كلمة (الربّ) وإن كانت تعني في الأصل المالك والصاحب، تتضمّن معنى الصاحب المتعهّد بالتربية.
إمعان النظر في المسيرة التكامليّة للموجودات الحيّة، وفي التغييرات والتحوّلات التي تجري في عالم الجماد، وفي الظروف التي تتوفّر لتربية الموجودات، وفي تفاصيل هذه الحركات والعمليّات، هو أفضل طريق لمعرفة اللّه (سبحانه وتعالى).
والتنسيق اللاإرادي بين أعضاء جسدنا هو نموذج حيّ لذلك.
لو واجهنا في حياتنا – مثلاً - حادثة هامّة تتطلب منّا أن ننهض أمامها بقوة وحزم، فإنَّ أوامر منسّقة تصدر خلال لحظة قصيرة إلى جميع أجزاء جسدنا بشكل لا إرادي. وبسرعة خاطفة يشتد ضربان قلبنا وتنفّسنا، وتتجهّز كل قوانا، وتتدفّق المواد الغذائية والأوكسجين - المحمولة عن طريق الدم - إلى جميع الخلايا، وتتأهّب الأعصاب والعضلات للعمل والحركة السريعة، وترتفع قدرة تحمّل الإنسان للمتاعب والآلام، ويغادر النوم العيون، ويزول التعب من الأعضاء، ويزول الإحساس بالجوع.
مَن الذي أوجد هذا التنسيق العجيب في هذه اللحظة الحسّاسة، وبهذه السرعة، بين جميع أجزاء وجود الإنسان؟ هل هذه العناية والتربية ممكنة من غير اللّه العالم القادر؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير الأمثل: ج1، ص 42 ـ 43.