بقلم: الشيخ محمد صنقور.
نصُّ الشبهةِ:
إذا كانَ الزواجُ إكمالاً لنصفِ الدِّينِ فهل هذا يعني أنَّ الفتاةَ غيرَ المتزوّجة ناقصةُ دينٍ أو أنَّ ثوابَ أعمالِهَا أقلُّ مِنَ المتزوّجةِ، وكيفَ نربطُ هذا بكمالِ السيّدةِ فاطمةَ المعصومةِ (عليها السّلام) رغمَ عدمِ زواجِهَا؟
الجوابُ:
المرادُ من أنَّ الزواجَ إكمالٌ لنصفِ الدينِ هو أنَّ الزواجَ يُساهِمُ بمقتضى أثرِهِ في تحصينِ الإنسانِ مِنَ الوقوعِ في الخطايا، وذلكَ لأنَّ الكثيرَ مِنَ الخطايا تنشأ عن حاجةِ الإنسانِ إلى إرواءِ غريزتِهِ فإذا ما ارتوَت بالزواجِ استقرَّت نفسُهُ وانتفَت الحاجةُ إلى اقتحامِ المعاصي، فمع تديُّنِ الإنسانِ واستقرارِ نفسِهِ وسكونِهَا يُصبِحُ متأهّلاً للتكاملِ.
وأمَّا أنَّ السيّدةَ فاطمةَ بنتَ الإمامِ موسى بنِ جعفرٍ (عليها السّلام) لم تكن قد تزوَّجَت فذلكَ لا يضرُّ بكمالِ دينِهَا، إذ إنَّ ثمَّةَ نفوسٌ قد بلغَ مقدارُ تعلُّقِهَا بدينِهَا وخالقِهَا مبلغًا لا تجدُ في غيرِ العبادةِ مستقرًّا ومستراحًا، فالزواجُ إنَّما يكونُ وسيلةً للكمالِ لغيرِ مثلِ هذهِ النفوسِ المتألِّهَةِ، ولذلكَ مدحَ اللهُ تعالى نبيَّه يحيى (عليه السّلام) بالسيّدِ الحَصورِ فقال تعالى: {... وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} وكانَ التوصيفُ بالبتولِ واحدًا من نعوتِ السيّدةِ مريمَ (صلوات الله وسلامه عليها) وهكذا كانَ أهلُ البيتِ (عليهم السلام) وكلُّ أنبياءِ اللهِ جلَّ وعلا لم يكن زواجُهُم وسيلةَ كمالِهِم بل كانَ كمالُهُم سابقًا لزواجِ مَن تزوَّجَ منهم.