تربية الأبناء ليست أمرا معقدا، ولكنها ليست عملية فوضوية متروكة لمزاجيات الناس دونما قواعد، فالعملية التربوية الأسرية لها ثوابت ومتغيرات ومناهج مرسومة ومدعومة ببيانات وحقائق وتطبيقات تسهل الطريق أمام الآباء والأمهات ليتعرفوا على عالم الأبناء وطرق بنائهم ومعالجة الانحرافات وتصحيح المسارات ... فإليكم سبع حقائق يجب على الآباء والأمهات والمربين معرفتها عن عالم الطفل:
الأولى: الطفل صورة نقية وكيان إنساني سليم وليس حالة تربوية منحرفة، أيها الآباء والأمهات.. غيروا نظرتكم عن أطفالكم؛ فحينما تنعتونهم بالمزعجين والمنحرفين وسيئي الأخلاق فإن الحقيقة غير ذلك لأنهم كصفحة بيضاء، ونفوسهم سالمة من الانحرافات إلا بقدر ما تلقوه منكم من تربية، فوظيفتكم التربوية تستند على الرحمة بهم وحمايتهم ومساعدتهم وليس هناك انحراف لتقوموه لأنهم ولدوا على الفطرة كما يقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
الثانية: أصالة إدراك اللذة على الألم، فالطفل ينجذب ويتحفز نحو اللذائذ والمتع أكثر من الخوف والألم، فإذا أردت أن يقوم ابنك بما عليه من واجبات مدرسية أو عادات حسنة كتنظيف الأسنان، حفزه ماديا وشوقه لإنجاز ما عليه من خلال الهدايا و مكافئته بسفرات للمتنزهات أو الملاعب؛ لأنه لا يدرك مفهوم الالتزام والواجب، فيحتاج الى نضج أكثر لتترسخ في ذهنه تلك المفاهيم المجردة.
الثالثة: لا يميز الأطفال بين الزمن الحسابي والمترجم في الساعات والدقائق وبين الزمن النفسي؛ حيث يغرقون في عالمهم ويستولي على شعورهم الحال الذي هم فيه من اللعب والمتعة والسرور؛ فالطفل لا يفهم معنى "حان وقت النوم" وهو مندمج في اللعب ولا يفسر ضرورة تنظيم الأوقات، فينبغي عدم إجباره على مواعيد الأكل أو النوم أو المذاكرة إلا بعد أن تدخلوا عالمهم وتخرجونهم منه تدريجيا.
الرابعة: العناد الطبيعي عند الطفل يدل على السلامة النفسية وليس الانحراف في سلوكه، وبتعبير بعض الاخصائيين "العناد عند الطفل نزوع نحو اختبار استقلاله، وليس رغبة في المخالفة"، فيجب أن نتفهم مبررات عناده ولا نتسرع في معاقبته أو الضجر من سلوكه.
الخامسة: يتعامل الطفل مع المحيط بدوافع التفكيك والهدم وليس التركيب والبناء، فنحن نستهدف التنظيم والترتيب لمكتبنا الشخصي أو غرفة استقبال الضيوف، فيبعثر الطفل ما قمنا بترتيبه وتنظيمه، ويحول المكان أو الاشياء الى فوضى بينما هو يجد ذلك من اللهو والمتعة، فيجب مساعدته على إشباع هذه الرغبة التي بداخله، فيتم اختيار مساحات واسعة له، وتوفير أنواع كثيرة من اللعب والأغراض والآلات غير المضرة، ويترك ليحطمها ويفككها كيفما يرغب.
السادسة: يجب أن نطيل التفكير بردود أفعال الأطفال وكيف يعبرون عن رغباتهم، والتي يترجمونها لنا من خلال المبالغة في البكاء مثلا، أو الاعتداء على أخيه، أو تمزيقه بعض الصحف، أو تكسيره للأواني، أو رغبته في تسلق السلالم، هنا يجب أن نفهم أن وراء أي سلوك سلبي قد يكون دافع إيجابي علينا اكتشافه، فمثلا يحتاج الطفل العدواني الى مزيد من الحنان والإشباع العاطفي.
السابعة: كل اضطراب في سلوك الطفل تفسيره الحقيقي يعود الى وجود خلل في إشباع حاجاته النفسية والتربوية، وهذه القاعدة هي الأساس لتفسير كثير من التصرفات المزعجة التي تظهر على سلوك الطفل، وهي مفتاح مهم يجب على الآباء والأمهات والمربين الانتباه له، فمثلا الأطفال المشاغبون بنظرنا هم في الحقيقة ليسوا كذلك وإنما يتمتعون بطاقة عالية تدفعهم الى فرط الحركة، فعلى الآباء والأمهات تفهم ذلك وتوجيه تلك الطاقة بصورة مناسبة للطفل كالرياضة أو اللعب في المتنزهات .....