُلَمَاءِ إِنَّ سَلْمَانَ كَانَ عَبْداً صَالِحاً حَنِيفاً مُسْلِماً ومَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (أمالي الشيخ الطوسي، ص 133)

لعل ولاية الفقيه أيضا محل امتحان هوى نفس الإنسان

إن موضوع هوى النفس قد جرنا من العبودية والتقوى إلى الولاية. فهل قد بقي شيء من هوى النفس بعد أم لا؟ كم لولاية الفقيه من علاقة مع ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ لعل ولاية الفقيه أيضا هي محل امتحان هوى نفس الإنسان. قد يسأل سائل وهل الولي الفقيه معصوم؟! فأقول له: وهل كان سلمان الفارسي معصوما؟! فإنك إن لم تتول سلمان الفارسي فقد خرجت من ولاية أهل البيت (عليه السلام). يقول الإمام الباقر (عليه السلام): (الْوَلَايَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا وَ لَمْ يُبَدِّلُوا بَعْدَ نَبِيِّهِمْ ـ صلى الله عليه وآله ـ وَاجِبَةٌ مِثْلِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَ وَأَبِي ذَرَ الْغِفَارِيَ وَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِي وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِي وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيَهَانِ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِي وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَخُزَيْمَةً بْن ثَابِتٍ ذِي الشَّهَادَتَيْنِ وأَبو ـ أَبِي ـ سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ ومَنْ نَحا نَحْوَهُمْ وفَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ) (خصال الصدوق، 2 / 607) فإذا قال قائل، أنا خادم المعصومين الأربعة عشر فقط، وأتواضع لهم فقط فنقول له: إنك إن لم تتواضع لخدمة أهل البيت (عليهم السلام) وتتجاسر على أحد خدامهم تخرج من ولاية أهل البيت (عليهم السلام). فيجب عليك أن تتواضع لهم جميعا.

كان بإمكان الله أن يعطينا برنامج جهاد النفس مباشرة، أو يخاطبنا بالآيات القرآنية ليكون شأن النبي (صلى الله عليه وآله) إيصال أوامر الله إلى الناس، ولكن أحيانا كان يخاطب النبي ويأمره بإبلاغ الناس فلم يتحدث مع الناس مباشرة. ومن جملة أهم مصاديق هذه الحالات هي واقعة الغدير؛ (أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ). وكلما دعا الله في القرآن إلى طاعته، أمر بإطاعة الرسول كذلك. مثل قوله تعالى: أطيعوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُول أو ما نقله عن معظم أنبيائه الذين ذكر قصتهم في القرآن إذ قالوا لأقوامهم: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ). ولعل الله قد تحدث عن طاعته بلا أن يذكر طاعة الرسول في آية واحدة فقط.

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (واعْلَمُوا عِبَادَ اللَّهِ أَنَّكُمْ إِذَا اتَّقَيْتُمُ اللَّهَ وحَفِظْتُمْ نَبِيِّكُمْ فِي أَهْلِهِ فَقَدْ عَبَدَتُمُوهُ بِأَفْضَلِ عِبَادَتِهِ وذَكَرْتُمُوهُ بِأَفْضَلِ مَا ذُكِرَ وشَكَرْتُمُوهُ بِأَفضلِ مَا شَكِرَ) (تحف العقول، ص 178)

كل من كان في قلبه حقد لولي الله، تسنى له أن يجسده في كربلاء

ما حدث في كربلاء؟ أما في مخيم الأولياء، فكان قد جاء الإمام الحسين (عليه السلام) متيما بحب الله قائلا:

تركت الخلق طرا في هواكا    وأيتمت العيال لكي أراكا

فإن قطعتني في الحب إربا     لما مال الفؤاد إلى سواكا.

وأما من كان في مخيم الأشقياء؟ لقد شاء الله أن يحدث أمران في كربلاء 1- أن يجسد العشاق عشقهم -2- أن تتاح الفرصة لكل من كان في قلبه كبر تجاه ولي الله أن يظهر ويجسد رذالته وقذارته. وفي كربلاء نحن نستطيع أن نرى مدى رذالة أولئك القوم الذين تكبّروا على الولاية. وكل من كان في قلبه حقد على ولي الله أتيحت له الفرصة أن يجسدها في كربلاء.... صلى الله عليك يا أبا عبد الله.