x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الصبر علامة الحرية
المؤلف: الشيخ / حسين الراضي العبد الله
المصدر: التقوى ودورها في حل مشاكل الفرد والمجتمع
الجزء والصفحة: ص 269 ــ 273
2023-06-03
1095
قليل هم الأحرار الذين عرفوا مفهوم الحرية الحقيقية حتى خرجوا من عبادة الشيطان إلى عبادة الرحمن ومن علامة هذه الحرية الصبر فإن الصابر حر في أبعاده المختلفة ولهذا ندب الإسلام الأمة إلى الصبر وتحمل مكاره الدهر التي تصيب الإنسان بل إن الصبر علامة القوة والإباء والشهامة لدى الإنسان بل علامة الحرية الحقيقية والصابر قد تمكن من تحقيق هذه الحرية والتغلب على مشاكل الحياة التي لا بد لكل إنسان منها كما جاء في الحديث الصحيح عن أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبا عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) يَقُولُ: إِنَّ الْحُرِّ حُرِّ عَلى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، إِنْ نَابَتْهُ نَائِبَةٌ (1) صَبَرَ لَهَا؛ وَإِنْ تَدَاكُتْ (2) عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ لَمْ تَكْسِرُهُ؛ وَإِنْ أُسِرَ وَقُهِرَ وَاسْتَبْدِلَ بِالْيُسْرِ عُسْراً (3) - كَمَا كَانَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ الْأَمِينُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - لَمْ يَضَرُر حُرِّيَّتَهُ أن اسْتُعْبِدَ وَ (4) قهِرَ وَأُسِرَ، وَلَمْ تَضَرُرْهُ (5) ظُلْمَةٌ الْجُبِّ (6) وَوَحْشَتُهُ وَمَا نَالَهُ أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ (7)، فَجَعَلَ الْجَبَّارَ الْعَاتي لَهُ عَبْداً بَعْدَ إِذْ كَانَ لَهُ (8) مَالِكاً، فَأَرْسَلَهُ وَرَحِمَ بِهِ أُمَّةٌ، وَكَذلِكَ (9) الصَّبْرُ يُعَقِّبُ خَيْراً؛ فَاصْبِرُوا وَوَطْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الصَّبْرِ تُوجَرُوا (10).
والحر ضد العبد والمراد هنا من نجا في الدنيا من رق الشهوات النفسانية وأعتق في الآخرة من أغلال العقوبات الربانية فهو كالأحرار عزيز غني في جميع الأحوال.
قال الراغب الحُرُ: خلاف العبد يقال: حر بين الحُرُورية والحرورة.
والحرية ضربان
- الأول: من لم يجر عليه حكم الشيء، نحو: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178].
ـ والثاني: من لم تتملّكه الصفات الذميمة من الحرص والشره على المقتنيات الدنيوية، وإلى العبودية التي تضاد ذلك أشار النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله:
(تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار) (11)، وقول الشاعر: ورقّ ذوي الأطماع رق مخلد (12).
وقيل: عبد الشهوة أذل من عبد الرّق (13).
وقال المازندراني في شرحه للحديث:
الحر نقيض العبد والمراد به هنا من نجى عن رق الشهوات النفسانية واللذات الجسمانية وعن سلاسل الزهرات الدنياوية وتوجهت نفسه القدسية إلى مشاهدة الأنوار الإلهية والأسرار الربوبية وهم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191]. ويحتملون في نيران الصبر على فقدان المألوف والمرغوب ويصبرون على أذى القوم وعدم وجدان المطلوب وحالاتهم متفاوتة ويعود حال أعلاهم إلى أن لو صار البحر مداداً والأشجار أقلاماً وعاش الخلائق مخلدين يكتبون أشواقهم إلى يوم التناد لا يستطيعون إحصاء ما بهم من الأشواق المبرحة في فؤادهم ومن ثم قيل: من صبر صبر الأحرار نال من فيض الجبار ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقال الله سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
(إن نابته نائبة) به أمر ينوبه نوبة أصابه والنائبة النازلة والجمع نوائب
(صبر لها) لتوجه قلبه اللطيف إلى جمال الله تعالى وجلاله ولا يخطر غير الحق بباله فضلاً عن أن يكون مخالفاً لطبعه ولو خطر وقتاماً وذاق مرارته تحمل طلبا لرضاه.
(وإن تداكت) الدّك الدق وفي التفاعل مبالغة في الشدة والصولة، (واستبدل بالعسر يسراً) الظاهر أنه عطف على قهر ولا يتم إلا بتكلف لأن ظاهره أن العسر مدفوع واليسر مأخوذ فلا يناسب الوصل ويمكن أن يكون عطفاً على قوله: (وإن تداكت) فيكون غاية للصبر وإشارة إلى ما يترتب عليه. وفي بعض النسخ (واستبدل باليسر عسراً)، وهو واضح (لم يضرر حريته ان استعبد وقهر وأسر) يعنى هذه الصفات الشاقة الكريهة على النفوس البشرية لم تدفع حريته أي توجه قلبه إلى الله وصبره في الله على تحمل ثقلها.
(ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله أن من الله عليه) الظاهر أن قوله (وما ناله) عطف على ظلمة الجب ولعل المراد به نوائب الزمان وجور الإخوان وأن قوله (إن من الله عليه) بتقدير اللام أي لان من الله عليه فيكون تعليلاً لقوله لم يضرر في الموضعين، وإنما قلنا الظاهر ذلك لاحتمال أن يكون مبتدءاً وخبراً، والجملة عطف على لم يضرر أو يكون قوله (وما ناله) عطفاً عليه وما بعده بياناً لما بتقدير من أو يكون الواو بمعنى مع وفاعل نال حينئذ يوسف (عليه السلام)، والعاتي من العتو وهو التجبر والتكبر والتجاوز عن الحد والمراد بإرساله إرساله إلى الخلق نبيا وبرحم الأمة به نجاتهم عن العقوبة الأبدية بإيمانهم به أو عن القحط والجوع لحفظه ما زرعوا السنة القحط وادخاره لهم والله أعلم.
(وكذلك الصبر يعقب خيراً) أي كما إن صبر يوسف (عليه السلام) أعقب خيراً عظيماً له كذلك صبر كل أحد يعقب خيراً له ومن ثم قيل اصبر تظفر وقيل:
إني رأيت وللأيام تجربة لصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في أمر يطالبه فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
(فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر تؤجروا) توطين النفس على الصبر كناية عن لزومه فإن لزومه توجب الأجر التام في الآخرة ودفع المكروهات وإعقاب الخيرات في الدنيا (14).
فهذا الحديث الشريف يعرفنا أهمية الصبر في حياة الإنسان وأنه لا يتمكن أن يهنأ بعيش بدون الصبر بل ولا حياة سعيدة ولا أمال يتطلع لها الإنسان بدون الصبر ولا أجر يستحق أن يذكر بدون صبر بل لا جنة ولا نعيم دائم بدون صبر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ناب الأمر: نزل، و(النائبة): المصيبة، أي أصابته مصيبة راجع: لسان العرب ج 1، ص 774، (نوب).
2ـ في نسخة (ف): (وإن توالت). و(تداكت)، أي ازدحمت راجع: النهاية، ج 2، ص 128؛ لسان العرب، ج 10، ص 426، (دكك).
3ـ في حاشية نسخة (ض) وشرح المازندراني: (بالعسر يسرا).
4ـ في الوسائل: (أو).
5ـ في نسخ (د، ز، ف، ق، بر، بس) والوافي والبحار: (لم يضرره).
6ـ قال الخليل: الجب: (بئر غير بعيدة الغور)، وقال الجوهري: (الجب البئر التي لم تطو) راجع ترتيب كتاب العين، ج 1، ص 257، الصحاح، ج 1، ص 96، (جبب).
7ـ في نسخة (ف) ومرآة العقول: - (عليه).
8ـ في نسخ (ج، د، ز، ص، ض، هـ، بر، بس، بف)، والوافي والبحار: - (له).
9ـ في نسخة (ف): (فكذلك).
10ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 231، رقم 1695، وفي الطبع القديم ج 2، ص 89، الوافي، ج 4، ص 333، ح 2053، الوسائل، ج 3، ص 257، ح 3566، البحار، ج 71، ص 69، ج 3.
11ـ الحديث صحيح أخرجه البخاري في الجهاد، باب الحراسة في الغزو 6 / 60، وفي الرقاق باب ما يتقى من فتنة المال 11 / 253، وأخرجه ابن ماجه في الزهد 2 / 1386، وانظر: شرح السنة 14/ 262، والفتح الكبير 2 / 31.
12ـ الشطر في الذريعة للأصبهاني: ص 206، وعمدة الحفاظ: حر.
13ـ المفردات في غريب القرآن، ص 224.
14ـ شرح الكافي - الأصول والروضة، ج 8، ص 268.