تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
المجالات
المؤلف: فرانك كلوس
المصدر: العدم
الجزء والصفحة: الفصل الثاني (ص36- ص41)
2023-02-04
1323
يدرك العامة ما بوجود يسمى بمجالات الجاذبية، التي تعرف في أدب الخيال العلمي بأنها: «مجالات منحنية في مُتَّصَل الزمكان». يوحي هذا بحدوث الكثير من التأثيرات في ذلك الفراغ المفترض. كي نعرف ما هذه التأثيرات، لا بد أن نكون أولا قادرين على تعريف ما يعنيه العلماء بلفظة «مجال». من الأسهل أن نتصور معنى المجال حين نكون بصدد شيء محدد؛ لنعد إذن إلى الأرض والضغط الجوي. تعد خريطة ضغط الهواء، التي يألفها كل أولئك المهتمين بالتوقعات الجوية، مثالاً على المجال كما يعرفه علماء الرياضيات؛ مجموعة أعداد تختلف من نقطة لأخرى، وتمثل الأرقام في هذه الحالة الضغط البارومتري عند كل نقطة في البلد. ومثل خريطة الخطوط الكنتورية، يمكن ضمُّ النقاط التي يتساوى فيها الضغط من خلال خطوط تساوي الضغط المعروفة باسم الأيزوبار: حيث أيزو تعنى المتساوي، وبار تعنى الوزن أو الضغط.
إذا كان كل ما يحتاجه الأمر لتعريف المجال هو مجموعة من الأرقام، كما في هذه الحالة، عندئذ يُعرف المجال على أنه «مجال عددي» يتسبب معدل تغير الضغط في حدوث الرياح؛ فعندما تتباعد خطوط الأيزوبار يكون النسيم عليلا، في حين أنه عندما تتقارب بشدة ومن ثم يكون التغير في الضغط سريعًا، تصبح الريح أكثر عصفًا. وخريطة سرعة الرياح هي مثال على ما يُعرف بـ «المجال الموجه»، وهي تتضمن كلا من العدد والاتجاه عند كل نقطة، على سبيل المثال، سرعة الرياح واتجاهها (انظر الشكل 2-1).
في حالة الضغط الجوي والرياح يوجد وسط مادي؛ الهواء، الذي تحدد كثافته المتغيرة المجالات، وبمقدورنا تصور حقيقة ذلك النموذج على أرض الواقع. يسري مفهوم «المجال» حتى عندما ينعدم الوسط المادي. وهذه هي الفكرة التي يقوم عليها كل من مجال الجاذبية والمجال الكهربائي، اللذان يوفران الثقل والاتجاه لكلتا القوتين على حدة في الفضاء.
شكل 2-1 (أ) خريطة طقس تبين خطوط الأيزوبار الخاصة بالضغط؛ (ب) خريطة تبين أيضًا متجهات الرياح السرعة.
لدى هواة نزهات السير الخلوية الطويلة ومتسلقي الجبال وعي بمجال الجاذبية؛ فكلما كنت على ارتفاع أعلى من جانب الجرف، كان السقوط أعظم. هذا هو المثال العملي، أما خريطة الخطوط الكنتورية التي توضح الارتفاع فوق سطح البحر فتمثل الجانب النظري. تخيل ذلك المشهد الطبيعي ذا التلال والأودية. إن خطوط الأيزوبار في الرسم البياني الخاص بأحوال الطقس تعد بمثابة خريطة توضح الخطوط الكنتورية للنقاط متساوية الارتفاع فوق مستوى سطح البحر. عندما تقفز في البحر دون عائق، كلما كنت على ارتفاع أعلى زادت سرعة اختراقك للماء، وزادت (طاقتك الحركية). على أي ارتفاع مبدئي فوق سطح البحر أنت تملك طاقة وضع، وهذه الطاقة تمثل «إمكانية» اكتسابك لكمية من طاقة الحركة، وكلما زاد تأثير قوة الجاذبية عليك تعاظمت طاقة الحركة التي تكتسبها. وبالتالي تكون الخطوط الكنتورية في الخريطة هي خطوط للنقاط التي لها نفس طاقة الوضع، والمعروفة باسم «النقاط متساوية الجهد».
تحت تأثير قوة الجاذبية تكون الحركة الطبيعية هي السقوط إلى أسفل التل؛ من الجهد العالي إلى المنخفض. وتتناسب قوة العجلة طرديا مع معدل التغير الحادث في الجهد المتمثل في منحدر التل. فعندما تسقط من تل شديد الانحدار فإنك تكتسب سرعة أكبر من تلك التي تكتسبها عند هبوط منحدر طفيف الانحدار. هذه خاصية عامة: إذ تتناسب القوة طرديا مع معدل تغير طاقة الوضع، مثلما تتناسب قوة الرياح طرديا مع درجة انحدار الأيزوبار. وبهذا تحدد خريطة درجة الانحدار عند كل نقطة كلًّا المقدار (منحدر أم مسطح) والاتجاه (هل واجهة هذا المنحدر نحو الشمال أم الجنوب). هذا المجال، الذي يلخص القوة في كل من المقدار والاتجاه، هو مجال موجه.
تمثلت فكرة إسحاق نيوتن العبقرية في أن الجاذبية هي التي تحكم حركة التفاح المتساقط وحركة الكواكب. فالشمس هي مركز الجذب العظيم في قلب المجموعة الشمسية. وإذا حدث أن انجذبت ناحية الشمس بفعل قوة جاذبيتها، فهذا يعني أنه كلما بدأت حركتك من مكان أبعد، زادت سرعتك لدى ارتطامك بالشمس. وبالتالي تزيد طاقة الوضع كلما ابتعدت عن الشمس. يتكون مجال جاذبية متساويات الجهد من مجموعة من الكرات في مركزها الشمس. ينخفض الجهد مع التحرك نحو الداخل، ومن ثم تتسارع حركتك من منطقة عالية الجهد إلى منطقة منخفضة الجهد. ويعوض الارتفاع في طاقة الحركة الفقد في طاقة الوضع. هذا قانون كوني.
ينطبق المفهوم عينه على الشحنة الكهربائية والمجال الكهربائي، بدلا من الشمس العملاقة والجاذبية. كلنا نعرف مفهوم فرق الجهد الكهربي (الفولت) حتى وإن كنا لسنا متأكدين تمامًا من تعريفه يعادل الجهد الكهربائي الجهد العالي، في هذه الحالة «الجهد» المبذول لإحداث صدمات كهربائية هي: نتاج التحريك المفاجئ للشحنات الكهربائية، والتي تُلاحظ كانقباض في العضلات. إذا كانت ألواح إحدى البطاريات لها جهد كهربائي موجب وسالب، عندئذ كلما كانت الألواح أقرب بعضها إلى بعض زاد المجال الكهربائي، أي معدل تغير الجهد. وبينما يكون لدينا في حالة الهواء وسط مادي يساعدنا في تكوين صورة ذهنية، فإنه في حالة الجاذبية أو المجالات الكهربائية لا يوجد وسط، وإنما لدينا مفهوم وتجارب تدل على تأثيراتها، لكن لا يوجد «شيء» واضح لنتصوره. إلا أن تأثيرات مجال الجاذبية والمجال الكهربائي قابلة للقياس وهما موجودان.
حجم المجال
لتكوين فكرة عن مدى قوة المجالات الكهربائية داخل الذرات، دعونا نقارنها بما يمكن أن تفعله التكنولوجيا في العالم المرئي الأكبر. يصل المجال الكهربائي المتولد في بطارية كتلك التي قد تستخدمها في كشاف أو لتشغيل جهاز راديو – والتي تعطي عددا قليلًا من الفولتات، وفيها تفصل ملليمترات قليلة بين الألواح الكهربائية الموجبة والسالبة – إلى ألف فولت للمتر. في «مركز معجل ستانفورد الخطي بكاليفورنيا، تزيد المجالات الكهربائية من سرعة الإلكترونات لتصل سرعتها إلى حوالي 300 ألف كيلومتر في الثانية، أي أقل بجزء على الألف من سرعة الضوء. ولعمل هذا تمر الإلكترونات عبر حوالي 30 مليار فولت بطول 3 كم، ما يعادل مجالات كهربائية جهدها 10 ملايين فولت لكل متر. توفر هذه التكنولوجيا المعقدة مجالات كهربائية أقوى للغاية من المجالات الموجودة في البطارية البسيطة، لكنها ضئيلة مقارنة بالمجالات الموجودة داخل الذرة. في «مركز معجل ستانفورد الخطي» يصل المجال الكهربائي إلى عشرة فولتات في كل جزء على المليون من المتر؛ وداخل ذرة الهيدروجين على سبيل المثال، يصل الجهد الكهربائي في الفجوة التي تفصل الإلكترون عن البروتون إلى عشرة، فولتات، ومساحة هذه الفجوة في المتوسط تبلغ عشرة أجزاء على المليار من المتر فحسب. أي إن قوة المجالات داخل الذرات تزيد ألف مرة عما يمكن أن تصل إليه تكنولوجيتنا، مع أن هذه المجالات قاصرة على الذرة وحسب. تقول القاعدة الشهيرة عن الشحنات الكهربائية إن الأضداد تتجاذب والأشباه تتنافر. يوجد كلا النوعين من الشحنات داخل الذرات إلكترونات سالبة الشحنة في المحيط الخارجي ونواة موجبة الشحنة في المركز. وعندما تقترب الذرات بعضها من بعض، فإن النواة موجبة الشحنة تجذب الإلكترونات سالبة الشحنة الخاصة بالذرة المجاورة، مما يسبب اقتراب الذرتين قليلًا. وعليه تتشابك مجموعات الذرات بالتبادل وتتكتل معا مكونة جزيئات، وأخيرًا مادة متماسكة. إن أقوى المجالات الكهرومغناطيسية التي يمكننا أن نولدها الآن على المستوى المرئي ضعيفة نسبيًّا مقارنة بتلك الموجودة داخل الذرات نتيجة للتأثيرات المعادلة للشحنات الموجبة والسالبة: فداخل حدود الذرة تتحقق القوة الكاملة للشحنات المضادة دون أي عائق. وإذا أدركنا هذا، فلا نتعجب إذن من أنه يمكن التسبب بانحراف جسيمات ألفا - حتى عندما تتحرك بسرعة 14 ألف كيلومتر في الساعة؛ أي واحد على عشرين من سرعة الضوء - بزوايا كبيرة، بل يمكن إيقافها وردها من حيث جاءت فالمجالات الكهربائية داخل الذرة تشكل حاجزا يستحيل اختراقه.
لكي تستكشف الذرة من الداخل، لا بد من تفحصها باستخدام شيء أصغر منها بكثير، لهذا استخدم رذرفورد جسيمات ألفا. حيث أن تلك الجسيمات لم تعثر على فراغ بل صدت كما لو كانت الذرة محشوة بوسط صلب مقاوم، وهكذا أعلن المجال الكهربائي عن نفسه. ربما أزال تورشيللي الهواء من مكان ما، لكن إذا قربنا الصورة من أي من الذرات المتبقية فسنلاحظ أنه قطعًا يوجد شيء ما على صورة مجال كهربائي شديد. يوجد تأثير ما في الفضاء ينجم عن وجود النويات الذرية المشحونة كهربائيا، وهذا التأثير يظل باقيًا حتى عند إزالة كل المواد الأخرى.
تنشأ عن الشحنات الكهربائية المتحركة القوى المغناطيسية، التي يمكن أن تمتد آثارها عبر مساحات شاسعة كما الحال في المجال المغناطيسي لكوكب الأرض. يدور القلب المعدني المنصهر لكوكبنا حول ذاته مع حركة الكوكب، فتشت الحرارة ذراته بما يسبب تدفق إلكتروناتها بحرية تحول التيارات الكهربائية الناجمة كوكب الأرض إلى مغناطيس ضخم له قطبان شمالي وجنوبي، وأذرع مغناطيسية تمتد في الفضاء. هذا المجال المغناطيسي للأرض، الذي هو أقوى من الجاذبية بكثير، يحرك إبرة البوصلة الصغيرة. ولطالما أعانت هذه الظاهرة المسافرين والطيور المهاجرة منذ فجر الزمان. وكانت هذه التأثيرات معروفة في القرن السابع عشر حتى ورحلة البحث عن الفراغ جارية. وقد ثبت أن التأثيرات المغناطيسية والضوء يمكنها الانتقال عبر الفراغ، مع أن العلاقة الوثيقة بين الضوء والمجالين الكهربائي والمغناطيسي لم تُعرف حتى القرن التاسع عشر.
تظل المجالات المغناطيسية موجودة على ارتفاع آلاف الكيلومترات فوقنا، حيث تكون طبقة الهواء في غاية الرقة، بل تكاد تكون منعدمة. ووجود هذه المجالات غاية في الأهمية لبقائنا؛ فهي تصد الأشعة الكونية والتيارات الشمسية التي تتألف من جسيمات مشحونة كهربائيًّا. وبهذا تمثل درعًا واقيًا مهما؛ لأن التعرض لهذه الإشعاعات من شأنه أن يدمر الحمض النووي للبشر. ولو حدث أن اختفى المجال المغناطيسي للأرض، كما الحال في كوكب المريخ، من الممكن أن تكون هذه نهاية نوعنا.
أثبت كل من باسكال وبيرير أنه يوجد فراغ خارج الأرض؛ بمعنى أنه لا يوجد هواء. لا يوجد غاز في الفضاء الخارجي أو يوجد القليل منه للغاية، لكن الأكيد يوجد مجال مغناطيسي أرضي له أهمية عظيمة.