التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
المواكب الدينية في الدولة العباسية
المؤلف: خالد إبراهيم حميد الحمداني
المصدر: مواكب الخلفاء في العصر العباسي الأول (132-247هـ-750-861م)
الجزء والصفحة: ص83- 108
7-1-2019
4155
المواكب الدينية
حَرصت الخلافة العباسية بتنظيم وتعظيم المواكب الدينية، كون الخليفة العباسي هو ظل الله في الارض، وعليه حماية المسلمين ورعيته من أهل الذمة ((هوداً كانوا ام نصارى)) من اعداء الدولة العربية الإسلامية ولذلك اكتسبت المواكب الدينية خصوصية لأظهار قُدسية الشعائر الدينية للمسلمين وتعدت ذلك إلى شعائر وأعياد أهل الذمة، فهذه الشعائر تظهر مدى مرونة الخلافة العباسية مع أهل الذمة، وهي رسالة واضحة لأعداء الدولة وقتذاك المتمثلة بالدولة البيزنطية.
ولأهمية وقدسية وخصوصية فريضة الحج سوف نبدأ بموكب الحج، ومن ثم مواكب الاعياد الدينية للمسلمين والذميين على حد سواء.
أ- مواكب الحج:
الحج لغةً يعني القصد؛ ويُعرف أيضاً القصد إلى مكة للنُسك(1)، وهذا التعريف بقي أو ظل معروفاً من قبل وبعد الإسلام، وذلك بسبب قدسية واهمية مكة للقبائل العربية الوثنية وللمسلمين بعُيد الدعوة الإسلامية.
وفي العصور الإسلامية بدأ من عصر الرسالة والراشدين والعصور التي تلتهما بقيت اهمية مكة للمسلمين، لكون الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، فالحج فرض عين على كل مكلف مستطيع في العمر مرة واحدة في الاقل، ثبتت فريضتة من القرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة، وفي القرآن الكريم ورد قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] (2).
وفي السُنة النبوية الشريفة، وردت أحاديث نبوية عن اهمية الحج، بلغت اليقين والتأكيد والتواتر على ثبوتِ هذه الفريضة، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم قوله: (بُني الإسلام على خَمس شهادة إن لا اله الا الله وان محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت)(3) وقوله صلى الله عليه [وآله] وسلم عن الحج: (أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)(4).
وهكذا نستخلص مدى أهمية الحج في حياة كل مسلم ومسلمة، كونه ركناً أساسياً من اركان الإسلام الخمسة، كما ذكر سابقاً، ولذلك حرص الخلفاء العباسيون على تسيير مواكب سنوية للحج إلى مكة المكرمة، كانت عادةً تنطلق من بغداد عاصمة الخلافة، ويرأسها الخلفاء أنفسهم في سنوات خلافتهم الاولى، لكي يضفوا بهجة وقدسية لموسم الحج، واحياناً يعهدون بها إلى امراء البيت العباسي ولاسيما اذا كان الخلفاء منشغلين في غزوة أو أمرٍ سياسي مهدد أمن وسلامة الخلافة والدولة العربية الإسلامية، وكانت مواكب الحج عادة تتسم بالعظمة والفخامة، لاضفاء الشهرة والشرعية لكسب رضى عامة المسلمين(5).
((كما تجلت مظاهر الخلفاء العباسيين الخاصة التي تدل على سيادتهم الروحية في مواكبهم المتجهة من بغداد إلى الحجاز للحج)).(6)
وكانت هذه المواكب ((هي أهم مظاهر الرسوم الإسلامية، فهذه في أول الآمر لم تكن دقيقة أو لها نظام معين، وكان أهمها الموكب الذي يخرج فيه الحجاج إلى مكة، وخصوصاً إذا صحبهم الخليفة)).(7)
ولموكب الحج في العصر العباسي الأول استعدادات خاصة يقوم بها الخلفاء أو من ينوب عنهم، وتلك الاستعدادات تبدأ منذ مدة طويلة تسبق موسم الحج، وذلك لأخذ الاحتياطات اللازمة بدءاً من تهيئة الدواب(8)، ومن ثم أعداد عدة السفر وُعدة موكب الحج من كسوةٍ وطعام، وأموال وأضاحي وماء وأغذية تكفيهم في الذهاب والإياب.(9)
وكان يسبق موكب الحج المناداة بالحج بمدة تختلف من مكان إلى آخر حسب بعده عن مكة، لذلك كان النداء إلى الحج في بعض البلدان يتم بصورة مبكرة.(10)
ومن جملة مظاهر الاستعدادات التي تسبق موكب الحج الذي ينطلق من بغداد، كانت الخلافة العباسية ترسل موكباً كبيراً يحمل كسوة الكعبة، ويطلق على هذا الموكب بـ(محمل الكسوة)(11)، وهذا الموكب يتم وسط مراسيم خاصة، فيجري احتفال كبير في عاصمة الخلافة بغداد يشارك فيه، كبار قادة الدولة ورجالاتها من أمراء البيت العباسي وقادة الجند والوزارات وعامة الناس من أهالي بغداد احتفالاً وتبركاً بموكب محمل الكسوة.(12)
وعند وصول موكب محمل الكسوة إلى الأراضي المقدسة وبالتحديد إلى مكة المكرمة، يخرج أمير مكة وقاضيها على رأس المستقبلين لذلك الموكب(13)، وجرت هذه العادة إنفاذ موكب الكسوة من بغداد إلى مكة قُبيل موكب الحج في عهود الخلفاء العباسيين الأوائل (المنصور والمهدي والهادي والرشيد والامين) حتى خلافة المأمون (198-218هـ/ 813-833م)(14)، بعد هذا التاريخ جرت العادة أرسال (محمل الكسوة) في موكب أمير الحج أو الوزراء في أثناء موسم الحج، وذلك لتوفير الحماية لها، بسبب تعرض تلك المواكب إلى هجمات اللصوص وقطاع الطرق احياناً.(15)
وذكر المقريزي ان اول من عمل الشمسة او كسوة الكعبة الخليفة المتوكل على الله قائلاً ((....واول من عمل الشمسه للكعبة امير المؤمنين المتوكل على الله فبعث سلسلة من ذهب كانت تعلق مع الياقوتة التي بعثها الخليفة المأمون وصارت تعلق كل سنة في وجه الكعبة وكان يؤتي بهذه السلسلة في كل موسم وفيها شمسه مكللة بالدر والياقوت والجوهر قيمتها شيء كثير فيقدم بها قائد يبعث من العراق فتدفع إلى حجبة الكعبة ويشهد عليها فيعلقونها يوم السادس فتكون على الكعبة ثم تنزع يوم التروية)).(16)
ومواكب الحج في سنوات العصر العباسي الاول كانت اكثر جمالاً وأبهة بسبب خروج الخلفاء العباسيين الاوائل فيها، كما هو الحال في سنة خروج الخليفتين السفاح والمنصور.(17)
ويُروى ان االخليفة العباسي الاول أبا العباس السفاح كان قد خرج إلى مكة حاجاً، وعلى ما يبدو كان موكبه مهيباً عظيماً بدليل قول ابن دحية:- ((كان ابو العباس السفاح اذا قدم مكة حاجاً أو معتمراً عطلت قريش مجالسها في المسجد الحرام وهجرت مواضع حلقها))(18)
يعني هذا كانت تقام حلقات علم وابتهاج بمواكب حج الخليفة، فكان أهل مكة ينظرون إلى الخليفة ويحيطون به ((فأن قعد قعدوا، وان نهض نهضوا، وان مشى مشوا جميعاً حوله)).(19)
لا نعلم على وجه الدقة سنة خروج ذلك الموكب برئاسة الخليفة السفاح، لأن المصادر لم تؤرخ ذلك، وعلى الأغلب أنها كانت محصورة ما بين (132هـ/ 750م)-(136هـ/754م).(20)
وللخليفة المنصور عدة مواكب للحج خرجت معه إلى الاراضي المقدسة، فقد حج سنة (140هـ/758م)(21) وفي سنة (144هـ/762)(22)، وكذلك سنة (147هـ/765م)(23)، وسنة (148هـ/766م).(24)
ففي موكب حج الخليفة سنة (140هـ/758م) قام الخليفة بعدة اعمال جليلة منها بناء المساجد ومن ذلك ((مسجد الخيف بمنى وصيره على ما هو عليه من السعة ولم يكن بها قبل ذلك)).(25) كما رافق ذلك ما زُيد في المسجد الحرام.(26)
ومنها إكرامه عامة الناس بالاموال كما ذكر ابن دحية(( كان يجود بالاموال حتى يقال انه اسمح الناس))(27)
وكانت تتقدم موكب الخليفة طبول مصنوعة من جلود الكلاب فاذا أراد ان يركب ضرب في عسكره بتلك الطبول، فكانت لها صوت هائل ودخل قلوب الناس منها رُعُب عظيم وفزع شديد.(28)
وفي موكب حج سنة (148هـ/766م) كان الخليفة المنصور في موكبٍ مهيب، استقبلهُ الناس في مواكب عامة فرحين يسلمون عليه ويهنئونه بما انعم الله عليه، وزاره لموكبه رجالٌ من الحجاز من قريش وغيرها فيها عامة الناس وعلماء وفقهاء مكة والحجاز.(29)
وحج الخليفة المنصور بموكب مهيب أيضاً سنة (152هـ/770م)(30)، وفي سنة (158هـ/754م) كان من أهم مواكب حجه، وذلك لكونه اتخذ استعدادات لازمة للموكب من أبلٍ وعطايا وكسوة وما يحتاجه الموكب والحجاج.(31)
وفي هذا الموكب كان معه عدد من الجند تحوطهم في نزولهم وترحالهم حاملين معهم الرايات السود(32)، وما يحتاجه الموكب من طعامٍ وشراب وخدمٍ وطباخين(33)، ويبدو ان هذا الموكب كان الافخم بحيث كان يصاحب الخليفة المنصور جماعة من امراء البيت العباسي وقادة عسكريين ورجالات دار الخلافة، ووراءهم الأبل التي تصطحب حريم الخليفة واهل بيته وفيهم موسى بن المهدي حاجاً.(34)
كما كان بصحبة الخليفة المنصور في موكبه هذا جماعة من العراقيين والخراسانيين والفرس وغيرهم(35)، فضلا عن كبار رجالات الخلافة من الفقهاء والعلماء(36)، وبهذا الصدد يقول ابن الطقطقي كان المنصور إذا حج صحب معه مائة من الفقهاء وابنائهم(37).
وقبل انطلاق موكب الحج للخليفة المنصور من مدينة بغداد سنة (158هـ) اخرج مع هذا الموكب اهل بيته ورجال دولته لتوديعه إلى قصر عبدويه.(38)
وقد مَرَّ موكب حج المنصور بعدد من الدور ومحطات الاستراحة التي اقيمت بين بغداد ومكة، وقد اقيمت لاستراحة الحجاج ومبيتهم(39)، وكان المنصور والخلفاء العباسيين الذين جاءوا بعده قد أعدوا في تلك المنازل والدور الفرش والستور والاواني وغير ذلك، وعين اشخاص للمحافظة على تلك المنازل يطلق عليهم بـ(المتولين) كانت واجباتهم تقتصر على الحفاظ على المنازل وتهيئتها لاستقبال مواكب الحجاج وتقديم الخدمات اليهم.(40)
وقد نزل الخليفة المنصور بتلك الدور والمنازل لأخذ قسط من الراحة وكان كثير المحاسبة لهؤلاء المتولين، بسبب دخول أحد العوام (من الحجاج) على بيت الخليفة، حيث وجد الاخير ابياتاً من الشعر في صدر البيت.(41)
ويروي السيوطي (ت 911هـ) ان الخليفة المنصور قام خطيباً في موكب الحج يوم عرفة وقال في خطبته:
((ايها الناس، إنما انا سلطان الله في ارضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على فيئه أقسمه بأرادته واعطيه بأذنه، وقد جعلني الله عليه قفلا، إذا شاء ان يفتحني فتحني لأعطائكم، وإذا شاء ان يقفلني عليه أقفلني فارغبوا إلى الله ايها الناس، وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهب لكم فيه من فضله ما اعلمكم في كتابه اذ يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] (42)، ان يوفقني للصواب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، والاحسان اليكم، ويفتحني لأعطائكم وقسم أرزاقكم بالعدل فأنه سميع مجيب)).(43)
تنطوي عدة حقائق مستنتجة من خلال قراءة نص خطبة المنصور في موكب الحج، أولها انه دعا الناس إلى الله تعالى لعبادته وسؤاله من فضله الكريم، وما المنصور الا ظل الله في أرضه يمنح الناس من كرمه تعالى، ويبدو ان المنصور حفظ نص خطبة الرسول صلى اله عليه وسلم في حجة الوداع والدليل واضح في نص الخطبة، ولاشك ان الخليفة المنصور اراد ايضا من خطبته تلك تبرير تقتيره على عامة الناس في هذا العام بسبب انفاقه على مرافق الحرم واماكن مختلفة من الحجاز، ولاسيما المنازل والدور التي تستقبل مواكب الحجاج القادمة من عموم الامصار والاصقاع الإسلامية.
ويذكر المقريزي انه في أحدى مواكب الحج للخليفة المنصور اشرف على المدينة النبوية، فقد ترجل له موكب من اهل المدينة مستقبلين موكب حج الخليفة(44)، ولا نعرف متى كان ذلك لأن الخليفة المنصور شَخصَ خمس مرات إلى الحجاز لاداء فريضة الحج.
وللخليفة المهدي (158-169هـ/775-785م) عدة مواكب للحج، فيروى في أثناء زيارة موكبه لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم حاجاً كان قد نقل معه ((خمسمائة من الانصار إلى العراق وجعلهم في حرسه واقطع لهم واجرى عليهم الرزق)).(45)
ويروى ابن قتيبة ان الخليفة المهدي قفل راجعاً سنة (160هـ/777م) مع موكبه وجنوده وأمواله إلى بغداد بعد ان قصد الحجاز لاداء فريضة الحج، بسبب وشاية ضد أخيه جعفر تتلخص برغبة الاخير خلع المهدي(46).
ويروى أن الخليفة المهدي عمل عدة اصلاحات في المنشآت العمرانية في مكة في موكب حجه سنة (160هـ/777م)، حيث هدم حيطان المسجد الحرام وزاد فيه زيادات واشترى من الناس دورهم ومنازلهم وأحضر الصناع والمهندسين من كل بلد وكتب إلى مولاه وعامله في مصر في حمل الاموال إلى مكة … وصيرت الكعبة في الوسط على ما هي عليه الان، لأنه آخر من زاد فيها، وحمل إلى المسجد الحرام من مصر اربعمائة وثمانين اسطوانة، طول كل اسطوانة عشرة اذرع وصير فيها اربعمائة طاق وثمانية وتسعين طاقاً وجعل للمسجد من الابواب ثلاثة وعشرين باباً وبناه بالذهب والفسيفساء وجعل سلاسل قناديله ذهباً وجعل ذرعه مكسراً مائة الف ذراع وعشرين الف ذراع.(47)
وقد بلغ طول المسجد الحرام من باب بني جمح إلى باب بني هاشم عند العلم الاخضر اربعمائة ذراع واربعة أذرع، وعرضه من باب دار الندوة إلى باب الصفا (30 ذراع)، كما قام الخليفة المهدي بتوسيع مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وزاد فيه وحمل اليه عمد الرخام والفسيفساء والذهب ورفع سقفه والبس خارج القبر المقدس الرخام.(48)
ومما ينبغي ذكره في موكب الحج ان الخليفة المهدي في سنة (160هـ/777م) جرد الكعبة وكساها القباطي والخز والديباج وطلى جدرانها بالمسك والعنبر من اعلاها إلى أسفلها.(49)
وفي رواية ثانية نقلها السيوطي أن في موكب الحج للخليفة المهدي في ذلك العام أيضاً كان يحمل موكب الخليفة الثلج إلى مكة.(50)
ولا نعلم على وجه الدقة سبب حمل الثلج أكان رغبة من الخليفة اسقاء الحجيج من هذا الماء أم لكونه من ماء موكب الخليفة.
ومهما يكن من أمر فأن هذا الخبر يُشير إلى محاولة جديرة وجادة من قبل الخليفة لإيصال الثلج إلى مهبط الوحي، واقدس بقعة طاهرة في الحجاز، الا وهي مكة المكرمة.
وفي سنة (161هـ/778م) انطلق الخليفة المهدي بموكبٍ مهيب لاداء فريضة الحج، فكان يقدم خدمات كبيرة للحجيج في طريقه إلى الديار المقدسة، وقام بعدة اصلاحات وانجازات كبيرة في هذا الموسم، ومنها ما يتعلق بتنظيم طرق الحج من بغداد إلى مكة، ومنها ما يخصُ الخدمات المقدمة للحجاج كبناء المنازل وحفر الآبار، أو وضع العلامات الدالة على الطرق، فيروى انه أنشأ قصوراً أوسع من تلك التي بناها الخليفة السفاح، كما أمر باتخاذ المصانع(51)، حيث ولى الخليفة المهدي منصب متولي (المصانع) يقطين بن موسى(52) ذلك المنصب(53)، كما أمر الخليفة المهدي في موكب حج عام (161هـ/777م) تجديد الاميال(54)، وحفر الركايا(55)، للتخفيف عن مواكب الحجاج من عناء السفر في حر ذلك الصيف القائظ.(56).
وبأمرٍ من الخليفة المهدي في ذلك العام تم قياس طول الطريق بين بغداد ومكة، وقد وضعت عليه علامات دالة يكتب عليها رقم الميل، (واحد، أو اثنان أو ثلاثة وهكذا).(57)
وفي موكب سنة (163هـ/779م) امر الخليفة المهدي بأقامة السرادقات في موكب الحج الذي وصل إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.(58)
وبسبب قلة المياه في الحجاز، وملاحظة الخليفة المهدي ذلك في أثناء سيره في مواكب الحج إلى مكة، امر بتوفير المياه للحجيج في طريق (بغداد-مكة) ولاسيما وان شحة المياه تلك حالت دون حجه وخروجه في ذلك الموكب للاحرام سنة (164هـ/781م).(59)
كما يروى ان الخليفة المهدي حرص على متابعة اخبار مواكب الحجيج في أثناء مواسم الحج، بسبب وعورة الطرق وشحة المياه، لذلك وضع محطات بريدية على الطريق بين بغداد ومكة المكرمة سنة (166هـ/783م).(60)
ولمواكب الحج في خلافة هارون الرشيد خصوصية وأهمية، كونها تمثل آخر مواكب خلفاء الدولة العباسية، فلم يحج بعد الخليفة الرشيد احد من خلفاء الدولة العباسية(61)، وقد اهتم الخليفة الرشيد بمواكب الحج اهتماماً كبيراً من حيث الاعداد الجيد لها، أو من حيث اظهارها بمظهر شخصه اللائق بدءاًًًً من الاشخاص المرافقين للموكب بملابسهم واسلحتهم وعدد الحرس المرافقين للموكب(62)، ويعود اهتمام الخليفة الرشيد بمواكب الحج لأسباب دينية معروفة كون الحج فرض من فرائض الإسلام الخمسة، أو لدوافع شخصية فقد عرف عنه أنه كان ((كثير الغزو والحج))(63) ويذكر ((أن الخليفة الرشيد كان يحج سنة ويغزو سنة. لذلك حج تسع حجج)).(64)
كان أول موكب حج للخليفة هارون الرشيد سنة (170هـ/786م) حيث وزع وقسم أموالاً كثيرة على مواكب الحجاج وأهل الحرمين وعطايا كثيرة.(65)
وحج الخليفة الرشيد مرة ثانية سنة (173هـ/789م) وأعد لذلك موكباً كبيراً انطلق به من بغداد عاصمة الخلافة، حيث احرم منها، كذلك سنة (174هـ-790م) وفي موكبيه قسم اموالاً كثيرة.(66)
وفي سنة (175هـ/791م) خرج الخليفة الرشيد في موكب لاداء فريضة الحج(67)، كذلك في سنة (177هـ/793م)، وفي موكبه لهذا العام كان يطرح له الرمل حول البيت ويُرش بالماء.(68)
كما انطلق موكب حج الخليفة سنة (186هـ/802م) من الانبار* ومعه ولديه محمد الامين وعبد الله المأمون(69)، ثم حج الخليفة هارون الرشيد راجلاً بموكب مهيب وقسم أموالاً كثيرة، وهي آخر حجة حجها سنة (187هـ/803م) حيث كان الخليفة قد نذر الحج إلى بيت الله الحرام راجلاً حافياً إن اظفره الله بالبرامكة… فخرج حاجاً تضرب له السُرادقات مُظللة ويخرج من سرادق إلى سُرادق إلى ان وصل مكة.(70)
وذكر ان الخليفة هارون الرشيد حلف بالمشي إلى الكعبة ومعه زوجته زبيدة ومعه دابته، فكان موكب حجه في كل مرحلة* تفرش له الستور وتنصب، فيمشي ثلاثة اميال، ثم ينزل في قبة أمامها رواق، فينال راحته ويصيب ما أشتهى من لذة من مأكل ومشربٍ، ثم ينهض ثلاثة اخرى، فينزل على مثل ذلك، فإذا استكمل مشى اربع فراسخ(71)، نزل في قصرٍ قد شُيد له، ودارٍ قد بنيت، فيها حمام طيب، ينال فيها راحته مع اهلهِ، ويصيب لنفسه ما شاء وكيف شاء، ثم يكبر فيه يوماً، ثم يخرج في اليوم الثاني إلى مثل ذلك، قد شايع في طريقه الوزراء والفقراء، وامراء اجناده والعلماء والفقهاء، والجنود والعسكر، قد صاروا فيه بمعزلٍ يحاذونه في طريقه، فلم يزل كذلك حتى وصل مكة في ثلاثة اشهر، فقضى حجه.(72)
ونفهم مما سبق انه تم تحضير اجراءات أمنية لحماية موكب حج الخليفة، وتهيئة أسباب الراحة من منازل وسرادق واخذ بنظر الاعتبار مرافقته العلماء والوزراء وامراء الجند.
ويُكمل ابن قتيبة صورة موكب حج الخليفة الرشيد بأنه لما أراد الحج ماشياً فأمر بالانهار فعرجت عن مسيلها، وبالاكام والجبال فسويت، وبالخنادق والاودية فردمت، حتى صار بينه وبين مكة كالراحة الموزونة، وصارت الانهار والاودية تسايره على طريقه، ثم صنع له مراحل، قد حدد له عند كل مرحلة حداً)، قدرها اثنا عشر ميلاً، ثم أَمر بالمراحل ففرشت بالبسط الرهاوية(73)، ونُصب له جداراً بالستور(74)، وسمكها بأكسية الخز الرفيع المّلون وأعمدة بالروقات الكثيفة، فيها الطعام والشراب، والوان الفواكه.(75)
نجد في هذا الوصف نوعاً ما من المبالغة ولاسيما عن تسوية الانهار والاودية، لكننا لا نستبعد تحضيرات متمثلة بتسمية الطرق إلى مراحل، ومظاهر ترف موكب الخليفة المتمثلة بالسرادقات والالوان الزاهية وما إلى ذلك.
وذكر ان عدد المشرفين على المنازل قد زاد، لاستقبال موكب حج الخليفة الرشيد المذكور آنفا، بسبب رغبة الخليفة تأدية مراسيم موكب الحج مشيا على الاقدام(76)، ومن ثم لكي تتقارب المسافة بين المنازل، فبعد ان كانت مسافة الطريق للحج تقطع بـ(40 ميلاً) قطعها موكب الخليفة بـ(12ميلاً).(77)
وفي طريق موكب حج الخليفة زاد الاهتمام في توفير المياه للحجيج حيثُ أمر الخليفة قبل انطلاقه في موكبه بإصلاح البُرك والآبار القديمة على الطرق المؤدية إلى الاراضي المقدسة، كما أنه أنشأ عدد من المصانع على طريق منى وعرفات.(78)
وقد صحب موكب الخليفة عدداً من آل بيته وأمراء بني هاشم والبيت العباسي، وعظماء دولته، من الوزراء، والفقهاء، وبهذا الصدد يذكر ابن الطقطقي: ((وكان اذا حج حج معه مائة من الفقهاء وابناوئهم)) (79).
وفي نهاية موكب الخليفة الرشيد كانت تسير قوافل الحج من العراقيين والخراسانيين، ومما يجاور هذين الاقليمين من البلاد، التي يكون سيرها إلى الحجاز بنفس طريق موكب الخليفة.(80)
وذكر ان الخليفة العباسي المتوكل على الله خرج سنة (236هـ/851م) في موكباً للحج حيث اناب عنه أمه ((شجاع))(81) مع حفيدها محمد المنتصر(82)بن المتوكل، فخرج الخليفة مودعاً لهم حتى بلغ مع الموكب إلى مدينة الكوفة(83).
ب- مواكب الاعياد
من المواكب الدينية ذات المناظر الزاهية والتي تُصنف ضمن المواكب الدينية هي مواكب الاعياد، والتي شملت مواكب اعياد المسلمين واهل الذمة، كون الأخيرين من رعية الخليفة وهو الخليفة العباسي امير المؤمنين.
(1) مواكب الاعياد الإسلامية:
حرص الخلفاء العباسيون على الظهور بمظهر راعٍ لمواكب الاعياد الإسلامية العامة وان اغلب تلك المواكب كانت تنتهي إلى أحد الجوامع للصلاة، وفي ايام الجمع من شهر رمضان المبارك، فإذا وصل الخليفة إلى الجامع دخل من باب خاص، يُعرف بباب الامام، ثم يستريح في المقصورة، ليكون بمنأى عن المصلين: وهي تحاط بالحرس(84). وكان اغلب الخلفاء يقومون بالخطبة لانفسهم من فوق منبر وضعت على جانبيه الاعلام التي كُتب عليها آيات قرآنية، وبجوار صوانٍ كبار فضية، فيها يحرق البخور ولكن نظراً لأنه كان بينهم الصبي، فأنه كان يُزر عليهم وهو على المنبر، بما يشبه الستر أو القبة(85)، كان الخليفة يمسك في يده عصا أو رمحاً تسمى ((العنزة))(86)، لعلها عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم.(87)
ومن اهم الاعياد الإسلامية التي كان يحتفي بها خلفاء بني العباس مثل ليلة اول رجب ونصفه، وليلة النصف من شعبان، وليلتي العيدين الفطر والاضحى ومولد النبي صلى الله عليه وسلم ورأس السنة الهجرية.(88)
وفي ايام الخلفاء العباسيين نقلت تقاليد (الشعوب المفتوحة) وعاداتها في احتفالاتهم، فنرى في مواكب الاعياد مظاهر البذخ والترف والتعقيد، بحيث اصبح الاحتفال بتلك الاعياد والمناسبات له شكل ثابت ودقيق، أطلق عليه لفظة ((رسوم)).(89)
وتجلت روعة مواكب الخلفاء العباسيين في أيام الجمع والاعياد، فكان موكب الخليفة يتقدمه غلمان- أي رجال الحرس على اختلاف طبقاتهم- يحملون الاعلام والمقارع وآلات الموسيقى المحلاة بالذهب، ثم يليهم أمراء البيت العباسي على الخيول، ثم الخليفة العباسي ممتطياً جواداً ناصع البياض وبين يديه الاشراف وكبار رجال الدولة ويأتي بعدهم الغلمان وكان الخليفة يلبس القباء الاسود يصل إلى الركبة ويتمنطق بمنطقة مرصعة بالجوهر، ويتخذ عباءة سوداء ويلبس قلنسوة، وقد زيُنت بجوهرة ثمينة، وبيده قضيب رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم والخاتم، وتتدلى على صدره سلسلة ذهبية مرصعة بالجواهر الثمينة. أما القباء فكان مفتوحاً عند الرقبة.(90)
وقد حرص الخلفاء العباسيون على الاحتفال بعيد الفطر الذي يبدأ عادة من اليوم الاول من شهر شوال ويستمر إلى اليوم الثالث منه فكان الخليفة يخرج مبكراً في موكب مهيب وقد ارتدى أجمل ملابسه وبمعيته كبار رجال الدولة(91)، وفي ليالي هذا العيد تضاء الانوار في المدينة، ويركب الناس نهر دجلة في زوارق مطلية بأبهى الاصباغ والالوان، ويتلألأ قصر الخلافة بضوء باهر، ويلبس الناس الطيالس السود، وتقام الولائم للناس على مراتبهم.(92)
2- مواكب اعياد النصارى:
اما الاعياد النصرانية التي كان يحتفل بها أهل العراق من قبل الإسلام مسيحية تماماً، وكان اهل بغداد مسيحيين ومسلمين يحتفلون في الاديرة بأعياد القديسين، ويوم أحد الشعانين عيد كبير للعامة.(93)
ويبدو انه من أعيادهم القديمة أذ كن الوصائف في هذا العيد يظهرن في قصر الخلافة، مرتديات أفخر انواع الثياب، وفي اعناقهن صلبان من ذهب، وبأيديهن قلوب النخل واغصان الزيتون.(94)
وفي يوم عيد الفصح، يقصد النصارى دير سمالو(95)الذي تحيط به المزارع والبساتين ويعد من متنزهات بغداد المشهورة ويشاركهم احتفالهم هذا المسلمين للفرجة والتنزه(96) كما ويحتفل النصارى بأحد اعيادهم في دير الثعالب(97)، ويشاركهم المسلمون ايضاً الاحتفال بهذا العيد، ويشمل المكان الذي يقع فيه الدير البساتين التي تضم انواع الاشجار والرياحين(98).
أما عيد دير اشموني(99) فكان في اليوم الثالث من تشرين الاول (أكتوبر) وهو من الايام العظيمة في بغداد يجتمع اهلها فيه وخصوصاً اهل الطرب واللهو، ويتنافسون فيما يظهرونه هناك من زيهم، ويباهون بما يعدونه، ويعمرون شطه وديره وحافاته، ويضرب لذوي البسطة منهم الخيم والفساطيط، ويعزف القيان ويتمتع الناس هناك باللهو والطرب والراحة ويكثر الغناء.(100)
ومن اعياد النصارى ببغداد أعياد الصوم الكبير يقسمونها حسب أحاده ففي يوم الاحد الاول منه (عيد بدير العاصية)(101) وهو على ميل من سمالو، والاحد الثاني بدير الزريقية (102)، والاحد الثالث بدير الزندورد(103)، والاحد الرابع بدير در مالس (104)، وعيده احسن الاعياد إذ يجتمع نصارى بغداد اليه ولا يبقى أحد ممن يحب اللهو والطرب الا تبعهم ويقيم الناس فيه عدة أيام(105).
وقد أمر الخليفة المتوكل على الله (232-247هـ/846-861م) اهل الذمة (اليهود والنصارى) بلبس العسلي والزنابير وركوب السروج بركب الخشب وبتغيير القلانس دون عمائم وتغيير زي النساء في آزرهن العسلية ليعرفن(106)، وغالباً ما كان الرهبان والكهنة يخرجون في موكب ديني وعلى ألبستهم الكنسية شارات الصليب وبين صفوفهم الاعلام وبايديهم المجامر(107).
وهذا يعني أن أهل الذمة (اليهود والنصارى) كانوا يلبسون الواناً مختلفة في مواكب اعيادهم، وفي زيهم اليومي، لذلك حرص الخلفاء العباسيون على العناية برعيتهم من الذميين، والاهتمام بمظهرهم الخارجي ولاسيما في العراق مركز الخلافة العباسية كان يحوي فيه اعداد كبيرة من اهل الذمة وبالتحديد النصارى.
والى جانب الاعياد الدينية التي جرى الاحتفال بها في أوقات معينة من السنة فأن هناك أعياداً عرضية وان كانت في اصول فارسية قديمة احتفل بها العباسيون وعامة اهل بغداد منها عيد النيروز أو النوروز ومعناه اليوم الجديد(108)، وهو يوم الحادي والعشرين من شهر آذار(109)، وقد نهى العرب المسلمون اهل فارس بعد الفتح العربي الإسلامي الاحتفال بهذا العيد، غير أن العباسيين في عصرهم الاول أباحوا الاحتفال به، وكان الناس يتبادلون فيه الهدايا والتهاني، والخليفة يوزع على الناس اشياء من صور مصنوعة من العنبر.(110)
وذكرت مصادرنا التاريخية ان في عهد الخليفة هارون الرشيد سك الوزير جعفر البرمكي دنانيرا بزيادة مائة دينار في دينار واحد كان يفرقها على الناس في أعياد النيروز والمهرجان، وقد وصفها الشاعر بقوله:
وأصفر من ضرب دار الملوك *** يلوُحُ على وجهه جعفراً
يـــزيد علــــــى مائـــــة واحدٍ *** إذا نـــاله معُســـر أيسرا(111)
اما المهرجان فكان حلوله بعد عيد النوروز بمائة واربعة وتسعين يوماً ويُعد اول ايام الشتاء، وظل إلى جانب النوروز أكبر الاعياد، وكان الناس يتهادون فيه، وتخلع في هذا العيد على القواد وكبار رجال الدولة ملابس الشتاء، وكان العامة يغيرون فيه الفرش والثياب، وكثيراً من الملابس وكان هذا العيد يمتاز خاصة بأن الرعية يهدون فيه للخليفة.(112)
وهكذا يتبين لنا مدى اهتمام الخلفاء العباسيين بتلك المواكب والمناسبات حرصاً منهم على استمرارية حالة الفرح والغبطة في نفوس العامة.
_______________
(1) الفراهيدي، ابو عبد الرحمن خليل بن محمد (ت175هـ)، العين، تحقيق: مهدي المخزومي، وابراهيم السامرائي دار الرشيد، (بغداد،1981م)، جـ3، ص9. ابن دريد، ابو بكر محمد بن الحسن الازدي البصري(ت321هـ) جمهرة اللغة، دار صادر،(بيروت، بلات)، جـ1، ص49. كذلك و ينظر:-ابن منظور، لسان العرب، جـ2، ص226. (مادة الحج حَجَ).
(2) القرآن الكريم، سورة آل عمران، الآية 97.
(3) الترمذي، ابو عيسى محمد بن عيسى (ت 279هـ/892م)، سنن الترمذي، تحقيق: ابراهيم عوض، المكتبة الإسلامية، (بلا م، ت)، جـ5، ص5.(باب الحج)
(4) مسلم، ابو الحسن بن الحجاج القشيري (ت 261هـ/874م)، صحيح مسلم، دار احياء الكتب العربية، (بلات، م، ت)، جـ1، ص451، (باب الحج).
(5) ابن خياط، تاريخ ابن خياط، جـ2، ص435.الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ7، ص485. المسعودي، مروج الذهب، جـ4، ص401.
(6) عبد الرؤوف، الحواضر الإسلامية الكبرى، ص198.
(7) ماجد، تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، ص128.
(8) يراجع موضوع تهيئة الدواب في الفصل الاول. ص44.
(9) الزبيدي، محب الدين أبي الفيض محمد مرتضى الحسيني الواسطي (ت 1205هـ)، إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، ط1، دار الكتب العلمية (بيروت، 1989م) جـ4، ص ص 494-496، المدور، حضارة الإسلام، ص53.
(10) المقريزي، الذهب المسبوك، ص11.
(11) محمل الكسوة: عبارة عن هيكل خشبي هرمي الشكل، مغطى بقماش مُحلك بصورة جيدة عليه حفر واشكال زخرفية من الذهب على ارضية من الحرير الاخضر والاحمر، ويكون موشى بالحرير والكرات الفضية المثبتة في زواياه إلى قمة الهرم. ينظر:-القلقشندي، صبح الاعشى، جـ4، ص57.
(12) المصدر نفسه، جـ4، ص277.
(13) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص541. ينظر: القلقشندي، صبح الاعشى، جـ4، ص277.
(14) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص ص542-550.
(15) ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ8، ص214.
(16) اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، تحقيق: جمال الدين الشيابي، لجنة احياء التراث الإسلامي ،(القاهرة ،1967م)، جـ1،ص141.
(17) ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ5، ص238، ابن دحية، النبراس، ص6. ص ص37-38، المقريزي، الذهب المسبوك، ص ص37-38.
(18) النبراس، ص6.
(19) المصدر نفسه، ص ص6-7.
(20) المصدر نفسه، ص6. السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص201.
(21) ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ5، ص238. المقريزي، الذهب المسبوك، صص37-38.
(22) ابن الاثير، الكامل، جـ5، صص248-249.
(23) المقريزي، الذهب المسبوك، صص37-38.
(24) ابن قتيبة، الامامة والسياسة المنسوب اليه، جـ2، ص183. ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ5، صص249-250.
(25) ابن دحية، النبراس، ص24.
(26) المصدر نفسه، صص24-25.
(27) المصدر نفسه، ص26.
(28) المصدر نفسه، ص26.
(29) ابن قتيبة، الأمامة والسياسة المنسوب اليه، جـ2، ص638. ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ5، ص249.
(30) المقريزي، الذهب المسبوك، صص37-38.
(31) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص111، ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ6، ص8. المدور، حضارة الإسلام، صص49-50.
(32) المصدر نفسه، جـ8، ص111. الاصفهاني، الاغاني، جـ9، ص64.
(33) المصدر نفسه، جـ8، ص111.
(34) ابن الاثير، الكامل في التاريخ جـ6، ص13.
(35) المسعودي، مروج الذهب، جـ2، ص56.
(36) ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ6، ص90.
(37) الفخري، ص157.
(38) ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ6، ص90.
(39) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص136. ابن الجوزي، المنتظم، جـ5، ص291. المقريزي، الذهب المسبوك، ص38.
(40) ابن الفقيه، مختصر كتاب البلدان، مطبعة بريل، (ليدن، 1884م)، ص22. المقريزي، الذهب المسبوك، صص37-38.
(41) المقريزي، الذهب المسبوك، صص37-38.
(42) سورة المائدة، الآية(3). تراجع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سنة (10هـ/631م) ابن هشام، أبو محمد عبد الملك، (ت 218هـ)، السيرة النبوية، تحقيق، مصطفى بن العدوي، ط1، دار ابن رجب، (المنصورة، 2003م)، جـ4، ص410.
(43) تاريخ الخلفاء، صص263/264.
(44) الذهب المسبوك، ص39.
(45) ابن الاثير، الكامل في التاريخ، جـ6، ص49. المقريزي، الذهب المسبوك، ص45.
(46) الامامة والسياسة المنسوب اليه، جـ2، ص195.
(47) ابن دحية، النبراس، ص32.
(48) المصدر نفسه، صص32-33.
(49) المصدر نفسه، ص32.
(50) تاريخ الخلفاء، صص273-274.
(51) المصانع: جمع مصنع وهو ما يصنعه الانسان من حفر الارض تتجمع فيها المياه ليسهل حفظها واستخدامها، والمصانع تعني أيضاً الابنية. ينظر:ابن منظور، لسان العرب، ص482 (مادة صنع).
(52) يقطين بن موسى: أحد دعاة دولة بني العباس، كان داهية ذا رأي وكان مرافقاً للخليفة المنصور وعمل للمهدي والرشيد في مواكبهم، توفى ببغداد سنة (185هـ/801م). ينظر: الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص150. ابن كثير، البداية والنهاية، جـ10، ص188.
(53) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص150. ابن الجوزي، المنتظم، جـ5، 314. ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، جـ2، ص48.
(54) الاميال: الميل: وحدة قياس يساوي 400 ذراع مربعة تساوي 3 هاشمية تساوي 1848متر. ينظر: هنتس، المكاييل والاوزان، ص95.
(55) الركايا: الركية البئر تُحفر، والجمع رَكيُ وركايا، ينظر:- المقريزي، الذهب المسبوك، ص45.
(56) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، جـ8، ص136. الجومرد، هارون الرشيد، جـ1، ص55.
(57) الخضري، محمد بك، محاضرات في تاريخ الامم الإسلامية (الدولة العباسية)،ط1، المكتبة التجارية، (مصر، 1970م)، ص52.
(58) ابن قتيبة، الامامة والسياسة المنسوب اليه، جـ2، ص192.
(59) اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، جـ3، ص140.
(60) ابن الجوزي، المنتظم، جـ5، ص328. المقريزي، الذهب المسبوك، ص45.
(61) المسعودي، مروج الذهب، جـ3، ص353.
(62) الجومرد، هارون، جـ1، ص120.
(63) السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص283.
(64) ابن دحية، النبراس، ص36.
(65)ابن دحية، النبراس، ص39، المقريزي، الذهب المسبوك، ص49.
(66) المقريزي، الذهب المسبوك، ص49.
(67) الطبري، تاريخ، جـ8، ص241.
(68) المقريزي، الذهب، ص49.
* الأنبار، يراد بذلك بمدينة الهاشمية بالانبار كونها من عواصم بني العباس الاولى. انظر: الحموي معجم البلدان، ق3، ص98. (مادة انبار). البلاذري انساب الاشراف جـ5، ص100(مادة هاشميه).
(69) المقريزي، الذهب المسبوك، صص49-50.
(70) ابن دحية، النبراس، ص41.
* المرحلة: 8فراسخ والفرسخ3 اميال انظر: هنتس، المكاييل ولاوزان،ص95.
(71) الفرسخ: وحدة قياس الطول ويساوي3أميال فالفرسخ اثنا عشر الف ذراع اي حوالي 6كم انظر: ياقوت، معجم البلدان،جـ1، ص38.هنتس، المكاييل ولا وزان ص94
(72) ابن قتيبة، الامامة والسياسة، جـ2، ص208
(73) الرهاوية: نسبة إلى الرها في اعالي الجزيرة الفراتية. ينظر: (مادة الرها). الحموي، معجم البلدان، جـ3، ابن عبد الحق، مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، جـ2، ص103.
(74) ستور: مفردة ستر وهو ما يستر به كائنا ما كان . ينظر:- ابن منظور، لسان العرب، جـ4، ص343 ، الفيروز ابادي، مجد الدين محمد بن يعقوب ( ت817هـ)، القاموس المحيط، دار الفكر،( بيروت، بلات)، جـ2، ص42. .
(75) ابن قتيبة، الامامة والسياسة المنسوب اليه، ص207.
(76) الفاسي، تقي الدين محمد بن أحمد (ت832هـ)، شفاء الغرام في اخبار البلد الحرام، تحقيق: لجنة من كبار العلماء، دار الكتب العلمية، (بيروت، بلات) جـ2، ص216. وينظر: ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، جـ2، ص65.
(77) ابن قتيبة، الامامة والسياسة المنسوب اليه، جـ2، ص161.
(78) المسعودي، مروج الذهب، جـ4، ص316.
(79) ابن الطقطقي، الفخري في الاداب السلطانية، ص169، المقريزي، الذهب المسبوك، ص52.
(80) المسعودي، مروج الذهب، جـ2، ص56.
(81) شجاع: هي ام الخليفة المتوكل العباسي، توفيت سنة (247هـ/861م). الشابشتي، الديارات، ص11.
(82) محمد المنتصر: ابن الخليفة العباسي المتوكل، بويع بالخلافة بعد أبيه سنة 247هـ، دامت خلافته ستة أشهر، توفي سنة 248هـ. أنظر: ابن الطقطقي، الفخري، ص196.
(83) المقريزي، الذهب المسبوك، صص14-24.
(84) ابن الطقطقي، الفخري، ص129.
(85) القلقشندي، صبح الاعشى، جـ3، ص509.
(86) العنزة: وهي رمُيح بين العصا والرمُح، فيها سنان مثل الرمح يتوكئ عليها الشيخ الكبير، ينظر: ابن منظور، لسان العرب، جـ4، ص343، الفيروز ابادي، القاموس المحيط، جـ2، ص184.
(87) ماجد، تاريخ الحضارة الإسلامية، ص130.
(88) المقريزي، الخطط، جـ2، ص346.
(89) المصدر نفسه، جـ3، ص77.
(90) علي، مختصر تاريخ العرب، ص387.
(91) التنوخي، نشوار المحاضرة، جـ8، صص12-19. فهد، العامة ببغداد ، ص192.
(92) المدور، حضارة الإسلام، ص22.
(93) الشابشتي، الديارات، صص64،66، 98، 129، 176، 177.
(94) عبد الرؤوف، الحواضر الإسلامية الكبرى، ص200.
(95) دير سمالو: وهو عند باب الشماسيه وبالجانب الشرقي من بغداد الذي يحيط به المزارع والبساتين ويعد من متنزهات بغداد المشهورة ويشاركهم احتفالهم هذا المسلمين للفرجة والتنزه، الشابشتي، الديارات، ص341-342.
(96) متز، الحضارة الإسلامية، جـ2، ص478.
(97) دير الثعالب: دير مشهور، بينه وبين بغداد ميلان أو أقل، في كورة نهر عيسى، بالجانب الغربي من بغداد، ينظر: الحموي، معجم البلدان، جـ2، ص650.
(98) الشابشتي، الديارات، ص24.
(99) دير اشموني: دير بأسم المرأة التي بنته وهو بقطر بل غربي نهر دجلة. أنظر: المصدر نفسه، ص44.
(100) الشابشتي، الديارات، صص44-45.
(101) دير العاصيه، وهو على ميل من سما لو، أنظر المصدر نفسه، ص3.
(102) دير الزريقية: من اديرة بغداد قرب الشماسية. المصدر نفسه، ص3.
(103) دير الزندورد: هو في الجانب الشرقي من بغداد، أرضها مليئة بالفواكه. ينظر: المصدر نفسه، ص338.
(104) دير در مالس: عند باب الشماسيه ببغداد، المصدر نفسه، ص3.
(105) المصدر نفسه، ص3.
(106) ابن دحية، النبراس، ص80.
(107) ابو إسحاق، روفائيل، أحوال نصارى بغداد في عهد الخلافة العباسية، مطبعة شفيق،(بغداد، 1960م)، ص97.
(108) النويري، نهاية الارب في فنون الأدب، جـ1، ص178.
(109) محفوظ: حسين علي، النوروز في الادب العربي، مجلة التراث الشعبي ع8، سنة 1964م، ص11.
(110) متز، الحضارة الإسلامية، ص287.
(111) الجهشياري، الوزراء والكتاب، ص241، النبراس، ص39، الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، جـ7، ص156.
(112) الجاحظ، التاج في اخلاق الملوك، ص146.