ما من شيء مما أحله الله أبغض إليه من الطلاق ، وما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة أي الطلاق...
هذا ما يراه الشرع الحنيف ، إذ مهما كانت المبررات التي يراها الزوجان -أو بنظر أحدهما- سببا في اختيار الطلاق فإن تبعات هذا القرار سيئة ، وعواقبه في الأغلب وخيمة ، والخسائر المادية والمعنوية تنال من جميع أفراد الأسرة ، وخصوصا الأبناء ...!!
فهم ضحية ذلك القرار المر ! ، إذ يجدون أنفسهم بين نارين ، فراق أب أو فراق أم.....
وهم في مهب الضياع ، عندما تهزهم صدمة انهيار صرح أسرتهم التي كان يجمعهم وتدها ، وتضمهم خيمتها ...
يجعلهم صراع الطلاق في تشتت البال ، وفقدان الاستقرار ... ، إذ يرون الانشقاق في مركز قيادة العائلة ، والتناحر قائما فيما بين سلطة الأسرة ..
هنا !!! ، يعتصر الألم قلب تلك الفتاة الصغيرة ، وهي تشهد أجواء متوترة فيما بين والديها ، ولا تجد تفسيرا يداوي قلبها الخائف المذعور ...
بينما يبحث الصبي الصغير عن جو آمن ، ليهنأ بعيدا عن هذه الدوامة التي تريد جره الى ميدان صراع يجد نفسه فيه حائرا مع من يقف !!!؟؟...
تقول أخصائية طب الأسرة والمحللة النفسية : " تتسبب الحرب المستمرة بين الأب والأم في تسميم الأجواء بالمنزل وانشغالهما بصراعهما ونسيان الأطفال، فعندما يتشاجر الآباء بشكل شبه دائم يمكن للانفصال حينها أن يهدئ من حدة الحياة ".
غير أن الآثار السلبية التي تتركها تبعات الطلاق تحدث بسبب افتقاد آلية الانفصال لصيغة تفاهم عقلائية وهادئة !!
فما يصدر من الأم وأهلها ، والأب وأهله من تصرفات خاطئة كالصراخ والتهديد والاقتتال أحيانا ... تنعكس على الأبناء الى درجة مرعبة ..
إضافة الى عدم استيعاب الأطفال أزمة الانفصال؛ فهم يشعرون بالخوف والقلق لما يشهدونه من مواقف تصعيد من طرفي الأب والأم،
وهذا ما يؤصل للغة الكراهية والانتقام في نفوس الابناء ، حينما تشحن الأم عقولهم ببغض أبيهم وأعمامهم ، أوتترصد مواطن لإغاضة طليقها بأن تجعل أبناءه ينفرون منه ويقفون لجانبها،
أو قد يكون العكس فالأب هو من يستغل الأطفال تجاه أمهم وأخوالهم،
وهذا يلوث نقاء الأبناء ، و يجعلهم يقعون في انحرافات تربوية خطيرة ، قد تصاحبهم الى سن المراهقة ، مما يجعلهم ضحية الأخلاق السيئة والعادات المذمومة ... وقد يتعرض بعض الأبناء لأمراض نفسية كالاكتئاب والصرع و الرهاب والهستيريا وغيرها من الحالات النفسية الأخرى ، مما يؤثر على نموهم وسلامتهم، ويضر بتقدمهم العلمي والدراسي، بل حتى على أسلوب علاقاتهم ونمط العيش في المجتمع ، وخصوصا حينما يقرؤون في وجوه الناس والمعارف حديثا صامتا ..، وربما يسمعونه : بأنهم أبناء أسرة ممزقة وأم مطلقة !
فعلى الزوجين إذا اختارا الطلاق أن لا يلجئا الى الحرب، وأن يكون همهما السلامة النفسية لأبنائهم فكونهما قد انفصلا !، لا يعني نهاية المشوار، بل لاتزال هناك مسؤوليات عالقة ، وواجبات مشتركة ، لا تنفصل عنهما مهما حدث .
وليكونا متعقلين لذلك غاية التعقل؛ حرصا على أبنائهم من الضياع !
فمن المستحسن أن يبرروا لأبنائهم أسباب الطلاق ويشرحوا لهم ذلك بما يحقق لهم قناعات وتطمينات تريح بالهم .
إذ تؤكد إحدى المختصات بطب الأسرة على ضرورة شرح أسباب الانفصال للأطفال، والحديث معهم باستمرار؛ لتجنب تركهم فريسة لمشاعرهم ، ومحاولاتهم إيجاد تفسيرات للوضع.
ولتتقي الأم ربها في استغلال أبنائها سلاحا تنتقم به من طليقها ، وليتقي الأب الله في إثارة روح الكراهية في نفوس أبنائه تجاه أمهم في إبعادهم عنها !
فهذا من المحرمات شرعا ولا يتضرر أحد من هذه الخصومة غير الأبناء الذين قد تستفزهم تلك المواقف، وتجعلهم يفرون من المنزل ويقعون ضحية الاستغلال أو التعاطي للكحول والتدخين والمخدرات وربما الانتحار ..
ولذا ينصح الآباء عند اتخاذهم قرار الانفصال باستشارة متخصصين في علم النفس أو الإرشاد الأسري لمعرفة كيفية التعامل مع أبنائهم لحمايتهم من الأثار السلبية لأقصى درجة ممكنة، والأهم هو محاولتهم النظر للأمر بأعين أطفالهم.