x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
مدارس الفلسفة الجغرافية - مدرسة الحتم الجغرافي (المدرسة البيئية)
المؤلف: محمد احمد السامرائي
المصدر: فلسفة المكان في الفكر الجغرافي
الجزء والصفحة: ص105- 110
22/12/2022
1918
مدارس الفلسفة الجغرافية - مدرسة الحتم الجغرافي (المدرسة البيئية):
الاهتمام في هذا الفصل على دراسة العلاقة بين الإنسان والبيئة من ناحية الدور الذي يلعبه كل منها في التأثير بالأخر. فقد شغلت دراسة العلاقات بين الإنسان والبيئة أذهان المفكرين منذ زمن، وكانت الآراء حولها تباينية ووجهات النظر متضاربة، الأمر الذي تبلورت حوله مدارس فكرية تشكل أحدى دعامات تطور الفكر الجغرافي. ويجدر بنا هنا أن نستعرض أشهر هذه المدارس الفكرية :
مدرسة الحتم الجغرافي (المدرسة البيئية):
تم تعريف البيئة في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية الذي أنعقد في ستوكهولم عام 1972 بأنها : "رصد" الموارد المادية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته وعرفها البعض بأنها : "الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء ودواء وكساء ومأوى ويمارس فيه علاقة مع أقرانه من بني البشر ومن خلال هذه الرؤية يمكن تقسيم البيئة إلى قسمين هما:
1- البيئة الطبيعية: وهي الموارد الأولية كما وجدت في الطبيعة على حالتها، بالإضافة إلى جميع أنواع الكائنات الحية ، أو هي الوسط الطبيعي (Physical Evironment).
2- البيئة المستخدمة (Neo. Ambiances): وهي التي تتكون من البنية الأساسية للمادة التي شيدها الإنسان والمؤسسات التي أقامها ، وتشمل المناطق السكنية وكذلك الصناعية والمراكز والمدارس والمعاهد والطرق والموانئ وما شابه.
أما علم البيئة (Ecology) فقد وضعه عالم الحياة الألماني ارنست هيجل (Ernest Heachel) في سنة 1866 وعرفه بانه: العلم الذي يدرس علاقة الكائنات الحية بالوسط الذي تعيش فيه. أما النظام البيئي (Ecosytem) فيمكن تعريفه بأنه عبارة عن وحدة بيئية متكاملة تتكون من كائنات حية ومكونات غير حية متواجدة في مكان معين، يتفاعل بعضها ببعض وفق نظام دقيق ومتوازي في ديناميكية ذاتية، لتستمر في أداء دورها في استمرارية الحياة.
وفي ضوء مفهوم المدرسة البيئية فأن الحتم يعني تحكم البيئة بالإنسان وسيطرتها عليه. فالبيئة تبعا لأصحاب هذا التوجه الفكري تؤثر في خلق الإنسان وشكله ونمط حياته وسلوكه وأفعاله وكافة الأنشطة والفعاليات التي يمارسها أو يمتهنها على سطح الأرض. علما إن الأفكار الختمية هذه قديمة منذ عهد الإغريق من خلال هيبوقراط (420 ق.م) لذا كان هذا التوجه احد المؤثرات على تعريفات علم الجغرافيا من انها دراسة تأثير البيئة الطبيعية على الإنسان وفعالياته المختلفة.
وفي القرن الرابع عشر الميلادي كان ابن خلدون من أكبر دعاة الحتمية وفلاسفتها من بين المفكرين العرب والمسلمين، وكان في مقدمته كما كتب يبدو أكثر تطرفا في بيان أثر البيئة الطبيعية. فعند بحثه أثر الموقع في صفات السكان في مقدمته يذكر بأنه : الإقليم الرابع أعدل العمران والذي حافاته من الثالث والخامس أقرب إلى الاعتدال، ولهذا كانت العلوم والصنائع والمباني والملابس والأقوات والفواكه بل والحيوانات وجميع ما يتكون في هذه الأقاليم الثلاثة المتوسطة بخصوصه بالاعتدال، وسكانها من البشر أعدل أجساما وألوانا وأخلاقاً وأدياناً حتى النبوءات فإنما توجد في الأكثر فيها.
ثم جاءت كتابات جان بودان في القرن السادس عشر وبسبب تأثره بالأقدمين ولاسيما بأرسطو، والتي يخلص فيها إلى القول بأن مناطق العالم المعتدلة هي بأفضل المواقع لنمو الدولة. وكذلك الحال مع (مونتسكه) الذي يرجع أسباب تكون قابليات البشر وأخلاقهم إلى بعض العوامل الطبيعية لكن أعمق ثورة في التفكير العلمي هي التي أثارها داروين (Charles Darwin) بكتابه المشهور أصل الأنواع الذي صدر عام 1859), فقد أدرك داروين بان الحيوانات والنباتات مرتبطة كلها ارتباطا متينا ببيئاتها الطبيعية وأنه كان ثمة تفاعل بين الأحياء العضوية ومناطق التوطن.
لقد كان موضوع تكيف الكائنات العضوية للبيئة الطبيعية أحد العوامل المؤثرة على بعض الجغرافيين الذين اعتبروا الإنسان كائنا عضويا يتكيف لظروف البيئة الطبيعية، كما تتكيف الكائنات العضوية الأخرى، لذا فقد عرف باروس (Barrows ) موضوع الجغرافيا بأنه علم دراسة تكيف الإنسان لعوامل البيئة ، أو كما سماه (Human Ecalogy).
غير أن الأفكار الحتمية عادت ونشطت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في أوربا، وبعدها في أمريكا. ويعتبر فردريك راتزل (Ratzel) الألماني أول دعاة الحتمية من الجغرافيين المحدثين. فقد قال راتزل بوجوب تعليل كل مظاهر النشاط الإنساني بالعوامل الطبيعية". وإن: "النشاط الإنساني لابد أن يتشكل بشكل معلوم إذا نشأت حوله بيئة طبيعية خاصة. بل أن بعض أنصار راتزل خصوصا في فرنسا وصل بهم الحد إلى قول ما قاله ديمولين (Demolins) وهو : إذا عاد التاريخ أدراجه فلابد أن يسلك نفس السبيل التي سلكها من قبل متى اتفقت الظروف الطبيعية ولدى دراسة العلاقة بين الإنسان والبيئة فأن من الطبيعي أن تظهر المدرسة الحتمية وهي تلك التي يمثلها راتزل (Ratzel) وديمولان (Demolines) ومس سامبل (Semple) وكريفت تايلور (Taylor). وتؤكد هذه المدرسة على خضوع الإنسان للبيئة. بل أن بعض اتباع هذه المدروسة قد ذهب بعيدا إلى حد القول بأن التاريخ لو أعاد نفسه فأن الإنسان سيمر بنفس أطوار التقدم بلا شك.
ولقد وصل التطرف في الرأي لأصحاب هذه المدرسة حدا ، كما مثله كزن Vietot Cousin أعطني خريطة لدولة ما ومعلومات وافية عن موقعها ومناخها ومظاهرها الطبيعية الأخرى، ومواردها وامكانياتها الطبيعية، وبإمكاني على ضوء ذلك كله أن أحدد لك أي نوع من الإنسان يمكن أن يعيش في هذه الدولة وأي دور يمكن أن تلعبه هذه الدولة في التاريخ. وليس هذا الحكم قائمـاً علـى مجرد الصدف، بل هو قائم على أساس الضرورة التي تحتمها البيئة، ولا ينطبق ذلك على فترة واحدة محددة من تاريخ حياة الدولة بل ينطبق على جميع مراحلها وقدراتها.
لقد وصفت الفلسفة البيئية الطبيعية بعناصرها المتعددة كعامل متسلط من جهة والإنسان كعامل خاضع من جهة أخرى ورسمت لذلك إطاراً عاما يتحدد ضمنه النشاط البشري بشكل علاقات جامدة (Static) بين العاملين المذكورين. وبدت هذه الفلسفة واضحة مثل فردريك لبلي (Laplay) في فرنسا محاولاً دراسة الأسس الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية للكيان العائلي. وقد أوجد فلسفة يمكن تلخيصها بالشكل الآتي: البيئة أو المكان تحدد نوع العمل، والعمل يحدد نوع التنظيم الاجتماعي والذي تعتبر العائلة أساسا له . لا شك أن مثل هذه الأفكار مبالغة في أثر البيئة على الإنسان، ولهذا فقد وجهت انتقادات إلى هذه المدرسة الفكرية ومن أهمها:
1- إن البيئات المتشابهة طبيعيا لا يشترط أن تستجيب استجابات بشرية متشابهة.
2- أن رغبات الإنسان تفرض سيطرتها في كثير من الأحيان دون مراعاة للبيئة الطبيعية، كظاهرة تربية الماشية في الهند.
3- الانماط التوزيعية لسكان العالم لا يمكن تفسير معظمها على اساس طبيعي، مثل قوانين الهجرة وسياسة استراليا البيضاء.
4- النمو الاقتصادي والتنمية في العالم هي أمثلة على قدرة الإنسان.
5- لا تفسر معظم مواقع المدن والصناعة وغيرها بالبيئة الطبيعية. فهل البيئة هي السبب في أهمية القدس العالمية؟ أو موقع واشنطن الطبيعية وكانبيرا.
6- أن معتنقي هذا المفهوم ينكرون على البشر قابلياته وقدراته الخلاقة وبهذا الاعتبار يصبح الإنسان مجرد آلة تحركها العوامل الطبيعية.
7- أن هذا التأثير غير مطلق أو حتمي أنه تأثير متبادل بين الطبيعية والإنسان والذي بإمكانه أن يلطف الظروف الجغرافية لكي تناسبه.
8- أن هذه العلاقة المتبادلة بين الإنسان والبيئة ليست ثابتة وإنما تتغير من وقت لأخر ومن مكان لآخر.
9- أن فهم الفعاليات البشرية يعتمد على حد بعيد على أدراك العناصر البيئية.
كما كان لاستحواذ فلسفة حتمية البيئة الطبيعية بعض النتائج ومنها:
1- لقد أنصرف اهتمام الجغرافيين إلى دراسة العامل الطبيعي وأصبحت الجغرافية الطبيعية الجانب الرئيسي والمهم في هذا الحقل من المعرفة بينما أهمل الجانب البشري وأصبح بمرتبة ثانوية من الأهمية في ضوء هذا حاول أرباب هذه المعرفة أن يرفعوا موضوعهم إلى مرتبة العلوم المجردة التي لها قوانينها وأحكامها ، ولذا فأننا نجد البعض يصنف الجغرافيا ويضعها في مرتبة العلوم الطبيعية.
2- ومن نتائج هذه الفلسفة أيضا أن قسمت الجغرافيا إلى موضوعين رئيسيين ومنفصلين: الجغرافية الطبيعية والجغرافية البشرية، دون محاولة الربط بينها أو بين ظاهراتهما كما يجب وبالتالي أعطاء الموضوع الأول الحصة الكبرى في الدراسة، أن كلا الاتجاهين السابقين الذكر، وضع الجغرافيا في مرتبة العلوم والفصل بين الناحيتين الطبيعية والبشرية في الدراسة مغلوطتين.
3- أن الاعتقاد باستحواذ عامل البيئة الطبيعية والتسليم بأنه يعين نوع النشاط أو السلوك البشري ويقيده يعني بأننا نؤمن بأن الإنسان قد أصبح عبدا لهذه البيئة وأن طموحه وجهوده يجب أن لا تتعد الحدود التي تصورنا بأن البيئة الطبيعية قد رسمتها له. وهذا كله مما يؤدي إلى وضع المجتمع في حالة ركود ومحدود التطور.
4- إن أصحاب المدرسة الحتمية أو البيئيين غالوا غلوا شديدا في نظريتهم واخضعوا الإنسان لمؤثرات البيئة الجغرافية وعالجوا هذه المؤثرات معالجة عامة كلية واعتبروا الإنسان عبداً خاضعاً لظروف الفن ثمة فقط الجغرافي. وكأن الإنسان آلة مسخرة في يد لا ترحم تسيرها كيفما شاءت. أن ما يجب أن نسترشد به في دراستنا . أنه : "ليس هناك حتم جغرافي ثمة فقط حسم جغرافي ، وقضية الحتمية صفة حسبانها طويت من القديم, لكن استنكار الحتمية الجغرافية لا ينبغي أن يتطرق إلى أنكار حد أدنى من الفاعلية الجغرافية نفسها ، لكن البعض ما زال يمارس هذه اللعبة غير المسؤولة أو تلك كما يقول جمال حمدان.